جلسة 14 من فبراير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/
أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود،
وجودة أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر.
--------------
(44)
الطعن رقم 7 لسنة 39
القضائية "أحوال شخصية"
(1)أحوال
شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين. زواج. أهلية".
عقد المعتوه زواجه بنفسه
أو بوليه الأبعد. عقد موقوف على إجازة الولي الأقرب. الإجازة تثبت بالصريح
وبالضرورة وبالدلالة قولاً أو فعلاً. الإجازة دلالة. معناها الشرعي.
(2)أحوال شخصية. عرف. إثبات.
العرف في مسائل الأحوال
الشخصية. معتبر إذا عارض نصاً مذهبياً منقولاً عن صاحب المذهب. علة ذلك.
---------------
1 - الرأي في المذهب
الحنفي أنه إذا زوج المعتوه نفسه أو زوجه وليه الأبعد مع وجود الأقرب، فإن عقد
الزواج يكون موقوفاً على إجازة الولي الأقرب، فإن أجازه نفذ وإلا بطل، والإجازة
تثبت بالصريح وبالضرورة وبالدلالة قولاً أو فعلاً، ولما كان يبين من الحكم المطعون
فيه أن المرحوم.... زوج المعتوه بالمطعون عليها، وهو من أقاربه البعيدين، واعتبر
الحكم أن الطاعن، وهو شقيق المعتوه وولى النكاح الأقرب، قد أجاز عقد الزواج دلالة
بحضوره مجلس العقد، واستئجاره مسكناً لشقيقه المذكور بعد الزواج للإقامة فيه مع
زوجته، وتردده عليهما في ذلك المسكن واستلامه لشقيقه (المعتوه) من والد زوجته،
وتأخره في رفع الدعوى، ولما كانت هذه الأمور لا تدخل في مفهوم الإجازة دلالة
بمعناها الشرعي، إذ لا تحمل أي معنى مشترك من المعاني التي وضعت لإجازة عقد
الزواج، وليست شرطاً له ولا ركناً فيه ولا أثراً من آثاره، ولا يوجد فيها معنى
ثابت للإجازة ثبوتاً قطعياً لا يحتمل الشك، بل تحتمل أكثر من احتمال، لأن سكوت ولي
النكاح في مجلس عقد زواج محجوره، لا يكون رضا إذ يحتمل الرضا ويحتمل السخط، ولأن تأجير
الطاعن مسكناً للمعتوه بعد الزواج وزيارته فيه واستلامه من والد الزوجة، أمور
يباشرها ولي النفس باعتبار أنها من لوازم ولاية الحفظ ومقتضياتها الواجبة عليه نحو
محجوره أو بدافع الشفقة عليه، ولأن مضي المدة مهما طال أمدها لا يعتبر إجازة للعقد
الموقوف، وهو ما يتعين معه حسب النصوص الفقهية ألا تعتبر هذه الأمور منفردة أو
مجتمعة إجازة بطريق الدلالة من الولي الأقرب لعقد زواج المعتوه، وذلك ما لم يكن قد
جرى عرف مخالف اعتبرها إجازة بالدلالة.
2 - العرف معتبر إذا عارض
نصاً مذهبياً منقولاً عن صاحب المذهب، إذ الجمود على ظاهر المنقول مع ترك العرف،
فيه تضييع حقوق كثيرة، دون أن يكون في ذلك مخالفة للمذهب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى
رقم 200 لسنة 1963 طنطا الابتدائية للأحوال الشخصية "ولاية على النفس"
ضد المطعون عليها طالباً الحكم بعدم تعرضها لأخيه...... في أمور الزوجية بموجب عقد
الزواج المؤرخ 19/ 7/ 1962، وقال بياناً لدعواه إنه سبق الحكم بتوقيع الحجر على
أخيه المذكور للعته وعين قيماً عليه المرحوم........ وهو من أقاربه البعيدين،
وتواطأ هذا القيم مع والد المطعون عليه استغلالاً لأموال أخيه المعتوه وزوجه إياها
وتولى بصفته قيماً عقد الزواج بتاريخ 19/ 7/ 1962، وإذ كان هذا العقد باطلاً لأن
الطاعن هو الولي الأقرب وتم العقد دون علمه ورضاه، فقد أقام دعواه للحكم له
بطلباته، وبتاريخ 28/ 11/ 1967 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت
المطعون عليها أن الطاعن كان يعلم بزواجها من شقيقه...... بوثيقة الزواج المؤرخة
19/ 7/ 1962، وأن سكوته على ذلك حتى رفع الدعوى في 23/ 12/ 1963 بمثابة القبول
الضمني لهذا العقد، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت بتاريخ 25/ 6/ 1968
برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا، وقيد هذا
الاستئناف برقم 31 سنة 18 ق أحوال شخصية "نفس" وبتاريخ 2/ 2/ 1969 حكمت
المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق
النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت الرأي في الثانية منهما بنقض الحكم،
وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة هذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إن الحكم أقام
قضاءه برفض الدعوى استناداً إلى أن الطاعن وهو ولي النكاح قد أجاز دلالة عقد
الزواج، لأنه حضر مجلس العقد واستأجر لشقيقه المحجور عليه مسكناً بناحية سنباط
ليقيم فيه مع زوجته، وكان يتردد عليهما في ذلك المسكن واستلم شقيقه من والد
المطعون عليها، وسكت عن رفع الدعوى من 19/ 7/ 1962 تاريخ العقد حتى 23/ 12/ 1963،
وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، لأن الإجازة في عرف الفقهاء هي قول أو فعل
ينعقد به النكاح إذ النكاح شرعاً عقد لابد من إيجاب وقبول، والإيجاب والقبول كما
يكونان بالقول يكونان بالفعل، وهذا العقد لا يقاس على غيره، فإذا زوج ولي النكاح
الأبعد مع وجود ولي النكاح الأقرب ولو كان حاضراً في مجلس العقد وسكت لا يكون
سكوته إجازة لنكاح الأبعد، ولو زوج ولي النكاح الأبعد حال قيام الأقرب حتى توقف
على إجازة الأقرب ثم غاب الأقرب أو مات قبل أن يجيز عقد الأبعد وتحولت الولاية إلى
الأبعد لا يجوز ذلك النكاح الذي باشره الأبعد إلا بإجازة منه بعد تحول الولاية
إليه، وعلى ذلك يكون ما اعتبرته المحكمة إجازة للعقد خطأ في فهم معنى الإجازة
المطلوبة.
وحيث إن هذا النعي صحيح،
ذلك أن الرأي في المذهب الحنفي أنه إذا زوج المعتوه نفسه أو زوجه وليه الأبعد مع
وجود الأقرب فإن عقد الزواج يكون موقوفاً على إجازة الولي الأقرب فإن أجازه نفذ
وإلا بطل، والإجازة تثبت بالصريح وبالضرورة وبالدلالة قولاً أو فعلاً، ولما كان
يبين من الحكم المطعون فيه أن المرحوم...... زوج المعتوه........ بالمطعون عليها،
وهو من أقاربه البعيدين، واعتبر الحكم أن الطاعن وهو شقيق المعتوه وولي النكاح
الأقرب قد أجاز عقد الزواج دلالة بحضوره مجلس العقد واستئجاره مسكناً لشقيقه
المذكور بعد الزواج للإقامة فيه مع زوجته وتردده عليهما في ذلك المسكن واستلامه
لشقيقه من والد زوجته وتأخره في رفع الدعوى، ولما كانت هذه الأمور لا تدخل في
مفهوم الإجازة دلالة بمعناها الشرعي إذ لا تحمل أي معنى مشترك من المعاني التي
وضعت لإجازة عقد الزواج وليست شرطاً له ولا ركناً فيه ولا أثراً من آثاره، ولا
يوجد فيها معنى ثابت للإجازة ثبوتاً قطعياً لا يحتمل الشك بل تحتمل أكثر من
احتمال، لأن سكوت ولي النكاح في مجلس عقد زواج محجوره لا يكون رضا إذ يحتمل الرضا
ويحتمل السخط، ولأن تأجير الطاعن مسكناً للمعتوه بعد الزواج وزيارته فيه واستلامه
من والد الزوجة - أمور يباشرها ولي النفس باعتبار أنها من لوازم ولاية الحفظ
ومقتضياتها الواجبة عليه نحو محجوره أو بدافع الشفقة عليه، ولأن مضي المدة مهما
طال أمدها لا يعتبر إجازة للعقد الموقوف، وهو ما يتعين معه حسب النصوص الفقهية ألا
تعتبر هذه الأمور منفردة أو مجتمعة إجازة بطريق الدلالة من الولي الأقرب لعقد زواج
المعتوه وذلك ما لم يكن قد جرى عرف مخالف اعتبرها إجازة بالدلالة، لأن العرف معتبر
إذا عارض نصاً مذهبياً منقولاً عن صاحب المذهب، إذ الجمود على ظاهر المنقول مع ترك
العرف فيه تضييع حقوق كثيرة دون أن يكون في ذلك مخالفة للمذهب، لما كان ذلك وكان
الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، واعتبر الأمور سالفة الذكر بمجردها إجازة
بالدلالة لعقد زواج المعتوه المؤرخ 19/ 7/ 1962 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق
القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق