قضية رقم 36
لسنة 19 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة
الدستورية العليا
بالجلسة
العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من ديسمبر سنة 2014م، الموافق الحادى
والعشرين من صفر سنة 1436 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود
منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / عبد الوهاب عبد
الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوى ومحمــد خيـرى طـــهالنجار وسعيــــد مرعــــى
عمــــــرو ورجـب عبد الحكيـم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيدالمستشار
/ محمود محمد غنيم
رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد / محمدناجى عبد السميع
أمين السر
أصدرت
الحكمالآتى
فى
القضيةالمقيــــــدة بجدول المحكمــــــة الدستورية العليا برقم 36 لسنة 19 قضائية
"دستورية " . بناءً على حكم الإحالة الصادر بجلسة 8/1/1997 من
محكمة استئناف بنى سويف ( مأموريةالمنيا ) فى الاستئناف رقم 319 لسنة 32 ق.م .
المقامة من
1- السيد / جبريل فرج جبريل
2- السيد / مفتاح فرج جبريل
ضـــــــد
أولاً: ورثة المرحوم فرج
جبريل محمود وهم :
1- السيدة / ريم حسن سلطان
زوجة المرحومفرج جبريل
2- السيدة / سالمه فرج جبريل
3- السيد / مفتاح فرج جبريل
4- جبريل فرج جبريل
ثانيًا: 5
- عصام شوقى محمد أمين
6- السيد
مدير مصلحة الأملاك الأميريةبالمنيا
"
الإجراءات"
بتاريخ الخامس والعشرين من فبراير سنة 1997،ورد إلى هذه المحكمة ملف الدعوى رقم
319 لسنة 32 قضائية بعد أن قضت محكمة استئنافبنى سويف – مأمورية المنيا – بوقف
الاستئناف، وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة الثانية
من المادة (65) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المضافة بالقانون رقم 6 لسنة
1991، والمادة (32) من القانون رقم142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى، والمادة ( 24
مكررًا ) من القانون رقم 70 لسنة 1964بشأن رسوم التوثيق والشهر المضافة بالقانون
رقم 6 لسنة 1991 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبتفيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضينتقريرين برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضرالجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها
بجلسة اليوم .
"
المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من حكمالإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن
المستأنفين أقاما ضد مورث المستأنف ضدهمالأربعة الأوائل وكذلك الخامس والسادس،
الدعوى رقم 994 لسنة 1995 مدنى كلى المنيا،بطلب الحكم بصحة التعاقد المؤرخ
13/2/1988، المتضمن بيع مورث المدعى عليهم مساحةالأراضى الزراعية المبينة بالأوراق
نظير مبلغ مقداره ( 3150 ) جنيهًا، وقضت محكمةأول درجة بعدم قبول الدعوى لإقامتها
دون شهر صحيفتها خلافًا لما أوجبته الفقرةالأخيرة من المادة (65) من قانون
المرافعات المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991،ولعدم التأشير فى السجل العينى
بالمخالفة للمادة (32) من القانون رقم 142 لسنة 1964بنظام السجل العينى، فطعن
المدعيان فى هذا الحكم بالاستئناف رقم 319 لسنة 32قضائية، وبجلسة 8/1/1997، قضت
المحكمة بوقف نظر الاستئناف وإحالته إلى المحكمةالدستورية العليا للفصل فى دستورية
الفقرة الثانية من المادة (65) من قانونالمرافعات المضافة بالقانون رقم 6 لسنة
1991، والمادتين (32) من القانون رقم 142لسنة 1964 بنظام السجل العينى و(24
مكررًا) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسومالتوثيق والشهر المضافة بالقانون
رقم 6 لسنة 1991، لما تراءى لها من أن هذه الموادتنال من الحق فى التقاضى إذ إنها
تُلزم مُقيم دعوى صحة التعاقد بإجراء تغيير فىبيانات السجل العينى والتأشير فى
السجل العقارى بما يفيد إقامة الدعوى، وتقديمشهادة تفيد حصول هذا التأشير، كما أن
المادة (24 مكررًا) من القانون رقم 70 لسنة 1964بشأن رسوم التوثيق والشهر المضافة
بالقانون رقم 6 لسنة 1991، قد زادت من أعباءالمدعى، حين ألزمته بإيداع خزينة
المحكمــــة ربع الرســـم المستحق على إشهـــارالتصرف، وهو ما يشكل - بالإضافة إلى
العبء المادى – تعقيدًا فى الإجراءات، وذلككله بالمخالفة لحكم المادتين (68، 69)
من دستور سنة 1971، ومن ثم قررت تلك المحكمةإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية
العليا للفصل فى دستورية هـذه النصوص .
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة (65) منقانون المرافعات المدنية والتجارية
الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 المضافةبالقانون رقم 6 لسنة 1991، تنص على أن :
" ولا تقبل دعوى صحة التعاقد على حقمن الحقوق العينية العقارية إلا إذا أشهرت
صحيفتها " .
وتنص المادة (32) من القانون رقم 142لسنة 1964 بنظام السجل العينى على أن : "
الدعاوى المتعلقة بحق عينى عقارى أوبصحة أو بنفاذ تصرف من التصرفات الواجب قيدها
يجب أن تتضمن الطلبات فيها إجراءالتغيير فى بيانات السجل العينى ولا تقبل الدعوى
إلا بعد تقديم شهادة دالة علىحصول التأشير فى السجل بمضمون هذه الطلبات " .
كما تنص المادة (24 مكررًا) من القانونرقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر،
المضافــة بالقانون رقم 6 لسنة 1991،على أن : " تحصل مؤقتًا – عند شهر صحيفة
دعوى صحة التعاقد على حقوق عينيةعقارية أو عند شهر طلب عارض أو طلب تدخل أو طلب
إثبات اتفاق يتضمن صحة التعاقد علىحق من هذه الحقوق – أمانة قضائية تورد لخزينة
المحكمة المختصة على ذمة شهر الحكمالذى يصدر فى الدعوى أو الطلب مقدارها (25%) من
قيمة الرسم النسبى الذى يستحق علىشهر الحكم طبقًا للقواعد الواردة بالمادة (21) من
هذا القانون، وتخصم قيمة هذهالأمانة من الرسم النسبى المستحق عن ذلك الشهر .
وفى حالة القضاء نهائيًّا برفض الدعوىأو عدم قبولها أو اعتبارها كأن لم تكن أو
تركها أو سقوط الخصومة فيها أو فى حالةعدم شهر الحكم لتخلف أحد الشروط اللازمة
قانونًا لشهره والتى لا دخل لإرادة طالبالشهر فيها، يمحى ما تم من شهر، ويعتبر كأن
لم يكن، وترد الأمانة بغير رسوم ".
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمةأن الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها
على ما دونها من القواعد القانونية،وضبطها للقيم التى ينبغى أن تقوم عليها الجماعة،
تقتضى إخضاع القواعد القانونيةجميعها – وأيًّا كان تاريخ العمل بها – لأحكام
الدستور القائم لضمان اتساقهاوالمفاهيم التى أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد فى
مضامينها بين نظم مختلفة يناقضبعضها البعض، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس
الموضوعية ذاتها التى تطلبهاالدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية . متى كان
ذلك، فإن المحكمة تتناول بحثدستورية النصوص التشريعية المحالة على ضوء أحكام
الدستور القائم الصادر فى 18/1/2014.
وحيث إن المستقر عليه فى قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن المصلحة الشخصية
المباشرة تُعد شرطًا لقبول الدعوىالدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها
وبين المصلحة فى الدعوىالموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية
لازمًا للفصل فى الطلباتالموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، متى
كان ذلك، وكان المدعيانيهدفان من دعواهما الموضوعية الحكم بصحة العقد المؤرخ
13/2/1988 والمبرم بينهموبين مورث المدعى عليهم، فإن الفصل فى دستورية النصوص
المحالة سوف يكون له انعكاسهعلى الفصل فى الطلبات الموضوعية المطروحة على محكمة
الموضوع، وهو ما يتوافر به شرطالمصلحة المباشرة فى الدعوى، والتى يتحدد نطاقها بما
تضمنه نص الفقرة الثانية منالمادة (65) من قانون المرافعات المدنية والتجارية
المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991،والمادة (32) من القانون رقم 142 لسنة 1964
بنظام السجل العينى، والمادة (24مكررًا) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن نظام
التوثيق والشهر، المضافة بالقانونرقم 6 لسنة 1991 .
وحيث إنه بالنسبة للطعن على نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون المرافعات
المدنية والتجارية، المضافة بالمادة الخامسة من القانون رقم 6 لسنة 1991، فإن
المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة بهذا
النص، وذلك بحكمهــــا الصـــادر فى القضية رقم 33 لسنة 21 قضائية " دستورية
" بجلسة الرابع من نوفمبر سنة 2000،والذى قضى برفض الدعوى طعنًا عليه، ونشر
هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (46)بتاريخ 16/11/2000، وكان مقتضى حكم
المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستوريةالعليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة
1979، أن يكون لقضائها فى المسائل الدستوريةحجية مطلقة، لا تجوز المجادلة فيها أو
إعادة طرح النزاع عليها من جديد لمراجعته،فإن الطعن على هذا النص يغدو غير مقبول .
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على نص المادة(32) من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام
السجل العينى أنه إذ يُلزم مقيم دعوى صحة التعاقد بإجراء تغيير في بيانات السجل
العيني والتأشير فى السجل بما يفيد إقامة هذه الدعوى، وتقديم الشهادة الدالة على
حصول هذا التأشير فى السجل بمضمون هذه الطلباتحتى تقبل الدعوى، فإن ذلك جميعه ينال
من أصل الحق فى التقاضى، مما يخالف نص المادة(68) من دستور سنة 1971 المقابل لنص
المادة (97) من دستور سنة 2014 .
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العلياقد جرى على أن سلطة المشرع فى تنظيمه لحق
التقاضى هى سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة التى
تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التى
يتوخاها، وأكفلها للوفاءبأكثر المصالح وزنًا، وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه
السلطة إلا أن يكونالدستور ذاته قد فرض فى شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخومًا
ينبغى التزامها . وفىإطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع باتباع أشكال جامدة
لا يريم عنها تفرغقوالبها فى صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز له أن يغاير فيما
بينها، وأن يقدرلكل حال ما يناسبها، على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التى
يباشر الحقفى التقاضى فى نطاقها، وبما لا يصل إلى حد إهداره، ليظل هذا التنظيم
مرنًا فلايكون إفراطًا يطلق الخصومة القضائية من عقالها انحرافًا بها عن أهدافها،
ولاتفريطًا مجافيًا لمتطلباتها، بل بين هذين الأمرين قوامًا، التزامًا
بمقاصدها،باعتبارها شكلاً للحماية القضائية للحق فى صورتها الأكثر اعتدالاً .
متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد تغيامن النص الطعين تنظيم التعامل فى الحقوق
العينية العقارية الأصلية والتصرف فيها وانتقال ملكيتها بين الأفراد وفقًا
للبيانات المثبتة بالسجل العينى، حرصًا علىاستقرار الملكية العقارية وعدم شيوع
الفوضى بشأنها، وتحقيق الأمان لكل من يتعاملعلى العقار وفقًا للبيانات الثابتة
بالسجل العينى، فضلاً عن أن هذا النص يهدف إلى تأمين المدعى فى دعوى صحة التعاقد
بمجرد إثبات صحيفتها فى السجل والتأشير بمضمون الطلبات بها ضد أى مدعٍ آخر يدعى أى
حق على خلاف ما هو ثابت بالسجل، وهو ما يؤدىإلى سلامة إجراءات الدعوى، كما يتوخى
النص الطعين أن تتوافر للخصومة القضائية فى دعوى صحة التعاقد عناصر جديتها، من
خلال تضمين الطلبات فيها ما يفيد إجراء التغيير فى بيانات السجل العينى، وتقديم
الشهادة الدالة على حصول التأشير فى السجل بمضمونهذه الطلبات، وعدم قبولها إلا بعد
تقديم هذه الشهادة، ومن ثم فإن ما قرره المشرع بهذا النص يندرج فى نطاق سلطته
التقديرية، ويقوم على أسس مبررة تستند إلى واقعيرتبط بالأغراض المشروعة التى
توخاها والمصالح التى توخى حمايتها دون انتقاص أوتقييد لحق التقاضى .
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على نص المادة(24 مكررًا) من القانون رقم 70 لسنة 1964
بشأن رسوم التوثيق والشهر، المضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991 فيما تضمنه من تحصيل
أمانة قضائية عند شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية مقدارها (25%)
من قيمة الرسم النسبى الذى يستحق على شهر الحكم، أنه يزيد فى تعقيد إجراءات رفع
دعوى صحة التعاقد على خلافالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، بما يناهض المادة (69)
من دستور سنة 1971المقابلة للمادة (98) من دستور سنة 2014، والتى أوجبت تمكين غير
القادرين ماليًّامن مباشرة دعواهم .
وحيث إن هذا النعى مردود بأن دعوى صحةالتعاقد إذا كان محلها حق عينى عقارى – تهدف
إلى تقرير صحة العقد وشهره – وقد قررالمشرع على من يقيمها توريد أمانة لخزينة
المحكمة المختصة، تسدد عند شهر صحيفةالدعوى، أو طلب التدخل فيها، أو طلب إثبات
اتفاق يتضمن صحة التعاقد، مقدارها (25%)من قيمة الرسم النسبى الذى كان يتعين على
طالب الحق سداده كاملاً، إذا لجأ إلىالشهر العقارى مباشرة قبل البدء فى إجراءات
الشهر، والمشرع بهذا التنظيم لا يكونقد مس الحق فى التقاضى وإنما نظم أمرًا يرتبط
باستئداء رسم قبل أداء الخدمةالمقابلة له، كما أن تحصيل هذا الرسم كاملاً هو الأصل
فى التكليف، وفضلاً عن ذلك،فقد قرر المشرع فى النص الطعين خصم قيمة هذه الأمانة من
الرسم النسبى المستحق عنالشهر، بل أوجب ردها بغير رسوم حال القضاء نهائيًّا برفض
الدعوى، أو عدم قبولها،أو اعتبارها كأن لم تكن، أو تركها، أو سقوط الخصومة فيها،
أو فى حالة عدم شهرالحكم لتخلف أحد الشروط اللازمة قانونًا لشهره والتى لا دخل
لإرادة طالب الشهرفيها . ومن ثم يكون النص الطعين قد جاء ملتزمًا بالضوابط
الدستورية التى تحكم سلطةالمشرع التقديرية فى تنظيم حق التقاضى دون أن يقيده، أو
يفرغه من مضمونه، أو يرهقهبأعباء مالية تنال منه أو تجاوز حد الاعتدال .
فلهــــذهالأسبــــاب
حكمت المحكمة :
أولاً :
بعدم قبول الدعوى بالنسبة للفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون
المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968المضافة بالقانون
رقم 6 لسنة 1991 .
ثانيًا: برفض الدعوى بالنسبة للمادة
(32) من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى والمادة (24 مكررًا) من
القانون رقم70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر المضافة بالقانون رقم 6 لسنة
1991 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق