الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 17 أغسطس 2021

الطعن 30 لسنة 52 ق جلسة 24 / 5 / 1983 مكتب فني 34 ج 2 أحوال شخصية ق 256 ص 1285

جلسة 24 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين محمد جلال الدين رافع، جلال الدين أنسي، هاشم قراعة ومرزوق فكري.

-------------

(256)
الطعن رقم 30 لسنة 52 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. موطن. محكمة الموضوع.
الموطن في الشريعة الإسلامية. ماهيته. احتمال تعدده. عدم انتقاصه بموطن السكن. تقدير قيام عنصر الاستقرار بنية الاستيطان من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
(2) أحوال شخصية. نظام عام. دعوى.
حق التقاضي حق عام مكفول للكافة. عدم جواز التنازل عنه لمخالفة ذلك النظام العام. وإن جاز تقييده.
(3 ، 4) أحوال شخصية. التطليق للضرر. إثبات.
(3) الزواج الجديد دون رضاء الزوجة الأولى. اعتباره ضرراً مفترضاً بحكم القانون. جواز طلبها التطليق دون حاجة لإثبات قصد الإضرار لدى الزوج. م 6 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 معدل بقانون 44 لسنة 1979.
(4) إلزام القاضي بالتوفيق بين الزوجين قبل القضاء بالتفريق غايته إزالة أسباب الشقاق. تحقق الضرر نتيجة اقتران الزوج بأخرى ولو انتهت الزيجة الجديدة بالطلاق. أثره عدم جدوى التوفيق بينهما. علة ذلك.
(5) أحوال شخصية. دعوى.
النيابة العامة طرف أصلي في قضايا الأحوال الشخصية الكلية. حق الخصوم في التعقيب على رأيها. شرطه. أن تكون النيابة العامة قد أبدت دفوعاً أو أوجه دفاع لم يسبق إثارتها.

--------------
1 - الموطن الأصلي طبقاً للرأي السائد في الفقه الإسلامي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو موطن الإنسان في بلدته أو في بلدة أخرى أتخذها داراً توطن فيها مع أهله وليس في قصده الارتحال عنها وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكنى، وهو ما استلهمه المشرع في المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. وتقدير قيام عنصر الاستقرار بنية الاستيطان من مسائل الواقع الذي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
2 - حق التقاضي حق عام مكفول للكافة فلا يجوز التنازل عنه ولا يعتد بهذا التنازل لمخالفته للنظام العام وإن جاز تقييده بمقتضى القانون أو بإرادة الأفراد.
3 - مفاد النص في المادة 6 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 أن مجرد إتمام الزواج الجديد يعتبر ضرراً يجيز للزوجة الأولى أن تلجأ إلى القضاء طالبة التطليق من زوجها دون حاجة إلى إثبات قصد الإضرار لدى الزوج أو السماح له بإثبات أن ضرراً ما لم يلحق بالزوجة ذلك أن الضرر في هذه الحالة مفترض بحكم القانون ولا يقبل إثبات العكس.
4 - إذا كان الهدف من إلزام القاضي بالعمل على الإصلاح بين الزوجين قبل قضائه بالتفريق وفقاً لنص المادة السادسة من القانون 25 لسنة 1929 هو محاولة إزالة أسباب الشقاق بينهما وعودة الحياة الزوجية إلى ما كانت عليه من نقاء وسكينة وحسن معاشرة، وكان مؤدى نص المادة السادسة مكرراً من هذا القانون أن اقتران الزوج بأخرى دون رضاء الزوجة الأولى يتحقق به الضرر بمجرد وقوعه فلا يزول أثره حتى ولو انتهت الزيجة الجديدة بالطلاق، فإن محاولة الإصلاح التي تقتضي إزالة أسباب الضرر تكون غير مجدية في هذه الحالة التي أفرد لها الشارع باعتبار ما لها من طبيعة خاصة نصاً مستقلاً وخصها بقواعد مغايرة لتلك التي تحكم صور الضرر الأخرى والواردة بنص المادة السادسة السالفة البيان.
5 -  لئن أصبحت النيابة العامة طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية الكلية بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 مما يجيز للخصوم أن يعقبوا على رأيها، إلا أن ذلك مقيداً بأن تكون النيابة العامة قد أبدت دفوعاً أو أوجه دفاع جديدة لم يسبق إثارتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها - أقامت الدعوى رقم 716 لسنة 1980 أحوال شخصية شمال القاهرة ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها عليه، وقالت بياناً لها إن الطاعن تزوجها بصحيح العقد الشرعي ودخل بها وإذ أساء إليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما هذا فضلاً عن أنه تزوج بأخرى دون رضاها وموافقتها، فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 26/ 6/ 1980 حكمت المحكمة غيابياً بتطليق المطعون عليها على الطاعن. عارض الطاعن في هذا الحكم ودفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها قبل الأوان، وبتاريخ 17/ 5/ 1981 حكمت المحكمة برفض هذين الدفعين وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 265 لسنة 98 قضائية "أحوال شخصية" القاهرة. وبتاريخ 23/ 2/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ستة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وببطلان إعلانه بصحيفة افتتاحها لأنها أقيمت ضده أمام محكمة شمال القاهرة في حين أنه لا يقيم في دائرة هذه المحكمة بل يقيم في دائرة محكمة أبو كبير محافظة الشرقية، وأن المطعون عليها أعلنته بصحيفة الدعوى في غير محل إقامته إلا أن محكمة الموضوع بدرجتيها رفضت هذين الدفعين على سند من اتخاذه مكتبه موطناً مختاراً بمقتضى الاتفاق المحرر بينه وبين المطعون عليها بتاريخ 5/ 2/ 1980 في حين أن تحرير هذا الاتفاق في ورقة مطبوع عليها عنوان المكتب لا يفيد اتخاذه له موطناً مختاراً فضلاً عن أنه لا ينطوي على اتفاق على جعل الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها هذا المكتب وهو ما يعيب قضاءها بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الموطن الأصلي طبقاً للرأي السائد في الفقه الإسلامي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو موطن الإنسان في بلدته أو في بلدة أخرى اتخذها داراً توطن فيها مع أهله وولده وليس في قصده الارتحال عنها وأن هذا الموطن يحتمل التعدد ولا ينتقص بموطن السكن، وهو ما استلهمه المشرع حين نص في المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "محل الإقامة هو البلد الذي يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيها عادة"، وإذ كان تقدير قيام عنصر الاستقرار بنية الاستيطان من مسائل الواقع الذي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد أعلن بصحيفة افتتاح الدعوى بالعنوان الموضح بها باعتباره محل إقامته، وأن صورة إعلانها سلمت إلى تابعه المقيم معه وأنه إذ أنكر موطنه في هذا المحل استدل على ذلك بمجرد أوراق أعلنت إليه في مسكنه ببلدة أبو كبير بمحافظة الشرقية، وهو ما لا يستقيم به الدليل على عدم وجود موطن آخر له في المكان الذي تم فيه الإعلان بصحيفة الدعوى والمثبت بالمحرر المتضمن الاتفاق الذي تم بين الطرفين بشأن النزاع موضوع تلك الدعوى، وأنه لم يطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يدعيه في هذا الشأن، فإنه لا على محكمة الموضوع إذا ما أطرحت هذا الدفاع الذي لم يقم عليه الدليل المثبت لصحته، ويكون النعي على قضائها برفض الدفعين ببطلان الإعلان بصحيفة الدعوى وبعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظرها على غير أساس، ولا يغير من هذا النظر ما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص من تقريرات قانونية خاطئة، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مثل هذه التقريرات لا تفسد الحكم ولا تبطله طالما أنه قد انتهى إلى نتيجة سليمة متفقة وصحيح القانون.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع تأسيساً على أن الأوراق جاءت خلواً مما يفيد رضاء المطعون عليها بزواجه من أخرى فضلاً عن أن المشرع افترض الضرر، فلا على المطعون عليها إن رفعت دعواها رغم سبق رضائها بإمهاله حتى نهاية أبريل سنة 1980 هذا في حين أن الرخصة التي منحها المشرع للمرأة في طلب التطليق عند الزواج بأخرى ليست من النظام العام، فإن ارتضت الزوجة معاشرة زوجها لها في ظل زوجة أخرى فليس لها أن تعود فتنقض ما سبق أن ارتضته وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فيكون قد جانب الصواب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن حق التقاضي حق عام مكفول للكافة فلا يجوز التنازل عنه ولا يعتد بهذا التنازل لمخالفته للنظام العام وإن جاز تقييده بمقتضى القانون أو بإرادة الأفراد، وإذ كان ما ورد في الاتفاق المؤرخ 15/ 2/ 1980 المحرر بين المتداعيين "أنه في حالة عدم تطليق الطاعن لزوجته الجديدة خلال ثلاثة أشهر تنتهي في آخر أبريل سنة 1980 فإنه يتم إنهاء الزوجية بين الطرفين" لا يعني أن المطعون عليها قد تنازلت عن حقها في الالتجاء إلى القضاء أو أجلته إلى زمن مستقبل وإنما يفيد مجرد تعهد الطاعن بطلاقه زوجته المطعون عليها إن لم يطلق زوجته الأخرى خلال المدة المحددة في الاتفاق وهو ما لا علاقة له بحقها في الالتجاء إلى القضاء، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بانعدام قصد الإضرار وطلب إثبات عكس الضرر المفترض، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع ولم يتح له فرصة إثبات ما طلبه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان النص في المادة 6 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة 1929 على أن "...... يعتبر إضراراً بالزوجة اقتران زوجها بأخرى بغير رضاها ولو لم تكن قد اشترطت عليه في عقد زواجها عدم الزواج عليها وكذلك إخفاء الزوج على زوجته الجديدة أنه متزوج بسواها. ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق بمضي سنة من تاريخ علمها بقيام السبب الموجب للضرر ما لم تكن قد رضيت بذلك صراحة أو ضمناً" يدل على أن مجرد إتمام الزواج الجديد دون رضاء الزوجة الأولى يعتبر ضرراً يجيز لها أن تلجأ إلى القضاء طالبة التطليق من زوجها دون حاجة إلى إثبات العكس. لما كان ذلك فإن ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص من دفاع يكون غير منتج، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه إغفاله الرد عليه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قضى بالتطليق دون محاولة الصلح بين الطرفين مخالفاً بذلك ما تقضي به المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الهدف من إلزام القاضي بالعمل على الإصلاح بين الزوجين قبل قضائه بالتفريق وفقاً لنص المادة السادسة من القانون 25 لسنة 1929 هو محاولة إزالة أسباب الشقاق بينهما وعودة الحياة الزوجية إلى ما كانت عليه من نقاء وسكينة وحسن معاشرة، وكان مؤدى نص المادة السادسة مكرراً من هذا القانون أن اقتران الزوج بأخرى دون رضاء الزوجة الأولى يتحقق به الضرر بمجرد وقوعه فلا يزول أثره حتى ولو انتهت الزيجة الجديدة بالطلاق، فإن محاولة الإصلاح التي تقتضي إزالة أسباب الضرر تكون غير مجدية في هذه الحالة التي أفرد لها الشارع - باعتبار ما لها من طبيعة خاصة - نصاً مستقلاً وخصها بقواعد مغايرة لتلك التي تحكم صور الضرر الأخرى والواردة بنص المادة السادسة السالفة البيان، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون بقضائه بالتفريق دون محاولة الإصلاح بين الزوجين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقول إنه طلب التعقيب على رأي النيابة العامة بعد أن قدمت مذكرتها، بيد أن المحكمة رفضت طلبه وحجزت الدعوى للحكم دون السماح له بذلك، الأمر الذي يصم الإجراء بالبطلان، لأن النيابة العامة أصبحت بعد صدور القانون 628 لسنة 1955 طرف أصلياً في قضاء الأحوال الشخصية الكلية ومن ثم يكون للخصوم أن يعقبوا عليها وإذ حالت محكمة الموضوع بينه وبين التعقيب على رأي النيابة، فإنها تكون قد أخلت بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن أصبحت النيابة العامة طرفاً أصلياً في قضاء الأحوال الشخصية الكلية بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 مما يجيز للخصوم أن يعقبوا على رأيها، إلا أن ذلك مقيد بأن تكون النيابة العامة قد أبدت دفوعاً أو أوجه دفاع جديدة لم يسبق إثارتها، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه وحكم محكمة الدرجة الأولى أن الطاعن أبدى دفوعاً وأوجه دفاع قضت محكمة الدرجة الأولى برفضها ثم تناولها الطاعن في صحيفة استئنافه، وكان الثابت من مذكرة النيابة العامة أنها طلبت الحكم برفض ما أثاره المستأنف "الطاعن" من دفوع وأوجه دفاع دون أن تبدي أية دفوع جديدة أو أوجه دفاع لم يسبق طرحها، وأن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف مستنداً إلى أسباب حكم محكمة الدرجة الأولى، فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق