الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 فبراير 2013

عدم دستورية اشتراط قضاء دورة نقابية سابقة بعضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية الأدنى للترشح للمنظمة النقابية الأعلى


قضية رقم 199 لسنة 27  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، الرابع من مارس سنة 2012م ، الموافق الحادى عشر من ربيع الآخر سنة 1433 ه .
برئاسة السيد المستشار /فاروق أحمد سلطان                رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى والدكتور حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف     نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو                   رئيس هيئة  المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع                      أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 199 لسنة 27 قضائية " دستورية " ، المحالة من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ( الدائرة الثانية ) بموجب حكمها الصادر بجلسة 29/5/2005 فى الدعوى رقم 1650 لسنة 56 قضائية .
المقامة من
السيد / سمير حسن محمود العربي
وشهرته سمير العربي
ضد
1 السيد وزير القوى العاملة
2 السيد مدير مديرية القوى العاملة بالقاهرة
3 السيد رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات
النقابات العمالية بمديرية القوى العاملة بالقاهرة
4 السيد رئيس الاتحاد العام لعمال مصر
خصم متدخل انضماميًا لجهة الإدارة
الإجراءات
          بتاريخ الحادى والثلاثين من أكتوبر سنة 2005 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 1650 لسنة 56 قضائية من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة – الدائرة الثانية – نفاذًا لحكمها الصادر بجلسة 29/5/2005 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نص المادة (36/د) من قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 وتعديلاته.
          وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى واحتياطيًا برفضها .
          وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
          ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أنه بتاريخ 3/11/2001 أقام المدعى ضد المدعى عليهم الثلاثة الأول الدعوى رقم 1650 لسنة 56 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة برفض قبول أوراق ترشيحه ، وعدم إدراج اسمه ضمن كشوف المرشحين لعضوية مجلس إدارة النقابة العامة للعاملين بالإنتاج الحربى ، مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إدراج اسمه ضمن كشوف المرشحين ، وذكر شارحًا دعواه أنه عضو بكل من النقابة العامة للعاملين بالإنتاج الحربى ، والجمعية العمومية للجنة النقابية للعاملين بشركة حلوان للصناعات الهندسية " مصنع 99 حربى " وخاض انتخابات اللجنة النقابية عن الدورة 2001 – 2006 ثم تقدم بأوراق ترشحه لخوض انتخابات النقابة العامة للعاملين بالإنتاج الحربى إلا أن اللجنة المشرفة على الانتخابات رفضت قبول أوراقه مما دعاه إلى تحرير محضر إثبات حالة أتبعه بإقامة دعواه ناعيًا على القرار المطعون عليه مناقضته لمبدأ المشروعية ودفع خلال نظرها بعدم دستورية المادة 36 من قانون النقابات العمالية لمخالفته نصوص المواد 47 ، 54 ، 56 من الدستور وهو ما اعتنقته محكمة الموضوع حين قررت وقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية البند (د) من المادة المذكورة .
وحيث إن قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976 بعد أن نظم فى الفصل الأول من الباب الثانى البنيان النقابى وأهدافه موضحًا أنه يتكون على شكل هرمى من المستويات النقابية التالية :
اللجنة النقابية بالمنشأة أو اللجنة النقابية المهنية – النقابة العامة – الاتحاد العام لنقابات العمال ، وأنه يهدف إلى حماية الحقوق المشروعة لأعضاء هذه المنظمات والدفاع عن مصالحهم وتحسين ظروف وشروط العمل ، حدد فى الفصول الثانى والثالث والرابع من هذا الباب اختصاصات كل من تلك المستويات النقابية ، ثم نظم فى الباب الثالث عضوية المنظمات النقابية ، وتعرض فى الباب الرابع لتشكيلات المنظمات النقابية من جمعيات عمومية ومجالس إدارة ونص فى المادة (36) منه على أن " يشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس إدارة منظمة نقابية ما يلى :-
( أ )  أن يكون بالغًا سن الرشد كامل الأهلية      (ب) …….(ج) …….
( د )  أن يكون عضواً بالجمعية العمومية للجنة النقابية إذا كان الترشيح لعضوية مجلس إدارة اللجنة النقابية ، فإذا كان الترشيح للمنظمة النقابية الأعلى يشترط أن يكون قد أمضى دورة نقابية سابقة عضوًا بمجلس إدارة المنظمة النقابية الأدنى ( وهو النص محل الطعن الماثل ) .
(ه)  ألا يكون من بين الفئات الآتية ……….. " .
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة ، لانتفاء شرط المصلحة على سند من أن طلبات المدعى فى الدعوى الموضوعية تتعلق بقبول أوراق ترشحه لعضوية مجلس إدارة النقابة العامة للعاملين بالإنتاج الحربى عن الدورة 2001-2006 ، وإذ كانت عملية الترشيح والانتخاب
لهذه الدورة قد انتهت كما قاربت الدورة ذاتها على الانتهاء ، ومن ثم
فإنه بفرض الحكم بعدم دستورية النص المطعون عليه فلن يستفيد المدعى منه فى هذه الدورة .
وحيث إن هذا الدفع مردود ، بما هو مقرر فى قضاء هذه المحكمة من أن توافر المصلحة فى الدعوى الدستورية مناطه أن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع ، سواء اتصلت الدعوى بهذه المحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة ، بما لازمه أن الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النصوص التشريعية المحالة على النزاع الموضوعى ، فيكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازمًا للفصل فى ذلك النزاع ، ولما كان مبنى النزاع فى الدعوى الموضوعية المقامة من المدعى ينصب على طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار عدم قبول أوراق ترشحه وإدراج اسمه ضمن كشوف المرشحين لعضوية مجلس إدارة النقابة العامة للعاملين بالإنتاج الحربى ، مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إدراج اسمه ضمن كشوف المرشحين ، وكان النص المطعون عليه هو الذى حال بينه وبين قبول أوراق ترشحه للانتخابات المشار إليها ، الأمر الذى يتبين منه أن النص المذكور قد طبق عليه ، وأُعملت أحكامه فى حقه ، وظلت آثاره – وهى حرمانه من الترشح – قائمة بالنسبة إليه حتى قاربت الدورة 2001 – 2006 على الانتهاء وستظل – طالما بقى النص المذكور ساريًا – حائلة دون ترشحه فى أية دورة نقابية قادمة ، فإن مصلحة المدعى فى الدعوى الدستورية تكون قائمة ويتحدد نظامها فيما نص عليه عجز البند (د) من المادة (36) من قانون النقابات العمالية السالف ذكرها من " فإذا كان الترشح للمنظمة النقابية الأعلى يشترط أن يكون قد أمضى دورة نقابية سابقة عضوًا بمجلس إدارة المنظمة النقابية الأدنى " .
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المذكور– محددًا نطاقًا على الوجه
المتقدم – أنه يضع قيدًا على حق الترشيح والانتخاب ويحد من حق العديد من أعضاء النقابة تمثيل زملائهم ويحجب آراءهم عن جموع أعضاء النقابة بما يخل بحرية الرأى وحق الاجتماع وكفالة إنشاء النقابات على أساس ديمقراطى الأمر الذى يتعارض مع نصوص المواد 47 ، 54 ، 56 ، 62 و65 من الدستور .
وحيث إن المواد التى استند إليها حكم الإحالة للنعى على النص محل الطعن الماثل وإن وردت فى الدستور الصادر سنة 1971 والذى عُطِّل العمل بأحكامه بموجب الإعلان الدستورى الصادر فى 13 من فبراير سنة 2011 ، إلا أن الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس 2011 قد تبنى العديد من أحكام الدستور المعطل ، فنصت المادة 12 منه فى فقرتها الثانية على كفالة حرية الرأى وأكدت المادة 16 على حق الاجتماع الخاص وذلك بذات صياغة المادتين 47 ، 54 من الدستور السابق وقرر الإعلان الدستورى المذكور فى مادته الرابعة حق المواطنين فى تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والاتحادات والأحزاب على نحو يقارب ما ورد بالمادتين 55 ، 56 من الدستور السابق ، وأنه وإن خلا نص المادة المذكورة من أن يكون إنشاء النقابات على أساس ديمقراطى إلا أن المادة (1) من الإعلان الدستورى سالف الذكر نصت على أن " جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى " . وذلك تأكيدًا لما سبق ذكره فى الإعلان الدستورى الصادر فى 13 فبراير سنة 2011 من أن تحقيق تقدم الوطن يكمن فى تهيئة مناخ الحرية وتيسير سبل الديمقراطية وأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة – كونه المكلف بإدارة شئون البلاد – يؤمن إيمانًا راسخًا بأن حرية الإنسان وسيادة القانون وتدعيم المساواة والديمقراطية التعددية والعدالة الاجتماعية هى أساس المشروعية لأى نظام حكم يقود البلاد فى الفترة المقبلة ، فضلاً عن أن المواثيق الدولية ودساتير الدول المختلفة العربية والأجنبية قد عنيت على ترسيخ المفهوم الديمقراطى للنقابات ، ودورها فى الضمير العالمى والوطنى ، وتمهيد الطريق أمامها للنهوض بواجباتها فى خدمة المجتمع ، ومن ذلك ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة (3) من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 10/12/1948 من أن " لكل شخص الحق فى أن ينشئ وأن ينضم إلى نقابات حماية لمصلحته " ، كما نصت المادة (22) من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن " لكل فرد حق فى تكوين الجمعيات مع الآخرين بما فى ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه ، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسته هذا الحق إلا تلك التى ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية فى مجتمع ديمقراطى لصيانة الأمن القومى أو السلام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم " . وعلى الهدى ذاته ، رددت الوثائق الدستورية فى عديد من الدول على اختلاف نظمها السياسية وتوجهاتها الاقتصادية ، وموروثاتها الثقافية مفاهيمًا وأحكامًا قاطعة الدلالة على أن حق تكوين النقابات على أسس
ديمقراطية . إنما هو من الأصول الدستورية التى لا مراء فيها .
وتأكيدًا لما سبق قررت اللجنة المشتركة من لجنة القوى العاملة وهيئة مكتب اللجنة التشريعية بمجلس الشعب فى تقريرها المعد عن مشروع قانون إنشاء النقابات العمالية ( ملحق مضبطة مجلس الشعب – الجلسة 34 بتاريخ 22/2/1976) أنه " اتضح لها أن المبادئ التى تحكم التنظيم النقابى …. تتمثل فى المبادئ الآتية :-
أولاً :- أن إنشاء النقابات العمالية والاتحادات النقابية العمالية حق يكفله الدستور والقانون
ثانيًا :- أن تكوين النقابات العمالية واتحاداتها يجب أن يقوم على الأساس الديمقراطى ويتفرع عن ذلك ما يلى :-
أ  حق العمال بدون تمييز فى تكوين النقابات العمالية والاتحادات التى يختارونها …
ب حق العمال دون تمييز فى الانضمام إلى المنظمات النقابية والانسحاب منها وحقهم فى انتخاب ممثليهم فيها فى حرية تامة .
ج ………      ه ……………
و  يجب أن يكفل القانون منع كل صور التمييز التى تحد من حرية العمال النقابية ، وكل أحوال المساس بحقوقهم ….. " .
وحيث إن حق العمال فى تكوين تنظيمهم النقابى ، وكذلك حرية النقابات ذاتها فى إدارتها لشئونها لا ينفصلان عن انتهاجهما الديمقراطية أسلوبًا وحيدًا ينبسط على نشاطها ويكفل بناء تشكيلاتها وفق الإرادة الحرة للعمال المنضمين إليها ، ولا يجوز بوجه خاص إرهاق ذلك بقيود تعطل مباشرة النقابات
لوظائفها ، ومن ثم تنحل الحرية النقابية إلى قاعدة أولية فى التنظيم النقابى تمنحها الدولة قيمة دستورية فى ذاتها ، لتكفل لكل عامل حق الانضمام إلى المنظمة النقابية التى يطمئن إليها ، وفى انتقاء واحدة أو أكثر من بينها ليكون عضوًا فيها ، وكذلك فى أن يعدل عن البقاء فى أى منها منهيًا عضويته بها ،
أو أن ينعزل عنها جميعًا إذا شاء .
وحيث إن الحرية النقابية بمفهومها المتقدم لازمها أمران :- أولهما :- أن يكون الفوز داخل النقابة بمناصبها المختلفة – على تباين مستوياتها وأيًا كان موقعها – مرتبطًا بالإرادة الحرة لأعضائها ، وبشرط أن يكون لكل عضوٍ انضم إليها الفرص ذاتها التى يؤثر بها – متكافئًا فى ذلك مع غيره – فى تشكيل سياستها العامة وبناء مختلف تنظيماتها وفاءً بأهدافها وضمانًا لنهوضها بالشئون التى تقوم عليها .
ثانيهما :- أن الحرية النقابية لا تعتبر مطلبًا لفئة بذاتها داخل النقابة الواحدة ، ولا هى من امتيازاتها ، بل يتعين أن يكون العمل النقابى إسهامًا جماعيًا لا يتمحض عن انتقاء حلول بذواتها تستقل الأقلية بتقديرها وتفرضها عنوة ، ذلك أن تعدد الآراء داخل النقابة الواحدة وتفاعلها ، إثراء لحرية النقاش فيها ، لتعكس قراراتها ما تتصوره القاعدة الأعرض من الناخبين فيها مبلورًا لأفكارهم ، ومحددًا لمطالبهم ، إنفاذًا لإرادتهم من خلال أصواتهم التى لا يجوز تقييد فرص الإدلاء بها دون مقتض ولا فرض الوصاية عليها .
وحيث إن حرية التعبير – وكلما كان نبضها فاعلاً وتأثيرها عريضًا – هى الطريق لبناء نظم ديمقراطية تتعدد معها مراكز اتخاذ القرار ، تتسم بتسامحها مع خصومها ، ومسئوليتها قبل مواطنيها ، وبرفضها لكل قيد يخل بمصداقيتها ، واستجابتها بالإقناع لإرادة التغيير ، وطرحها من خلال الحوار لبدائل يفاضلونها لاختيار أصلحها ، أيًا كان مضمونها ، بما مؤداه ، أن الآراء على اختلافها
لا يجوز إجهاضها ، ولا مصادرة أدواتها ، أو فصلها عن غاياتها ، ولو كان الآخرون لا يرضون بها ، أو يناهضونها ، أو يرونها منافية لقيم محدودة أهميتها يرجونها ، أو يحيطون ذيوعها بمخاطر يدعونها ، ولا يكون لها من وضوحها وواقعها ، ما يبرر القول بوجودها .
وحيث إن حرية التعبير – فى مضمونها الحق – تفقد قيمتها إذا جحد المشرع حق من يلوذون بها فى الاجتماع المنظم ، وحجب بذلك تبادل الآراء فى دائرة أعرض ، بما يحول دون تفاعلها وتصحيح بعضها البعض ، ويعطل تدفق الحقائق التى تتصل باتخاذ القرار ، وكذلك تشكيل روافد الشخصية الإنسانية التى لا يمكن تنميتها إلا فى شكل من أشكال الاجتماع ، بل إن حرية القول والصحافة والعقيدة وتقديم العرائض ، لا يمكن ضمانها ضمانًا كافيًا إلا عن طريق اجتماع تتكتل فيه الجهود للدفاع عن مصالح بذواتها ، يكون صونها لازمًا لإثراء ملامح من الحياة يراد تطويرها اجتماعيًا أو اقتصاديًا أو سياسيًا ، بما يكفل تنوع مظاهرها واتساع دائرتها من خلال تعدد الآراء التى تطرح على مسرحها .
وحيث إن حق العمال فى تكوين تنظيمهم النقابى ، فرع من حرية الاجتماع ، وأن هذا الحق يتعين أن يتمحض تصرفًا إراديًا حراً لا تتداخل فيه الجهة الإدارية بل يستقل عنها ليظل بعيدًا عن سيطرتها ، كما أن الحق فى التجمع سواء اعتبر حقًا مستقلاً عن غيره من الحقوق ، أم على تقدير أن حرية التعبير تشتمل عليه باعتباره كافلاً لأهم قنواتها محققًا من خلالها أهدافها ، يقوم على انضمام عدد من الأشخاص إلى بعضهم لتبادل وجهات النظر فى شأن المسائل التى تعنيهم ، بما مؤداه أن الحق فى التجمع – سواء كان حقًا أصيلاً أم تابعًا – أكثر ما يكون اتصالاً بحرية عرض الآراء وتداولها ، كلما أقام أشخاص يؤيدون موقفًا أو اتجاهًا معينًا ، تجمعًا منظمًا يحتويهم ، يوظفون فيه خبراتهم ، ويطرحون آمالهم ، ويعرضون فيه كذلك لمصاعبهم ، ويتناولون بالحوار ما يؤرقهم ، ليكون هذا التجمع نافذة يطلون منها على ما يعتمل فى نفوسهم ، وصورة حية لشكل من أشكال التفكير الجماعى ، إذا كان ذلك ، كان تكوين بنيان كل تجمع – وسواء كان الغرض منه سياسيًا أو نقابيًا أو مهنيًا – لا يعدو
أن يكون عملاً اختياريًا لا يساق الداخلون فيه سوقًا ، ولا يمنعون من الخروج منه قهرًا ، وكان هذا الحق فى محتواه لا يتمحض عن مجرد الاجتماع بين أشخاص متباعدين ينعزلون عن بعضهم البعض ، بل يرمى بالوسائل السلمية
إلى أن يكون إطارًا يضمهم ، ويعبرون فيه عن مواقفهم وتوجهاتهم ،
فقد غدا متداخلاً مع حرية التعبير ، ومكونًا لأحد عناصر الحرية الشخصية التى لا يجوز تقييدها بغير اتباع الوسائل الموضوعية والإجرائية التى يتطلبها الدستور ، أو يكفلها القانون .
وحيث إن حق الاقتراع ، يعتبر كذلك صورة من صور التعبير عن الآراء من خلال إدلاء من ينضمون إلى تنظيم معين – سواء كان شكل تجمعهم سياسيًا أو نقابيًا – بأصواتهم التى يبلورون بها إرادة اختيار ممثليهم ، فلا يكون لأيهم إلا صوت واحد ، متكافئ مع غيره ، كافل الصفة التمثيلية للمنظمة التى ينتمون إليها ، مؤثر فى تكوينها وطرائق عملها ، محدد رسالتها والقائمين على تنفيذها .
وحيث إن من المقرر أن حق المرشحين فى الفوز بعضوية المجالس التى كفل الدستور والقانون صفتها التمثيلية ، لا ينفصل عن حق الناخبين فى الإدلاء بأصواتهم لاختيار من يثقون فيه من بينهم . إذ هما حقان مرتبطان يتبادلان التأثير فيما بينهما ، ولا يجوز بالتبعية أن تفرض على مباشرة أيهما تلك القيود التى لا تتصل بتكامل العملية الانتخابية وضمان مصداقيتها ، أو بما يكون كافلاً إنصافها ، وتدفق الحقائق الموضوعية المتعلقة بها ، بل يجب أن تتوافر بوجه عام أسس ضبطها ، بما يصون حريتها ، ومن ثم فإن الشروط التى يفرضها المشرع محددًا على ضوئها – ودون أسس موضوعية – من يكون مقبولاً من المرشحين الذين يخوضون الحملة الانتخابية ، تنعكس سلبًا على فرص تعبير الناخبين عن رغباتهم من خلال أصواتهم ، فلا يكون لها فعاليتها فى شأن اختيار من يطمئنون إليهم ، وعلى الأخص فى إطار نظم نقابية تتعدد حلقاتها ، وتتدرج مستوياتها ، وتكفل اتصال بعضها ببعض بما يصون ترابطها .
لما كان ما تقدم وكان النص المطعون عليه فيما تضمنه من اشتراط قضاء دورة نقابية سابقة بعضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية الأدنى للترشح للمنظمة النقابية الأعلى لا يندرج تحت الشروط التى تطلبتها المادة (19) من قانون النقابات العمالية ، فيمن يكون عضوًا بالمنظمة النقابية ، وكان حق العامل فى مباشرة الحقوق التى تقتضيها ديمقراطية العمل النقابى – اقتراعًا وترشيحًا – يرتبط أصلاً بشروط عضويته فى المنظمة النقابية التى ينتمى إليها ، إذ يعتبر باستكمال هذه الشروط منتسبًا إليها ، ومسهمًا فى مباشرة نشاطها ، وتحقيق أهدافها ، وكانت ديمقراطية العمل النقابى هى التى تطرح – بوسائلها
وتوجهاتها – نطاقًا للحماية يكفل للقوى العاملة مصالحها الرئيسية ، ويبلور إرادتها ، وينفض عنها عوامل الجمود التى تعطل حيويتها ، وبها تستقل الحركة النقابية بذاتيتها ومناحى نشاطها ، وكان تعدد الآراء داخل كل منظمة نقابية وتفاعلها ، قاعدة لكل تنظيم ديمقراطى ، لا يقوم إلا بها ، ولا يتم الحوار المفتوح إلا فى نطاقها ، وبدونها يفقد الحق فى الاجتماع مغزاه ، وكان الشرط المطعون عليه يقيد من حرية تبادل الآراء ، ومن فرص اختيار العمال لمرشحيهم من دائرة أعرض ، ومن الأسس الديمقراطية للعمل النقابى ، ويحيل حق الاجتماع عبثًا ، فإنه بذلك يكون مخالفًا لأحكام المواد ( 1 ، 4 ، 12 ، 16 ) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس سنة 2011 .
وحيث إن الشرط الوارد بالنص المطعون عليه رددته التعليمات الخاصة بإجراءات ترشيح وانتخابات أعضاء مجالس إدارة المنظمات النقابية للدورة النقابية 2001/2006 – الصادرة عن اللجنة المشتركة لتنظيم انتخابات تشكيلات المنظمات النقابية – فى أكثر من موضع فإنه يتعين الحكم بسقوط ما ورد بهذه التعليمات فى هذا الشأن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية عجز البند (د) من المادة (36) من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976 فيما نص عليه من
" فإذا كان الترشيح للمنظمة النقابية الأعلى يشترط أن يكون قد أمضى دورة نقابية سابقة عضوًا بمجلس إدارة المنظمة النقابية الأدنى " . وبسقوط ما يقابله من أحكام واردة بالتعليمات الخاصة بإجراءات ترشيح وانتخابات أعضاء مجالس إدارة المنظمات النقابية للدوره النقابية 2001/2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق