الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 19 أغسطس 2021

الطعن 21 لسنة 44 ق جلسة 7/ 4 /1976 مكتب فني 27 ج 1 أحوال شخصية ق 170 ص 895

جلسة 7 من إبريل 1976

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين محمد محمد المهدي وسعد الشاذلي والدكتور عبد الرحمن عياد ومحمد الباجوري.

-----------

(170)
الطعن رقم 21 لسنة 44 ق أحوال شخصية

( 1 و2) أحوال شخصية "نسب" إرث. دعوى. قوة الأمر المقضي. دفوع.
 (1)حكم المحكمة الشرعية بمنع التعرض في التركة تأسيساً على ثبوت الإرث المبني على النسب. حكم موضوعي بالوراثة. تقرير هذه المحكمة بشطب دفع المدعى عليه بعدم سماع الدعوى قضاؤها غيابياً بعدم التعرض دون بحث نسبه. غير مانع من نظر دعواه الراهنة بالوراثة وثبوت نسبه.
 (2)الدفع في اصطلاح الفقهاء. ماهيته. أثره.
 (3)دعوى "شطب الدعوى".
شطب الدعوى لا يلغيها ولا يزيل إجراءاتها أو الآثار المترتبة عليها. مؤداه. استبعاد الدعوى من الجدول مع جواز معاودة السير فيها. م 112 من اللائحة الشرعية قبل إلغائه.
(4) أحوال شخصية "نسب". دعوى "عدم سماع الدعوى".
دعوى الإقرار بالنسب أو الشهادة على الإقرار به. سماعها عند الإنكار بعد وفاة المورث المنسوب له الإقرار. شرطه. وجود مسوغ كتابي دال على صحتها. دعوى النسب التي لا تعتمد على الإقرار. لثبوتها بالفراش أو البينة.
 (5)أحوال شخصية "نسب. زواج". إرث. إثبات.
إثبات البنوة كسبب للإرث. لا يخضع لما ورد في المادة 99 من اللائحة الشرعية من قيد على سماع دعوى الزوجية ولو كان النسب مبناه الزوجية الصحيحة. إثبات البنوة. سبب الإرث بالبينة. جائز قانوناً.
 (6)نقض "السبب الجديد" أحوال شخصية.
دفاع يقوم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز التحدي به أمام محكمة النقض لأول مرة. مثال في دعوى نسب.

--------------
1 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة (1) - أن الحكم الصادر من المحكمة الشرعية بمنع التعرض في التركة إذا كان مؤسساً على ما قضى به من ثبوت الإرث المبني على النسب يعتبر حكماً موضوعياً بالوراثة، إلا أنه يتعين للقول بأن هذا الحكم يمنع من إعادة نظر النزاع في دعوى جديدة أن تكون المسألة المعروضة واحدة في الدعويين، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به في الدعوى الثانية، وينبني على ذلك أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حائز قوة الأمر المقضي. وإذ كان البين من الاطلاع على الحكم - السابق - الصادر من المحكمة الشرعية أن الطاعنة الثانية عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها أقامتها ضد والده المطعون عليه عن نفسها، وبصفتها وصية خصومة عليه منكرة نسب المطعون عليه وطالبة منع التعرض لها في التركة المخلفة عن المتوفى، وقد دفعت الأخيرة الدعوى بعدم السماع لأن المطعون عليه من الورثة ثم تقرر شطب هذا الدفع وقضت المحكمة غيابياً بمنع التعرض، وكان ما أورده الحكم المشار إليه لا ينطوي على مناقشة صريحة أو ضمنية لبحث نسب المطعون عليه من المتوفى بوصفه والده - وهو موضوع الدعوى الراهنة - لأن هذه المسألة كانت مدار الفصل في الدفع الذي أبدته والدة المطعون عليه بصفتها الشخصية وبصفتها وصية خصومة عليه والذي انتهت المحكمة إلى شطب مدعاها فيه دون أن تحسمه أو تدلي فيه برأي، وبذلك فقد تخلف شرط إعمال الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
2 - الدفع في اصطلاح الفقهاء هو دعوى من قبل المدعى عليه أو ممن ينتصب المدعى عليه خصماً عنه يقصد به دفع الخصومة عنه أو إبطال دعوى المدعي بمعنى أن المدعى عليه يصير مدعياً إذا أتى بدفع ويعود المدعي الأول مدعياً ثانياً عند دفع الدفع.
3 - مفاد نص المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955 - إن قرار الشطب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (2) لا يلغي الدعوى ولا يزيل إجراءاتها، وكل ما يؤدي إليه هو استبعاد الدعوى من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها وجواز معاودة السير فيها.
4 - النص في المادة 98 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى الوصية أو الإيصاء أو الرجوع عنها أو العتق أو الإقرار بواحدة منها وكذلك الإقرار بالنسب أو الشهادة على الإقرار به بعد وفاة الموصي أو المعتق أو المورث في الحوادث السابقة على سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الافرنكية إلا إذا وجدت أوراق خالية من شبهة التصنع تدل على صحة الدعوى. وأما الحوادث الواقعة من سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الافرنكية فلا تسمع فيها دعوى ما ذكر بعد وفاة الموصي أو المعتق أو المورث إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاءه كذلك تدلي على ما ذكر" وإن كان يواجه الحالات الواردة به التي يكون الادعاء فيها بعد وفاة المنسوبة إليه الحادثة فيتوقف سماع الدعوى بها على مسوغ كتابي يختلف باختلاف الحوادث السابقة على سنة 1911 وتلك التالية لها، تقديراً من المشرع بأن من يحلون محل المنسوبة إليه الحادثة بعد وفاته قد لا يحسنون الدفاع عن مصالحهم، إلا أنه في خصوص النسب فإن المادة قصرت عدم السماع على حالتي الإقرار به من الشخص المتوفى أو الشهادة على الإقرار، فلا يستطيل إلى الدعوى بالنسب التي لا تعتمد على أي من الحالتين، ويخضع الحكم فيها للقواعد العامة المقررة في الشريعة الإسلامية لخروجها عن ذلك القيد، فيثبت النسب فيها بالفراش حال تحقق شروطه، كما يثبت عند الإنكار بإقامة البينة عليه وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه - في الدعوى بالنسب - أنه حصل من أقوال الشهود ثبوت نسب المطعون عليه لوالده المتوفى بالفراش، فإن ذلك لا ينطوي على خروج على القانون.
5 - متى كانت دعوى المطعون عليه هي دعوى إرث بسبب البنوة، وهي دعوى متميزة عن دعوى إثبات الزوجية أو إثبات أي حق من الحقوق التي تكون الزوجية سبباً مباشراً لها، فإن إثبات البنوة الذي هو سبب الإرث لا يخضع لما أورده المشرع في المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من قيد على سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها، إذ لا تأثير لهذا المنع على دعوى النسب سواء كان النسب مقصوداً لذاته أو كان وسيلة لدعوى المال، فإن هذه الدعوى باقية على حكمها المقرر في الشريعة الإسلامية حتى ولو كان النسب مبناه الزوجية الصحيحة. وإذ كان إثبات البنوة وهي سبب الإرث في النزاع الراهن بالبينة جائزاً قانوناً فلم يكن على الحكم المطعون فيه أن يعرض لغير ما هو مقصود أو مطلوب بالدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام قضاءه بنسب المطعون عليه للمتوفى واستحقاقه الإرث فيه على البينة الشرعية التي اطمأن إليها واستخلصت المحكمة في نطاق سلطانها المطلق من هذه البينة قيام الزوجية الصحيحة بين المتوفى ووالدة المطعون عليه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون يكون في غير محله (3).
6 - القول - في دعوى المطعون عليه بالإرث بسبب البنوة - بأن والدة المطعون عليه كانت زوجاً لآخر وأنها ظلت على عصمته حتى وفاته أو أن قيد المطعون عليه بدفاتر المواليد بأمر من النيابة العامة، هو دفاع يقوم على واقع لم يثبت سبق طرحه على محكمة الموضوع، فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 164 لسنة 1971 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة الزقازيق الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بثبوت وفاة والده المرحوم.... في 23/ 7/ 1940 وأنه من ورثته بوصفه ابناً له ويستحق في تركته خمسة قراريط وستة أسهم من 24 قيراطاً، وقال شرحاً للدعوى أن والده المرحوم.... توفى في التاريخ المذكور. وانحصر إرثه الشرعي في زوجته.... - الطاعنة الثانية - وأولاده منها.... - الطاعنتان الخامسة والسادسة و.... الذي توفى، وزوجته الأخرى.... المتوفاة بعده وأولاده منها.... - الطاعنتان الثالثة والرابعة -.... من زوجة ثالثة هي..... عقد عليها عرفياً، ثم توفى... في سنة 1941 وانحصر إرثه في والدته وأختيه - الطاعنات الثانية والخامسة والسادسة وأخيه لأمه - الطاعن الأول، وإذا ترك والده، ما يورث عنه وأنكر الطاعنون عليه نسبه وامتنعوا عن تسليمه نصيبه في التركة فقد أقام الدعوى. دفع الطاعنون بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 30/ 1942 - 1943 شرعي الزقازيق الابتدائية، حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن...... توفى في - 23/ 7/ 1940 عن زوجتيه...... وأبنائه منهما.... باعتباره ثمرة زواج شرعي صحيح للمتوفى من زوجته...... وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 10/ 2/ 1973 برفض الدفع وثبوت وفاة.... في سنة 1940 وأن المطعون عليه من ورثته بوصفه ابناً له بصحيح النسب الشرعي وأنه يستحق في تركته خمسة قراريط وستة أسهم من أربعة وعشرين قيراطاً تنقسم إليها التركة تعصباً. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 س سنة 16 ق أحوال شخصية "نفس" الزقازيق وفي 21/ 4/ 74 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ويقولون في بيان ذلك إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل في موضوعها بالحكم الصادر في الدعوى الشرعية رقم 30/ 42 - 43 الزقازيق الابتدائية على سند من القول أن الدعوى المذكورة دعوى منع تعرض تختلف عن دعوى الإرث الماثلة وأن نسب المطعون عليه لم يكن محل بحث فيها، كما أن من حق المطعون عليه بعد بلوغه إقامة الدعوى للمطالبة بحق شخصي له، في حين أن دعوى منع التعرض في الشريعة الإسلامية تستصحب المطالبة بالحق بحيث يعتبر القضاء بالمنع فصلاً في الحق يحوز الحجية، وإذ أقيمت الدعوى الشرعية من زوجة المتوفى - الطاعنة الأولى - عن نفسها وبصفتها وصية على ولدها ضد والدة المطعون عليه عن نفسها وبصفتها وصية على ولدها المطعون عليه بشأن منع تعرضها في التركة تأسيساً على عدم استحقاق المطعون عليه الإرث لانتفاء بنوته للمتوفى وقضى عليها فيها بصفتيها فإن الحكم الأول يكون حجة ملزمة للمطعون عليه مما كان يتعين معه قبول الدفع ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الصادر من المحكمة الشرعية بمنع التعرض في التركة إذا كان مؤسساً على ما قضى به من ثبوت الإرث المبني على النسب يعتبر حكماً موضوعياً بالوراثة، إلا أنه يتعين للقول بأن هذا الحكم يمنع من إعادة نظر النزاع في دعوى جديدة أن تكون المسألة المعروضة واحدة في الدعويين وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به بالدعوى الثانية، وينبني على ذلك أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حائز قوة الأمر المقضي ولما كان البين من الاطلاع على الحكم الصادر من محكمة الزقازيق الابتدائية الشرعية بتاريخ 9/ 5/ 1945 في الدعوى رقم 30/ 1942 - 1943 أن الطاعنة الثانية عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها أقامتها ضد والدة المطعون عليه عن نفسها وبصفتها وصية خصومة عليه منكرة نسب المطعون عليه وطالبة منع التعرض لها في التركة المخلفة عن المتوفى، وقد دفعت الأخيرة الدعوى بعدم السماع لأن المطعون عليه من الورثة ثم تقرر شطب هذا الدفع وقضت المحكمة غيابياً بمنع التعرض، لما كان ذلك وكان الدفع في اصطلاح الفقهاء هو دعوى من قبل المدعى عليه أو ممن ينتصب المدعى عليه خصماً عنه يقصد به دفع الخصومة عنه أو إبطال دعوى المدعي بمعنى أن المدعى عليه يصير مدعياً إذا أتى بدفع ويعود المدعي الأول مدعياً ثانياً عند دفع الدفع، وكان النص في المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 - قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955 - والتي كان معمولاً بها عند صدور حكم المحكمة الشرعية آنف الذكر على أن "قرار شطب الدعوى لا يسقط حقاً يكتسبه المدعي بإعلانها لخصمه كقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى أو حفظ الحق في مدة الاستئناف أو المعارضة..." يفيد أن قرار الشطب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يلغي الدعوى ولا يزيل إجراءاتها، وكل ما يؤدي إليه هو استبعاد الدعوى من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها وجواز معاودة السير فيها، فإن ما أورده الحكم الصادر من محكمة الزقازيق الابتدائية الشرعية المشار إليه من أن "المدعية - الطاعنة الثانية - ادعت دعواها وطلبت ما طلبته فيها على الوجه المبين بالوقائع وقدمت الأوراق الرسمية المبينة مسوغاً لسماع دعواها. وبما أن المدعى عليها - والدة المطعون عليه - دفعت الدعوى بما تقرر شطبه؛ وبما أن المدعية أثبتت دعواها بالأوراق الرسمية وبالبينة الشرعية فيتعين حينئذ الحكم لها بما طلبت..." لا ينطوي على مناقشة صريحة أو ضمنية لبحث نسب المطعون عليه من المتوفى بوصفه والده - وهو موضوع الدعوى الراهنة - لأن هذه المسألة كانت مدار الفصل في الدفع الذي أبدته والدة المطعون عليه بصفتها الشخصية وصية خصومه عليه والذي انتهت المحكمة إلى شطب مدعاها فيه دون أن تحسمه أو تدلي فيه برأي، وبذلك فقد تخلف شرط إعمال الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم استند في قضائه بثبوت نسب المطعون عليه إلى البينة، في حين أن شرط ذلك أن يكون المنسوب إليه على قيد الحياة، فإن كان المراد الانتساب إليه ميتاً كما هو الحال في واقع الدعوى فلا بد من وجود المسوغ الكتابي الذي تتطلبه المادة 98 من اللائحة الشرعية.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 98 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى الوصية أو الإيصاء أو الرجوع عنها أو العتق أو الإقرار بواحد منها وكذلك الإقرار بالنسب أو الشهادة على الإقرار به بعد وفاة الموصي أو المعتق أو المورث في الحوادث السابقة على سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الأفرنكية إلا إذا وجدت أوراق خالية من شبهة التصنع تدل على صحة الدعوى. وأما الحوادث الواقعة من سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الأفرنكية فلا تسمع فيها دعوى ما ذكر بعد وفاة الموصي أو المعتق أو المورث إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاءه كذلك تدل على ما ذكر" وإن كان يواجه الحالات الواردة به التي يكون الادعاء فيها بعد وفاة المنسوبة إليه الحادثة فيتوقف سماع الدعوى بها على مسوغ كتابي يختلف باختلاف الحوادث السابقة على سنة 1911 وتلك التالية لها، تقديراً من المشرع بأن من يحلون محل المنسوبة إليه الحادثة بعد وفاته قد لا يحسنون الدفع عن مصالحهم، إلا أنه في خصوص النسب فإن المادة قصرت عدم السماع على حالتي الإقرار به من الشخص المتوفى أو الشهادة على الإقرار، فلا يستطيل إلى الدعوى بالنسب التي لا تعتمد على أي من الحالتين، ويخضع الحكم فيها للقواعد العامة المقررة في الشريعة الإسلامية لخروجها عن ذلك القيد، فيثبت النسب فيها بالفراش حال تحقق شروطه، كما يثبت عند الإنكار بإقامة البينة عليه. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه حصل من أقوال الشهود ثبوت نسب المطعون عليه لوالده المتوفى بالفراش، وكان ذلك لا ينطوي على خروج على القانون فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ويقولون في بيان ذلك إن الحكم اعتد بأقوال شهود المطعون عليه وانتهى إلى زواج والدة المطعون عليه بالمورث بعقد عرفي وأن نسبه ثابت بالفراش، في حين أن الثابت أن والدة المطعون عليه تزوجت من آخر بوثيقة رسمية مؤرخة 18/ 8/ 1918 ولم يثبت طلاقها منه حتى يصح أن تكون زوجاً للمورث، فيكون إثبات طلاق والدة المطعون عليه من زوجها المشار إليه وزواجها بوالد المطعون عليه لا يمكن الركون فيه إلى أقوال الشهود بالتطبيق للمادة 99 من اللائحة الشرعية، هذا وقد اعتبر الحكم شهادة الميلاد حجة في إثبات النسب في حين أنها لا تعتبر دليلاً عليه خاصة وأن قيد المطعون عليه بدفاتر المواليد ثم بناء على طلب والدته وبأمر من النيابة العامة وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت دعوى المطعون عليه هي دعوى إرث بسبب البنوة، وهي متميزة عن دعوى إثبات الزوجية أو إثبات أي حق من الحقوق التي تكون الزوجية سبباً مباشراً لها، فإن إثبات البنوة الذي هو سبب الإرث لا يخضع لما أورده المشرع في المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من قيد على سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها، إذ لا تأثير لهذا المنع من السماع على دعوى النسب سواء كان النسب مقصود لذاته أو كان وسيلة لدعوى المال، فإن هذه الدعوى باقية على حكمها المقرر في الشريعة الإسلامية حتى ولو كان النسب مبناه الزوجية الصحيحة ولما كان إثبات البنوة هي سبب الإرث في النزاع الراهن بالبينة جائزاً فلم يكن على الحكم المطعون فيه أن يعرض لغير ما هو مقصود أو مطلوب بالدعوى، لما كان ذلك وكان الحكم قد أقام قضائه بنسب المطعون عليه للمتوفى واستحقاقه الإرث فيه على البينة الشرعية التي اطمأن إليها، واستخلصت المحكمة في نطاق سلطانها المطلق من هذه البينة قيام الزوجية الصحيحة بين المتوفى ووالدة المطعون عليه، وكان القول بأن والدة المطعون عليه كانت زوجاً لآخر وإنها ظلت في عصمته حتى وفاته أو أن قيد المطعون عليه بدفاتر المواليد تم بأمر من النيابة العامة هو دفاع يقوم على واقع لم يثبت سبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس.


 (1) نقض 21/ 5/ 1936 مجموعة القواعد القانونية في 25 عاماً - قاعدة 14 ص 1000.
 (2) نقض 20/ 1/ 1958 مجموعة القواعد القانونية الجزء الثالث - قاعدة 41 ص 397.
 (3) راجع نقض 5/ 5/ 1960 مجموعة المكتب الفني السنة 11 ص 383.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق