الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 27 يناير 2015

استفادة القاضي من حصيلة الرسوم لا يفقده حيدته

قضية 120 لسنة 28 ق المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
          بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من ديسمبر سنة 2014م، الموافق الحادي والعشرين من صفر سنة 1436 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عدلي محمود منصور     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / عبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوي ومحمد خيري طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور  حمدان حسن فهمي              
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم       رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع            أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 120 لسنة 28 قضائية
" دستورية " .
المقامة من
شركة مصر للتجارة الخارجية
ضــــــــد
1 - السيد رئيس الجمهوريـة
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء
3 - السيد رئيس مجلس الشعــب
4 - السيد وزير العــدل
5 - السيد رئيس قلم المطالبــــــة بمحكمة استئناف القاهرة
الإجراءات
بتاريخ السادس من شهر يوليو سنة 2006، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طلبًا للحكم بعدم دستورية المواد 184، 189، 190 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، والمواد 1، 16،17، 18 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة، مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًّا : بعدم قبول الدعوى واحتياطيًّا : برفضها .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
          حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أنه بتاريخ 21/4/1998 أوقعت شركة ر. د هار بوتيل (ميركانتيل ) حجزًا على أموال الشركة المدعية لدى البنوك ( حجز ما للمدين لدى الغير) وفاء لمبالغ مالية مستحقة عليها نفاذًا للحكم الصادر لصالحها من محكمة لندن للتحكيم الدولى، فأقامت الشركة المدعية الدعويين رقمى 730، 743 لسنة 1998 مدنى جزئى عابدين ضد الشركة الحاجزة طلبت فى ختام صحيفة أولاهما الحكم برفع الحجز الموقع على أموالها، وطلبت فى ختام صحيفة ثانيتهما بصفة مستعجلة قصر الحجز على ما تحت يد البنك التجارى الدولى لمساواته للمبالغ المحجوز من أجلها، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين حكمت فيهما بالرفض وألزمت رافعهما بالمصاريف، فطعنت الشركة المدعية على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 200 لسنة 1999 أمام محكمة جنوب القاهرة بدائرة استئنافية، وبجلسة 27/6/2001 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها قيميًّا بنظر الاستئناف، وأحالته إلى محكمة استئناف القاهرة حيث قيد أمامها برقم 1033 لسنة 119قضائية، وبجلسة 15/1/2003 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفع الحجز الموقع بتاريخ 21/4/1998 موضوع الدعوى، على سند من أن المدين ( الشركة المدعية ) أوفى الدائن مبلغ الدين موضوع الحجز الموقع تحت يد الغير، وقد أقر وكيل المستأنف ضده (الشركة الحاجزة ) بذلك، ومن ثم أصبحت ذمة المستأنف غير مشغولة بهذا الدين، وتزول بذلك آثار الحجز نتيجة السداد، وألزمت الشركة المستأنفة المصاريف عملاً بالمواد184، 186، 240 من قانون المرافعات، لتمام السداد بعد اتخاذ إجراءات الحجز ورفع الدعوى . وإذ صدر أمر بتقدير الرسوم المستحقة على الاستئناف المذكور بمبلغ25,44440  جنيهًا رسومًا نسبية، 13,22220رسوم خدمات، فعارضت الشركة المدعية فى هذا الأمر، فقضت المحكمة برفض المعارضة، فاستأنفت الشركة المدعية ذلك الحكم، وأثناء نظره دفعت بعدم دستورية المواد 184/1،189، 190 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، والمادتين 1، 18 من القانون رقم90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت الدعوى الماثلة .
          وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد -على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بنطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع، وبالقدر وفى الحدود التى تقدر فيها جديته، وكانت الشركة المدعية قد ضمنت صحيفة دعواها المادتين 16، 17 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية، دون أن يشملهما الدفع المبدى أمام محكمة الموضوع، فإن نطاق هذه الدعوى لا يمتد إليهما لانتفاء اتصالهما بالمحكمة وفقًا للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها .
          وحيث إن هذه المحكمة قد سبق لها أن حسمت أمر دستورية نص المادتين 1، 18 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية بالحكمين الصادر أولهما - فى الدعوى رقم 33 لسنة22 قضائية " دستورية " بجلسة 9/6/2002 والذى قضى برفض الدعوى التى أقيمت طعنًا على نص المادة (1) من القانون المشار إليه، ونشر بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (25 تابع ) بتاريخ 20/6/2002، والصادر ثانيهما :- فى الدعويين رقمى 185، 186لسنة 25 قضائية " دستورية " بجلسة 11/6/2002 والذى قضى برفض الدعوى التى أقيمت طعنًا على نص المادة (18) من القانون المشار إليه، وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (23 مكررًا) بتاريخ 13/6/2006، ولما كان لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيبًا من أى جهة كانت، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو السعي لنقضه من خلال إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، ومن ثم فإن الخصومة بالنسبة للمادتين 1، 18 من القانون رقم90 لسنة 1944 المشار إليه، تكون غير مقبولة .
    وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى الدعوى الدستورية لازمًا للفصل فى النزاع الموضوعي .
   متى كان ذلك، وكانت الدعوى الموضوعية تتعلق بمعارضة الشركة المدعية فى أمر تقدير الرسوم القضائية وتلك المستحقة لصندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، والتى تسرى فى شأنها أحكام المادتين 16 و17 من قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944، ومن ثم فإن الفصل فى دستورية نص المادتين 189 و190 من قانون المرافعات اللتين تنظمان الوسيلة الإجرائية لاستصدار حكم بالمصاريف بين خصوم الدعوى قبل بعضهم البعض، لن يكون له أى أثر على الدعوى الموضوعية، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن على هذين النصين .
   وحيث إن الأساس القانونى لإلتزام الشركة المدعية بالرسوم موضوع الدعوى هو ما نص عليه صدر الفقرة الأولى من المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية من أن " يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذى تنتهى به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها فى مصاريف الدعوى " ومنثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد بهذا النص وحده ولا يمتد إلى باقى أحكام هذه المادة .
     وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه مخالفته نصوص المواد 8، 40، 68، 69 من دستور 1971 والتى تقابل المواد9، 53، 97، 98 من دستور 2014، تأسيسًا على أنه اختص القضاة بإصدار أوامر تقدير الرسوم القضائية، ونظر دعاوى المعارضة فى تقديرها، والفصل فيها، رغم كونهم أصحاب مصلحة لانتفاعهم بخدمات صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، والذى تؤول إليه نسبة من هذه الرسوم، مما يخل بحيدة القضاة وبمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص .
     وحيث إن المقرر أن الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التى ينبغى أن تقوم عليها الجماعة، تقتضى إخضاع القواعد القانونية جميعها - وأيًّا كان تاريخ العمل بها - لأحكام الدستور القائم لضمان اتساقها والمفاهيم التى أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد فى مضامينها بين نظم مختلفة يتناقض بعضها البعض بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التى تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية، ومن ثم فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها القضائية على النصوص المطعون فيها على ضوء أحكام الدستور الصادر عام 2014 .
   ومن حيث إن تنظيم الرسوم القضائية وتقديرها ورد بالقانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية، وكذلك أحكام المواد من 184 وحتى 190 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وقد استهل المشرع هذا التنظيم بإلزام المدعى عند إقامة دعواه بسداد رسم نسبى يسير كمقدم للحصول على الخدمة القضائية من مرفق العدالة، وذلك للتيسير على الأفراد فى الالتجاء للقضاء للذود عن حقوقهم، وفى الوقت ذاته لصون مصالح الخزانة العامة، وأرجأ تحصيل ما يزيد على هذا المبلغ لحين صدور الحكم فى الدعوى، ثم يتم تسوية الرسوم على أساس ما يحكم به نهائيًّا، وألزم بمصروفات الدعوى ورسومها الطرف الذى يحدده الحكم سواء كان مدعيًا أم مدعى عليه، والأصل أن يتم تقدير هذه المصروفات والرسوم فى الحكم إن أمكن، فإذا ما صدر الحكم خلوًا منها، كان لرئيس المحكمة التى أصدرت الحكم أو القاضي حسب الأحوال أن يصدر أمرًا بتقدير هذه الرسوم.
          وحيث إن الدستور دل بنص المادة (97) منه- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على وجوب أن يكون لكل خصومة قضائية قاضيها، ولو كانت الحقوق المتنازع عليها من طبيعة مدنية، وألقى على عاتق الدولة التزامًا يقتضيها أن توفر لكل فرد - وطنيًّا كان أو أجنبيًّا - نفاذًا ميسرًا إلى محاكمها يكفل الضمانات الأساسية اللازمة لإدارة العدالة إدارة فعالة وفقًا لمستوياتها فى الدول المتحضرة، وكانت الحقوق التى تستمد وجودها من النصوص القانونية يلازمها بالضرورة - ومن أجل اقتضائها - طلب الحماية التى يكفلها الدستور أو المشرع لها، باعتبار أن مجرد النفاذ إلى القضاء لا يُعتبر كافيًا لضمانها، وإنما يجب أن يقترن هذا النفاذ دومًا بإزالة العوائق التى تحول دون تسوية الأوضاع الناشئة عن العدوان عليها، وبوجه خاص ما يتخذ منها صورة الأشكال الإجرائية المعقدة، كى توفر الدولة للخصومة فى نهاية مطافها حلاًّ منصفًا يقوم على حيدة المحكمة واستقلالها، ويضمن عدم استخدام التنظيم القضائي كأداة للتمييز ضد فئة بذاتها أو للتحامل عليها، وكانت هذه التسوية هى التى يعمد الخصم إلى الحصول عليها بوصفها الترضية القضائية التىي طلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التى يدعيها، فإن هذه الترضية – وبافتراض مشروعيتها واتساقها مع أحكام الدستور - تندمج فى الحق فى التقاضى، وتعتبر من متمماته .
      وحيث إن الدستور كفل بنص المادة(184)  استقلال السلطة القضائية كما نص كذلك فى المادة (186) على أنه لا سلطان على القضاة فى قضائهم لغير القانون، وهذا المبدأ الأخير لا يحمى فقط استقلال القاضي، بل يحول كذلك دون أن يكون العمل القضائي وليد نزعة شخصية غير متجردة، ومن ثم تكون حيدة القاضي شرطًّا لازمًا دستوريًّا لضمان ألا يخضع فى عمله لغير سلطان القانون، وقد اطرد قضاء هذه المحكمة على أن استقلال السلطة القضائية وإن كان لازمًا لضمان موضوعية الخضوع للقانون، ولحصول من يلوذون بها على الترضية القضائية التى يطلبونها عند وقوع عدوان على حقوقهم وحرياتهم، إلا أن حيدتها وهى عنصر فاعل فى صون رسالتها لا تقل شأنًا عن استقلالها بما يؤكد تكاملهما، وهاتان الضمانتان - وقد فرضهما الدستور على ما تقدم- تعتبران قيدًا على السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، ومن ثم يلحق البطلان كل تنظيم تشريعى للخصومة القضائية على خلافهما .
    وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه أنه يُعطى القاضى سلطة الفصل في دعوى يقضى فيها لصالح جهة عمله ولصالحه شخصيًّا بالرسوم التى تعود حصيلتها لصندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، مما يفقده الحيدة على نحو ما يقضى به قانون المرافعات بشأن صلاحيته .
     وحيث إن هذا النعي مردود، بأن الحق فى رد قاض بعينه عن نظر نزاع محدد وثيق الصلة بحق التقاضي، وكان من المقرر أن تنظيم المشرع لأحوال رد القضاة - على ما يتبين من قانون المرافعات وأعماله التحضيرية -قد توخى قاعدة أصولية قوامها أن كل متقاض يجب أن يطمئن إلى أن قضاء قاضيه لا يصدر إلا عن الحق وحده، دون تأثير من دخائل النفس البشرية فى هواها وتحيزها، وقد وازن المشرع بالنصوص التى نظم بها رد القضاة بين أمرين أولهما:- ألا يفصل فى الدعوى -وأيًّا كان موضوعها - قضاة داخلتهم شبهة تقوم على مظنة ممالأة أحد أطرافها والتأثير بالتالي فى حيدتهم، ومن ثم أجاز المشرع ردهم وفق أسباب حددها ليحول دونهم وموالاة نظر الدعوى التى قام سبب ردهم بمناسبتها، ثانيهما :- ألا يكون رد القضاة مدخلاً إلى التشهير بهم دون حق، أو لمنعهم من نظر قضايا بذواتها توقيًا للفصل فيها كيدًا ولددًا، وكان من المقرر - بنص المادة 294/2 من قانون المرافعات - أن القاضى يُعد مُنكرًا للعدالة، ويحق لصاحب المصلحة مخاصمته، إذا امتنع عن الإجابة على عريضة قدمت له، أو عن الفصل فى دعوى صالحة للحكم فيها، ومن ثم وجب عليه مباشرة ما هو منوط به من سلطة ولائية أو قضائية فيما يُقدم إليه من عرائض او يُطرح عليه من خصومات، وإلا حقت مساءلته مدنيًا وفقًا للقواعد والإجراءات المبينة فى هذه المادة- بطريق المخاصمة - ومن ثم فإن حقى الرد والمخاصمة المخولين للمتقاضين – كفيلان بسد أية ثغرة يمكن أن ينفذ منها الريب إلى نفوسهم ويهتز به اطمئنانهم إلى قضاتهم، ويخل بثقتهم فى أن ما يقضون به - فى أقضيتهم هو الحق لا غيره .
    وحيث إن القول بعدم صلاحية القضاة جميعهم للفصل فى مصاريف الدعوى استنادًا إلى قالة تعارض مصالحهم الشخصية فيما يعود على هيئاتهم من جزء من رسومها يؤدى إلى غل يد القضاة عن الفصل فى هذا النزاع الأمر الذى يعد إنكارًا للعدالة بالمخالفة لأحكام المادتين 94 و97 من الدستور .
    وحيث إن الدستور والقانون كليهما قد أحاطا القضاة - على النحو المتقدم - بسياج من الضمانات تؤكد استقلالهم وتكفل حيدتهم وتضمن تجردهم، وكان المشرع قد قرر بالنص المطعون فيه، أن مرد الرسوم المستحقة عن الدعوى، هو إلى الحكم الموضوعي الذى فصل نهائيًّا فى الحق محلها - والذى يعين الخصم الذى خسر دعواه، والملتزم بمصروفاتها -والرسوم جزء منها - والواجب إصدار أمر تقديرها ضده، دون أن يكون للقاضى الآمر به دخل فى تعيينه، ولا يعقل - بالتالى - أن يكون منحازًا فى مباشرة عمله ضد من تَحدد مركزه من الالتزام بالرسوم قبل عرض طلب تقديرها عليه، ومن ثم فإن القول بإنكار صلاحية القضاة - جميعًا - للأمر بتقدير الرسوم القضائية، والفصل فى المعارضة فيها، لا يعدو أن يكون وهمًا يأباه المنطق الصحيح .
   وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان لا دليل من النص المطعون فيه - على النحو المتقدم - على إخلاله بحق التقاضى أو ضمانة الدفاع أو مبدأ المساواة أمام القانون، أو مساسه باستقلال السلطة القضائية وحيدة أعضائها وتجردهم لدى الفصل فى الأنزعة القضائية، أو حجبه عن أطرافها حقوقهم القانونية فى رد ومخاصمة قضاتهم، وكان المشرع عند إقراره هذا النص لم يتجاوز سلطته التقديرية التى يملكها فى مجال تنظيم الحقوق، ولم يتعد تخومها، فإن هذه الدعوى تُعد فاقدة لأساسها ويتعين الحكم برفضها .
فلهــــذه الأسبــــاب

          حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق