الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 19 فبراير 2013

تعارض مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانونين رقمى 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب و73 لسنة 1956 بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية مع دستور 2012

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة المنعقدة يوم الأحد، السابع عشر من فبراير سنـة 2013م، الموافـق السابع من ربيع الآخر سنة 1434 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ماهــر البحيــرى                     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عدلي محمود منصـور وأنور رشاد العاصى وعبد الوهاب عبدا لرازق والدكتور / حنفي على جبالي ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامى يوسف      نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / محمد عماد النجار                  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد                              أمين السر
الإجــــراءات
          بتاريخ العشرين من يناير سنة 2013 ورد إلى المحكمة الدستورية العليا كتاب السيد الدكتور رئيس مجلس الشورى رقم 146 المؤرخ 19/1/2013 مرفقًا به مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانونين رقمى 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب و73 لسنة 1956 بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، والذى يطلب فيه عرض مشروع القانون المرفق على المحكمة الدستورية العليا إعمالاً لحكم المادة (177) من الدستور
          وبعد تحضير الطلب أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها
          ونُظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار القرار فيه بجلسة اليوم
المحكمــــــة
          بعد الاطلاع على الدستور وعلى مشروع القانون المعروض، والمداولة
          وحيث إن المادة (177) من الدستور الصادر فى ديسمبر سنة 2012 تنص على أن ( يعرض رئيس الجمهورية أو مجلس النواب مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصدارها، لتقرير مدى مطابقتها للدستور
وتصدر قرارها فى هذا الشأن خلال خمسة وأربعين يومًا من تاريخ عرض الأمر عليها؛ وإلا عُدَّ عدم إصدارها للقرار إجازة للنصوص المقترحة
فإذا قررت المحكمة عدم مطابقة نص أو أكثر لأحكام الدستور، وجب إعمال مقتضى قرارها.
          ولا تخضع القوانين المشار إليها فى الفقرة الأولى للرقابة اللاحقة المنصوص عليها فى المادة (175) من الدستور.
          وحيث إن النص المتقدم حدد الجهات التى يحق لها عرض مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا لإعمال رقابتها السابقة فى شأنها، وحصرها فى جهتين اثنتين هما : رئيس الجمهورية ومجلس النواب، ومن ثم فإنه كان يتعين عرض مشروع القانون المعروض على هذه المحكمة من إحدى هاتين الجهتين، إلا أنه نظرًا لأن الدستور قد نص فى المادة (230) منه الواردة فى الفصل الثالث من الباب الخامس الذى يحوى الأحكام الختامية والانتقالية على أن ( يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالى سلطة التشريع كاملة من تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد، .......... )، مما مؤداه أن مجلس الشورى أصبح الجهة التى تتولى سلطة التشريع كاملة خلال الفترة الانتقالية التى تقع من تاريخ العمل بالدستور وحتى انتخاب مجلس النواب الجديد، فإن هذه المحكمة تقرر قبول الطلب الماثل .
          وحيث إن هذه المحكمة وهى بصدد مراجعة مشروع القانون المعروض تؤكد أن رقابتها السابقة تقف عند عرض نصوص المشروع المعروض على الدستور للتأكد من مطابقتها لأحكامه، ومن ثم فإنه يخرج عن نطاق هذه الرقابة ما يلى :
1 ـ      مراجعة الصياغة القانونية للمشروع .
2 ـ      النظر فى أى تناقض بين نصوص مشروع القانون بعضها البعض أو تعارضها مع أية نصوص قانونية أخرى، ما لم يرق هذا التناقض إلى مخالفة دستورية .
3 ـ      تقرير مدى ملاءمة بعض الأحكام التى حواها المشروع باعتبار أن ذلك الأمر يدخل فى نطاق السلطة التقديرية للمشرع .
          وحيث إنه بمراجعة مشروع القانون الماثل فقد استبان للمحكمة ما يلى :
أولاً -   نصت المادة الثانية المستبدلة بنص المادة الأولى من المشروع على أنه ( فى تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالفلاح من امتهن الزراعة لمدة عشر سنوات على الأقل سابقة على ترشحه لعضوية مجلس النواب .
          ويعتبر عاملاً كل من يعمل لدى الغير مقابل أجر أو مرتب، ويعتمد بصفة رئيسية على دخله بسبب عمله اليدوى أو الذهنى فى الزراعة أو الصناعة أو الخدمات .
          ولا تتغير صفة العامل بعد انتهاء خدمته طالما توافرت فيه الشروط السابقة ) .
          والنص على النحو المتقدم ردَّد التعريف الذى أورده نص المادة (229) من الدستور للعامل والفلاح، إلا أنه بالنسبة للعامل أضاف إلى هذا التعريف شرطًا مؤداه أن يعتمد العامل بصفة رئيسية على دخله بسبب عمله اليدوى أو الذهنى فى الزراعة أو الصناعة أو الخدمات، وهذا الشرط لا يُعد من قبيل الضوابط والمعايير التى فُوّض المشرع فى بيانها لاعتبار المرشح عاملاً، إعمالاً لنص المادة (229) من الدستور بل يُعد تقييدًا لما أطلقه النص الدستورى فى تعريف العامل، إذ يستبعد من الترشح كل عامل يعتمد على مصدر رئيسى لدخله خلاف أجره، كما أن اشتراط العمل فى مجالات الزراعة أو الصناعة أو الخدمات مؤداه انحسار صفة العامل عن كل من يعمل لدى الغير فى المجالات الأخرى، ومن ثم فإن ما ورد بالنص المذكور من عبارة ( ويعتمد بصفة رئيسية على دخله بسبب عمله اليدوى أو الذهنى فى الزراعة أو الصناعة أو الخدمات ) يخالف نص المادة (229) من الدستور .
ثانيًا – نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع على أن ( ........ وتسقط العضوية إذا غير عضو مجلس النواب الصفة التى ترشح بها).
          ولكى يتفق هذا النص مع أحكام الدستور، فإنه يتعين أن يمتد حكمه وهو إسقاط العضوية إلى جميع الحالات التى يُغير فيها عضو مجلس النواب الصفة التى ترشح بها سواء كانت صفة العامل أو الفلاح أو إذا غير انتماءه الحزبى أو تخلى عنه وأصبح مستقلاً أو صار المستقل حزبيًا . إذ بذلك وحده يتأكد حق الناخب فى الاختيار وتحترم إرادته وهو ما يتحقق به المشاركة فى الحياة العامـة على نحو ما استهدفه نص المادة (55) من الدستور والقول بغير ذلك فيه انتقاص لحق الناخب الذى كفلته المادة المذكورة بما يخالف أحكام الدستور.
ثالثًا – نصت الفقرة الرابعة من المادة الثالثة المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع على أن ( ويحدد نطـاق ومكونات كل منها طبقًا للجداول المرفقة ) .
          وحيث إن المادة (113) من الدستور تنص على أن ( يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوًا، ينتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر .
          ويشترط فى المترشح لعضوية مجلس النواب أن يكون .........
          ويبين القانون شروط العضوية الأخرى، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات ) .
          وحيث إن النص الدستورى المتقدم وضع ضابطين أساسيين لتقسيم الدوائر الانتخابية هما التمثيل العادل للسكان والتمثيل العادل للمحافظات .
          وحيث إن التمثيل العادل للسكان يعنى أن يمثل النائب فى أية دائرة من الدوائر الانتخابية ذات العدد من الناخبين الذى يمثله باقى النواب فى الدوائر الأخرى مما مؤداه وجوب مراعاة التمثيل المتكافئ للناخبين فى المجالس النيابية، ولا يعنى هذا المبدأ أن يكون التساوى بين أعداد من يمثلهم النائب فى كل دائرة تساويًا حسابيًا مطلقًا، لاستحالة تحقق ذلك عمليًا، وإنما يكفى لتحقيق هذا المبدأ أن تكون الفروق بين هذه الأعداد وبين المتوسط العام لأعداد من يمثلهم النائب على مستوى الدولة فى حدود المعقول، كما أن تقسيم الدوائر يجب أن ينضبط بحيث يتناسب عدد السكان فى كل دائرة من الدوائر التى تقسم إليها البلاد بمراعاة التجاور الجغرافى، كما يجب ألا تُرسم الدوائر بطريقة تعسفية ودون مراعاة للصالح العام .
          كما أن عدالة تمثيل المحافظات تقتضى أن تمثل كل محافظات الدولة فى مجلس النواب بصرف النظر عن عدد سكانها .
          وحيث إنه باستعراض الجداول المرفقة بالمشروع المعروض يتبين أنها قد خالفت حكم المادة (113) من الدستور، فعلى سبيل المثال فإن محافظة دمياط التى يبلغ جملة عدد سكانها 1.254.971 نسمة طبقًا للبيان الإحصائى الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى 1/7/2012 خُصِّص لها ثمانية مقاعد للقائمة وأربعة للفردى بإجمالى مقداره اثنا عشر مقعدًا فى حين أن محافظة أسوان التى يبلغ عدد سكانها 1.340.279 نسمة خُصِّص لها أربعة مقاعد للقائمة، واثنان للفردى بإجمالى مقداره ستة مقاعد، أما محافظة جنوب سيناء التى يبلغ عدد سكانها 160.647 نسمة فقد خُصِّص لها أربعة مقاعد للقائمة واثنان للفردى بإجمالى ستة مقاعد، فى حين أن محافظة الأقصر التى يبلغ عدد سكانها 1.079.219 خُصِّص لها ذات العدد من المقاعد أربعة للقائمة واثنان للفردى بإجمالى ستة مقاعد، بالرغم من زيادة عدد السكان فيها على محافظة جنوب سيناء زيادة كبيرة .
رابعًا – تنص الفقرة السادسة من المادة الثالثة المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع على أن ( ويجوز أن تتضمن القائمة الواحدة مرشحى أكثر من حزب، كما يجوز أن تُشكل القائمة من مرشحين مستقلين غير منتمين لأحزاب، أو تجمع بينهم )، ويتعين حتى يكون هذا النص متفقًا وأحكام الدستور أن يضاف إليه أنه فى حالة جمع القائمة الواحدة بين منتمين لأحزاب ومستقلين أن تظهر صفة المرشح كمستقل أو منتم لحزب معين لتعلق ذلك بحق الناخب الذى يجب أن يقف على حقيقة المرشح عند الإدلاء بصوته لاختيار من هو أحق به والذى كفلته المادة (55) من الدستور .
خامسًا – أوضحت المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 الشروط الواجب توافرها فى المرشح لعضوية مجلس النواب، وقد عدَّل المشروع المعروض فى المادة الأولى منه البنود أرقام (1 و3 و4 و5 و6)، وورد فى البند (1) من هذه الشروط أن يكون المرشح مصريًا، فى حين أن نص المادة (113) من الدستور لم تكتف بكون المرشح مصريًا فقط بل نصت على ( أن يكون مصريًا متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية )، لذا وحتى يكون هذا النص متفقًا وحكم المادة (113) من الدستور يتعين إضافة عبارة ( متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية ) .
          كما ورد فى البند (5) من المادة ذاتها أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدائها أو استثنى منها طبقًا للقانون . وإذ تنص المادة (6) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 على أن يستثنى من تطبيق حكم المادة (1) منه – أداء الخدمة العسكرية – الفئات التى يصدر بقواعد وشروط استثنائها قرار من وزير الدفاع طبقًا لمقتضيات المصلحة العامة أو أمن الدولة، ومن ثم فإن النص الماثل يُجيز أن يترشح لمجلس النواب من سبق استثناؤه من أداء الخدمة العسكرية طبقًا لمقتضيات أمن الدولة، فى حين أنه مادام أن هذا الأخير قد استثنى من أداء الخدمة العسكرية للسبب المتقدم، فلا يكون مقبولاً أن يُسمح له بالترشح للمجلس النيابى الذى يتولى مهمتى التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، لذا فإن الأمر يقتضى قصر الشرط الوارد فى البند (5) على من أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدائها طبقًا للقانون .
سادسًا – تنص الفقرة الأولى من المادة التاسعة مكررًا ( ب ) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع على أن ( يكون الطعن على القرار الصادر من اللجنة المنصوص عليها فى المادة الثامنة من هذا القانون أمام محكمة القضاء الإدارى خلال سبعة أيام تبدأ من تاريخ قفل باب الترشح بالنسبة للمرشح أو الحزب أو ممثل القائمة، وعلى المحكمة أن تفصل فى الطعن، دون عرضه على هيئة مفوضى الدولة، خلال سبعة أيام على الأكثر ) .
          والبين من هذا النص أنه يهدف إلى سرعة البت فى الطعون على القرارات الصادرة من اللجان المشكلة طبقًا لنص المادة الثامنة من القانون ذاته وهو ما لا مطعن عليه، إلا أن اشتراط أن تفصل المحكمة فى الطعن دون العرض على هيئة مفوضى الدولة هو مما يعد تدخلاً فى أعمال جهة القضاء الإدارى واعتداءً على استقلاله على النحو الذى نصت عليه المادة (174) من الدستور، إذ قد ترى هذه الجهة عند نظر الطعن إحالته إلى هيئة مفوضى الدولة مع التقيد بالحد الزمنى الذى وضعه النص وهو سبعة أيام للفصل فى الطعن المعروض عليها .
سابعًا – نص البند رقم (7) من المادة الخامسة المضاف بالمادة الثانية من المشرع على ( ألا يكون من قيادات الحزب الوطنى المنحل، ويقصد بالقيادات كل من كان عضوًا بأمانته العامة أو بمكتبه السياسى أو بلجنة السياسات فى الخامس والعشرين من يناير 2011، أو كان عضوًا بمجلسى الشعب أو الشورى فى أى من الفصلين التشريعيين السابقين على قيام الثورة ........ ) .
          والنص على هذا النحو يخالف نص المادة (232) من الدستور الذى اشترط لمنع قيادات الحزب الوطنى المنحل من ممارسة العمل السياسى والترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية كونه عضوًا بمجلس الشعب أو الشورى فى الفصلين التشريعيين السابقين على قيام الثورة، ومن ثم فإن النص على كونه عضوًا فى أى من الفصلين التشريعيين يخالف نص المادة (232) من الدستور التى اشترطت كونه عضوًا فى الفصلين التشريعيين معًا .
ثامنًا – نصت المادة الثامنة عشرة مكررًا المضافة بالمادة الثالثة من المشروع المعروض على أن ( تتم أعمال الفرز وإعلان نتائجه باللجان الفرعية بحضور مندوبى المرشحين الفرديين والقوائم، ويسلم رئيس اللجنة الفرعية صورة من نتيجة الفرز إلى مندوب وزارة الداخلية لتعليقها بلوحة تعد لذلك بالقسم المختص، وتسلم صورة رسمية منها لكل من يطلبها من المرشحين، كما يقوم رئيس اللجنة الفرعية بلصق صورة من نتيجة الفرز على باب اللجنة الفرعية ويثبت ذلك بالمحضر .
          وعلى رئيس اللجنة العامة الإعلان عن عدد الأصوات الصحيحة التى حصل عليها كل مرشح وكل قائمة .
          ويسمح بحضور مندوبى وسائل الإعلام وممثلى منظمات المجتمع المدنى لمتابعة الانتخابات وعملية الفرز وإعلان النتيجة ) .
          وحيث إنه فيما يتعلق بقيام كل لجنة فرعية بإعلان نتيجة حصر وفرز أصوات الناخبين بها، وقيام اللجنة العامة بإعلان النتائج على نحو يوضح عدد الأصوات الصحيحة التى حصل عليها كل مرشح من مجموع اللجان الفرعية التابعة لها، فإنه لما كان إعلان النتيجة العامة للانتخابات التشريعية منوطًا – وعلى ما ينص عليه البند ثامنًا من المادة (3) مكررًا (و) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية – باللجنة العليا للانتخابات دون غيرها ، فإن إعلان النتيجة من قبل اللجان الفرعية واللجان العامة وهو فى حقيقته إعلان لحصر عددى مبدئى للأصوات التى حصل عليها كل مرشح فى هذه اللجان لا ينبئ عن فوز مرشح وخسارة آخر .
          لما كان ما تقدم وكان إعلان النتائج على النحو السالف بيانه من قبل كل من اللجان الفرعية واللجان العامة يعتبر أحد مراحل عملية الانتخابات التشريعية والتى تبدأ بفتح باب الترشح لعضوية المجلس التشريعى وتنتهى بتحديد وإعلان نتيجة الانتخاب من قبل اللجنة العليا للانتخابات طبقًا لنص المادة (228) من الدستور ، ومن ثم فإنه يتعين تفسير عبارة إعلان النتيجة الواردة بنص المادة الثامنة عشرة مكررًا ، بأنها تعنى مجرد إعلان لحصر عددى مبدئى لأصوات الناخبين لا ينبئ عن فوز مرشح أو خسارة آخر، وذلك حتى يكون النص متفقًا وحكم المادة (228) من الدستور .
          وحيث إنه فيما يتعلق بما ورد بالنص ذاته من السماح لمندوبى وسائل الإعلام وممثلى منظمات المجتمع المدنى بالحضور لمتابعة الانتخابات وعملية الفرز وإعلان النتيجة، فإن مصطلح " منظمات المجتمع المدنى " ليس له مدلول محدد وواضح، بل إنه من العموم والاتساع بحيث يمكن أن يشير إلى مجموعة كبيرة من المنظمات غير الحكومية والمنظمات التى لا تهدف إلى الربح ولها وجود فى الحياة العامة وتنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها استنادًا إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو علمية أو دينية أو خيرية ومنها على سبيل المثال الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والجمعيات الأهلية ، ومن ثم فإن الأمر يقتضى وضع معيار محدد ودقيق لهذه المنظمات ، حتى لا يسمح بحضور بعض هذه المنظمات غير المرخص لها وفقًا للقانون ، كما يتعين أن يوضع حد أقصى لعدد من يمثلون هذه المنظمات فى كل لجنة انتخابية حتى لا يؤدى كثرة العدد إلى تعطيل عمل هذه اللجان أو اضطرابها على نحو يخل بالضمانات الدستورية لحقى الترشيح والانتخاب كما أن مشاركة هذه المنظمات فى أعمال اللجان المذكورة يجب أن تقتصر على تلك التى يُصرح لها من قبل اللجنة العليا للانتخابات ، وتصدق الملاحظة ذاتها على وسائل الإعلام بأن يقتصر الحضور على وسائل الإعلام المصرح لها من قبل اللجنة العليا للانتخابات .
تاسعًا – تنص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المستبدلة بالمادة السادسة من المشروع المعروض على أن ( على رئيس اللجنة أن يسلم لكل ناخب بطاقة مفتوحة على ظهرها خاتم اللجنة وتاريخ الانتخاب أو الاستفتاء ، ويجوز لرئيس اللجنة الفرعية أن يستعيض بتوقيعه عن خاتم اللجنة ، وينتحى الناخب جانبًا من الجوانب المخصصة لإبداء الرأى فى قاعة الانتخاب ذاتها ، وبعد أن يثبت رأيه على البطاقة يعيدها مطوية إلى الرئيس ليضعها فى الصندوق الخاص ببطاقات الانتخاب ، ثم يقوم الناخب بغمس أصبعه فى مداد غير قابل للإزالة إلا بعد أربع وعشرين ساعة على الأقل بعد الإدلاء بصوته ، ويوقع قرين اسمه فى كشف واحد لحضور الناخبين بخطه أو ببصمة إبهامه ) .
          وإذ تنص المادة 28 من القانون ذاته على أن تجرى عملية الانتخاب أو الاستفتاء فى يومين متتاليين ، وهو ما يجاوز مدة بقاء المداد المذكور ، مما ينتفى معه اعتبار تلك الوسيلة ضمانة لتكرار الإدلاء  بالصوت ، ومن ثم فإن الأمر يقتضى تعديل النص بتخويل اللجنة العليا للانتخابات وضع الوسيلة المناسبة لتحقيق هذا الغرض إعمالاً للقاعدة الدستورية المرتبطة بحق الانتخاب وهى أن يكون للناخب الواحد صوت واحد ( one man ..  one vote ) .
عاشرًا – تنص الفقرة الثانية من المادة 36 المستبدلة بالمادة السادسة من المشروع على أن ( وفى حالة الدوائر المخصصة للانتخاب بنظام القوائم المغلقة ، يعلن رئيس اللجنة العامة عدد أصوات الحاضرين ، والأصوات الباطلة والأصوات الصحيحة التى حصلت عليها كل
قائمة).
          ويصدق على هذا النص ذات الملاحظة الواردة فى البند سابعًا بالنسبة لإعلان النتيجة وأنها لا تعدو أن تكون مجرد إعلان لحصر عددى لا ينبئ عن فوز مرشح وخسارة آخر لأن إعلان النتيجة النهائية معقود للجنة العليا للانتخابات.
حادى عشر – نصت المادة السابعة من المشروع المعروض على إضافة مادة جديدة برقم 3 مكررًا ( ل ) إلى القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية نصها كالتالى :
          (لكل مصرى مقيم فى الخارج يحمل بطاقة رقم قومى أو جواز سفر سارى الصلاحية، وسبق له استخراج بطاقة رقم قومى ، الحق فى الاقتراع فى الانتخابات العامة والاستفتاءات .
          ويجب على كل مصرى مقيم بالخارج، ومقيد بقاعدة بيانات الناخبين ويرغب فى ممارسة حق الاقتراع إبداء رغبته فى ذلك بطلب لدى قنصلية جمهورية مصر العربية فى الدولة التى يقيم بها ، أو إلى اللجنة العليا للانتخابات سواء باليد أو بالبريد الالكترونى ، وعلى أن يدون بالطلب تاريخ تقديمه ومحل إقامته بالدولة وموطنه الانتخابى وهو محل إقامته داخل مصر الثابت ببطاقة الرقم القومى .
          ويثبت فى السجل المعد لقيد الطلبات بكل بعثة دبلوماسية أو قنصلية ، تاريخ تقديمه ، وتعد كل بعثة أو قنصلية كشفًا يعرض فى مكان ظاهر مثبتًا به المسجلون بها والموطن الانتخابى لكل منهم ، وتنشأ مقار انتخابية فى دوائر اختصاص البعثات الدبلوماسية والقنصلية ، وتعين مقارها وينشأ بهذه المقار عدد من اللجان الفرعية لا يزيد عدد الناخبين بكل منها على ألف ناخب ، وتشكل لجنة عامة بمقر كل بعثة من عدد من أعضاء السلك الدبلوماسى أو القنصلى ويعين أمين لكل لجنة من العاملين بوزارة الخارجية .
          ويصدر قرار من رئيس اللجنة العليا للانتخابات بتشكيل هذه اللجان من أعضاء السلك الدبلوماسـى والقنصلى بنـاء على اقتراح وزير الخارجية ........ ) .
          وإذ تنص المادة (56) من الدستور على أن ( ترعى الدولة مصالح المصريين المقيمين بالخارج ، وتحميهم ، وتكفل حقوقهم وحرياتهم ، وتعينهم على أداء واجباتهم العامة نحو الدولة والمجتمع وتشجع إسهامهم فى تنمية الوطن . وينظم القانون مشاركتهم فى الانتخابات والاستفتاءات ) .
          وقد استحدث الدستور الصادر فى ديسمبر 2012 نظامًا جديدًا للإشراف على الانتخابات العامة والاستفتاءات ، عهد بها إلى المفوضية الوطنية للانتخابات ( م 208 ) وبين تشكيلها فى المادة (209) منه ، وفى المادة (210) نص على أن ( يتولى إدارة الاقتراع والفرز فى الاستفتاءات والانتخابات التى تديرها المفوضية ، أعضاء تابعون لها ، تحت الإشراف العام لمجلس المفوضية ، ويمنحون الضمانات اللازمة لأداء عملهم بما يكفل لهم الحياد والاستقلال . واستثناء من ذلك تسند المفوضية الإشراف على الاقتراع والفرز لأعضاء من السلطة القضائية والهيئات القضائية لمدة عشر سنوات على الأقل من تاريخ العمل بالدستور ، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون ) . كما تنص المادة (228) من الدستور على أن ( تتولى اللجنة العليا للانتخابات القائمة فى تاريخ العمل بالدستور الإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية تالية ، وتؤول أموال هذه اللجنة واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية إلى المفوضية الوطنية للانتخابات ، فور تشكيلها ) .
ومؤدى ما تقدم من نصوص ، أن مشاركة المصريين المقيمين فى الخارج للاقتراع فى انتخابات مجلس النواب القادم ، يجب أن تكون تحت إشراف قضائى كامل ، خاصة عمليتى الاقتراع والفرز ، وذلك على ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة (210) من الدستور ، وإذا كانت مشاركة المصريين المقيمين فى الخارج فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى وانتخاب رئيس الجمهورية والاستفتاء على الدستور التى أجريت خلال عامى 2011 و 2012 قد تمت بمعرفة لجان فرعية ولجان فرز عامة مشكلة من أعضاء من السلك الدبلوماسى أو القنصلى ، إلا أنه كان ثمة سند دستورى لهذا الأمر وهو نص المادة (39) مكررًا ) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 ، والمضافة بالإعلان الدستورى الصادر فى 19 نوفمبر 2011 والتى كانت تنص على أن
( واستثناء من أحكام المادة (39) من هذا الإعلان ، تنظم بقانون خاص أحكام تصويت المصريين المقيمين خارج البلاد فى الانتخابات والاستفتاء ) . وكان نص المادة (39) المشار إليها تنص فى عجز فقرتها الثانية على أن ( يجرى الاقتراع والفرز تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية ترشحهم مجالسهم العليا، ويصدر باختيارهم قرار من اللجنة العليا ) .
          وإذ نصت المادة (236) من الدستور على أن ( تُلغى جميع الإعلانات الدستورية الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية منذ الحادى عشر من فبراير سنة 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور ....) ، ومن ثم فإن السند الدستورى الذى كان يُجيز إسناد عمليتى الاقتراع والفرز لغير أعضاء الهيئات القضائية قد تم إلغاؤه اعتبارًا من تاريخ العمل بالدستور الجديد ، وصار لازمًا اتباع ما ورد به من أحكام والتى خلت من مثل هذا الاستثناء .
فلهذه الأسباب
قررت المحكمة :
أولا أن المادة الثانية والفقرتين الأولى والرابعة من المادة الثالثة المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع والبند 7 من المادة الخامسة المضاف بالمادة الثانية من المشروع والمادة (3) مكررًا ( ل) المضافة بالمادة السابعة من المشروع تتعارض مع أحكام الدستور على النحو المبين بالأسباب .
ثانيًا أن الفقرة السادسة من المادة الثالثة المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع والبندين ( 1 و 5 ) من المادة الخامسة والفقرة الأولى من المادة التاسعة مكررًا (ب) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع ، والمادة 18 مكررًا المضافة بالمادة الثالثة من المشروع ، والفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 73 لسنة 1956 ، والفقرة الثانية من المادة 36 من القانون ذاته مستبدلتين بالمادة السادسة من المشروع تتفق وأحكام الدستور وفقًا للتفسير الذى حددته هذه المحكمة على النحو المبين بالأسباب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق