جلسة 19 من يناير سنة 1977
برياسة السيد المستشار
محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى،
والدكتور عبد الرحمن عباد، وصلاح نصار، وأحمد صلاح الدين وهدان.
-----------------
(58)
الطعن رقم 7 لسنة 42 ق
"أحوال شخصية"
(1)دعوى
"التدخل". نقض. "الخصوم في الطعن".
إطراح محكمة الاستئناف
طلب التدخل. مؤداه. عدم اعتبار طالب التدخل خصما في الدعوى. اختصامه في الطعن
بالنقض. غير مقبول. عدم جواز التدخل لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2)قانون. نظام عام.
استبعاد تطبيق أحكام
القانون الأجنبي. مناطه. مخالفتها للنظام العام أو الآداب.
(3) وصية. نظام عام أحوال شخصية.
المنع من التصرف. م 823
مدنى. شروط صحته. الباعث المشروع والمدة المؤقتة. مثال في وصية.
(4)وصية. قانون. نظام عام.
الوصية بالمنافع. جائزة
في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي. اختلاف أحكام القانون الأجنبي عن أحكام
القانون الوطني في شأن القدر الجائز الإيصاء به وطريقة الانتفاع وترتيب الموصى
لهم. لا مخالفة في ذلك للنظام العام.
(5)وقف. وصية. عقد.
الادعاء بأن نية الموصى
قد انصرفت إلى إنشاء وقف لا وصية. لا محل له طالما ثبت انتفاء التأييد للشرط
المانع من التصرف.
(6)وصية. دعوى "المصلحة".
طلب إبطال استنادا إلى
تعذر تنفيذ الرغبة التالية للموصي بعد وفاة الموصى لها نعى سابق لأوانه. غير مقبول.
(7)قانون. إثبات. وصية.
الاستناد إلى قانون أجنبي.
مجرد واقعة مادية. على الخصوم إقامة الدليل عليه. مثال بشأن إبطال وصية.
---------------
1 - إذ كان الثابت من
مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأخير طلب قبول تدخله أمام محكمة
الاستئناف وإزاء عدم إعلانه طلبه للغائب من الخصوم فقد أطرحته المحكمة، مما مفاده
أنها لم تقبل تدخله ولا يعتبر طرفا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه،
ولما كان لا يجوز التدخل لأول مرة أمام محكمة النقض كما لا يجوز أمامها اختصام من
لم يكن طرفا في الخصومة أمام المحكمة الاستئنافية فإن اختصام المطعون عليه السادس
يكون غير مقبول.
2 - المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أنه لا يجوز استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجبة التطبيق وفقا للمادة
28 من القانون المدني إلا أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو الآداب في مصر
بأن تمس كيان الدولة أو تتعلق بمصلحة عامة وأساسية للجماعة.
3 - المادة 823 من
القانون المدني لا تبيح اشتراط حظر التصرف إلا لمدة مؤقتة وبناء على باعث مشروع،
وهى الحدود التي أباح المشرع في نطاقها الخروج على مبدأ حرية تداول الأموال، وقد
استخلص الحكم - المطعون فيه - من عبارات الوصية وفى استدلال سائغ أن الباعث على
حظر التصرف الموقوت بحياة الموصى إليها هو حمايتها وتحقيق مصلحتها بما لا خروج فيه
على قواعد النظام العام، ومن ثم فإن هذا الذى انتهى إليه الحكم لا ينطوي على خطأ
في تطبيق القانون.
4 - الوصية بالمنافع
جائزة في الشريعة الإسلامية باتفاق الأئمة الأربعة، وتعتبر صحيحة وفقا لأحكام
القانون المدني وقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946، ولا يدخل في نطاق مخالفة النظام
العام مجرد اختلاف أحكام القانون الأجنبي عن أحكام القانون الوطني في تحديد القدر
الذى تجوز فيه الوصية لغير المسلمين أو طريقة الانتفاع بالموصي به، أو ترتيب
الموصى لهم بحق الانتفاع.
5 - إذ كانت محكمة
الموضوع قد دللت وبأسباب تكفى لحمل قضائها وفى حدود سلطتها لتقدير الدليل على
توافر عناصر الوصية، وكان ما تدعيه الطاعنة من انصراف نية الموصى إلى إنشاء وقف لا
وصية يتنافى مع انتفاء التأييد، فإن النعي يكون على غير أساس.
6 - إذ كان القول بتعذر
رغبة الموصى بعلاج فقراء الطائفة اليهودية - في المستشفى الإسرائيلي بعد أن آلت
ملكيتها إلى القوات المسلحة - لا يصادف محلا إلا بعد وفاة الطاعنة والبدء في تنفيذ
الشق الثاني من الوصية، فإن التذرع بسبب النعي يكون سابقا لأوانه.
7 - إذ كانت الطاعنة لم
تقدم السند الذى يبيح لها طلب إبطال الوصية من نصوص القانون الإسباني عملا بالمادة
17 من القانون المدني، وكان الاستناد إلى قانون أجنبي - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - لا يعدو أن يكون مجرد واقعة مادية وهو ما يوجب على الخصوم إقامة الدليل
عليه، فإن النعي لا يكون مقبولا.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى
رقم 99 سنة 1965 "أحوال شخصية" أجانب أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد
المطعون عليهم الخمسة الأول بطلب الحكم ببطلان الوصية المحررة من زوجها
المرحوم...... بتاريخ 30/ 11/ 1940 بالقنصلية الإسبانية بالقاهرة وبإلغائها
وبأحقيتها لكامل تركته ميراثا، وقالت شرحا لها إنها تزوجت من......... الإسباني
الجنسية المتوفى بتاريخ 1/ 8/ 1952، عن تركة موجودة في مصر تتمثل في أسهم وسندات
وأموال مودعة بالبنوك، عدا فيلا كائنة بالمعادي وكان قد حرر وصية مؤرخة 30/ 11/
1940 مودعة بالقنصلية الإسبانية بالقاهرة تضمنت إيصاءه لها بحق الانتفاع بجميع
أمواله الكائنة بمصر أو بالخارج طيلة حياتها طالما لم تتزوج، وعين المطعون عليه
الرابع وآخر منفذين لوصيته وخول لهما إدارة أمواله والحق في بيع ممتلكاته
واستبدالها وتصفية محلاته التجارية، على أن تؤول ثروته عند زواجها أو عقب وفاتها
إلى المستشفى الإسرائيلي بمصر الذى حل محله مستشفى القوات المسلحة المطعون عليه
الخامس على أن يكون لها حق الانتفاع فقط بقصد توفير العلاج مجانا لفقراء الطائفة
الإسرائيلية وإذ تضمنت الوصية المنع من التصرف في الأموال الموصى بها على وجه
التأييد خلافا للقانون المصري، وتعذر تنفيذ رغبة الموصى حال وفاة زوجته بسبب
أيلولة المستشفى الإسرائيلي إلى القوات المسلحة، فقد أقامت دعواها بطلبها سالف
البيان. وبتاريخ 27 يناير سنة 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا
الحكم بالاستئناف رقم 6 سنة 87 ق أحوال شخصية أجانب القاهرة طالبة إلغاءه والقضاء
لها بطلباتها. وبتاريخ 12/ 2/ 1973 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت
الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول
الطعن بالنسبة للمطعون علية السادس، وأبدت الرأي في الموضوع برفض الطعن، وعرض
الطعن على هذه المحكمة في غرفه مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت
النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من
النيابة في محله، ذلك أنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون
عليه الأخير - مدير جمعية المستشفى الإسرائيلي - طلب قبول تدخله أمام محكمة
الاستئناف، وإزاء عدم إعلانه طلبه للغائب من الخصوم فقد أطرحته المحكمة، مما مفاده
أنها لم تقبل تدخله ولا يعتبر طرفا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه،
ولما كان لا يجوز التدخل لأول مرة أمام محكمة النقض كما لا يجوز أمامها اختصام من
لم يكن طرفا في الخصومة أمام المحكمة الاستئنافية فإن اختصام المطعون عليه السادس
يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن - فيما عدا
ذلك - قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بنى على
سببين؛ تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بأنه
ليس في بنود الوصية التي جاءت متسقة شكلا وموضوعا مع أحكام القانون الإسباني ما
يتعارض تعارضا أساسيا مع قواعد النظام العام المقررة في القانون المصري في معنى
المادة 28 من القانون المدني، في حين أنه لما كانت التركة التي خلفها الموصى
موجودة في مصر ويسرى عليها القانون المصري بالتطبيق للمادة 18 من القانون المدني،
وكان المقصود من ظاهر الوصية هو الوقف وكيانه حبس الأعيان عن التمليك والتصرف
بالمنفعة، وكان الموصى لم يلتزم الشكل المقرر في مصر لإنشاء الوقف. بالإضافة إلى
أنه خلق عن طريق الإيصاء حقوفا وتكاليف عينية لا يقرها قانون موقع المال، ومن
بينها شرط المنع من التصرف بصورة أبدية، وكان لا يناهض بطلان الوصية أن تكون صحيحة
وفقا لأحكام القانون الإسباني، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود ذلك
أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز استبعاد أحكام القانون الأجنبي
الواجبة التطبيق وفقا للمادة 28 من القانون المدني إلا أن تكون هذه الأحكام مخالفة
للنظام العام أو الآداب في مصر بأن تمس كيان الدولة أو تتعلق بمصلحة عامة وأساسية
للجماعة، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أورد في هذا الخصوص
قوله "...... يبين من مطالعة الوصية موضوع التداعي أنه قد توافر في شأنها
الباعث للمشروع والمدة المعقولة على نحو ما نصت عليه المادة 823 من القانون المدني
المصري، ذلك أن الموصى قد هدف من وصيته على نحو ما يخلص منها - إلى أن يكفل لزوجته
مستوى معينا من المعيشة طالما عاشت منفذة لرغباته وهو لا شك أمر مشروع كما أن علاج
فقراء اليهود يعتبر أيضا من قبيل الباعث المشروع، ومن ناحية أخرى فإن شرط المدة قد
توافر بدوره وهو الأمر المستفاد من سماح الموصى يبيع بعض أملاكه وتصفية محلاته
لضمان الإيراد الذى يكفل لزوجته المدعية - الطاعنة - بما ينبئ أنه لم يقصد مطلقا
حبس أموله عن التصرف. فإن هذا الذى انتهى إليه الحكم لا ينطوي على خطأ في تطبيق
القانون، ذلك أن المادة 823 من القانون المدني لا تبيح اشتراط حظر التصرف إلا لمدة
مؤقتة وبناء على باعث مشروع، وهى الحدود التي أباح المشرع في نطاقها الخروج على
مبدأ حرية تداول الأموال، وقد استخلص الحكم من عبارات الوصية وفى استدلال سائغ أن
الباعث على حظر التصرف الموقوف بحيازة الموصى إليها هو حمايتها وتحقيق مصلحتها بما
لا خروج فيه على قواعد النظام العام. لما كان ذلك وكانت الوصية بالمنافع جائزة في الشريعة
الإسلامية باتفاق الأئمة الأربعة، وتعتبر صحيحة وفقا لأحكام القانون المدني وقانون
الوصية رقم 71 سنة 1946، وكان لا يدخل في نطاق مخالفة النظام العام مجرد اختلاف
أحكام القانون الأجنبي عن أحكام القانون الوطني في تحديد القدر الذى تجوز فيه
الوصية لغير المسلمين، أو طريقة الانتفاع بالموصي به، أو ترتيب الموصى لهم بحق
الانتفاع، وكانت محكمة الموضع قد دللت وبأسباب تكفى لحمل قضائها، وفى حدود سلطتها
لتقدير الدليل على توافر عناصر الوصية، وكان ما تدعيه الطاعنة من انصراف نية الوصي
إلى إنشاء وقف لا وصية يتنافى مع انتفاء التأبيد على ما سلف بيانه، فإن النعي يكون
على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي
بالسبب الثاني الفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون
فيه قرر أن الأوراق خلت مما يفيد تعذر تنفيذ رغبة الموصى في علاج فقراء اليهود
بمستشفى القوات المسلحة بعد وفاتها متجاهلا أنه مستحيل حصوله، الأمر الذى يجعل لها
حقا في إبطال الوصية.
وحيث إن النعي غير مقبول،
ذلك أنه لما كان القول يتعذر تنفيذ رغبة الموصى بعلاج فقراء الطائفة اليهودية لا
يصادف محلا إلا بعد وفاة الطاعنة والبدء في تنفيذ الشق الثاني من الوصية، ومن ثم
فإن التذرع بسبب النعي يكون سابقا لأوانه. لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تقدم
السند الذى يبيح لها طلب إبطال الوصية لهذا السبب من نصوص القانون الإسباني عملا
بالمادة 17 من القانون المدني، وكان الاستناد إلى قانون أجنبي - وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة - لا يعدو أن يكون مجرد واقعة مادية وهو ما يوجب على الخصوم
إقامة الدليل عليه، فإن النعي على أى وجه لا يكون مقبولا.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق