الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 أغسطس 2021

الطعن 12 لسنة 45 ق جلسة 9/ 6 /1976 مكتب فني 27 ج 1 أحوال شخصية ق 252 ص 1327

جلسة 9 من يونيه سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، سعد الشاذلي، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري.

-----------------

(252)
الطعن رقم 12 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

 (1)أحوال شخصية. بطلان. حكم. نيابة عامة.
عدم وجوب إبداء النيابة رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى. إبداء النيابة رأيها في الدعوى قبل الحكم بإحالتها إلى التحقيق. عدم إبداء رأيها عقب سماع الشهود.
 (2)إثبات. أحوال شخصية "نسب" إرث. حكم. محكمة الموضوع.
تقدير القرائن القضائية من سلطة محكمة الموضوع. استناد الخصم في إثبات وراثته للمتوفى إلى قرائن غير قاطعة في ثبوت النسب. إطراح الحكم لهذه القرائن. لا خطأ.
 (3)حكم "نسبيه".
عدم التزام الحكم بذكر جميع أقوال الشهود حسبه الإشارة إلى ما ورد بها بما ينبئ عن مراجعتها.
 (4)إثبات "شهادة الشهود". أحوال شخصية "النسب".
الشهادة بالتسامع. جوازها في النسب استثناء. شرطه تقرير الشاهد أنه علم بسلسلة النسب نقلاً عن شخص معين. أثره عدم اعتبار أقواله تسامعاً. استبعاد المحكمة لشهادته. لا خطأ.

-------------
1 - لئن كانت النيابة العامة بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 أصبحت طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية، إلا أن القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لم يوجب على النيابة إبداء رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى ولا في كل جزئية من جزئيات النزاع وإنما أوجب إبداء رأيها في القضية على أي وجه. وإذ كان الطاعنان لا يجادلان في أن النيابة قد أبدت رأيها في الدعوى قبل صدور الحكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق أمام محكمة الاستئناف فإن عدم إبدائها رأيها عقب سماع الشهود يكون محمولاً على أنها لم تجد في الدعوى ما يدعوها لتغيير رأيها السابق أو الإدلاء بقول جديد. لما كان ما تقدم، وكان لا محل للقول بأن مذكرة النيابة كانت من بين العمد التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه لأن دورها في هذا المجال لا يخرج عن المعاونة بإبداء الرأي للمحكمة من وجهة نظر القانون المجردة دون أن يكون مقيداً لها، فإن النعي - بالبطلان - يكون على غير أساس.
2 - إذ كانت محكمة الموضوع قد عرضت للمستندات المقدمة من الطاعنين وأحاطت بها ولم تر فيها دليلاً كاملاً على صحة الدعوى، وكان لقاضي الموضوع أن يأخذ بالدليل المقدم له إذا اقتنع به وأن يطرحه إذا تطرق إليه الشك فيه لا فرق بين دليل وآخر إلا أن يكون للدليل حجية معينة حددها القانون، وكانت المستندات المقدمة من الطاعنين ليست سوى محاولة لإثبات وراثتهما للمتوفى بزعم أنهما يلتقيان معه في أحد جدوده أخذاً باتحاد الأسماء، وكانت هذه المستندات لا تشير بذاتها إلى ذلك على سبيل القطع واليقين ولا تعدو أن تكون مجرد قرينة من القرائن القضائية التي يخضع تقديرها المطلق لسلطان قاضي الموضوع فلا على الحكم إذا هو أطرحها لقصور دلالتها عن إفادة ثبوت النسب.
3 - لا إلزام على الحكم أن يذكر جميع أقوال الشاهد وحسبه الإشارة إلى ما ورد بها ينبئ عن مراجعتها.
4 - لئن كان الأصل في الشهادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه بالعين أو بالسماع بنفسه، إلا أن فقهاء الحنفية استثنوا من ذلك مسائل منها ما هو بإجماع كالنسب فأجازوا فيه الشهادة بالتسامع بين الناس استحساناً وإن لم يعاينه بنفسه، ومع ذلك لم يجوزوا للشاهد أن يشهد تسامعاً إلا إذا كان ما يشهد به أمراً متواتراً سمعه من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض ويتوافر به الأخبار ويقع في قلبه صدقه، لأن الثابت بالتواتر والمحسوس سواء، أو يخبر به - وبدون استشهاد - رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول فيصبح له نوع من العلم الميسر في حق المشهود به. والمتون قاطعة - والتقول المعتبرة - أطلقت القول بأن الشاهد إذا فسر لقاضي ردت شهادته ولا تقبل في جميع المواضع التي يجوز للشاهد الشهادة فيها بالتسامع، وإذا كان الثابت أن الشاهد الذي استبعدت محكمة الموضوع شهادته، ذهب إلى أنه علم بسلسلة النسب نقلاً عن زوج عمته، وكان هذا التحديد فيه لا يتوافر به التواتر الذي لا يصح بغيره شرعاً اعتبار أقواله تسامعاً فضلاً عن أنه ينبئ عن معنى التفسير ويكشف عن المصدر الذي استقى منه شهادته، وكان الحكم قد رد شهادة هذا الشاهد ولم يعول عليها فإنه لا يكون قد خالف فقه الحنفية والراجح في المذهب في هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 1002 سنة 1966 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما يطلب الحكم ببطلان الإعلام الشرعي رقم 542 سنة 1967 الصادر من محكمة مصر الجديدة في 24/ 12/ 1967 والقضاء بثبوت وفاة المرحوم...... وانحصار إرثه في ورثته، وقالا شرحاً للدعوى أنه في 19/ 3/ 1966 توفي....... وخلف تركة وانحصر إرثه في أخته الشقيقة المطعون عليها الأولى وفيهما بوصفهما ولدي ابن عمه دون شريك، وإذ استصدرت المطعون عليها الأولى إشهاداً بوفاة المذكور وانحصار إرثه فيها فقد أقاما الدعوى بطلباتهما. تدخل المطعون عليه الثاني طالباً الحكم باعتباره من الورثة لأنه في نفس درجة الطاعنين قرابة للمتوفى، وفي 11/ 11/ 1969 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن...... توفى بتاريخ 19 من مارس سنة 1969 وأنهما أقرب العصبة إليه باعتبارهما ولدي ابن عمه وأن ميراثه ينحصر في أخته الشقيقة المطعون عليها الأولى وفيهما دون شريك وليثبت المطعون عليه الثاني أنه ابن عم المتوفى المذكور شأنه شأن الطاعنين ويستحق في التركة مثل ما استحق أحدهما وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 29/ 2/ 1972 برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 2 سنة 86 ق أحوال شخصية القاهرة، كما استأنفه المطعون عليه الثاني بالاستئناف رقم 30 سنة 89 ق القاهرة وبعد ضم الاستئنافين حكمت محكمة الاستئناف في 19/ 3/ 1973 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن....... توفي بتاريخ 19/ 3/ 1973 وأنهما أقرب عصبية إليه بصفتهما أولاد ابن عمه وأن إرثه ينحصر في أخته الشقيقة المطعون عليها الأولى وفيهما - دون شريك وليثبت المطعون عليه الثاني أنه ابن ابن عم المتوفى المذكور شأنه شأن الطاعنين ويستحق في تركته مثل ما يستحق أحدهما وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة في 18 يناير سنة 1975 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنان بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم استند إلى مذكرة للنيابة كانت قد أعدتها في مرحلة سابقة على حجز الاستئناف لإصدار الحكم النهائي إذ أنه بعد سماع أقوال الشهود لم تقدم النيابة مذكرة تكميلية مكتفية بالمذكرة التي سبق لها تقديمها عند حجز الاستئنافين للحكم أول مرة، وإذ تعد النيابة خصماً أصيلاًَ في الدعوى، وكانت مذكرتها من بين مساند الحكم رغم قصورها في إظهار وجه الحق في النزاع في مرحلته الأخيرة فإنه يكون وليد إجراءات باطلة.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كانت النيابة العامة بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 أصبحت طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية، إلا أن القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لم يوجب على النيابة إبداء رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى ولا في كل جزئية من جزئيات النزاع وإنما أوجب إبداء رأيها في القضية على أي وجه. لما كان ذلك وكان الطاعنان لا يجادلان في أن النيابة قد أبدت رأيها في الدعوى قبل صدور الحكم، بإحالة الدعوى إلى التحقيق أمام محكمة الاستئناف، فإن عدم إبدائها رأيها عقب سماع الشهود يكون محمولاً على أنها لم تجد في الدعوى ما يدعوها لتغيير رأيها السابق أو الإدلاء بقول جديد، لما كان ما تقدم وكان لا محل للقول بأن مذكرة النيابة كانت من بين العمد التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه لأن دورها في المجال لا يخرج عن المعاونة بإبداء الرأي للمحكمة من وجهة نظر القانون المجردة دون أن يكون مقيداً لها، فإن النعي يكون على غير أساس. وحيث إن حاصل الشق الأول من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أن الطاعنين استندا في إثبات وفاة المورث ووراثتهما له إلى ما قدماه من مستندات رسمية، غير أن محكمة الاستئناف أطرحت هذه المستندات دون أن تورد مضمونها واقتصرت في تسبيب قضائها على ما قال به الحكم الابتدائي من أنها غير كافية وهو قول مرسل لا يصلح سبباً لإطراح ما تمسك به الطاعنان من دلالة هذه المستندات على صحة مدعاهما، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الحكم الابتدائي أورد في هذا الخصوص قوله "قدم المدعيان تأييداً لدعواهما حافظة طويت على (1) صورة قيد وفاة..... المتوفى في 19/ 3/ 1969 (2) مستخرج رسمي من دفاتر وفيات قسم الظاهر بوفاة..... في 17/ 10/ 1956 (3) مستخرج رسمي من دفاتر مواليد بندر أسيوط بميلاد المدعي الثاني..... في 12/ 1/ 1930 كما قدما شجرة تسلسل النسب...... وشهادة الدراسة الثانوية لوالدهما...... وحيث إنه متى كان ذلك وكانت المحكمة لا ترى فيما قدمه أطراف الخصومة من دفاع ومستندات ما يكفي ليؤكد من عقيدتها في النزاع المطروح ومن ثم ترى قبل الفصل في الموضوع إحالتها إلى التحقيق كما أوردت محكمة الاستئناف "أما بالنسبة للمستندات التي قدمت في الدعوى فقد تكفل الحكم المستأنف بالرد عليها بما تأخذ به هذه المحكمة" ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع قد عرضت للمستندات المقدمة من الطاعنين وأحاطت بها ولم تر فيها دليلاً كاملاً على صحة الدعوى، ولما كان لقاضي الموضوع أن يأخذ بالدليل المقدم له إذا اقتنع به وأن يطرحه إذا تطرق إليه الشك فيه لا فرق بين دليل وآخر إلا أن يكون للدليل حجية معينة حددها القانون، وكانت المستندات المقدمة من الطاعنين ليست سوى محاولة لإثبات وراثتهما للمتوفى بزعم أنهما يلتقيان معه في أحد جدوده أخذاً باتحاد الأسماء، وكانت هذه المستندات لا تشير بذاتها إلى ذلك على سبيل القطع والتبين ولا تعدو أن تكون مجرد قرينة من القرائن القضائية التي يخضع تقديرها لمطلق سلطان قاضي الموضوع فلا على الحكم إذا هو أطرحها لقصور دلالتها عن إفادة ثبوت النسب ويكون النعي غير وارد. وحيث إن الطاعنين ينعيان على الشق الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم استبعد أقوال أحد شاهدي الطاعنين على سند من أنها سماعية لا تجوز في الشهادة على الإرث، رتب على ذلك عدم اكتمال نصاب الشهادة في حين أن الأقوال المستبعدة قد توافرت لها كل صفات الشهادة الشرعية بما كان يتعين معه اعتبارها. هذا إلى أن الحكم اجتزأ بعض أقوال ذلك الشاهد ولم يورد باقيها مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد بمدوناته أن الشاهد الأول قرر أنه علم من زوج عمته والد المستأنفين - الطاعنين - وكان يدعى....... أنه ابن عم.... المتوفى في شهر ديسمبر سنة 1966 دون زواج ودون عقب وأن جدهما لأبيهما...." وكان يبين من الصورة الرسمية للتحقيق أن ما أورده الحكم مأخذه الصحيح من أقوال الشاهد، وكان لا التزام على الحكم أن يذكر جميع أقوال الشاهد وحسبه الإشارة إلى ما ورد بما ينبئ عن مراجعتها، لما كان ذلك كان الأصل في الشهادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه بالعين أو بالسماع بنفسه إلا أن فقهاء الحنفية استثنوا من ذلك مسائل منها ما هو بإجماع كالنسب فأجازوا فيه الشهادة بالتسامع بين الناس استحساناً وإن لم يعاينه بنفسه، ومع ذلك لم يجوزوا للشاهد أن يشهد تسامعاً إلا إذا كان ما يشهد به أمراً متواتراً سمعه من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض وتتواتر به الأخبار ويقع في قلبه صدقه لأن الثابت بالتواتر والمحسوس سواء، أو يخبر به - وبدون استشهاد - رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول فيصبح له نوع من العلم الميسر في حق المشهود به، والمتون قاطبة والتقول المعتبرة أطلقت القول بأن الشاهد إذا فسر للقاضي ردت شهادته ولا تقبل في جميع المواضع التي يجوز للشاهد فيها بالتسامع، وإذ كان الثابت أن الشاهد الذي استبعدت محكمة الموضوع شهادته ذهب إلى أنه علم بسلسلة النسب نقلاً عن زوج عمته، وكان هذا التحديد منه لا تتوافر به التواتر الذي لا يصح بغيره شرعاً اعتبار أقواله تسامعاً فضلاً عن أنه ينبئ عن معنى التفسير ويكشف عن المصدر الذي استقى منه شهادته، وكان الحكم قد رد شهادة هذا الشاهد ولم يعول عليها فإنه لا يكون قد خالف فقه الحنفية الراجح في المذهب في هذا الخصوص أياً كان وجه الرأي في التعليل الذي ساقه ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1)نقض 29/ 12/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1996.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق