جلسة 29 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار
نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: عبد الرحمن عياد،
محمد الباجوري، صلاح نصار، أحمد وهدان.
--------------
(339)
الطعن رقم 3 لسنة 46 ق
"أحوال شخصية"
(1)محكمة
الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". إثبات "إجراءات التحقيق".
خبرة.
لمحكمة الموضوع تقدير عمل
الخبير ورأيه دون معقب. عدم التزامها بإجابة طلب ندب خبير آخر أو ضم أوراق أخرى
متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه.
2)، (3 أحوال شخصية
"المصريين غير المسلمين" "ديانة" إثبات.
(2)تغير الطائفة أو الملة. اتصاله بحرية العقيدة. تحقق أثره بإتمام
طقوسه ومظاهره الخارجية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة.
(3)إتمام الخطبة أو إبرام عقد الزواج وفقاً لطقوس الطائفة التي ينتمي
إليها أحد الزوجين. لا تنهض دليلاً على انضمام الزوج الآخر إلى ذات الطائفة. علة
ذلك.
(4)أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين". دعوى "عدم سماع
الدعوى".
ثبوت أن الزوجة كاثوليكية
المذهب من قبل زواجها. القضاء بعدم سماع دعوى الزوج بإثبات طلاقه لها بإرادته
المنفردة. لا خطأ.
--------------
1 - لمحكمة الموضوع
السلطة في تقدير عمل الخبير ورأيه دون معقب عليها باعتباره عنصراً من عناصر
الإثبات، وهي ليست ملزمة بإجابة طلب تعيين خبير آخر أو ضم أوراق أخرى استجابة لطلب
أحد الخصوم متى وجدت في تقرير الخبير المنتدب وفي أوراق الدعوى وعناصرها ما يكفي
لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه.
2 - تغيير الطائفة أو
الملة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وإن كان مسألة نفسية يتعلق بحرية
العقيدة إلا أنه عمل إداري من جانب الجهة الدينية المختصة لا يتم ولا ينتج أثره
إلا بعد إبداء الرغبة فيه وإتمام طقوسه ومظاهره الخارجية الرسمية وقبول طلب
الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، ويتعين ثبوته على نحو قاطع لا يقبل
تأويلاً.
3 - إتمام الخطبة أو
إبرام عقد الزواج وفقاً لطقوس الطائفة التي ينتمي إليها أحد الزوجين لا يسوغ له
التحدي بانضمام الزوج الآخر إلى ذات الطائفة التي تمت الخطبة أو إبرام الزواج على
أساسها، ولا ينهض بذاته دليلاً على تغيير طائفته أو مذهبه لأنه قد يكون المراد به
مجرد تيسير توثيق العقد دون مساس بالملة أو المذهب الذي يدين به، وبالتالي فإن
رضاء المطعون عليها إجراء الخطبة وعقد الزواج وفقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس التي
ينتمي إليها الطاعن وقبولها إتباع طقوسها لا يفيد بذاته تغيير طائفتها وانضمامها
إلى طائفة الطاعن (الزوج).
4 - إذ كان الثابت من
مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة استخلصت من أوراق الدعوى في حدود سلطتها
الموضوعية أن الزوجة المطعون عليها كاثوليكية المذهب منذ 4/ 11/ 1956 - قبل الزواج
- وأقامت قضاءها بعدم سماع الدعوى على سند صحيح من المادة 99 من لائحة ترتيب
المحاكم الشرعية باعتبار أن طائفة الكاثوليك التي تنتمي إليها المطعون عليها لا
تدين بوقوع الطلاق، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير
أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم
807 سنة 1972 "أحوال شخصية" أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد
المطعون عليها طالباً إثبات طلاقه لها، وقال بياناً لدعواه إنه تزوج بها في 17/
10/ 1958 طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس، وإذ انضم لطائفة الروم الأرثوذكس،
واختلفا ملة، وأوقع عليها الطلاق عند رفعه الدعوى بقوله "زوجتي ومدخولتي
السيدة..... طالق مني وهذه أول طلقة رجعية"، فقد أقام الدعوى بطلباته. دفعت
المطعون عليها بعدم سماع الدعوى تأسيساً على أنها كاثوليكية منذ 4/ 11/ 1956 ومن
قبل رفع الدعوى طبقاً لشهادة مؤرخة 19/ 2/ 1972 صادرة من مطرانية الأقباط
الكاثوليك بأسيوط ادعى الطاعن بتزوير هذه الشهادة وبتاريخ 27/ 6/ 1972 حكمت
المحكمة بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي بأسيوط للاطلاع على
مسجل الانضمامات ببطريركية الأقباط الكاثوليك بأسيوط في المدة من 1955 حتى 1972
لبيان ما إذا كانت العبارة المثبتة لانضمام المطعون عليها حررت في تاريخ يرجع إلى
4/ 11/ 1956 أم في تاريخ لاحق، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 19/ 3/ 1974
برفض الادعاء بالتزوير ثم عادت فحكمت في 17/ 12/ 1974 بعدم سماع الدعوى. استأنف
الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 8 سنة 92 ق "أحوال شخصية" القاهرة
طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته، وبتاريخ 16/ 11/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد
الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة
أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته
جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على
أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون فيه
القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك
يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بضرورة ضم السجلات الخاصة بمطرانية الأقباط
الكاثوليك بأسيوط حتى تكون تحت بصر المحكمة إذ العبرة بأصول الأوراق، وبأنه لا
يقبل القول بعجز الطب الشرعي عن التحقق من تحديد عمر المداد وطالب بعرض الأوراق
على قسم أبحاث التزييف والتزوير بمدينة القاهرة حيث تتوافر الإمكانيات، غير أن
المحكمة أعرضت عن تحقيق هذا الدفاع الجوهري، وقضت برفض الادعاء بالتزوير، هذا إلى
أن التقرير الذي اعتدت به المحكمة يتضمن بيانات تؤدي إلى عدم الاطمئنان إلى صحة
القيود الواردة بسجل الانضمام مما يحمل على عدم صحة الشهادة المدعى بتزويرها،
بالإضافة إلى أن الحكم أورد أن تاريخ الحبر الذي حررت فيه بيانات الانضمام قديم
رغم خلو تقرير الخبير من هذا الوصف، وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد
في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي مردود ذلك
أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قرر "..... إنه بمطالعة أوراق
الدعوى وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير نجد أن خبير الدعوى في القضية قد أثبت
بتقريره أنه قام بالاطلاع على دفاتر الطائفة الكاثوليكية وسجل الانضمام وسجل أحوال
العلاقات المسيحية، وقرر سلامتها جميعاً، وعدم وجود ما يشكك فيها، كما أثبت أن اسم
عائل المستأنف ضدها - المطعون عليها مدرج بسجلات مطرانية الكاثوليك، وأن تاريخ
الحبر - المداد - قديم، ومن كل هذا يتضح أن خبير الطب الشرعي سلك كافة السبل التي
بنى عليها تقريره الذي أخذت به محكمة أول درجة وبنت حكمها عليه بعد أن اكتفت به،
وثبت لها يقيناً جدوى الأسس التي بنى عليها هذا الخبير تقريره، ولا يسع هذه
المحكمة إلا تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في هذا الخصوص". لما كان ذلك
وكان لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير عمل الخبير ورأيه دون معقب عليها باعتباره
عنصراً من عناصر الإثبات، وهي ليست ملزمة بإجابة طلب تعيين خبير آخر، أو ضم أوراق
أخرى استجابة لطلب أحد الخصوم متى وجدت في تقرير الخبير المنتدب، وفي أوراق الدعوى
وعناصرها ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه، وكان الثابت من الأوراق أن
محكمة الدرجة الأولى تحقيقاً لدفاع الطاعن قضت بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير
بالطب الشرعي بأسيوط للانتقال إلى بطريركية الأقباط الكاثوليك بأسيوط لفحص سجل
الانضمامات لبيان ما إذا كانت العبارات المثبتة لانضمام المطعون عليها ترجع إلى
تاريخ تحرير العبارات المثبتة به أو في تاريخ لاحق، وقد أخذت محكمة الاستئناف
بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى، بعد أن اقتنعت به ورأت فيه ما يكفي للفصل في
النزاع المطروح، فإنه لا تثريب عليها إن لم تندب خبيراً آخر ولم تستجب لطلب الطاعن
ضم أصول دفاتر سجل الانضمام للكنيسة طالما أن ما بين يديها من أوراق كاف بذاته
لتكوين عقيدتها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم وكانت المحكمة رتبت على
ذلك ثبوت حجة الشهادة بانضمام المطعون عليها لطائفة الأقباط الكاثوليك منذ 4/ 11/
1956، وكانت هذه الدعامة تكفي وحدها لحمل الحكم، فإن النعي عليه بما أورده بأسبابه
من أن الحبر الذي حررت به بيانات انضمام المطعون عليها لكنيسة الكاثوليك قديم
خلافاً للثابت بأوراق الدعوى - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول
إن الحكم اعتبر أن المطعون عليها ظلت على انتمائها لطائفة الأقباط الكاثوليك منذ
انضمامها إليها في 4/ 11/ 1956 وحتى رفع الدعوى، في حين أنه تمت خطبتها للطاعن في
7/ 8/ 1956 ثم وثق عقد زواجهما في 17/ 10/ 1968 وفقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس
مما مفاده أنها تخلت عن انضمامها لطائفة الكاثوليك، واتخذت مظهر خارجياً يدل على
أنها قبطية أرثوذكسية، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد،
ذلك أن تغيير الطائفة أو الملة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وإن كان مسألة
نفسية تتعلق بحرية العقيدة إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة لا
يتم ولا ينتج أثره إلا بعد إبداء الرغبة فيه وإتمام طقوسه ومظاهره الخارجية
الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، ويتعين ثبوته على نحو
قاطع لا يقبل تأويلاً. لما كان ذلك وكان إتمام الخطبة أو إبرام عقد الزواج وفقاً
لطقوس الطائفة التي ينتمي إليها أحد الزوجين لا يسوغ له التحدي بانضمام الزواج
الآخر إلى ذات الطائفة التي تمت الخطبة أو أبرم الزواج على أساسها، ولا ينهض بذاته
دليلاً على تغيير طائفته أو مذهبه لأنه قد يكون المراد به مجرد تيسير توثيق العقد
دون مساس بالملة أو المذهب الذي يدين به، فإن رضاء المطعون عليها إجراء الخطبة
وعقد الزواج وفقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس التي ينتمي إليها الطاعن وقبولها
إتباع طقوسها لا يفيد بذاته تغيير طائفتها وانضمامها إلى طائفة الطاعن. لما كان ما
تقدم وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة استخلصت من أوراق الدعوى
في حدود سلطتها الموضوعية أن الزوجة المطعون عليها كاثوليكية المذهب منذ 4/ 11/
1956، وأقامت قضاءها بعدم سماع الدعوى على سند صحيح من المادة 99 من لائحة ترتيب
المحاكم الشرعية باعتبار أن طائفة الكاثوليك التي تنتمي إليها المطعون عليها لا
تدين بوقوع الطلاق. فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير
أساس.
ولما كان ما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق