جلسة 8 من يناير سنة 1953
برياسة حضرة الأستاذ أحمد
حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد ومصطفى فاضل
وعبد العزيز سليمان المستشارين.
-----------
(50)
القضية رقم 3 سنة 22
"أحوال شخصية"
)أ
) نقض. أحوال شخصية. إجراءات الطعن.
عدم وجود نص في القانون
يوجب إعلان المطعون عليه بنص الأمر الصادر من رئيس المحكمة بتعيين الأشخاص الذين
يعلنون بالطعن وبتحديد أجل تقديم دفاعهم ومستنداتهم. يكفي أن يشمل الإعلان مضمون
الأمر دون نصه. المادة 882 مرافعات.
)ب) نقض. أحوال شخصية.
إجراءات الطعن.
إعلان ملخص طلبات المدعي
إلى المدعى عليه. قلم الكتاب هو المنوط بهذا الإجراء دون المدعي. سريان هذه
القاعدة على الطعن بطريق النقض. المادة 870 مرافعات.
)جـ) طلاق. إثبات.
خطابات متبادلة بين أحد
الزوجين وشخص أجنبي. شرط قبولها كدليل في الإثبات في دعوى طلاق بين فرنسيين.
القانون الذي يحكم العلاقة بين الطرفين هو الذي يحدد ما إذا كان دليل الإثبات في
الدعوى مقبولاً أم غير مقبول. مثال. حكم قضى بالطلاق بين فرنسيين استناداً إلى مذكرات
وخطابات متبادلة بين الزوجة والغير. تمسك الزوجة بعدم قبول هذه المحررات كدليل في
الدعوى لحصول الزوج عليها بطريق السرقة. إطراح المحكمة هذا الدفع وقبولها المحررات
كدليل في الإثبات دون تمحيص دفاع الزوجة. خطأ في تطبيق القانون.
------------------
1 - إن المادة 882 من
قانون المرافعات الخاصة بإجراءات الطعن بطريق النقض في مسائل الأحوال الشخصية لا
توجب إعلان المطعون عليه بنص الأمر الصادر من رئيس المحكمة بتعيين الأشخاص الذين
يعلنون بالطعن وبتحديد أجل تقديم دفاعهم ومستنداتهم كما لا يوجب ذلك أي نص آخر في
القانون، ومن ثم فإنه يكفي أن يشتمل الإعلان الحاصل للمطعون عليه على مضمون هذا
الأمر دون نصه.
2 - إن المادة 870 من
قانون المرافعات ناطت بقلم الكتاب دون المدعي إعلان ملخص طلباته المتعلقة بمسائل
الأحوال الشخصية إلى المدعى عليه. وحكم هذه المادة عام يسري على جميع الطلبات التي
تقدم إلى محاكم الأحوال الشخصية على اختلاف درجاتها سواء أكانت دعاوى مبتدئة أم
طعوناً، ومن ثم يكون الإعلان الحاصل بناء على طلب قلم كتاب محكمة النقض هو إعلان
صحيح.
3 - لما كان يبين من
الحكم أنه أقام قضاءه بتطليق الطاعنة من المطعون عليه على ما ورد في مذكرات
الطاعنة وخطاباتها رغم ما أثبته من أنها طلبت رفض الدعوى ودفعت بعدم قبول الخطابات
والمذكرات كدليل إثبات فيها لحصول الزوج عليها من طريق غير مشروع وهو السرقة بأن
كسر في غيبتها الدرج المخصص لها، وكان الحكم إذ أطرح هذا الدفع قد قرر "بأنه
مهما يكن من أمر تلك الرسائل والمفكرات والطريقة التي قيل أن المدعي (المطعون
عليه) حصل بها عليها فإنها كدليل إثبات لها قيمتها في مثل هذا النزاع"، وكان
هذا الذي قاله الحكم يخالف ما استقر عليه الفقه والقضاء في فرنسا من أن الخطابات
الخاصة المتبادلة بين الزوج والغير وإن كانت بحسب الأصل لا يجوز التمسك بها إلا
بإذن المرسل إليه فإنه في دعوى الزنا أو دعوى الطلاق أو التفريق يجوز استثناء
للمدعي من الزوجين أن يتمسك بها في الإثبات بشرط أن يكون قد حصل عليها بطريق
مشروع، ولما كان طرفا الدعوى فرنسيين والقانون الواجب التطبيق في هذا الخصوص هو
القانون الفرنسي سواء فيما يتعلق بموضوع الدعوى أو الدليل المقبول فيها، وكان ما
قرره الحكم من قبول هذه الخطابات والمفكرات كدليل إثبات أياً كانت الوسيلة التي
حصل بها الزوج عليها مع تمسك الزوجة بأن حصوله عليها كان بطريق السرقة هو تقرير
غير صحيح انبنى عليه القضاء في الدعوى، وكان الواجب على المحكمة تمحيص دفاع
الطاعنة لتقول ما إذا كانت وسيلة الزوج في الحصول على هذه المحررات مشروعة فتقبلها
كدليل في الإثبات أم غير مشروعة فلا تقبلها ثم تؤسس حكمها على ما يظهر لها من
نتيجة هذا الفحص، لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه.
الوقائع
في يوم 18 من مايو سنة
1952 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف المنصورة الصادر في 7 من مايو سنة 1952
في الاستئناف رقم 2 سنة 3 ق أحوال شخصية وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول
الطعن شكلاً وفي الموضوع الحكم أصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي
ورفض دعوى المطعون عليه وإلزامه بمصروفات الدرجتين، واحتياطياً إذا قضي بالطلاق أن
يكون ذلك على مسئولية المطعون عليه مع إلزامه بالنفقة وحضانة القاصر لها ومصروفات
الدرجتين، ومن باب الاحتياط الكلي إحالة القضية برمتها على دائرة أخرى للفصل فيها
مجدداً مع إلزام المطعون عليه في كلا الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة -
وفي نفس اليوم أودعت الطاعنة صورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح
أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 19 من مايو سنة 1952 عرضت أوراق الطعن على
حضرة رئيس المحكمة فأمر بإعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليه وحدد له خمسة عشر
يوماً من تاريخ إعلانه لإيداع مذكرة بدفاعه مشفوعة بالمستندات التي يرى تقديمها.
وفي 29 من مايو سنة 1952 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن - وفي 2 من يونيه سنة
1952 أودع بالملف أصل ورقة إعلان الطعن - وفي 12 من يونيه سنة 1952 أودع المطعون
عليه مذكورة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها أصلياً الحكم ببطلان إعلان تقرير
الطعن تطبيقاً للمواد 10 و24 و882 من قانون المرافعات وعدم قبول الطعن شكلاً
واحتياطياً برفض الطعن مع إلزام الطاعنة في الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب
المحاماة. وفي 29 من يونيه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول
الطعن شكلاًً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وبجلسة 25 من ديسمبر سنة
1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعنة والمطعون
عليه والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامين عن الطرفين والنيابة العامة
وبعد المداولة.
حيث إن المطعون عليه دفع
بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن إعلانه بالتقرير جاء خالياً من البيانات
الجوهرية التي نص عليها القانون إذ لم يشتمل على نص الأمر الصادر من رئيس المحكمة
بتعيين من يعلن بالطعن وتحديد الأجل اللازم لتقديم الدفاع والمستندات وكان إعلانه
بناء على طلب كبير كتاب محكمة النقض بصورة من وجه حافظة الطاعنة مشفوعة بورقة
تقرير الطعن والمذكرة الشارحة مع أن صاحبة الصفة في الإعلان هي الطاعنة نفسها إذ
تنحصر مأمورية كبير الكتاب في إعلان الخصوم بتاريخ الجلسة المحددة قبل انعقادها
بثمانية أيام وذلك بعد انتهاء الأجل الذي حدده رئيس المحكمة لتقديم الدفاع
والمستندات. ومن حيث إن هذا الدفع مردود أولاً بأنه لا المادة 882 من قانون
المرافعات الخاصة بإجراءات الطعن بطريق النقض في مسائل الأحوال الشخصية ولا أي نص
في القانون يوجب إعلان المطعون عليه بنص الأمر الصادر من رئيس المحكمة بتعيين
الأشخاص الذين يعلنون بالطعن وبتحديد أجل تقديم دفاعهم ومستنداتهم فيكفي أن يشتمل
الإعلان الحاصل للمطعون عليه على مضمون هذا الأمر دون نصه كما هو الحال في الدعوى
- وثانياً إن المادة 870 من القانون السالف الذكر ناطت بقلم الكتاب دون المدعي
إعلان ملخص طلباته المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية إلى المدعى عليه فيها، وحكم
هذه المادة عام يسري على جميع الطلبات التي تقدم إلى محاكم الأحوال الشخصية على
اختلاف درجاتها سواء أكانت دعاوى مبتدئة أم طعوناً ومن ثم يكون الإعلان الحاصل
بناء على طلب قلم الكتاب هو إعلان صحيح. ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوصافه
الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما
يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام
الدعوى على الطاعنة أمام محكمة القنصلية الفرنسية بصحيفة أعلنها في 8 من مارس سنة
1947 ذكر فيها أنه تزوج من الطاعنة في 19 من سبتمبر سنة 1928 زواجاً مدنياً وعقب
منها ولدين ثم التحق بالقوات الفرنسية المحاربة في سوريا وسافر وحده ولما عاد عثر
على مخطوطات صادرة من الطاعنة ورسائل تحتفظ بها في درج مشترك لهما تشير إلى وجود
علاقات بينها وبين رجلين معينين تتنافى في واجبات الزوجة فأبلغ البوليس وكلف
أشخاصاً بمراقبتها فتبين له أنها كانت تسافر لغير سبب ظاهر ولا تعود إلى مسكنها أحياناً
إلا قبيل الصباح ورماها بالزنا وطلب الحكم بطلاقها منه بخطئها وتقصيرها وحضانته
لولديه منها وتصفية المال المشترك - ودفعت الطاعنة الدعوى بأنها لم تصحب المطعون
عليه إلى سوريا حتى تقوم بوفاء الديون التي خلفها وأما عن صلتها بالشخصين فقالت إن
صلتها بأحدهما كانت صلة صداقة وعطف وإنها لما سافرت إلى سوريا وجدت زوجها على صلة
وثيقة بسيدة هناك وأنكرت عليه الحصول على رسائلها ومذكراتها الخاصة وقررت أنه
استولى عليها بطريق السرقة وطلبت عدم قبولها في الإثبات كما طلبت الحكم بتطليقها
منه وتقدير نفقة شهرية لولديها وتصفية المال المشترك. وفي نوفمبر سنة 1947 حكمت
محكمة القنصلية تمهيدياً بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفي واقعة الزنا ولكن
هذا الحكم لم ينفذ، ولما أحيلت الدعوى على محكمة بور سعيد الابتدائية - على أثر
إلغاء المحاكم القنصلية قصر المطعون عليه طلب الطلاق على الإهانة البالغة - وفي 29
من مايو سنة 1951 حكمت المحكمة بتطليق الطاعنة من المطعون عليه وبحضانته لولده
منها دانيال القاصر وتصفية المال المشترك ورفض دعوى الطاعنة الفرعية، فاستأنفت
الطاعنة وقيد استئنافها برقم 2/ 3 ق استئناف المنصورة وفي 7 من مايو سنة 1952 حكمت
محكمة الاستئناف بالتأييد. فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مما تنعاه
الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون إذ قبل الرسائل والمفكرات التي
قدمها المطعون عليه دليلاًً للإثبات في الدعوى رغم تمسك الطاعنة بأنه حصل عليها
بطريق السرقة بعد فتح درج الطاعنة بالعنف وقرر الحكم أنها كدليل إثبات لها قيمتها
مهما تكن الطريقة التي قيل أن المطعون عليه حصل بها عليها - مع أن القانون الفرنسي
الواجب التطبيق على واقعة الدعوى يقضي بأن الخطابات التي يحصل عليها الزوج بطريقة
غير مشروعة يجب استبعادها.
ومن حيث إنه يبين من
الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاؤه بتطليق الطاعنة
من المطعون عليه على ما ورد في مذكرات الطاعنة وخطاباتها رغم ما أثبتته من أن
الزوجة وهي الطاعنة طلبت رفض الدعوى ودفعت بعدم قبول الخطابات والمذكرات كدليل
إثبات فيها لحصول الزوج عليها من طريق غير مشروع وهو السرقة بأن كسر في غيبتها
الدرج المخصص لها واكتفى الحكم على الرد على هذا الدفع بالقول "بأنه مهما يكن
من أمر تلك الرسائل والمفكرات والطريقة التي قيل إن المدعي (المطعون عليه) حصل بها
عليه فإنها كدليل إثبات لها قيمتها في مثل هذا النزاع" - وهذا الذي قاله
الحكم يخالف ما استقر عليه الفقه والقضاء في فرنسا من أن الخطابات الخاصة
المتبادلة بين الزوج والغير وإن كانت بحسب الأصل لا يجوز التمسك بها إلا بإذن
المرسل إليه فإنه في دعوى الزنا أو دعوى الطلاق أو التفريق يجوز استثناء للمدعي من
الزوجين أن يتمسك بها في الإثبات بشرط أن يكون قد حصل عليها بطريق مشروع، ولما كان
طرفا الدعوى فرنسيين والقانون الواجب التطبيق في هذا الخصوص هو القانون الفرنسي
سواء فيما يتعلق بموضوع الدعوى أو بالدليل المقبول فيها، وكان ما قرره الحكم من
قبول هذه الخطابات والمفكرات كدليل إثبات أية كانت الوسيلة التي حصل بها الزوج
عليها مع تمسك الزوجة بأن حصوله عليها كان بطريق السرقة وكسر درج خاص بها هو تقرير
غير صحيح انبنى عليه القضاء في الدعوى، وكان الواجب على المحكمة تمحيص دفاع
الطاعنة لتقول ما إذا كانت وسيلة الزوج في الحصول على هذه المحررات مشروعة فتقبلها
كدليل في الإثبات أم غير مشروعة فلا تقبلها ثم تؤسس حكمها على ما يظهر لها من
نتيجة هذا الفحص لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين
نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق