الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 مايو 2021

الطعن 489 لسنة 67 ق جلسة 12 / 3 / 2013 مكتب فني 64 ق 52 ص 356

جلسة 12 من مارس سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ د. خالد عبد الحميد، عبد الرحيم الشاهد والريدي عدلي "نواب رئيس المحكمة" وطارق سويدان.
-----------------
(52)
الطعن 489 لسنة 67 القضائية
(1 - 7) تحكيم "هيئة التحكيم" "إجراءات التحكيم". قانون " تفسير القانون: من أنواع التفسير: التفسير القضائي". "
(1) مسائل التحكيم. اختصاص محكمة النزاع بنظرها. مسائل التحكيم التجاري الدولي الذي جرى في مصر أو خارجها. اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظرها. شرطه. عدم الاتفاق على اختصاص محكمة استئناف أخرى. م 9 ق 27 لسنة 1994.
(2) لطرفي النزاع الاتفاق على اختيار المحكمين وكيفية ووقت اختيارهم فإن لم يتفقا وكانت الهيئة مشكلة من ثلاثة محكمين، اختار كل طرف محكماً عنه ثم يختار المحكمان ثالثهما. عدم تعيين أحد الطرفين محكمه أو عدم اتفاق المحكمين المعينين على اختيار الثالث خلال الميعاد. مؤداه. تولى المحكمة اختياره بناء على طلب أحدهما. م 17 ق 27 لسنة 1994. شرطه. مراعاة ما اتفق عليه الطرفان، استنباط معنى العبارات المكونة للنص. مؤداه. عدم بيان المشرع صراحة الإجراء الواجب اتباعه بالنسبة لطلب تعيين المحكم أو القرار الذي تصدره المحكمة باختياره.
(3) الأعمال التحضيرية والمصادر التاريخية والحكمة من النصوص والجمع بينهم. مصادر تعين القاضي على الكشف عن قصد المشرع وتفسير القانون.
(4) تفسير التشريع. مفهومه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(5) طلب تعيين المحكم. مناطه. صحيفة تقدم للمحكمة بالطرق المعتادة لرفع الدعوى. القرار الصادر فيها يعد بمثابة حكم قضائي. لفظ المحكمة. مفهومه. المحكمة بكامل هيئتها. علة ذلك.
(6) بطلان استصدار أمر على عريضة من رئيس المحكمة المختصة بتعيين المحكم عند اختلاف الطرفين على تعيينه. تعلقه بالنظام العام. علة ذلك. مخالفة الإجراء بوجوب اللجوء إلى القضاء. زوال البطلان بتحقق ضمانات التقاضي الأساسية للمحتكمين. علة ذلك. تحقق الغاية من الإجراء.
(7) تمسك المطعون ضدهم ببطلان تعيين هيئة التحكيم لصدور قرار التعيين من رئيس الدائرة دون باقي أعضائها. أثره. بطلان قرار التعين. عدم جواز الدفع بتحقق الغاية من الإجراء. علة ذلك. تعلقه بالنظام العام.
(8) دعوي "نظر الدعوى أمام المحكمة: إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه".
الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع النظر فيه وتحقيقه. شرطه، استناده إلى أساس قانوني صحيح.
(9) حكم "حجية الأحكام : شروط الحجية".
المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها. شرطه. "مثال : بشأن القضاء برفض الدفع ببطلان تشكيل هيئة التحكيم رغم زوال الحجية المؤقتة للحكم الابتدائي الصادر بعدم جواز التظلم من أمر تعيين المحكم".
(10) نقض "شروط قبول الطعن: المصلحة في الطعن بالنقض".
المصلحة في الطعن سواء كانت حالة أو محتملة. مناطها. أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن. "مثال : بشأن المصلحة في الطعن بالنقض في خصومة تحكيم".
--------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد النص في المادة التاسعة من تقنين التحكيم رقم 27 لسنة 1994، أن المشرع نظم اختصاص المحاكم المصرية بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها ذات التقنين إلى القضاء وهي المتعلقة بإجراءات التحكيم كالأمر باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها أو اختيار محكم وإنهاء مهمته، فجعلها المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع وفق القواعد الواردة في هذا الشأن في تقنين المرافعات، أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو خارجها كان الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتم الاتفاق على محكمة استئناف أخري.
2 - النص في المادة 17 من تقنين التحكيم سالف البيان على أنه "لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم فإذا لم يتفقا أتبع ما يأتي: 1 - ...، ب - فإذا كانت هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكما ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الأخر، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تعيين آخرهما، تولت المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة رئاسة هيئة التحكيم، وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين. 2- وإذ خالف أحد الطرفين إجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها، أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه، أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليه في هذا الشأن، تولت المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون بناء على طلب أحد الطرفين القيام بالإجراء أو بالعمل المطلوب ما لم ينص في الاتفاق على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو العمل. 3- وتراعى المحكمة في المحكم الذي تختاره الشروط التي يتطلبها هذا القانون وتلك التي اتفق عليها الطرفان، وتصدر قرارها باختيار المحكم على وجه السرعة، ومع عدم الإخلال بأحكام المادتين 18، 19 من هذا القانون لا يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن"، وكان إعمال التفسير اللغوي أو اللفظي لهذ النص - باستنباط المعنى الذي أراده الشارع من الألفاظ والعبارات التي يتكون منها النص سواء من عباراته أو إشارته أو دلالته - يؤدي إلى أنه لم يبين صراحة نوع الإجراء الواجب إتباعه سواء بالنسبة لطلب تعيين المحكم أو بشأن القرار الذي تصدره المحكمة باختياره.
3 - إذا تعذر على القاضي الوقوف على قصد المشرع عن طريق التفسير اللغوي، فقد تعينه على الكشف عن هذا القصد عناصر خارجية أي غير مستمدة من الدلالات المختلفة للنص، كالأعمال التحضيرية والمصادر التاريخية والحكمة من النص، والجمع بين النصوص.
4 - تفسير التشريع يجب أن يتوخى الكشف عن المعني أو المعاني التي ينطوي عليها النص اختياراً للحل الأقرب إلى تحقيق العدالة باعتباره الحل المناسب الذي أوجب القانون إعماله خاضعاً لرقابة محكمة النقض وهي تضطلع بمهمتها في توحيد فهم القانون.
5 - المشرع قد قصد بصياغة المادة 17 من تقنين التحكيم سالف البيان إلى أن يكون طلب تعيين المحكم بموجب صحيفة تقدم للمحكمة بالطرق المعتادة لرفع الدعوى، وليس في شكل أمر على عريضة وأن قرار المحكمة الذي يصدر في ذلك الطلب يكون في صورة حكم قضائي، وأن المقصود بكلمة محكمة في المحكمة بكامل هيئتها عندما تقوم بالفصل في الدعوى المرفوعة أمامها بالطرق المعتادة لرفعها وهو ما يبين من استقراء نصوص المواد 13، 14، 17، 20، 47 ، 2 /53 ، 2/ 54 ، 57 ، 58 من ذات التقنين، أما عبارة رئيس المحكمة فإنها وردت في نصوص المواد 24/2، 37/ ب، 45/2، 56 منه وقصد بها المشرع رئيس المحكمة المشار إليها في المادة التاسعة من التقنين المار بيانه عندما يصدر أمراً على عريضة، وهو ما أكدته الأعمال التحضيرية بأن الطلب يكون في صورة دعوى، ولو أراد المشرع أن يكون تقديم الطلب إلى رئيس المحكمة لنص على ذلك، إضافة إلى أن نظر المحكمة لهذا الطلب يوفر ضمانة أساسية، من ضمانات التقاضي للمحتكم بتحقيق مبدأ المواجهة القضائية ومبدأ حضورية الأدلة ويحافظ على حقوق الطرفين في الدفاع.
6 - استصدار أمر على عريضة من رئيس المحكمة المختصة بتعيين المحكم بعد اختلاف الطرفين على تعيينه يكون باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام لمخالفة الإجراء الواجب اتباعه بالالتجاء إلى القضاء، إلا أنه رغم ذلك فإن البطلان يعتبر كأن لم يكن ويزول طالما تحققت الغاية من الإجراء، وهي كفالة ضمانات التقاضي الأساسية للمحتكمين سواء ما تعلق منها بالمواجهة القضائية أو حضورية الأدلة أو كفالة حق الدفاع.
7 - إذ كان الثابت في الأوراق أن القرار بتعيين محكم عن المطعون ضدهم قد صدر من رئيس الدائرة المختصة بالمحكمة المنصوص عليها في المادة التاسعة من تقنين التحكيم، غير موقع عليه من باقي هيئة المحكمة ولم يتوفر فيه مبدأ المواجهة القضائية وحق المطعون ضدهم في الدفاع قبل إصداره، وهو ما كان يتم حال صدور الأمر في صورة حكم قضائي، كما اعتصم المطعون ضدهم أمام هيئة التحكيم ببطلان تشكيلها لبطلان أمر التعيين، بما يمتنع معه القول بتحقق الغاية من الإجراء الباطل بتعيين محكم عنهم، على نحو يبطل القرار بطلاناً متعلقاً بالنظام العام، وإذ قضي الحكم المطعون فيه بإلغاء ذلك القرار المتظلم منه، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
8 - الدفاع الذي يتعين على محكمة الموضوع النظر فيه وتحقيقه هو الدفاع الذي يستند إلى أساس قانوني صحيح.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة بين الدعويين، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به في الدعوى الثانية، مؤدى ذلك أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حائز قوة الأمر المقضي، وكان يتعين للقول بحجية حكم التحكيم رقم 68 لسنة 1995 محل النعي فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان تشكيل هيئة التحكيم، أمام المحكمة المطعون على حكمها أن يعرض لهذه المسألة ويمحصها باعتبار أن العلة في منع إعادة الطرح لها أمام القضاء في سابقة بحثها والمناضلة بشأنها، وإذ كان البين من حيثيات حكم التحكيم عدم بحثه أو تناوله لموضوع الدفع المبدى من المطعون ضدهم ببطلان تشكيل هيئة التحكيم، مكتفياً في ذلك بحجية الحكم الابتدائي بعدم جواز التظلم في أمر تعيين المحكم، رغم أن الحكم الأخير قد زالت عنه حجيته مؤقتا، باستئنافه بالحكم المطعون فيه، بما لا يحول دون إعادة نظرها من جديد فإن التمسك بحجية حكم التحكيم سالف البيان في شأن تلك المسألة يضحى بلا سند قانوني صحيح، ومن ثم فلا يعد دفاعا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه .
10 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن المصلحة في الطعن سواء كانت حالة أو محتملة مناطها أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن إما برفض كل طلباته أو القضاء ببعضها دون البعض الآخر أو لم يتمش مع المركز القانوني الذي يدعيه بما يترتب عليه من آثار، وكان أمر التحكيم رقم 1 لسنة 1995 محكمة شمال القاهرة الابتدائية بإجابة الطاعنة بتعيين محكم عن المطعون ضدهم قد تم تنفيذه وشكلت هيئة التحكيم وفق طلبات الطاعنة وأصدرت حكمها بتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1996 في الخصومة التحكيمية، قبل صدور الحكم المطعون فيه، فإن الحكم إذ ألغى القرار المتظلم منه ورفض طلب تعيين محكم عن المطعون ضدهم، لا يكون قد أضر بالطاعنة لسابقة تنفيذ الأمر المتظلم منه وحسم المنازعة التحكيمية بين الطرفين، بما لا مجال معه لتنفيذ الحكم المطعون فيه، وينتفي الضرر الذي لحق الطاعنة من صدوره، وتزول الفائدة من نقضه، الأمر الذي تنعدم معه مصلحة الطاعنة في الطعن بطريق النقض في هذا الحكم.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة تقدمت بطلب إلى رئيس محكمة شمال القاهرة الابتدائية ابتغاء استصدار أمر بتعيين أحد المحكمين لتمثيل المطعون ضدهم في الدعوى التحكيمية التي تعتزم رفعها قبلهم، وبتاريخ 27 من سبتمبر سنة 1995 أصدر رئيس الدائرة المختصة بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية أمر التحكيم رقم ... لسنة 1995 بتعيين المهندس/ ... محكما عن المطعون ضدهم كطلب الطاعنة. وإذ تظلم المطعون ضدهم من هذا القرار بالدعاوي أرقام ... لسنة 1995، ...، ... لسنة 1996 تجاري شمال القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بإلغاء قرار رئيس محكمة شمال القاهرة الابتدائية بتعيين محكم عنهم استنادا لصدوره من غير مختص ولائيا، باعتبار أن القضاء الإداري هو المختص بنظر النزاع، كما أنه صدر من رئيس الدائرة في صيغة أمر دون أن يصدر من المحكمة في صورة حكم إعمالا لنص المادة 17 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وإذ ضمت المحكمة الدعويين الثانية والثالثة إلى الدعوي الأولى، وبتاريخ 26 من يونيه سنة 1996 حكمت بعدم جواز التظلمات الثلاثة. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 113ق أمام محكمة استئناف القاهرة التي قضت بتاريخ 8 من يوليه سنة 1997 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلغاء الأمر المتظلم منه رقم ... لسنة 1995 تجاري شمال القاهرة، وبرفض تعيين محكم عن المطعون ضدهم طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول من سيبي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنه أقام قضاءه بإلغاء أمر التحكيم المتظلم منه رقم ... لسنة 1995 تجاري شمال القاهرة لصدوره في صورة قرار بأمر على عريضة دون أن يأخذ هيئة الحكم من المحكمة بما يخالف نص المادة 17 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 التي لم تشترط صدوره في صورة حكم قضائي، كما أن الغاية من مثل هذا الأمر لمواجهة حالات السرعة في الإجراءات المتطلبة في منازعات التحكيم، فضلا عن مخالفته للثابت في الأوراق لصدور هذا الأمر من السيد رئيس الدائرة المختصة بعد عرضه على الدائرة دون قاضي الأمور الوقتية، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد النص في المادة التاسعة من تقنين التحكيم رقم 27 لسنة 1994، أن المشرع نظم اختصاص المحاكم المصرية بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها ذات التقنين إلى القضاء وهي المتعلقة بإجراءات التحكيم كالأمر باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها أو اختيار محكم وإنهاء مهمته، فجعلها المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع وفق القواعد الواردة في هذا الشأن في تقنين المرافعات، أما إذا كان التحكيم تجاريا دوليا سوى جرى في مصر أو خارجها كان الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتم الاتفاق على محكمة استئناف أخرى، والنص في المادة 17 من تقنين التحكيم سالف البيان على أنه "لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم فإذا لم يتفقا أتبع ما يأتي: أ- ... ، ب- فإذا كانت هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكما ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه طلبة بذلك من الطرف الآخر، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تعيين آخرهما، تولت المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة رئاسة هيئة التحكيم، وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين. 2- وإذ خالف أحد الطرفين إجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها، أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه، أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليه في هذا الشأن، تولت المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون بناء على طلب أحد الطرفين القيام بالإجراء أو بالعمل المطلوب ما لم ينص في الاتفاق على كيفية أخري لإتمام هذا الإجراء أو العمل. 3- وتراعي المحكمة في المحكم الذي تختاره الشروط التي يتطلبها هذا القانون وتلك التي اتفق عليها الطرفان، وتصدر قرارها باختيار المحكم على وجه السرعة، ومع عدم الإخلال بأحكام المادتين 18 ، 19 من هذا القانون لا يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن"، وكان إعمال التفسير اللغوي أو اللفظي لهذا النص - باستنباط المعنى الذي أراده الشارع من الألفاظ والعبارات التي يتكون منها النص سواء من عباراته أو إشارته أو دلالته - يؤدي إلى أنه لم يبين صراحة نوع الإجراء الواجب اتباعه سواء بالنسبة لطلب تعيين المحكم أو بشأن القرار الذي تصدره المحكمة باختياره، وإذا تعذر على القاضي الوقوف على قصد المشرع عن طريق التفسير اللغوي، فقد تعينه على الكشف عن هذا القصد عناصر خارجية أي غير مستمدة من الدلالات المختلفة للنص، كالأعمال التحضيرية والمصادر التاريخية والحكمة من النص، والجمع بين النصوص، فالتفسير يجب أن يتوخى الكشف عن المعنى أو المعاني التي ينطوي عليها النص اختيارا للحل الأقرب إلى تحقيق العدالة باعتباره الحل المناسب الذي أوجب القانون إعماله، خاضعة لرقابة محكمة النقض وهي تضطلع بمهمتها في توحيد فهم القانون، وإعمالا لهذه القواعد فإن المشرع قد قصد بصياغة المادة 17 من تقنين التحكيم سالف البيان إلى أن يكون طلب تعيين المحكم بموجب صحيفة تقدم للمحكمة بالطرق المعتادة لرفع الدعوى، وليس في شكل أمر على عريضة وأن قرار المحكمة الذي يصدر في ذلك الطلب يكون في صورة حكم قضائي، وأن المقصود بكلمة محكمة هي المحكمة بكامل هيئتها عندما تقوم بالفصل في الدعوى المرفوعة أمامها بالطرق المعتادة لرفعها وهو ما يبين من استقراء نصوص المواد 13، 14، 17، 20، 47، 53/ 2، 54/ 2، 57، 58 من ذات التقنين، أما عبارة رئيس المحكمة فإنها وردت في نصوص المواد 24 /2، 37/ ب، 45/ 2، 56 منه وقصد بها المشرع رئيس المحكمة المشار إليها في المادة التاسعة من التقنين المار بيانه عندما يصدر أمر على عريضة، وهو ما أكدته الأعمال التحضيرية بأن الطلب يكون في صورة دعوي، ولو أراد المشرع أن يكون تقديم الطلب إلى رئيس المحكمة لنص على ذلك، إضافة إلى أن نظر المحكمة لهذا الطلب يوفر ضمانة أساسية من ضمانات التقاضي للمحتكم بتحقيق مبدأ المواجهة القضائية ومبدأ حضورية الأدلة ويحافظ على حقوق الطرفين في الدفاع، ومؤدى ذلك أن استصدار أمرة على عريضة من رئيس المحكمة المختصة بتعيين المحكم بعد اختلاف الطرفين على تعيينه يكون باطلا بطلانا متعلقا بالنظام العام لمخالفة الإجراء الواجب اتباعه بالالتجاء إلى القضاء، إلا أنه رغم ذلك فإن البطلان يعتبر كأن لم يكن ويزول طالما تحققت الغاية من الإجراء، وهي كفالة ضمانات التقاضي الأساسية للمحتكمين سواء ما تعلق منها بالمواجهة القضائية أو حضورية الأدلة أو كفالة حق الدفاع. لما كان ذلك ، وكان الثابت في الأوراق أن القرار بتعيين محكم عن المطعون ضدهم قد صدر من رئيس الدائرة المختصة بالمحكمة المنصوص عليها في المادة التاسعة من تقنين التحكيم، غير موقع عليه من باقي هيئة المحكمة ولم يتوفر فيه مبدأ المواجهة القضائية وحق المطعون ضدهم في الدفاع قبل إصداره، وهو ما كان يتم حال صدور الأمر في صورة حكم قضاني، كما اعتصم المطعون ضدهم أمام هيئة التحكيم ببطلان تشكيلها لبطلان أمر التعيين، بما يمتنع معه القول بتحقق الغاية من الإجراء الباطل بتعيين محكم عنهم، على نحو يبطل القرار بطلانا متعلقا بالنظام العام، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء ذلك القرار المتظلم منه، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس. وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجهين الثالث من السبب الأول، والأول من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ تمسكت أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بموجب حكم التحكيم الصادر بتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1996 والذي تم تنفيذا لأمر تعيين المحكم، وقد قضى بصحة تشكيل هيئة التحكيم، وقد حاز هذا الحكم حجية تلزم محكمة الاستئناف عدم مخالفته، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفع وقضى بإلغاء الأمر بتعيين محكم عن المطعون ضدهم، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه لما كان الدفاع الذي يتبعن على محكمة الموضوع النظر فيه وتحقيقه هو الدفاع الذي يستند إلى أساس قانوني صحيح، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة بين الدعويين، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارا جامعا مانعا فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به في الدعوى الثانية، مؤدى ذلك أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعا لحكم حائز قوة الأمر المقضي، وكان يتعين للقول بحجية حكم التحكيم رقم ... لسنة 1995 محل النعي فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان تشكيل هيئة التحكيم، أمام المحكمة المطعون على حكمها أن يعرض لهذه المسألة ويمحصها باعتبار أن العلة في منع إعادة الطرح لها أمام القضاء هي سابقة بحثها والمناضلة بشأنها، وإذ كان البين من حيثيات حكم التحكيم عدم بحثه أو تناوله لموضوع الدفع المبدى من المطعون ضدهم ببطلان تشكيل هيئة التحكيم، مكتفيا في ذلك بحجية الحكم الابتدائي بعدم جواز التظلم في أمر تعيين المحكم، رغم أن الحكم الأخير قد زالت عنه حجيته مؤقتا، باستئنافه بالحكم المطعون فيه، بما لا يحول دون إعادة نظرها من جديد، فإن التمسك بحجية حكم التحكيم سالف البيان في شأن تلك المسألة يضحي بلا سند قانوني صحيح، ومن ثم فلا يعد دفاعا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه، ويضحي النعي على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، إذ تمسكت بزوال مصلحة المطعون ضدهم في الطعن بالاستئناف على الحكم الابتدائي ، وذلك بصدور حكم التحكيم في 10 من نوفمبر سنة 1996 بعدم اختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع استجابة للدفع المبدى منهم بما تنعدم معه مصلحتهم في إلغاء الحكم الابتدائي، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه إيراد هذا الدفع أو الرد عليه رغم جوهريته فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المستقر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة في الطعن سواء كانت حالة أو محتملة مناطها أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن إما برفض كل طلباته أو القضاء ببعضها دون البعض الآخر أو لم يتمش مع المركز القانوني الذي يدعيه بما يترتب عليه من آثار، وكان أمر التحكيم رقم ... لسنة 1995 محكمة شمال القاهرة الابتدائية بإجابة الطاعنة بتعيين محكم عن المطعون ضدهم قد تم تنفيذه وشكلت هيئة التحكيم وفق طلبات الطاعنة وأصدرت حكمها بتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1996 في الخصومة التحكيمية، قبل صدور الحكم المطعون فيه، فإن الحكم إذ ألغى القرار المتظلم منه ورفض طلب تعيين محكم عن المطعون ضدهم، لا يكون قد أضر بالطاعنة السابقة تنفيذ الأمر المتظلم منه وحسم المنازعة التحكيمية بين الطرفين، بما لا مجال معه لتنفيذ الحكم المطعون فيه، وينتفي الضرر الذي لحق الطاعنة من صدوره، وتزول الفائدة من نقضه، الأمر الذي تنعدم معه مصلحة الطاعنة في الطعن بطريق النقض في هذا الحكم، ويضحي النعي بهذا الوجه غير منتج ومن ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق