الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 17 أغسطس 2021

الطعن 21 لسنة 45 ق جلسة 9 / 3 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 أحوال شخصية ق 119 ص 654

جلسة 9 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، وصلاح نصار، وأحمد صلاح الدين وهدان.

------------------

(119)
الطعن رقم 21 سنة 45 القضائية "أحوال شخصية"

 (5 - 1)أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين". بطلان. إثبات.
(1) تغيير الطائفة أو الملة. لا ينتج أثره بمجرد إبداء الرغبة. وجوب الدخول فيها واتباع طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام من الجهة الدينية المختصة.
(2) سلطة الرئيس الديني في التحقق من جدية طلب تغيير الطائفة أو الملة قبل قبولها وإبطاله بعد حصوله. عمل ديني لا قضائي. لا يؤثر فيه صدور القانون 462 لسنة 1955.
(3) إبطال الانضمام للطائفة أو الملة الجديدة. أثره. عودة الشخص إلى الحالة التي كان عليها قبل التغيير. لا يتعارض ذلك مع مبدأ حرية العقيدة.
 (4)إبطال الانضمام للطائفة أو الملة الجديدة. عمل ديني. لمحكمة الموضوع مراقبة الأسباب التي حدت بالجهة الدينية على إبطال الانضمام.
 (5)انقضاء فترة وجيزة بين تغيير الزوج لطائفته وإيقاعه للطلاق قرينة على ثبوت نية التحايل لديه. إبطال الجهة الدينية قرار انضمامه بأثر رجعى. لا خطأ.

---------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة، إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج بمجرد الطلب وإبداء الرغبة، ولكن بعد الدخول فيها وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة.
2 - للرئيس الديني للملة أو الطائفة التي يرغب الشخص في الانضمام إليها أن يتحقق قبل قبول الطلب من جديته وأن يستوثق من صدوره عن نية سليمة، كما أن له أن يبطل الانضمام بعد قبوله ويعتبره كأن لم يكن إذا تبين عدم جديته، اعتبارا بأنه يندرج في صميم الأعمال الدينية الباقية للجهات الكنسية، ولا يعد من قبيل ممارسة أية سلطة قضائية أصبحت هذه الجهات لا تملكها بعد صدور القانون رقم 462 لسنة 1955، ومفاد ذلك أن للجهات الكنيسة سلطة البحث في دوافع وبواعث التغيير لقبول الانضمام إليه بداءه كما أن لها سلطة تتبع مدى سلامة الانضمام بعد حصوله، فلها أن تبطله وتعتبره كأن لم يكن متى استبان لها أن الشخص كان عند انضمامه سيء النية ولم يستهدف من التغيير إلا التحايل على القانون، بحيث يكون سبب البطلان معاصرا لقرار الانضمام وليس لاحقا عليه.
3 - بطلان الانضمام لا يترتب عليه أن يصبح الشخص بلا مذهب أو ملة بل يعتبر باقيا على مذهبه القديم لأن تغييرا لم يحدث فيه، إذ تعترض قواعد البطلان أن يعود الشخص إلى الحالة التي كان عليها قبل حدوث التغيير الباطل أخذا بأن التغيير عمل إرادي من جانب الجهة الدينية الجديدة وحدها، فإذا هي لم تقبل الانضمام أو أبطلته بعد قبوله فلا تفيد النية في العقيدة، فإنه لا تعارض بين سلطة الكنيسة في مسائل التغيير مع مبدأ حرية العقيدة طالما أن الانضمام معقود بإرادتها، وطالما أن هذه السلطة محدودة بمهمتها الدينية دون تدخل مع السلطة الحاكمة.
4 - إنه وأن كان من حق قاضى الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مراقبة الظروف التي حدت بالجهة الدينية على إبطال قرار الانضمام للتحقق من صدوره في نطاق السلطات الكنسية الباقية لها، وأنه مبنى على أساس سوء نية طالب الانضمام منذ تقدم الطلب به، لأنه مسألة تكييف تتعلق بتطبيق القانون على واقعة الدعوى، إلا أن القرار الصادر بالإبطال قرار ديني بحت تستقل الجهة الدينية بإصداره دون أن تقدم حسابا عنه أمام جهات القضاء أو أية سلطة دنيوية، وبهذه المثابة لا يلزم تسبيبه أو تضمينه المبررات المسوغة لإبطال طلب الانضمام واعتباره كأن لم يكن بعد سبق قبوله، بحيث تنحصر رقابة القضاء في أن يستشف من ظروف الدعوى وملابساتها بعد صدور قرار الإبطال ما يعين على الاعتداد به أو اطراحه، لما كان ما تقدم وكان ما أورده الحكم المطعون فيه ينطوي على مخالفة للقانون، ذلك أنه اقتصر على إهدار دلالة قرار إبطال الانضمام بمقولة خلوه من بيان سببه ومبرره، مستندا إلى مخالفة ذلك لحرية العقيدة، وتحجب بذلك عن مراقبه ظروف إبطال القرار توصلا إلى التحقق من صدوره في نطاق الرئاسة الدينية، وأن طالب الانضمام لم يكن يستهدف سوى التحايل على القانون، وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
5 - إذ كان الثابت أن المطعون عليه انضم إلى طائفة الروم الأرثوذكس في 13/ 1/ 1973 وأنه أوقع طلاقه على الزوجة في 18/ 2/ 1973، وأنه يستشف من هذا التقارب بين التاريخيين ظهور نية التحايل لديه الأمر الذى دفع رئاسة الجهة الدينية التي انضم إليها في 16/ 5/ 1973 لإبطال انضمامه بأثر رجعى، في حدود السلطات الباقية لها، فإنه يترتب على ذلك أن تغييرا في طائفته لم يحصل، وبالتالي لا يجوز له إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 138 سنة 1973 "أحوال شخصية" نفس "أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة بطلب الحكم بإثبات طلاقه لها طلقة رجعية أولى. وقال شرحا لها أنه تزوجها وفقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس في 20/ 5/ 1959، ثم انضم إلى طائفة الأرثوذكس في 13/ 1/ 1973، وإذ ظلت الطاعنة على مذهبها وهما يدينان بالطلاق وقد أوقعه عليها بقوله "زوجتي ومدخولتي مصرية ..... طالق منى وهذه أول طلقة رجعية" فقد أقام دعواه. دفعت الطاعنة بعدم سماع الدعوى لأنها كاثوليكية المذهب، كما طلبت رفضها استنادا إلى إن الرئيس الديني لطائفة الروم الأرثوذكس أصدر قرارا في 16/ 5/ 1973 بإلغاء انضمام المطعون عليه إلى الطائفة واعتباره كأن لم يكن. وبتاريخ 16/ 2/ 1974 حكمت المحكمة (أولا) برفض الدفع بعدم سماع الدعوى (ثانيا) برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 26 سنة 91 ق أحوال شخصية "نفس" القاهرة طالبا إلغاءه والحكم له بطلباته. وبتاريخ 18/ 3/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإثبات طلاق المطعون عليه للطاعنة واعتباره طلاقا رجعيا. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيه الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان تقول إن الحكم بنى قضاءه على سند من القول تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بصميم حرية العقيدة، وأن قبول الانضمام بمجرده يوحى بسبق تمحيص الطلب واستيفائه كافة شرائطه ومظاهره الخارجية، بحيث لا يسوغ إلغاؤه بقول يصدر من الرئاسة الدينية بغير تسبيب أو تأويل أو تفسير للعدول عنه، في حين أن من حق الجهة الدينية أن تلغى الانضمام بأثر رجعى ويظل الشخص على مذهبه السابق، هذا إلى أنه لا يحق للمحاكم أن تتجاوز اختصاصها القضائي فتمنح نفسها سلطة الرقابة على الجهات الدينية فيما تصدره من قرارات دينية، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة، إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة، ولكن بعد الدخول فيها وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، مما مقتضاه أن على الرئيس الديني للملة أو الطائفة التي يرغب الشخص في الانضمام إليها أن يتحقق قبل قبول الطلب من جديته وأن يستوثق من صدوره عن نية سليمة كما أن له أن يبطل الانضمام بعد قبوله ويعتبره كأن لم يكن إذا تبين له عدم جديته، اعتبارا بأنه يندرج في صميم الأعمال الدينية الباقية للجهات الكنسية، ولا يعد من قبيل ممارسة أية سلطة قضائية أصبحت هذه الجهات لا تملكها بعد صدور القانون رقم 462 لسنة 1955، وكان مفاد ذلك أن للجهات الكنسية سلطة البحث في دوافع وبواعث التغيير لقبول الانضمام إليها بداءةً، كما أن لها سلطة تتبع مدى سلامة الانضمام بعد حصوله، فلها أن تبطله وتعتبره كأن لم يكن متى استبان لها إن الشخص كان عند انضمامه سيء النية ولم يستهدف من التغيير إلا التحايل على القانون، بحيث يكون سبب البطلان معاصرا لقرار الانضمام وليس لاحقا عليه، وكان بطلان الانضمام لا يترتب عليه أن يصبح الشخص بلا مذهب أو ملة بل يعتبر باقيا على مذهبه القديم لأن تغييرا لم يحدث فيه إذ تفترض قواعد البطلان أن يعود الشخص إلى الحالة التي كان عليها قبل حدوث التغيير الباطل أخذا بأن التغيير عمل إرادي من جانب الجهة الدينية الجديدة وحدها، فإذا هي لم تقبل الانضمام أو أبطلته بعد قبوله فلا تغيير البتة في العقيدة، فإنه لا تعارض بين سلطة الكنيسة في مسائل التغيير مع مبدأ حرية العقيدة طالما أن الانضمام معقود بإرادتها، وطالما أن هذه السلطة محدودة بهيمنتها الدينية دون تدخل مع السلطة الحاكمة. لما كان ذلك فإنه وإن كان من حق قاضى الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مراقبة الظروف التي حدت الجهة الدينية على إبطال قرار الانضمام للتحقق من صدوره في نطاق السلطات الكنسية الباقية لها، وأنه مبنى على أساس سوء نية طالب الانضمام منذ تقدم الطلب به، لأنه مسألة تكييف تتعلق بتطبيق القانون على واقعة الدعوى، إلا أن القرار الصادر بالإبطال قرار ديني بحت على ما سلف بيانه تستقل الجهة الدينية بإصداره دون أن تقدم حسابا عنه أمام جهات القضاء أو أية سلطة دنيوية، وبهذه المثابة لا يلزم تسبيبه أو تضمينه المبررات المسوغة لإبطال طلب الانضمام واعتباره كأن لم يكن بعد سبق قبوله، بحيث تنحصر رقابة القضاء في أن يستشف من ظروف الدعوى وملابساتها بعد صدور قرار الإبطال ما يعين على الاعتداد به أو إطراحه، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله "... فإنه بفرض سلامة هذه الشهادة فإنها لا تتقيد بها ذلك. (أولا) بأنه لم يثبت لدى المحكمة سبب يدعو إلى إصدارها فقد خلت مما يشير إلى سبب مؤد إلى ذلك (ثانيا) فإن من المستقر عليه فقها وقضاء أن تغيير الطائفة أو الملة إنما هو أمر يتصل بصميم حرية العقيدة فهو عمل نفساني بحيث لا يسوغ التدخل فيه لسبر غوره إنما فقط يتعين اتخاذ المظاهر الرسمية الخارجية فإن تم ذلك وصار قبول طلب الانضمام فإن مجرد هذا القبول ما يوحى إلى سبق تمحيص الطلب واستيفائه لكافة شرائطه ومظاهره الخارجية بحيث لا يسوغ القول بإلغاء الانضمام بقول يصدر من الرياسة الدينية بغير تسبيب أو تأويل أو تفسير للعدول عن طلب الانضمام وإلغائه، فالأمور المتعلقة بالعقيدة الدينية لا تؤخذ بهذا الهوان لما يترتب على ذلك من نتائج في غاية الخطورة ولمساسها بحرية العقيدة وهى أمر نفساني وشخصي بحت، فإن هذا الذى خلص إليه الحكم ينطوي على مخالفة للقانون، ذلك أنه اقتصر على إهدار دلالة قرار إبطال الانضمام بمقولة خلوه من بيان سببه ومبرره مستندا إلى مخالفة ذلك لحرية العقيدة، وتحجب بذلك عن مراقبة ظروف إبطال القرار توصلا إلى التحقق من صدوره في نطاق الرئاسة الدينية المشار إليها فيما سلف، وأن طالب الانضمام لم يكن يستهدف سوى التحايل على القانون، وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل ولما تقدم، ولما كان الثابت أن المطعون عليه انضم إلى طائفة الروم الأرثوذكس في 13/ 1/ 1973 وأنه أوقع طلاقه على الطاعنة في 18/ 2/ 1973، وأنه يستشف من هذا التقارب بين التاريخين ظهور نية التحايل لديه الأمر الذى دفع رئاسة الجهة الدينية التي انضم إليها في 16/ 5/ 1973 لإبطال انضمامه بأثر رجعى، في حدود السلطات الباقية لها، فإنه يترتب أن تغييرا في طائفته لم يحصل وبالتالي لا يجوز له إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق