قضية 3 لسنة 24 ق المحكمة الدستورية العليا "منازعة تنفيذ"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الخامس من فبراير سنة 2012م، الموافق الثالث عشر من ربيع أول سنة 1433 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عبدالوهاب عبدالرازق ومحمد عبدالعزيز الشناوى والسيد عبدالمنعم حشيش والدكتور/ عادل عمر شريف والدكتور/ حمدان حسن فهمى ومحمود محمد غنيم نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / محمد عماد النجار رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 24 قضائية " منازعة تنفيذ " .
المقامة من
السيد / شوكت عبد الحميد محمد فضه
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
3 السيد وزير العدل
الإجراءات
بتاريخ الخامس من مايو سنة 2002 ، أقام المدعى الدعوى المعروضة، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طلبًا للحكم :
(1) ما إذا كان الإعفاء من تحصيل الرسم على الطلب طبقًا للمادة (84) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ، يشمل المدعى من عدمه ، باعتباره من توابع الحكم الدستورى المتنازع فيه .
(2) بعدم الاعتداد بالحكم الصادر بجلسة 7/11/2000 ، فى الطلب رقم 99 لسنة 69 قضائية "رجال قضاء" ، باعتباره عائقًا من عوائق تنفيذ الحكم الصادر فى القضية رقم 5 لسنة 15 قضائية " تنازع " ، لتخليه ضمنيًا عن نظر النزاع فى ضوء المادة (116) من قانون السلطة القضائية المشار إليه ، وقرار وزير العدل رقم 709 لسنة 1975 ، الذى يحكم طلب المدعى أمام دائرة طلبات رجال القضاء ، مع إعادة نظره وفقًا لحكم الدستور فى ضوء هذه المواد .
(3) بعدم دستورية المادة (85) من قانون السلطة القضائية المشار إليه ، فى فقرتها الأولى التى تقيد حق الدفاع ، وفقرتها الأخيرة التى تحظر الطعن بإعادة النظر فى الحكم أو بطلانه ، لاتصالها بالنزاع المطروح ، وإعمالاً للمادة (27) من قانون المحكمة الدستورية العليا .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى .
وقدم المدعى أربع مذكرات بدفاعه ، صمم فيها على الطلبات ، على أن يشمل الحكم عدم الاعتداد بالحكم الصادر فى الطلب رقم 99 لسنة 69 ق "رجال قضاء" وما يترتب على ذلك من آثار .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى كان قد تقدم إلى محكمة النقض " دائرة طلبات رجال القضاء " بالطلب رقم 99 لسنة 69 القضائية ، طالبًا الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 181 لسنة 1999 ، فيما تضمنه من تخطيه فى التعيين فى وظيفة مساعد نيابة بالنيابة العامة ، والقضاء بأحقيته فى شغل هذه الوظيفة اعتبارًا من تاريخ صدور القرار محل طلب الإلغاء ، وما يترتب على ذلك من آثار . وذلك على سند من أنه حاصل على ليسانس الحقوق عام 1991 من جامعة طنطا ، بتقدير عام " جيد مرتفع " ، وتقدم لشغل وظيفة " مساعد نيابة عامة " ، ضمن المسابقة التى أعلن عنها خلال شهر فبراير 1998 ، واجتاز الامتحان التحريرى ، وكان ترتيبه رقم (184) من بين (337) ناجحًا ، إلا أن قرار رئيس الجمهورية المشار إليه ، صدر بتعيين (226) مساعد نيابة ، دون أن يشمله ، رغم استيفائه لكافة شروط التعيين . وبجلسة 7/11/2000 ، قضت محكمة النقض برفض الطلب ، فأقام المدعى دعواه المعروضة بطلباته السالفة الذكر .
وحيث إن المدعى يرى أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا ، بجلسة 17/12/1994 ، فى القضية رقم 5 لسنة 15 قضائية " تنازع " بتعيين جهة القضاء العادى " دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض " جهة مختصة بشأن الطعن على القرارات المتعلقة بشئون القضاة وأعضاء النيابة العامة قد اعترضته عقبتى تنفيذ ، أولاهما : تتمثل فى عدم تحديده جهة القضاء المختصة بالفصل فيما إذا كان الإعفاء من الرسوم القضائية ، على طلبات أعضاء القضاء والنيابة العامة ، المقرر بالمادة (84) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1972 ، يشمل أيضًا الطلبات المقدمة من المرشحين للتعيين فى تلك الوظائف ، ويرى المدعى أن حسم ذلك أمر لازم حتى يتمكن من استرداد ما سبق سداده من رسوم عند قيد الطلب المقدم منه رقم 99 لسنة 69 القضائية " طلبات رجال القضاء " . والعقبة الثانية على نحو ما ورد بصحيفة الدعوى ، وبالمخالفة لما ورد بالحكم تتمثل فى أن الحكم الصادر برفض طلبه ، قد تأسس على أن الخطاب فى المواد من (38) إلى (43) من قانون السلطة القضائية ، ينصرف إلى تعيين القضاة والمستشارين ، دون مساعدى النيابة العامة ، وبذلك يكون هذا الحكم قد تخلى ضمنًا عن نظر النزاع فى ضوء ما تأسس عليه طلبه من مخالفة قرار رئيس الجمهورية المطعون عليه لأحكام المادة (116) من قانون السلطة القضائية ، وقرار وزير العدل رقم 709 لسنة 1975 ، والمعدل بالقرار رقم 2587 لسنة 1992 ، وذلك لعدم عقد امتحان شفوى للمرشحين ، وترتيب المرشحين بحسب درجات الامتحانين الشفوى والتحريرى ، والاختيار بالأسبقية المطلقة ، فضلاً عن إساءة استعمال السلطة والانحراف فيها ، بتعيين أفراد من غير المرشحين لهذه الوظيفة . وخلص المدعى من ذلك إلى أن الحكم الصادر فى الطلب المشار إليه ، قد أطاح بمضمون الحكم الصادر فى القضية رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع" ، وقيد نطاق نفاذ آثاره ، على نحو يعيق تنفيذه ، مما يتطلب من وجهة نظره الحكم بعدم الاعتداد به . ومن جانب آخر ، يطلب المدعى استعمال المحكمة الدستورية العليا لرخصة التصدى المخولة لها بموجب المادة (27) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، للقضاء بعدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (85) من قانون السلطة القضائية المشار إليه ، فيما تضمنته أولاهما من إخلال بحق الدفاع، لقصرها بإبداء الدفاع أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض ، على الطالب أو من ينيبه من رجال القضاء من غير مستشارى تلك المحكمة ، وذلك بالمخالفة لنص المادة (69) من دستور سنة 1971 ، وأحكام قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 . وما نصت عليه ثانيتهما من نهائية الأحكام الصادرة فى طلبات رجال القضاء ، وعدم قابليتها للطعن عليها بأى طريق من طرق الطعن أو أمام اية جهة قضائية أخرى ، إذ يرى المدعى أن ذلك يحول دون تصحيح ما قد يعتور هذه الأحكام عن طريق الطعن عليها بالتماس إعادة النظر ، أو إقامة دعوى مبتدأة ببطلانها ، إذا ما شابها عوار ينحدر بها إلى درجة الانعدام ، حال أن الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا ، فى شأن طلبات التعيين بمجلس الدولة أو بهيئة النيابة الإدارية ، يجوز إقامة دعوى بطلان بشأنها . وخلص المدعى من ذلك ، إلى أن النص المشار إليه فى شقيه معيبًا بمخالفة المواد (8، 40، 64، 65، 68، 69، 166) من دستور سنة 1971 ، مما يتطلب من وجهة نظره القضاء بعدم دستوريته ، باعتباره من توابع الحكم الصادر فى القضية رقم 5 لسنة 15 القضائية " تنازع " ، لاندماج حق الدفاع وحق التقاضى فى بوتقة واحدة ، بلوغًا للعدالة المنشودة .
وحيث إنه من المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن هذه المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى هى التى تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانونى الصحيح، متقصية فى ذلك طلبات الخصوم ، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها .
وحيث إن جوهر طلبات المدعى ينصرف أساسًا إلى الاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا ، بجلسة 17/12/1994 ، فى القضية رقم 5 لسنة 15 قضائية " تنازع " ، واعتبار الحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 7/11/2000 ، برفض الطلب المقدم منه رقم 99 لسنة 69 قضائية " طلبات رجال القضاء " ، عقبة تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه تنفيذًا كاملاً ، ومن ثم يتعين إزالتها وعدم الاعتداد بها ، وما يترتب على ذلك من آثار .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن منازعة التنفيذ التى تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، قوامها أن التنفيذ لم يتم وفقًا لطبيعته ، وعلى ضوء الأصل فيه ، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا بمضمونها أو أبعادها دون اكتمال مداه ، وتعطل تبعًا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها ، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان . ومن ثم ، تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها ، تلك الخصومة التى تتوخى فى غاياتها النهائية إنهاء الآثار القانونية الملازمة لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو المترتبة عليها ، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها ، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها . وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا ، فإن حقيقة مضمونه ، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها ، والآثار المتولدة عنها فى سياقها ، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها ، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية ، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته . بيد أن تدخلها لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها ، وتنال من جريان آثارها ، فى مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم ، يفترض أمرين ، أولهما : أن تكون هذه العوائق سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها . وثانيهما : أن يكون إسنادها على تلك الأحكام وربطها منطقيًا بها ، ممكنًا ، فإذا لم تكن لها بها من صلة ، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق ، بل تعتبر غريبة عنها ، منافية لحقيقتها وموضوعها .
متى كان ما تقدم ، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا ، بجلسة 17/12/1994 ، فى القضية رقم 5 لسنة 15 قضائية " تنازع " الذى يستند إليه المدعى فى منازعة التنفيذ المعروضة قد صدر للفصل فى التنازع السلبى فى الاختصاص ، بعد أن تخلت كل من محكمة القضاء الإدارى ودائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض عن نظر الطعن على قرار رئيس الجمهورية رقم 412 لسنة 1991 بالتعيين فى وظيفة معاون نيابة عامة ، ممن لم يشملهم هذا القرار بالتعيين . وقد حسمت المحكمة الدستورية العليا هذا النزاع ، بتعيين جهة القضاء العادى "دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض" جهة مختصة بنظر النزاع . وتأسس هذا القضاء على أن " اختصاص دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها وفقًا لنص المادة (84) من قانون السلطة القضائية بالفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم، لا يقتضى بالضرورة أن يكون طلب إلغاء القرار المطعون فيه مقدمًا من أحد رجال القضاء والنيابة العامة ، بل يكفى لقيام هذا الاختصاص أن يؤول طلب الإلغاء إلى التأثير فى المركز القانونى لأحدهم ، ولو كان مقدمًا من غيرهم ، إذ يعتبر الطلب فى هاتين الحالتين كلتيهما متصلاً بشأن من شئونهم " . وكان الحكم الصادر من محكمة النقض دائرة طلبات رجال القضاء فى الطلب رقم 99 لسنة 69 قضائية ، قد التزم هذا النهج ، وفصل فى الطلب المشار إليه ، باعتباره جهة القضاء المختصة بنظر النزاع ، وقضى برفض الطلب . ومن ثم فإن هذا القضاء لا يُعد عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه . ومن ناحية أخرى ، فإن المناعى التى وجهها المدعى إلى ذلك الحكم ، تُعد طعنًا مباشرًا فيه ، الأمر الذى يخرج عن ولاية هذه المحكمة ، باعتبار أنها لا تعتبر جهة طعن فى الأحكام الصادرة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى ، وإنما هى جهة ذات اختصاص أصيل حدده قانون إنشائها، ولا تمتد ولايتها إلى مراقبة سلامة تطبيق محكمة الموضوع للقانون ، ويتأبى على اختصاصها إثارة أى جدل أو نزاع موضوعى أمامها . ومن ثم ، تكون الدعوى المعروضة ، فى هذا الشق منها ، غير قائمة على أساس صحيح ، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبولها .
وحيث إنه عن طلب تحديد نطاق الإعفاء من الرسوم القضائية المنصوص عليه فى المادة (84) من قانون السلطة القضائية المشار إليه ، وما إذا كان يشمل الطلبات المقدمة من المرشحين للتعيين فى وظائف القضاء والنيابة العامة . فمردود بأن النزاع الذى عرض على المحكمة الدستورية العليا ، فى القضية رقم 5 لسنة 15 القضائية " تنازع " ، اقتصر على تحديد جهة القضاء المختصة بنظر الطعن المقام ممن لم يشملهم القرار الجمهورى بالتعيين فى وظيفة معاون نيابة عامة ، بعد أن تخلت عن نظره جهتى القضاء الإدارى والعادى ، دون أن يتعداه إلى تحديد نطاق الإعفاء من الرسوم القضائية المشار إليه ، إذ لم يكن أمره معروضًا على جهتى القضاء السالفتى الذكر ، وتبعًا لذلك لم يكن مطروحًا على المحكمة الدستورية العليا ، الأمر الذى يكون معه طلب المدعى فى هذا الشأن مفتقدًا لسنده ، حريًا بعدم القبول .
وحيث إنه عن طلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (85) من قانون السلطة القضائية المشار إليه ، فمناط إعمال رخصة التصدى المقررة للمحكمة الدستورية العليا ، وفقًا لنص المادة (27) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، أن يكون النص الذى يرد عليه التصدى متصلاً بنزاع مطروح عليها ، فإذا انتفى النزاع أمامها كما هو الشأن فى الدعوى المعروضة ، والذى انتهت المحكمة إلى عدم قبولها فلا يكون لرخصة التصدى سند يسوغ إعمالها .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق