قضية رقم 25 لسنة 30 قضائية المحكمة الدستورية العليا "منازعة تنفيذ"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، الخامس عشر من يناير سنة 2012 م ، الموافق الواحد والعشرين من صفر سنة 1433ه.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور/ حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور/ عادل عمر شريف ورجب عبدالحكيم سليم والدكتور/ حمدان حسن فهمى نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ محمد عماد النجار رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 25 لسنة 30 قضائية "منازعة تنفيذ" .
المقامة من
الشركة المصرية للعبوات المتطورة ويمثلها قانوناً السيد/ صلاح كامل عبدالعال الأكوح
ضد
1- السيد وزير المالية
2- السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات
3- السيد رئيس مأمورية ضرائب العاشر من رمضان
الإجراءات
بتاريخ 12 مايو سنة 2008 ، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبة الحكم أولاً: الاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" والمنشور بالجريدة الرسمية فى العدد رقم 20 مكرر بتاريخ 21/5/2007 فيما فصل فيه من عدم خضوع السلع التى تجلب من الخارج لإحلال وتجديد المصانع للضريبة العامة على المبيعات ، مع ما يترتب على ذلك من آثار .
ثانياً: عدم الاعتداد بالحكم الصادر من الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية بمحكمة النقض فى الطعن رقم 8529 لسنة 75 قضائية "هيئة عامة" .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ختامية طلبت فيها الحكم ، بعدم قبول الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 2792 لسنة 2001 مدنى أمام محكمة الزقازيق الابتدائية ضد المدعى عليهم ، بطلب الحكم بعدم خضوع مشمول رسالة ماكينات حقن بلاستيك للضريبة العامة على المبيعات، وإلزامهم برد مبلغ 60ر63253 جنيهاً ، قولاً منها أنها قامت باستيراد تلك المعدات بغرض إضافة خط إنتاج جديد لمصانعها ، إلا أن مصلحة الجمارك قامت بإخضاعها للضريبة العامة على المبيعات ، وتحصيل تلك الضريبة ، بالمخالفة لأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 لكونها سلعة رأسمالية ، وقد قضت المحكمة برفض الدعوى ، فاستأنفت الشركة هذا الحكم بالاستئناف رقم 905 لسنة 45 قضائية المنصورة – مأمورية الزقازيق – وبجلسة 22/3/2005 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف ، وإذ لم ترتضِ الشركة هذا القضاء فقد طعنت عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 8529 لسنة 75 قضائية ، وبجلسة 12/2/2007 قررت الدائرة المختصة بنظر الطعن بمحكمة النقض إحالته إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية ، وبجلسة 17/3/2008 قضت الهيئة برفض الطعن ، تأسيساً على أن مؤدى نص المادتين الثانية والسادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه خضوع كافة السلع والمعدات والآلات المستوردة من الخارج للضريبة العامة على المبيعات ، سواء كانت سلع رأسمالية أو استهلاكية ، ويسرى هذا ولو كان مستوردها قد قصد إقامة وحدات إنتاجية أو توسيعها أو تطويرها ، وذلك لورود لفظ السلع المستوردة فى صيغة عامة مطلقة ، وأنه لا محل لتقييده أو تخصيصه ، كما أقامت شركة النيل للكبريت والمساكن الخشبية الجاهزة الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" بطلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة الثانية ، والفقرات (2 ، 3 ، 4) من المادة السادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات ، وأقامت شركة العبور للنسيج الميكانيكى والملابس الجاهزة الدعوى رقم 28 لسنة 27 قضائية "دستورية" طالبة الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة السادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه ، قضت المحكمة الدستورية العليا فيهما بجلستى 13/5/2007 ، 2/3/2008 بعدم قبول الدعويين لانتفاء المصلحة ، تأسيساً على أن تعيين الالتزام الضريبى الوارد بالفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، التى تنص على أن "تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحلية والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص ….." لا يستقيم منهجاً إلا بالكشف عن جملة دلالات ومفاهيم عناصر هذا الالتزام ، كما هية المكلف والمستورد ، حسبما أوردها المشرع بالمادة الأولى من هذا القانون ، والتى يتضح منها بجلاء اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار للضريبة العامة على المبيعات ، ولذلك ربط دوماً فى تحديده نطاق الخضوع لها بين الاستيراد والاتجار فيما يتم استيراده ، بما تنتفى معه المصلحة فى الدعويين ، بحسبان أن الضرر المدعى به فيهما ليس مرده إلى النصوص المطعون فيها ، وإنما إلى الفهم الخاطئ لها والتطبيق غير السليم لأحكامها ، وأن الشركتين المدعيتين يمكنهما بلوغ طلباتهما الموضوعية بإعفائهما من الخضوع للضريبة على قطع الغيار المستوردة لاستخدامها فى الصيانة والإحلال لمصانع الشركة المدعية فى الدعوى الأولى ، وكذا على الماكينات والآلات التى استوردتها الشركة المدعية فى الدعوى الثانية لاستخدامها فى التصنيع بهدف زيادة الإنتاج وتطويره وليس بغرض الاتجار ، وذلك من خلال نجاحهما فى إثبات الغرض من الاستيراد أمام محكمة الموضوع. وإذا ارتأت الشركة المدعية أن حكم الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية بمحكمة النقض يعد عقبة فى تنفيذ قضاء المحكمة الدستورية العليا المشار إليه ، فقد أقامت دعواها الماثلة ، وحددت طلباتها الختامية الواردة بصحيفة دعواها على النحو السالف بيانه تفصيلاً.
وحيث إن الشركة المدعية طلبت بجلسة 6/12/2009 وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض لحين الفصل فى الدعوى ، وبجلسة 11/4/2010 قررت المحكمة ضم الشق المستعجل للموضوع ، وإعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لاستكمال التحضير ، وقد أعدت الهيئة تقريراً تكميلياً برأيها .
وحيث إنه بجلسة 4/12/2011 قدمت الشركة المدعية مذكرة طلبت فيها أصلياً الحكم بعدم الاعتداد بحكم الهيئة العامة المتقدم الذكر ، والاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه .
واحتياطياً: إدخال المستشار وزير العدل وفقاً لنص المادة (118) من قانون المرافعات لتقديم طلب تفسير نص المادتين الثانية والسادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات السالف الذكر .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقاً لطبيعته ، وعلى ضوء الأصل فيه ، بل اعترضه عوائق تحول قانوناً – بمضمونها أو أبعادها – دون اكتمال مداه ، وتعطل تبعاً لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان ، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ ، التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو المترتبة عليها ، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها ، وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها ، وكلما كان التنفيذ متعلقاً بحكم صادر فى دعوى دستورية ، فإن حقيقة مضمونه ، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها ، والآثار المتولدة عنها ، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وتبلور صورته الإجمالية ، وتعين كذلك ما يكون لازماً لضمان فعاليته ، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها ، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الكافة ودون تمييز ، بلوغاً للغاية المبتغاة منها ، فى تأمين الحقوق للأفراد وصون حرياتهم ، إنما يفترض أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – حائلة فعلاً دون تنفيذ أحكامها تنفيذاً صحيحاً مكتملاً أو مقيدة لنطاقها.
وحيث إن البين من مدونات حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 13/5/2007 فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" أن المحكمة بعد أن استعرضت تعريف المكلف والمستورد الوارد بالمادة الأولى ، ونص الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الضريبة العامة على المبيعات ، خلصت إلى اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار للضريبة العامة على المبيعات المقررة وفقاً لهذا القانون وبذلك حددت نطاق الخضوع للضريبة بالنسبة للسلع والخدمات المستوردة ، فى تلك التى يتم استيرادها من الخارج للاتجار فيها ، وتأسيساً على ذلك ذهبت إلى أن التطبيق السليم لنصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات ، ونجاح الشركة المدعية – فى تلك الدعوى – فى إثبات الغرض من الاستيراد يحقق لها بغيتها من دعواها الموضوعية فى إعفاء قطع الغيار المستوردة لاستخدامها فى الصيانة والإحلال لمصانعها من الضريبة ، ومن ثم قضت بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة .
وحيث إنه متى كان ذلك ، وكانت المحكمة الدستورية العليا بحكمها المتقدم قد حددت – بطرق الدلالة المختلفة - معنى معيناً لمضمون نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات على النحو السالف بيانه ، منتهية من ذلك إلى الحكم بعدم قبول الدعوى ، فإن هذا المعنى يكون هو الدعامة الأساسية التى انبنى عليها هذا الحكم ، ولازم للنتيجة التى انتهى إليها ، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بمنطوقه ويكمله ، ليكون معه وحدة لا تقبل التجزئة ، لتمتد إليه مع المنطوق الحجية المطلقة والكاملة التى أسبغتها الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أحكامها فى الدعاوى الدستورية جميعها ، وذلك فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة ، وبحيث تلتزم تلك السلطات – بما فيها الجهات القضائية على اختلافها – باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح ، فلا يجوز لأية جهة أن تعطى هذه النصوص معنى مغايراً لما قضت به ، وهو ما تتوافر معه للشركة المدعية المصلحة الشخصية والمباشرة فى منازعة التنفيذ الراهنة ، والتى تهدف إلى إزالة العقبات القانونية التى تحول دون جريان تنفيذ مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه بالنسبة لها .
وحيث إن الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية بمحكمة النقض قد ذهبت فى تدونيات حكمها الصادر بجلسة 17/3/2008 فى الطعن رقم 8529 لسنة 75 قضائية "هيئة عامة" إلى خضوع كافة السلع والمعدات والآلات المستوردة من الخارج للضريبة العامة على المبيعات ، أياً كان الغرض من إستيرادها ، والذى يعطى نصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات معنى مغايراً يجاوز تخوم الدائرة التى تعمل فيها محدداً إطارها على ضوء قضاء هذه المحكمة ، مما يتعين معه إطراح ما تضمنه حكم الهيئة العامة السالف الذكر فى تدويناته من تقريرات لا تطاول الحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية – والالتفات – من ثم – عن الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من هيئة قضايا الدولة والذى يستند إلى أن المنازعة الماثلة لا تتوافر لها مقومات قبولها – والقضاء بالاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه .
وحيث إنه عن الطلب المستعجل ، فإن المحكمة بفصلها فى الدعوى على النحو المتقدم ، يكون هذا الطلب قد صار غير ذى موضوع ، الأمر الذى يتعين معه الالتفات عنه .
وحيث إنه بالنسبة للطلب الاحتياطى ، فإن هذه المحكمة وقد فصلت فى الطلب الأصلى – كما سلف البيان – فإن قضاءها المتقدم يغنيها عن التعرض لهذا الطلب والفصل فيه ، متعيناً لذلك الالتفات عن ما أثارته الشركة المدعية فى هذا الصدد .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 13/5/2007 فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية" ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وألزمت الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق