الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 20 أغسطس 2021

الطعن 24 لسنة 39 ق جلسة 23 / 5 / 1973 مكتب فني 24 ج 2 أحوال شخصية ق 143 ص 816

جلسة 23 من مايو سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.

----------------

(143)
الطعن رقم 24 لسنة 39 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. "النسب". إثبات.
النسب يثبت بالفراش. استناد الحكم في ثبوت النسب إلى البينة الشرعية وقرائن مؤيدة. لا قصور.
 (2)حكم "تسبيب الحكم". أحوال شخصية. إثبات.
المحكمة غير ملزمة بالتصريح في أسبابها بعدالة الشاهدين اللذين أوردت مضمون أقوالهما وأخذت بها.
 (3)أحوال شخصية. "النسب". إثبات. "الإقرار".
النسب حق أصلي للأم وللولد. تعلق حق الله تعالى به أيضاً، الأم لا تملك إسقاط حقوق ولدها أو المساس بحقوق الله تعالى.
(4) نقض. "أسباب الطعن". حكم. "تسبيب الحكم".
إشارة الحكم في أسبابه إلى المستندات المقدمة من الخصم بعد حجز الدعوى والتي لم يطلع عليها خصمه. عدم تعويل الحكم عليها في قضائه، لا إخلال بحق الدفاع.

------------
1 - النسب يثبت بالفراش، وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بأن نسب الصغيرة من الطاعن ثبت بالفراش، واستند في ذلك إلى أقوال شاهدي المطعون عليها، وأضاف إلى هذه البينة الشرعية سكوت الطاعن عن نفي النسب من تاريخ ولادة البنت في يوليه سنة 1962 حتى سبتمبر سنة 1967، وإقدامه على الزواج الرسمي من المطعون عليها في سنة 1964 بعد ولادتها للصغيرة، وكان ما استند إليه الحكم يكفي لحمله، فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
2 - لما كانت محكمة الاستئناف قد اكتفت بذكر اسمي شاهدي المطعون عليها ومضمون أقوالهما التي أوردها الحكم الابتدائي، فإنها غير ملزمة بالتصريح بعدالة هذين الشاهدين اكتفاء بدلالة الأخذ بشهادتهما.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة (1) أنه وإن كان ثبوت النسب حق أصلي للأم لتدفع عن نفسها تهمة الزنا، أو لأنها تعير بولد ليس له أب معروف، فهو في نفس الوقت حق أصلي للولد، لأنه يرتب له حقوقاً بينها المشرع والقوانين الوضعية كحق النفقة والرضاع والحضانة والإرث، ويتعلق به أيضاً حق الله تعالى لاتصاله بحقوق وحرمات أوجب الله رعايتها، فلا تملك الأم إسقاط حقوق ولدها أو المساس بحقوق الله تعالى. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر "إن الاعتراف المنسوب إلى المطعون عليها بإنكار نسب البنت، لا يؤثر على حق الصغيرة في ثبوت النسب ولا يدفع ما ثبت بالبينة الشرعية"، فإن النعي عليه يكون في غير محله.
4 - إذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه اكتفى بإثبات الطلب المقدم من المطعون عليها بفتح باب المرافعة والمستندات المقدمة معه، دون أن يعول عليها في قضائه، بل عول على البينة الشرعية، فإن النعي عليه - بالإخلال بحق الدفاع لعدم استبعاد المحكمة هذه المستندات التي لم تأذن بتقديمها ولم يعلن بها الطاعن - يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 323 سنة 1968 الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية تطلب الحكم بثبوت نسب ابنتها الصغيرة "آمال" من الطاعن، وقالت شرحاً لدعواها إنها تزوجته بعقد عرفي وعاشرها معاشرة الأزواج منذ شهر يونيه سنة 1961، وأنجبت منه على فراش الزوجية ابنتها "آمال" المولودة في 27/ 7/ 1962، ثم عقد عليها بوثيقة رسمية في 21/ 12/ 1964 ثم طلقها رجعياً في يونيه سنة 1966 وراجعها بإشهاد رسمي في 26/ 10/ 1966، وإذ أنكر نسب هذه البنت فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها، وبتاريخ 9/ 4/ 1968 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها تزوجت من الطاعن في سنة 1961 بعقد غير رسمي، وأنها أنجبت منه على فراش الزوجية البنت المذكورة، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة بتاريخ 31/ 12/ 1968 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وقيد الاستئناف برقم 6 سنة 1969 أحوال شخصية، وبتاريخ 10/ 6/ 1969 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبثبوت نسب البنت "آمال" إلى والدها الطاعن من أمها المطعون عليها، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ذلك أنه تمسك في دفاعه بأنه علم أن المطعون عليها استلمت البنت المطلوب إثبات نسبها إليه من مؤسسة بالإسكندرية سنة 1966، ودلل على ذلك بكتاب تلقاه من محافظة الإسكندرية مؤرخ 1/ 9/ 1968 جاء فيه "أن الطفلة موضع المنازعة قد عاشت في كنف أسرتكم زهاء أربع سنوات، ولما شب الخلاف بينكم وبين زوجتكم عرض الأمر على القضاء وما زال معروضاً" وطلب من المحكمة ضم ملف الطفلة الموجود بالمؤسسة وسؤال المنطقة التعليمية بالإسكندرية التي تعمل بها المطعون عليها عما إذا كانت حصلت على إجازة وضع في شهر يوليه سنة 1962 تاريخ ولادة البنت، غير أن المحكمة لم تعن بتحقيق هذا الدفاع، واكتفت بالقول بأنه لم يقم دليل على أن طفلة المؤسسة هي المتنازع عليها، وهو رد مبهم، هذا إلى أن الحكم رجح بينة المطعون عليها على بينة الطاعن دون أن يثبت أسماء الشهود ومضمون أقوالهم ويتحقق من أن قائليها شهود عدول، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان النسب يثبت بالفراش، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بأن نسب الصغيرة "آمال" من الطاعن ثبت بالفراش، واستند في ذلك إلى أقوال شاهدي المطعون عليها وحاصلها على ما أوردها الحكم الابتدائي أن الطاعن زوج للمطعون عليها منذ سنة 1961 وأنجبت منه البنت المذكورة سنة 1962، وأضاف الحكم المطعون فيه إلى هذه البينة الشرعية سكوت الطاعن عن نفي السبب من تاريخ ولادة البنت في يوليه سنة 1962 حتى سبتمبر سنة 1967، وإقدامه على الزواج الرسمي من المطعون عليها في سنة 1964 بعد ولادتها للصغيرة، ولما كانت محكمة الاستئناف قد اكتفت بذكر أسماء شاهدي المطعون عليها ومضمون أقوالهما التي أوردها الحكم الابتدائي وهي غير ملزمة بالتصريح بعدالة هذين الشاهدين اكتفاء بدلالة الأخذ بشهادتهما، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد انتهت من الموازنة بين الأدلة المقدمة في الدعوى وفي حدود سلطتها الموضوعية إلى ترجيح بينة المطعون عليها على بينة الطاعن، ولم تطمئن إلى صحة دفاعه من أن طفلة المؤسسة هي الطفلة المتنازع عليها، ولما كان ما استند إليه الحكم يكفي لحمله فإن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه، لأن قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال من ستة أوجه (أولها) ذهب الحكم إلى أن إقدام الطاعن على العقد الرسمي إقرار منه بثبوت نسب البنت منه مع أن العقد الرسمي ليس عقد تصادق على زواج سابق وإنما هو عقد زواج مبتدأ و(ثانيها) قدم الطاعن ما يثبت أنه كان يقيم بدمنهور حتى نهاية سنة 1963 ليهدم ما زعمته المطعون عليها من أنه تزوجها زواجاً عرفياً وأقام معها بالإسكندرية منذ سنة 1961، وأنها رزقت منه بهذه البنت سنة 1962، غير أن الحكم رد على ذلك بأن من أصله من دمنهور لا يمتنع عليه أن يتزوج من الإسكندرية، مما يفيد أن المحكمة لم تدرك ما قصد إليه. و(ثالثها) قرار الحكم أنه في الفترة من يوليه سنة 1962 إلى سبتمبر سنة 1967 لم يحرك الطاعن ساكناً بشأن نفي نسب هذه البنت إليه ولو كانت معروفة النسب من سواه لقال ذلك ودلل عليه، مع أن الثابت في الأوراق أن الطاعن نفى اتصاله بالمطعون عليها قبل سنة 1964، وقرر أنها أحضرت البنت المذكورة سنة 1966، وادعت أنها بنت إحدى زميلاتها في التدريس وقد كفلتها لمرض والدتها، فضلاً عن أن الطاعن ليس ملزماً ببيان الوالد الحقيقي للطفلة، ويكفي أن ينفي نسبها إليه. و(رابعها) أن الحكم جعل الزواج العرفي ظاهراً مثبتاً للنسب ورجحه على الظاهر النافي له دون أن يفرق بين الظاهر وبين الافتراء، كما أنه لم يقم الدليل على وجود الظاهر المثبت. و(خامسها) نسب الحكم إلى الموثق التقصير إذ لم يسند الزواج الرسمي إلى التاريخ السابق الحقيقي بالمصادقة، في حين أن أحداً من طرفي الخصومة لم يقل إنه كان تصادقاً على زواج سابق، بل إن عقد الزواج الموثق سنة 1964 دليل على فساد ادعاء المطعون عليها قيام الزوجية قبل ذلك التاريخ، فضلاً عن أنها حين رفعت عليه دعوى النفقة سنة 1967 لم تدع أن لها منه بنتاً تطلب لها النفقة. و(سادسها) أقرت المطعون عليها في المحضر الإداري رقم 6987 سنة 1967 الرمل بأنها لم تنجب من الطاعن منذ تزوجا ولكن الحكم أطرح هذا الإقرار بمقولة إنه ليس من مصلحة الصغير فخلط بين تواطؤ الزوجين على إهدار مصلحة الصغير وبين الحالة المعروضة في الدعوى، والتي لا تعلق بها شبهة التواطؤ ومصلحة الصغير لا تقوم إلا على الحقيقة.
وحيث إن النعي في الوجوه الخمسة الأولى مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول قد قضى بثبوت النسب بالفراش، وأضاف إلى ذلك أن الطاعن تزوج من المطعون عليها بعقد رسمي بعد ولادتها للبنت، وأنه سكت عن نفي نسبها من تاريخ ولادتها سنة 1962 حتى سبتمبر سنة 1967، ولم يبرر سكوته طوال هذه المدة، وهو استدلال موضوعي سائغ، وكان الحكم في حدود سلطته الموضوعية في تقدير الدليل لم يعول على دفاع الطاعن من أنه كان يقيم بدمنهور استناداً إلى أن هذا لا يمنع من زواجه من الإسكندرية، وكان الحكم قد قرر في شأن ترجيحه للظاهر المثبت للنسب ما يلي "فالظاهر المثبت أن البنت المتنازع في نسبها بهذه الدعوى قد ولدت من نكاح ومن معاشرة زوجية مشروعة سابقة على العقد الرسمي قامت البينة عليها ولم تولد من سفاح" وأقام الحكم الدليل على هذا الظاهر على ما سلف البيان ولما كانت الموازنة بين الأدلة والأخذ بدليل معين منها دون دليل آخر لم تطمئن إليه المحكمة لا يعتبر من قبيل الفساد في الاستدلال، وكان ما أورده الحكم يكفي لإقامته فلا يعيبه ما استطرد إليه تزيداً من أن الموثق قد قصر إذا لم يسند الزواج إلى التاريخ السابق الحقيقي بالمصادقة. والنعي في وجهه السادس مردود بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان ثبوت النسب حق أصلي للأم لتدفع عن نفسها تهمة الزنا، أو لأنها تعير بولد ليس له أب معروف، فهو في نفس الوقت حق أصلي للولد، لأنه يرتب له حقوقاً بينها المشرع والقوانين الوضعية كحق النفقة والرضاع والحضانة والإرث، ويتعلق به أيضاً حق الله تعالى لاتصاله بحقوق وحرمات أوجب الله رعايتها، فلا تملك الأم إسقاط حقوق ولدها أو المساس بحقوق الله تعالى، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر "أن الاعتراف المنسوب إليها - المطعون عليها - بإنكار نسب البنت لا يؤثر على حق الصغيرة في ثبوت النسب ولا يدفع ما ثبت بالبينة الشرعية"، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المطعون عليها تقدمت بعد حجز القضية للحكم بطلب فتح باب المرافعة، وأرفقت به حافظة مستندات اشتملت على عقد زواج عرفي مؤرخ 13/ 6/ 1961 بينها وبين الطاعن سبق أن قدمته ثم سحبته لما قرر الطاعن أنه مزور، وعلى صورة للطاعن وخطابين مرسلين لها منه وضعت عليهما وعلى الصورة تاريخاً سابقاً على عقد الزواج الرسمي، وكان يتعين على المحكمة أن تستبعد هذه المستندات لأنها لم تأذن بتقديمها ولم يعلن بها الطاعن، غير أنها أشارت إلى مضمونها وتأثرت بها في قضائها، مما يعيب حكمها بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن البين من الحكم المطعون فيه أنه اكتفى بإثبات الطلب المقدم من المطعون عليها بفتح باب المرافعة والمستندات المقدمة معه دون أن يعول عليها في قضائه، بل عول على البينة الشرعية على ما جاء في الرد على السبب الأول، ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1)نقض 8/ 11/ 1967 مجموعة المكتب الفني. السنة 18 - ص 1639.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق