جلسة 28 من إبريل سنة 1976
برئاسة السيد المستشار:
محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي؛ وحسن مهران حسن،
والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري.
---------------
(196)
الطعن رقم 2 لسنة 45 ق
"أحوال شخصية"
1)، (2 أحوال شخصية "الزواج".
(1)بطلان عقد الزواج في شريعة الأقباط الأرثوذكس. م 37 من مجموعة 1938
مناطه. عدم جواز إبطال العقد لمجرد تغيير الزوجة في تاريخ ميلادها طالما تجاوزت
الحد الأدنى لسن الزواج.
(2)الطلاق في شريعة الأقباط الأرثوذكس. حالاته.
(3 و4) أحوال، شخصية دعوى
"سبب الدعوى" حكم. قوة الأمر المقضي. إثبات.
(3)دعوى النفقة. اختلافها عن دعوى التطليق للفرقة سبباً وموضوعاً.
(4) تقدير الدليل. لا يحوز قوة الأمر المقضي. تشكك
المحكمة في صحة أقوال الشهود في دعوى نفقة سابقة. لا يمنع المحكمة في دعوى التطليق
للفرقة من أن تطمئن إلى أقوال ذات الشهود في التحقيق الذي أجرته.
---------------
1 - مفاد نص المادة 37 من
مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكسيين الصادرة في 9/ 5/ 1938 أن
العيب الذي يشوب الإرادة ويكون من شأنه بطلان عقد الزواج في شريعة الأقباط
الأرثوذكس هو وقوع غلط في شخص المتعاقد بالنسبة لأي من الزوجين، أو وقوع غلط في
صفة جوهرية متعلقة بالزوجة فقط وبالنسبة لصفتين بالذات هما البكارة والخلو من
الحمل، دون ما اعتداد بالصفات الجوهرية الأخرى، مما مفاده أن إخفاء حقيقة من أحد
الزوجين - في حالة تجاوز الحد الأدنى الذي لا يصح الزواج قبل بلوغه عملاً بالمادة
16 من المجموعة سالفة الذكر - لا يترتب عليه بطلان الزواج، لا يغير من ذلك ما تنص
عليه المادة 33 منها من أنه "يثبت الزواج في عقد يحرره الكاهن بعد حصوله على
الترخيص المنصوص عليه في المادة السابقة، ويشتمل عقد الزواج على البيانات الآتية:
اسم كل من الزوجين ولقبه وصناعته، ومحل إقامته وتاريخ ميلاده من واقع شهادة
الميلاد أو ما يقوم مقامها...." لأن هذه المادة - طبقاً لصريح نصها - إنما
يقصد بها مجرد إعداد الدليل لإثبات حصول الزواج، وليس من شأن التحريف في بعض هذه
البيانات إبطال عقد الزواج الذي تواجهه المادة 37 على ما سلف بيانه.
2 - تجيز المادة 57 من
مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس طلب الطلاق إذا أساء
أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته نحوه إخلالاً جسيماً أدى إلى استحكام
النفور بينهما وانتهى الأمر بافتراقهما ثلاث سنوات متوالية على ألا يكون ذلك بخطأ
من جانب طالب التطليق حتى لا يستفيد من خطئه.
3 - دعوى النفقة تختلف في
موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للفرقة في شريعة الأقباط الأرثوذكس - لاختلاف
المناط في كل منهما، فبينما تقوم الأولى على سند من احتباس الزوجة لزوجها وقصرها
عليه لحقه ومنفعته بحيث لا يحق لها أن تنشز عن طاعته إلا بحق، إذ بالثانية تؤسس
على ادعاء الإساءة واستحكام النفور والفرقة بين الزوجين.
4 - من المقرر في قضاء
هذه المحكمة - (1)
أن تقدير الدليل لا يحوز
قوة الأمر المقضي، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي اعتدت في دعوى التطليق للفرقة
بشهادة شهود سمعتهم هي وكانت المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية سبق أن تشككت في
صحة أقوالهم في دعوى النفقة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم
10 سنة 1972 أحوال شخصية نفس أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالباً تطليقها منه
وبطلان زواجه بها واعتباره كأن لم يكن وبما يترتب على ذلك من آثار، وقال بياناً
لها إنه تزوج بالمطعون عليها بتاريخ 29/ 7/ 1967 بعقد تم وفقاً لطقوس الكنيسة
القبطية الأرثوذكسية، قررت فيه أنها من مواليد 4/ 12/ 1931 وإذ يبين له أنها من
مواليد سنة 1925 ولو كان قد علم بحقيقة سنها لما تم الزواج لما يؤدي إليه من
حرمانه من الإنجاب، وكان الغش في إثبات السن الحقيقي، مبطلاً للعقد، وكانت المطعون
عليها قد هجرت منزل الزوجية رغماً عنه منذ 25/ 11/ 1968 فقد أقام دعواه، وبتاريخ
18/ 4/ 1972 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق ليثبت الطاعن أن المطعون عليها
أخلت بواجباتها نحوه وأساءت معاشرته بما استحالت معه الحياة الزوجية مما أدى إلى
الفرقة بينهما لأكثر من ثلاث سنوات بخطأ منها، وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت في
14/ 4/ 1973 برفض الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 79 سنة 90 ق
أحوال شخصية القاهرة طالباً إلغاءه، وبتاريخ 17/ 11/ 1974 قضت محكمة الاستئناف
بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم وقدمت النيابة مذكرة
أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته
جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على
ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن تغيير المطعون عليها
لتاريخ ميلادها حتى لو كان عن عمد لا تأثير له على صحة الزواج، في حين أن المادة 33
من قانون الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس حددت البيانات التي يجب أن يشتمل
عليها عقد الزواج ومن بينها تاريخ ميلاد كل من الزوجين، وإثبات المطعون عليها
تاريخاً لميلادها يغاير سنها الحقيقي غشاً منها من شأنه أن يبطل عقد الزواج، الأمر
الذي يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن النص على المادة 37 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكسيين
الصادرة في 9/ 5/ 1938 على أنه إذا عقد الزواج بغير رضاء الزوجين أو أحدهما رضاء
صادراً عن حرية واختيار فلا يجوز الطعن فيه إلا من الزوجين أو من الزوج الذي لم
يكن حراً في رضائه وإذا وقع غش في شخص أحد الزوجين فلا يجوز الطعن في الزواج إلا
من الزوج الذي وقع عليه الغش، وكذلك الحكم فيما إذا وقع غش في شأن بكارة الزوجة
بأن ادعت أنها بكر وثبت أن بكارتها أزيلت بسبب سوء سلوكها أو في خلوها من الحمل
وثبت أنها حامل، يدل على العيب الذي يشوب الإرادة ويكون من شأنه بطلان عقد الزواج
في شريعة الأقباط الأرثوذكس هو وقوع غلط في شخص المتعاقد بالنسبة لأي من الزوجين،
أو وقوع غلط في صفة جوهرية متعلقة بالزوجة فقط وبالنسبة لصفتين بالذات هما البكارة
والخلو من الحمل، دون ما اعتداد بالصفات الجوهرية الأخرى مما مفاده أن إخفاء حقيقة
سن أحد الزوجين - في حالة تجاوز الحد الأدنى الذي لا يصح الزواج قبل بلوغه عملاً
بالمادة 16 من المجموعة سالفة الذكر لا يترتب عليه بطلان الزواج، لا يغير من ذلك
ما تنص عليه المادة 33 منها من أنه يثبت الزواج في عقد يحرره الكاهن بعد حصوله على
الترخيص المنصوص عليه في المادة السابقة ويشتمل عقد الزواج على البيانات الآتية:
اسم كل من الزوجين ولقبه وصناعة ومحل إقامته وتاريخ ميلاده من واقع شهادة الميلاد
أو ما يقوم مقامها..... لأن هذه المادة.... وطبقاً لصريح نصها - إنما يقصد بها
مجرد إعداد الدليل لإثبات حصول الزواج، وليس عن شأن التحريف في بعض هذه البيانات
إبطال عقد الزواج الذي تواجهه المادة 37 على ما سلف بيانه، لما كان ذلك وكان الحكم
المطعون فيه قد ساير هذا النظر انتهى إلى أن مجرد تغيير المطعون عليها في تاريخ
ميلادها لا يؤثر في صحة الزواج الذي يظل بمنأى عن البطلان فإنه لا يكون قد خالف
القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الثاني القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه لم يرد
على ما تحدى به من اختلاس المطعون عليها لصورة له مع أحد الأجانب ابتغاء اتهامه
بالجاسوسية، وهو منها إخلال بما توجبه عليها المادة 45 من مجموعة الأحوال الشخصية
للأقباط الأرثوذكس من مراعاة الأمانة والمعاونة حيال زوجها.
وحيث إنه وإن كان البين
من تقريرات حكم محكمة أول درجة أن الطعن نسب للمطعون عليها الاستيلاء على أوراق خاصة
به وإحدى صوره، إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يفيد تمسكه بهذا
الوجه أمام محكمة الاستئناف، وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على تمسكه به أمامها،
وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه في هذه الحالة يمتنع إبداؤه أمام محكمة
النقض فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي
بالسبب الثالث مخالفة الحكم المطعون فيه لحكم سابق حائز قوة الأمر المقضي، وفي
بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم رد على تحديه بهجر المطعون عليها منزل الزوجية أكثر
من ثلاث سنوات متصلة بأن كان اتقاء منها للأذى في حين أن واقعة الهجر كانت محل
تحقيق حكم نهائي في الاستئناف رقم 142 سنة 1972 شمال القاهرة ركن إليه هو أمام
محكمة الموضوع وقضى ذلك الحكم بإسقاط نفقة المطعون عليه لنشوزها، ومسألة النشوز هي
الأساس المشترك بين الدعويين، وخالف الحكم المطعون فيه ما سبق القضاء به في دعوى
النفقة.
وحيث إن النعي غير سديد،
ذلك أنه لما كانت المادة 75 من مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط
الأرثوذكس تجيز طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين، معاشرة الآخر أو أخل بواجباته
نحوه إخلالاً جسيماً أدى إلى استحكام النفور بينهما وانتهى الأمر بافتراقهما ثلاث
سنين متوالية على ألا يكون ذلك بخطأ من جانب طالب التطليق حتى لا يستفيد من خطئه،
وكانت دعوى النفقة تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للفرقة المشار إليها
لاختلاف المناط في كل منهما، فبينما تقوم الأولى على سند من احتباس الزوجة لزوجها
وقصرها عليه لحقه ومنفعته بحيث لا يحق لها أن تنشز عن طاعته إلا بحق، إذ بالثانية
تؤسس على ادعاء الإساءة واستحكام النفور والفرقة بين الزوجين، لما كان ذلك وكان
الثابت من الأوراق أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1440 سنة 1970 أمام محكمة
الوايلي للأحوال الشخصية طالبة الحكم لها على الطاعن بنفقة زوجية اعتباراً من 25/
10/ 1968 وقضى لها بطلباتها، ثم ألغى هذا الحكم في الاستئناف رقم 143 سنة 1972
شمال القاهرة بناء على اطمئنان المحكمة إلى أقوال شاهدي الطاعن من أن المطعون
عليها خرجت من منزل الزوجية بغير وجه حق ولا نفقة لها، وكان البين أن شهود الطرفين
الذين سمعوا في دعوى النفقة هم بذاتهم الذين أشهرهم الطرفان في دعوى التطليق
للفرقة المعروضة، وقد أخذ الحكم المطعون فيه بأقوال شاهدي المطعون عليها اللذين
قررا أن هذه الأخيرة اضطرت لمبارحة منزل الزوجية درءاً لأذى كان يلحقها من ذوي
الطاعن المقيمين معها، وإذ كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير الدليل لا
يحوز قوة الأمر المقضي، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي اعتدت في دعوى التطليق
للفرقة بشهادة شهود سمعتهم هي وكانت المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية سبق أن
تشككت في صحة أقوالهم في دعوى النفقة، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد
استخلص في حدود سلطته التقديرية أن المطعون عليها لم تخل بواجباتها الزوجية وأن
سبب الهجر ليس مرده إليها فإن النعي يكون على غير أساس.
(1) نقض 29/ 3/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 صـ 697.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق