جلسة 14 من يونيه 1983
برئاسة السيد المستشار
محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جلال الدين
أنسي، هاشم قراعة، مرزوق فكري وواصل علاء الدين.
------------
(281)
الطعن رقم 56 لسنة 52
قضائية "أحوال شخصية"
(1 ، 2) حكم محكمة
الموضوع. تزوير.
(1) تقدير أدلة التزوير
من سلطة قاضي الموضوع.
(2) عدم جواز القضاء بصحة
المحرر أو رده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً. لا مجال لإعمال هذه
القاعدة متى كان المدعي بتزويره محرراً متعلقاً بإجراءات الدعوى ولا يرتبط بأدلتها
الموضوعية. علة ذلك.
(3) دعوى "انقطاع
سير الخصومة".
بلوغ الخصم سن الرشد لا
يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة.
(4 ، 5) أحوال
شخصية "الاعتقاد الديني". إثبات.
(4) الاعتقاد الديني.
العبرة فيه بظاهر اللسان. النطق بالشهادتين كاف لاعتبار الشخص مسلماً.
(5) إشهار الإسلام المصدق
عليه من القنصلية المصرية. محرراً رسمياً له حجيته في الإثبات.
--------------
1 - لقاضي الموضوع سلطة
تقدير أدلة التزوير ولا يلزمه القانون بإجراء تحقيق متى اطمأن إلى عدم جدية الادعاء
بالتزوير ووجد في وقائع الدعوى وأوراقها ما يكفي لإقناعه بصحة الورقة المدعى بتزويرها.
2 - المقرر وفقاً لنص
المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة المحرر أو برده أو
بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون قضاؤها بذلك سابقاً على
الحكم في موضوع الدعوى اعتباراً بأنه يجمع بين هذه الحالات هدف ألا يحرم الخصم
الذي تمسك بالمحرر المقضي بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته أو المحكوم بصحته
من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى أو يسوق دفاعاً متاحاً
جديداً، إلا أنه لا مجال لإعمال هذه القاعدة متى كان المدعي بتزويره محرراً
متعلقاً بإجراء من إجراءات الدعوى ولا يرتبط بأدلتها الموضوعية لأنه في هذه الحالة
تنتفي الحكمة من وجوب الفصل بين القضاء في الادعاء بالتزوير وبين الحكم الموضوعي،
ولا يكون ثمة داع ليسبق الحكم في الادعاء بالتزوير سواء بصحته أو برده أو بسقوط
الحق في إثبات صحته الحكم في الموضوع.
3 - مفاد نص المادة 130
من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مجرد وفاة الخصم أو
فقده أهلية الخصومة يترتب عليه انقطاع سير الخصومة، أما بلوغ الخصم سن الرشد فإنه
لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة، إنما يحصل هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على
البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر.
4 - المقرر شرعاً - وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام
فيها على الأقوال بظاهر اللسان، والتي لا يجوز البحث في جديتها ولا في بواعثها أو
دواعيها، وأن نطق الشخص بالشهادتين كاف في اعتباره مسلماً.
5 - الإشهار وقد صدقت
عليه الجهات المصرية المعنية يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - محرراً
رسمياً وله بهذه المثابة حجية في الإثبات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت
الدعوى رقم 172 لسنة 1978 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة جنوب القاهرة
الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ إعلام الوراثة
الصادر بتاريخ 29/ 1/ 1977 في المادة 488 لسنة 1976 وراثات عابدين وعدم الاعتداد
به. ثانياً: وفي الموضوع بثبوت وفاة المرحوم.... بتاريخ 11/ 9/ 1976 وانحصار إرثه
فيها باعتبارها زوجة وفي ولديه الطاعنين. وقالت بياناً لذلك أن المتوفى تزوجها في
14/ 5/ 1969 بعد أن أشهرت إسلامها في 7/ 5/ 1969 ثم توفى بتاريخ 11/ 9/ 1976. وإذ
استصدر الطاعنان الإعلام الشرعي رقم 488 لسنة 1976 وراثات عابدين بإثبات وفاة
والدهما وانحصار إرثه فيهما وحدهما رغم ثبوت زواجها منه واعتناقها الإسلام فقد
أقامت الدعوى. ادعى الطاعنان بالتزوير على إعلان صحيفة افتتاح الدعوى بالنسبة لما
أثبته المحضر في ورقة إعلانها من انتقاله إلى محل الإعلان ومخاطبته والدتهما
ورفضها الاستلام، وطلبا تمكينهما من إثبات التزوير بكافة الطرق والحكم برد وبطلان
هذا البيان, وفي 5/ 11/ 1978 حكمت المحكمة بصحة إعلان صحيفة الدعوى ثم حكمت بجلسة
8/ 6/ 1980 ببطلان إعلام الوراثة رقم 488 لسنة 1976 وراثات عابدين وثبوت وراثة
المطعون عليها للمرحوم...... بحق الثمن في تركته والباقي لابنيه الطاعنين استأنف
الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 154 لسنة 97 القضائية القاهرة وتمسكا بأن
المورث طلق المطعون عليها قبل وفاته، أحالت محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق
لإثبات واقعة الطلاق وبعد سماعها أقوال شاهدي المطعون عليها حكمت في 30/ 6/ 1982
بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة
مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت
أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب ينعي الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك
يقولان أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى برفض الادعاء بتزوير
صحيفة الدعوى استناداً إلى أن المحضر غير مكلف بالتحقق من شخصية من يخاطبه في
الموطن المعلن فيه وأن حضور المدعى عليه بالجلسات يحقق الغاية من الإعلان حالة أن الادعاء
بالتزوير لم ينصب على صفة من أثبت المحضر أنه تخاطب معه وإنما قام أساساً على أن
المحضر لم ينتقل أصلاً إلى محل إقامة والدتهما المبين بصحيفة الإعلان وأنه أثبت
على غير الحقيقة في محضر انتقاله أنه خاطب والدتهما التي رفضت استلام صورة الصحيفة
واستدلا على ذلك بأن والدتهما كانت على سفر خارج البلاد والمسكن مغلق ولا يقيم به
أحد في ذلك التاريخ، وإذ يقطع ذلك بعدم حصول الإعلان فإن حضورهما بالجلسة المعلن
إليها لا يحقق الغاية من هذا الإجراء المعدوم، ورغم تمسكهما أمام محكمة الاستئناف
بهذا الدفاع الجوهري الذي يترتب على الأخذ به انعدام الخصومة فإنها لم تعرض له أو
ترد على ما نعيا به على ما أورده الحكم الابتدائي من أسباب في هذا الخصوص وهو ما
يعيب حكمها بالخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب والفساد في
الاستدلال، ولا يغير من ذلك القول بأن تصديهما للموضوع يفيد التفاتهما عن هذا
النعي وقضاءها ضمناً برفض الادعاء بالتزوير لأن حكمها في هذه الحالة يكون باطلاً
لقضائه في الادعاء بالتزوير وفي الموضوع معاً بحكم واحد بالمخالفة لنص المادة 44
من قانون الإثبات.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن لقاضي الموضوع سلطة تقدير أدلة التزوير ولا يلزمه القانون بإجراء تحقيق متى
اطمأن إلى عدم جدية الادعاء بالتزوير ووجد في وقائع الدعوى وأوراقها ما يكفي
لإقناعه بصحة الورقة المدعى بتزويرها. ولما كان الطاعنان قد استندا في ادعائهما
بتزوير محضر الانتقال المدون بصحيفة الدعوى بتاريخ 6/ 4/ 78 إلى أن والدتهما التي
أثبت المحضر أنه انتقل إلى موطنها ورفضت استلام صورة الصحيفة كانت على سفر خارج
البلاد ومسكنها مغلق ولا يقيم فيه أحد في ذلك التاريخ مما يفيد عدم انتقال المحضر
إلى ذلك الموطن وتزوير البيانات التي أوردها، وكانت هذه القرائن على فرض صحتها لا
تقطع بعدم صحة ما أثبته المحضر من انتقاله إلى محل الإعلان يوم إجرائه ومخاطبته من
وصفت نفسها بأنها والدة الطاعنين لأن وجودها خارج البلاد في ذلك الوقت لا يمنع من
أن تتردد على مسكنها أخرى. تصادف وجودها به وقت حضور المحضر ومخاطبته لها على أنها
والدة الطاعنين وهو ما تنتفي به أية مسئولية قبل المحضر لأنه لا يكلف في مثل هذه
الحالة بالتثبت من شخصيتها بل يقتصر واجبه على تسليم صورة الإعلان إليها فإذا
امتنعت عن استلامها سلمها إلى جهة الإدارة وأثبت ذلك في أصل الإعلان وصورته طبقاً
للمادتين 10، 11 من قانون المرافعات، فإنه لا على محكمة الموضوع إذا ما رأت في
حدود سلطتها التقديرية أن ما ساقه الطاعنان من شواهد على التزوير المدعى به قوامها
أن ما نسب إليها الامتناع عن استلام صورة الإعلان كانت يومئذ موجودة خارج البلاد
لا يستقيم به الدليل على حصول هذا التزوير طالما أن المحضر غير ملزم بالتحقق من
شخصية وصفة من يخاطبه في موطن المعلن إليه وبالتالي عدم جدوى الإحالة إلى التحقيق،
لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه تأييده الحكم المستأنف فيما قضى به
من رفض الادعاء بالتزوير يكون على غير أساس. وإذ لا ينال من صحة ذلك الحكم جمعه
بين هذا القضاء وبين تأييده قضاء الحكم المستأنف في الموضوع ذلك أنه وإن كان
المقرر وفقاً لنص المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة
المحرر أو برده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون
قضاؤها بذلك سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى، اعتباراً بأنه يجمع بين هذه الحالات
هدف ألا يحرم الخصم الذي تمسك بالمحرر المقضي بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته
أو المحكوم بصحته من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى أو يسوق
دفاعاً متاحاً جديداً، إلا أنه لا مجال لإعمال هذه القاعدة متى كان المدعي بتزويره
محرراً متعلقاً بإجراء من إجراءات الدعوى ولا يرتبط بأدلتها الموضوعية لأنه في هذه
الحالة تنتفي الحكمة من وجوب الفصل بين القضاء في الإدعاء بالتزوير وبين الحكم
الموضوعي، ولا يكون ثمة داع ليسبق الحكم في الادعاء بتزويره سواء بصحته أو برده أو
بسقوط الحق في إثبات صحته الحكم في الموضوع. لما كان ذلك وكان ادعاء الطاعنين
بالتزوير انصب على ما أثبته المحضر في صحيفة الدعوى المعلنة من أنه انتقل إلى محل
إقامتهما المبين بالصحيفة ورفضت والدتهما استلام صورة الصحيفة وكان لا سبيل
للمجادلة في هذه البيانات إلا بطريق الطعن بالتزوير الذي سلكه الطاعنان وكان لا
أثر لإعلان هذه الصحيفة على موضوع الدعوى بتحقيق وفاة والد الطاعنين ووراثته فإنه
لا على الحكم المطعون فيه إن هو قضى بحكم واحد بتأييد قضاء محكمة أول درجة في الادعاء
بالتزوير وفي الموضوع، ويكون النعي عليه بمخالفة القانون لهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في
تطبيقه والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف
ببطلان الحكم المستأنف لصدوره بعد أن بلغت الطاعنة الثانية سن الرشد وصدور قرار المحكمة
المختصة في 9/ 5/ 1978 بإنهاء مهمة الطاعن الأول كوصي عليها وتنبيه المحكمة إلى
هذا التغيير في صفة من يمثلها مما كان يستتبع انقطاع سير الخصومة بقوة القانون،
وإذ صدر الحكم الابتدائي بعد تحقق هذا السبب للانقطاع فإنه يكون باطلاً، وإذ لم
تعجل الدعوى طيلة سنة كاملة بعد تحقق الانقطاع فإن الخصومة برمتها تكون قد سقطت
طبقاً لنص المادة 134 مرافعات لأن موضوعها غير قابل للتجزئة وإذ التفت الحكم
المطعون فيه عن هذا الدفاع الجوهري رغم تحصيله في وقائعه فإنه يكون معيباً بالقصور
فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن النص في المادة 130 من قانون المرافعات على أن "ينقطع سير الخصومة
بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم، أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر
الخصومة عنه من النائبين"، مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مجرد
وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه انقطاع سير الخصومة، أما بلوغ الخصم
سن الرشد فإنه لا يؤدي بذاته إلي انقطاع سير الخصومة إنما يحصل هذا الانقطاع بسبب
ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر، ولما كان الثابت
من الأوراق أن الخصومة عندما انعقدت أمام محكمة الدرجة الأولى كان الطاعن الأول
يباشرها عن نفسه وعن شقيقته الطاعنة الثانية بصفته وصياً عليها ووكل فيها محامياً
عن نفسه وبصفته، وكانت الطاعنة الثانية وإن بلغت سن الرشد أثناء الدعوى ورفعت عنها
الوصاية بتاريخ 9/ 5/ 1978 إلا أن شقيقها الطعن الأول ظل كما كان يباشر عنها
الخصومة بعد هذا التاريخ حيث أثبت محاميه بجلسة 4/ 6/ 1978 حضوره عنه عن نفسه
وبصفته كما قرر الطاعن الأول عن نفسه وبصفته بالادعاء بالتزوير في قلم كتاب
المحكمة بتاريخ 25/ 9/ 1978 وأعلنت شواهد التزوير بذات الصفة وتوالى حضور محاميها بذات
سند الوكالة الأول المشار إليه بجلسات 1، 29/ 10/ 1978، 8/ 4/ 1979، 25/ 5/ 1980
مما مفاده أن تمثيل الطاعن الأول لشقيقته الطاعنة الثانية بعد بلوغها سن الرشد كان
بقبولها ورضائها فتظل صفته قائمة في تمثيلها وينتج هذا التمثيل كل آثاره القانونية
ويكون الحكم الصادر في الدعوى كما لو كانت قد حضرت بنفسها الخصومة بعد بلوغها ولا
ينقطع سير الخصومة في هذه الحالة لأنها تنقطع بزوال صفة النائب في تمثيل الأصيل
وهي هنا لم تزل بل تغيرت فقط فبعد أن كانت نيابة قانونية أصبحت اتفاقية، ولا يغير
من ذلك ما ثبت بمحضر جلسة 24/ 12/ 1978 من أن محامي الطاعنين قدم صورة قرار إنهاء
الوصاية عن الطاعنة الثانية لبلوغها سن الرشد لأن مجرد التقرير بذلك لا يفيد بذاته
إنكار النيابة الاتفاقية للطاعن الأول عنها خاصة وأنه ثبت مباشرته الخصومة عنها
بالجلسات التالية لتلك الجلسة كما سلف البيان دون إنكار منها لتمثيله لها حتى أمام
محكمة الاستئناف. لما كان ذلك وكانت الخصومة لم تنقطع أمام محكمة أول درجة فإن
دفاع الطاعنين أمام محكمة الاستئناف بانقطاعها وسقوطها المترتب على ذلك الانقطاع
لم يكن مؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه وبالتالي يعتبر دفاعاً
غير جوهري فلا على محكمة الاستئناف إن هي أغفلت الرد عليه مما يكون معه النعي بهذا
السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان
بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وفي بيان
ذلك يقولان أن الحكم عول على شهادة شاهدي المطعون عليها في ثبوت اعتناقها الإسلام
رغم عدم توافر نصاب الشهادة المقرر في الفقه الإسلامي وشروطها لأن شهادة الشاهد
الأول قامت على التسامع ولم تنصب على معاينة واقعة إسلامها ولم يشهد الشاهد الثاني
بأن دينها الإسلام، وأن الحكم قد خلا من الإحالة على أسباب الحكم المستأنف فيما
انتهى إليه من ثبوت إسلام المطعون عليها بمقتضى قرار منسوب صدوره إلى محكمة بيروت
الشرعية يفيد حضورها أمام قاضي المحكمة وإعلان إسلامها أمامه، وأنه بفرض وجود
الإحالة على أسباب هذا الحكم فإن ذلك القرار الصادر من جهة أجنبية ليس له حجية
الأوراق الرسمية أمام القضاء المصري ويكون الاستناد إليه مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر شرعاً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن
الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الأقوال بظاهر اللسان،
والتي لا يجوز البحث في جديتها ولا في بواعثها أو دواعيها، وأن نطق الشخص
بالشهادتين كاف في اعتباره مسلماً دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر. وكانت المطعون
عليها قدمت أمام محكمة أول درجة إشهاراً صادراً من محكمة بيروت الشرعية في 7/ 5/
1969 ومصدقاً عليه من قنصل مصر في لبنان ووزارة الخارجية المصرية ويتضمن حضورها
أمام المحكمة وإعلان رغبتها في اعتناق دين الإسلام ونطقت بالشهادتين، وكان هذا
الإشهار وقد صدقت عليه الجهات المصرية المعنية يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - محرراً رسمياً وله بهذه المثابة حجيته في الإثبات فإن الحكم الابتدائي
إذ استند إليه في ثبوت إسلام المطعون عليها لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في
تطبيقه. وإذ تأيد قضاء محكمة أول درجة بالحكم الاستئناف المطعون فيه الذي لم يورد
أسباباً تتعارض معه فإن هذا الحكم يكون قد تبنى الأسباب الابتدائية واتخذها
أسباباً له وقام على ذات الدعامة المستفادة من الإشهار المشار إليه في ثبوت إسلام
المطعون عليها وهي دعامة تكفي لحمله مما يكون معه النعي على الدعامة الأخرى التي
أضافها على استقلال في هذا الخصوص والمستخلصة من شهادة شاهدي المطعون عليها -
وأياً كان وجه الرأي فيها - غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق