باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري بالمنصورة
الدائرة الأولى
*****************
بالجلسة المنعقدة علنا في يوم الخميس الموافق 10/11/2011
برئاسـة السيد المستشار / حاتم محمد داود فرج الـلـه نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين /عماد عبد المنعم عطية و أحمد عبد السلام أحمد حافظ نـائبي رئيس مجلس الدولة
وحضـور السيد الأستاذ المـستشار (م.أ /أحمد حسن محمد - مفوض الدولة )
وسكرتـارية السيد /…… أمين السـر
أصدرت الحكم الآتي في الدعوى رقم 1593 لسنة 34 ق
المقامة من
…………………
ضد
(1) رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته
(2) رئيس مجلس الوزراء بصفته
(3) وزير العدل بصفته
(4) رئيس اللجنة العليا للانتخابات بصفته
(5) رئيس اللجنة العامة لانتخابات مجلس الشعب بمحافظة الدقهلية
الإجراءات
أقام
المدعى دعواه الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ
31/10/2011 وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف
إدراج المرشحين الواردة أسماؤهم بصدر الصحيفة أو من كانوا ينتمي للنظام
البائد ـ الحزب الوطني الديمقراطي سابقا- بجداول الانتخابات البرلمانية
لمجلسي الشعب والشورى 2011/2012 مع ما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم
بمسودته بدون إعلان مع إلزام المدعى عليهم المصروفات، وفى الموضوع بإلغاء
هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وذكر
المدعى شرحا لدعواه أن اللجنة العليا للانتخابات مجلس الشعب أعلنت عن فتح
باب الترشح لعضوية مجلس الشعب لسنة 2011/2012 وذلك بعد ثورة الخامس
والعشرين من يناير العظيمة التي أشاد بها الأعداء قبل الأصدقاء ووصفها
المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأنها لا تقل عن نصر حرب أكتوبر المجيدة.
وعلى الرغم من صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب الوطني وأيلولة
ممتلكاته للدولة، فقد قبلت اللجنة العامة للانتخابات بمحافظة الدقهلية
أوراق ترشيح عدد ليس بالقليل من أعضاء الحزب الوطني المنحل لانتخابات مجلسي
الشعب والشورى منهم على سبيل المثال ….. (فئات) ، …….. (فئات) ، …….
(عمال) ، …… (عمال) . ونعى المدعي على قرار اللجنة العامة للانتخابات
بالدقهلية بقبول أوراق ترشح المذكورة أسمائهم مخالفته لحكم المحكمة
الإدارية العليا بحل الحزب الوطني، ولحكم محكمة الأمور المستعجلة بإزالة
اسم رئيس الحزب المنحل عن جميع المنشآت والميادين والأماكن العامة في
الدولة.
وتحدد
لنظر الدعوى أمام هذه المحكمة جلسة 10/11/2011 وتداولت المحكمة نظر الدعوى
على النحو الثابت بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى حتى
الساعة الثانية ظهرا للرد على الدعوى وتقديم المستندات والمذكرات، حيث أودع
الحاضر عن جهة الإدارة حافظة مستندات طويت على ملفات ترشيح المذكورة
أسمائهم بصحيفة الدعوى، وارتأت المحكمة اختصام المدعى عليهم من الأول إلى
الثالث وكان ذلك في مواجهة الحاضر عن الدولة، وقررت المحكمة حجز الدعوى
لإصدار الحكم بذات الجلسة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على
منطوقه وأسبابه.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
ومن
حيث أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أنه وأن كان للخصوم
تحديد طلباتهم بالعبارات التي يصوغونها وفقا لما يرونه محققا لمصلحة كل
منهم، ويختارون لهذه الطلبات السند القانوني الذي يرونه أرجح في قبول
القضاء لهم موضوعيا بهذه الطلبات، فإن تحديد هذه الطلبات وتكييف حقيقة
طبيعتها القانونية أمر مرجعه إلى المحكمة، إذ عليها أن تتعمق فيما يحدده
الخصوم في المنازعة الإدارية من طلبات وأسانيد قانونية لتصل المحكمة إلى
التكييف الصحيح لحقيقة هذه الطلبات وتنزل عليها أحكام القانون غير متقيدة
بما أورده الخصوم من عبارات أو ألفاظ لا تتحقق من خلال معناها الظاهر حقيقة
نواياه وغاياته في المنازعة ومقاصده منها. ذلك أنه من المسلمات أن العبرة
بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني. (المحكمة الإدارية العليا في
الطعن رقم 916 لسنة 26 ق جلسة 9/1/1983 ، والطعن رقم 2343 لسنة 32 ق- جلسة
25/5/1991 والطعن رقم الطعن رقم 4011 لسنة 50 ق ع جلسة 5/12/2006) .
ومن
حيث أن المدعى قد أقام دعواه الماثلة تأسيسا على ما قضت به المحكمة
الإدارية العليا بجلسة 16/4/2011 في الطعون أرقام (20030)(20459)(20279)
لسنة 57 القضائية عليا بانقضاء الحزب الوطني الديمقراطي وتصفية أمواله
وأيلولتها إلى الدولة على النحو المبين بأسباب الحكم.
ومن
حيث أنه بالبناء على ما تقدم فإن حقيقة طلبات المدعى إنما تتمثل في الحكم
بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي لجهة الإدارة المدعى عليها بالامتناع عن
اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي الساقط من
الترشح لانتخابات مجلسي الشعب والشورى لعام 2011 /2012 ، تنفيذا للحكم
الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 16/4/2011 في الطعون أرقام
(20030) (20459) (20279) لسنة 57 القضائية عليا، وما يترتب على ذلك من آثار
أخصها وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اللجنة العامة لانتخابات مجلس الشعب
بمحافظة الدقهلية بقبول أوراق ترشيح أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي الساقط
لانتخابات مجلسي والشورى الشعب لعام 2011/2012.
ومن
حيث إن الفقرة الأولى من المادة 118 من قانون المرافعات المدنية والتجارية
تنص على أن ( للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من ترى إدخاله
لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة.(
ومن
حيث إنه مفاد ما تقدم أن المشرع أجاز للمحكمة من تلقاء نفسها ودون طلب من
الخصوم أن تُدخل في الدعوى من ترى ملائمة إدخاله فيها تحقيقاً للعدالة
وإظهاراً لوجه الحق في الدعوى.
ومن
حيث إنه تطبيقاً لما تقدم فقد قدرت المحكمة إدخال كل من:ـ رئيس المجلس
الأعلى للقوات المسلحة، رئيس مجلس الوزراء، وزير العدل ـ خصوماً في الدعوى.
ومن
حيث أن الطعن على القرارات السلبية بالإلغاء لا يتقيد بمواعيد دعوى
الإلغاء متى استمرت حالة امتناع جهة الإدارة عن اتخاذ الإجراءات الواجب
اتخاذها قانونا قائمة، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية الأخرى
فإنها تكون مقبولة شكلا.
وحيث
أنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن الفقرة الأولى من المادة
(49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه
(لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على
أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت
المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها)
ومن
حيث أن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن ولاية محاكم مجلس الدولة
في وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها في الإلغاء وفرع منها،
ومردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار، على
أساس وزنه بميزان القانون، وزنا مناطه مبدأ المشروعية، إذ يتعين على القضاء
ألا يوقف قرارا إداريا، إلا إذا تبين له بحسب الظاهر من الأوراق وبدون
مساس بأصل الحق أن طلب وقف التنفيذ قد توافر له ركنان: أولهما- ركن الجدية،
ويتمثل في قيام الطعن في القرار، بحسب الظاهر من الأوراق، على أسباب جدية
من حيث الواقع والقانون، تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع.
وثانيهما- ركن الاستعجال بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج
يتعذر تداركها فيما لو لم يقض بإلغائه. (المحكمة الإدارية العليا- الطعن
رقم 4562 لسنة 57 القضائية عليا-جلسة 27/11/2010)
ومن
حيث أنه عن مدى توافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه،
فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بجلستها المعقودة بتاريخ 16/4/2011 في
الطعون أرقام (20030) (20459) (20279) لسنة 57 القضائية عليا “بانقضاء
الحزب الوطني الديمقراطي وتصفية أمواله وأيلولتها إلى الدولة على النحو
المبين بالأسباب………..”
وقد
ورد ضمن أسباب حكم المحكمة الإدارية العليا سالف البيان “أن إسقاط النظام
يستتبع بحكم اللزوم والجزم سقوط أدواته التي كان يمارس من خلالها سلطاته
بحيث لا ينفك عنها، وأهم هذه الأدوات ذلك الحزب الحاكم الذي ثبت بيقين
إفساده للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية”. وإنه “إذا كانت ثورة 25
يناير سنة 2011 المجيدة قد أزاحت النظام السياسي وأسقطته وأجبرت رئيس
الجمهورية السابق الذي هو رئيس الحزب الوطني الديمقراطي على التنحي في
الحادي عشر من فبراير سنة 2011، فإن لازم ذلك قانونا وواقعا أن يكون الحزب
قد أزيل من الواقع السياسي المصري رضوخا لإرادة الشعب، ومن ثم، فلا يستقيم
عقلا أن يسقط النظام دون أداته وهو الحزب، ولا يكون على هذه المحكمة إلا
الكشف عن هذا السقوط، حيث لم يعد له وجود بعد الحادي عشر من فبراير سنة
2011″.
ومن
حيث أن المادة (24) من الإعلان الدستوري تنص على أن (تصدر الأحكام وتنفذ
بأمر الشعب، ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين
العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له في هذه الحالة
حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة)
وتنص
المادة (280) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه (لا يجوز
التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال
الأداء. والسندات التنفيذية هى الأحكام ………………………
ولا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناة بنص القانون إلا بموجب صورة تنفيذية من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ التالية:
“على
الجهة التي يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها وعلى السلطات
المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب إليها ذلك”)
ومن
حيث أنه يتبين من هذه النصوص أنه يتعين إعمالا للشرعية وسيادة القانون
اللذين تخضع لهما جميع السلطات وتنزل على مقتضاها جميع الإدارات في الدولة،
أن تنفذ الجهات الإدارية الأحكام القضائية الواجبة التنفيذ طبقا لأحكام
القانون، وعلى كل من الموظفين العموميين المختصين بذلك إصدار القرارات
الإدارية اللازمة لتحقيق هذا الغرض على سبيل الحكم والإلزام، فإن هي امتنعت
دون حق عن تنفيذها في وقت مناسب أو تعمدت تعطيل هذا التنفيذ اعتبر ذلك
بمثابة قرار إداري سلبي مخالف للقانون بالمعنى الذي قصده المشرع في الفقرة
الأخيرة من المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس
الدولة. (المحكمة الإدارية العليا- الطعن رقم 1767 لسنة 34 القضائية- جلسة
22/11/1992(
ومن
حيث أن هناك من الأحكام ما يتطلب لتنفيذه تدخلا من جانب جهة الإدارة
بإصدار قرار معين لتنفيذ مقتضى الحكم، ومن ثم فإن امتناع جهة الإدارة عن
إصدار هذا القرار يعد قرارا إداريا سلبيا يستعدى عليه قضاء الإلغاء أو
التعويض بحسب الأحوال.(المحكمة الإدارية العليا- الطعن رقم 1835 لسنة 29
القضائية- جلسة 8/2/1986(
ومن
حيث أنه من المظاهر الأساسية للمدنيات الحديثة خضوع الدولة في تصرفاتها
لحكم القانون، حتى أن الدول تتباهى فيما بينها بمدى تعلقها بأهداب القانون
ورضوخها لمبادئه وأحكامه، ولذلك فإن التزام الإدارة بالتنفيذ الكامل غير
المنقوص للأحكام القضائية يعتبر عنواناً للدولة المتمدينة وللدولة
القانونية، ويعد امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم القضائي الواجب النفاذ
طبقاً لقانون مجلس الدولة أو تنفيذه تنفيذاً مبتسراً مخالفة قانونية صارخة،
إذ لا يليق بحكومة في بلد متحضر أن تمتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية أو أن
تنحرف عن التنفيذ الصحيح لموجباتها بغير وجه حق قانوني لما يرتبه هذا
الانحراف من إشاعة للفوضى وفقدان للثقة في سيادة القانون، إذ لا قيام
للدولة القانونية إلا بإعلاء مبدأ خضوع الدولة للقانون وإعلاء مبدأ
المشروعية، ولا قيمة لهذا المبدأ الأخير ما لم يقترن بمبدأ تقديس واحترام
أحكام القضاء ووجوب تنفيذها، فلا حماية قضائية إلا بتمام تنفيذ الأحكام
الصادرة من السلطة القضائية، ولا قيمة للقانون بغير تطبيق وتنفيذ وإعمال
مقتضاه على الوجه الصحيح.
وحيث
أنه متى كان ما تقدم وكان الحزب الوطني الديمقراطي الذي قضى حكم المحكمة
الإدارية العليا بسقوطه لما ثبت للمحكمة “بيقين إفساده للحياة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية” للبلاد، لا يتصور عقلا ومنطقا، وهو لا يعدو أن
يكون مجرد شخصية معنوية لا تملك من أمر نفسها شيئا، أن يفسد بنفسه الحكم
والحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلاد لمدة تزيد على
الثلاثين عاما. وحقيقة الأمر أن من أفسد الحكم والحياة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلاد هم الأشخاص الطبيعيين القائمين
على شئون هذا الحزب من قيادات وكوادر وأعضاء الحزب الذين أحدثوا هذا الفساد
بأفكارهم وأفعالهم والسياسات المريبة التي ابتدعوها، فعاثوا في مصر فسادا،
وجعلوا منها فريسة لأطماعهم، فسلبوا مواردها، ونهبوا ثرواتها، وباعوا
أراضيها ومصانعها وتراثها لكل مغامر، واستغلوا نفوذهم للحصول على منافع شتى
لأنفسهم ولذويهم، وأضروا إضرارا جسيما بالمصالح العليا للبلاد، وسنوا من
القوانين ما يقنن الفساد ويقيد الحقوق والحريات، ثم ظنوا أنها دانت لهم
وأصبحت مطية لطموحاتهم المريضة فوضعوا الخطط ويسروا السبل كي تورث لهم
كتركة لا صاحب لها، ونسوا أن بها شعبا عظيما أبيا لا يقبل الظلم وإن طال
أمده، ويرفض القهر والاستبداد وسلب الحريات، فثار عليهم وأسقطهم في ثورة
مجيدة جددت آمال هذا الشعب في الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية. وبذلك
فإن من أسقطه الشعب في ثورته المجيدة لم يكن الحزب الوطني الديمقراطي فقط
بل قيادات وكوادر وأعضاء هذا الحزب أيضا، ومن ثم فإن تنفيذ حكم المحكمة
الإدارية العليا لا يجب أن يقتصر على مجرد استرداد مقار الحزب وأمواله
المملوكة بحسب الأصل للدولة، وإنما يجب أن يمتد بالضرورة وبحكم اللزوم إلى
قيادات وكوادر وأعضاء هذا الحزب باتخاذ الإجراءات وإصدار القرارات الكفيلة
بمنعهم من مزاولة العمل السياسي بكافة صوره وأشكاله بما في ذلك الترشح
لانتخابات المجالس النيابية باعتباره أبرز صور العمل السياسي، الأمر الذي
من شأنه أن يحول دون استمرارهم في إفساد الحكم والحياة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلاد والتأثير سلبا على ثورة الشعب
المجيدة. خاصة وأن المهمة الأساسية لمجلسي الشعب والشورى المقرر انتخابهما
عام 2011/2012 إنما تتمثل، وفقا لنص المادة (60) من الإعلان الدستوري، في
انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد. وبهذه المثابة يتعين على جهة
الإدارة المبادرة إلى اتخاذ هذه الإجراءات ليصبح تنفيذ حكم المحكمة
الإدارية العليا كاملا غير منقوص، ويعتبر امتناعها عن اتخاذ هذه الإجراءات
قرارا إداريا سلبيا مرجح الإلغاء يتوافر به ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذ
هذا القرار.
ومن
حيث أنه لا ينال مما تقدم أن يكون الحق في الترشح لعضوية المجالس النيابية
هو من الحقوق الدستورية التي لا يجوز الحرمان منها إلا بمقتضى أو موجب
قانوني، ذلك أن احترام الأحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به
وتنفيذها تنفيذا كاملا غير منقوص باعتبارها عنوان الحقيقة فيما فصلت فيه،
هو من القواعد الدستورية الأساسية التي درجت الدساتير المصرية المختلفة على
النص عليها وأكدت عليها المادة (24) من الإعلان الدستوري، ومن ثم يجب
احترامها والالتزام بها بحسبانها تعبيرا عن سيادة القانون وخضوع جميع
الأفراد والسلطات في الدولة لأحكامه. وبذلك فإن حرمان أعضاء الحزب الوطني
الساقط من الترشح لانتخابات مجلسي الشعب والشورى يكون قائما على سند ومسوغ
قانوني مشروع يتمثل في التنفيذ الكامل لحكم المحكمة الإدارية العليا سالف
البيان.
وحيث
انه بالإضافة إلى ما تقدم فإن من أهدروا الحقوق والحريات، وقوضوا دعائم
الديمقراطية في البلاد، وقاموا بتزوير إرادة الشعب في جميع انتخابات
المجالس النيابية طوال ثلاثين عاما، ومنعوا من عداهم من أفراد الشعب من
الترشح لعضوية هذه المجالس، واحتكروا لأنفسهم زورا وبهتانا صفة تمثيل الشعب
فيها، ليس لهم أن يطالبوا بحقوق طالما حرموا الشعب منها، بل عليهم أن
يذوقوا ذات الحرمان لفترة مؤقتة ولحين تطهر المجتمع من أفعالهم، فلا يأمل
في العدالة من أتى يطلبها ويداه ملوثتان.
ومن
حيث إنه في ضوء ما تقدم، ومتى تبين عدم مشروعية امتناع جهة الإدارة عن
اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أعضاء الحزب الوطني الساقط من الترشح
لانتخابات مجلسي الشعب والشورى، وكانت اللجنة العامة للانتخابات بمحافظة
الدقهلية قد قبلت أوراق ترشيح بعض أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي الساقط
لخوض انتخابات مجلسي الشعب والشورى لعام 2011/2012 ، على النحو الذي أشار
إليه المدعى بصحيفة دعواه ولم تنكره جهة الإدارة أو تعترض عليه، دون مراعاة
لمقتضى حكم المحكمة الإدارية العليا سالف البيان، وذلك بالنظر إلى امتناع
جهة الإدارة المدعى عليها وتقاعسها عن تنفيذ مقتضى هذا الحكم تنفيذا كاملا
غير منقوص، ومبادرتها إلى اتخاذ الإجراءات وإصدار القرارات الكفيلة بمنع
أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي الساقط عن الترشح للانتخابات، فقد أصبح من
المتعين وقف تنفيذ القرارات الصادرة بقبول أوراق ترشيح من يثبت أنه كان
عضوا بالحزب الوطني الديمقراطي الساقط وقُبلت أوراق ترشيحه، بحسبان أن ذلك
يعد أثرا من آثار وقف تنفيذ قرار جهة الإدارة بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات
اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه.
ومن
حيث أنه عن ركن الاستعجال فإن من شأن استمرار امتناع جهة الإدارة عن اتخاذ
الإجراءات وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ مقتضى حكم المحكمة الإدارية
العليا على النحو سالف البيان، ترتيب نتائج يتعذر تداركها في ضوء إجراء
المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب بتاريخ 28/11/2011، الأمر الذي
يتوافر بموجبه ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ليتحقق
بذلك ركني طلب وقف التنفيذ من جدية واستعجال.
ومن حيث أن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت
المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة السلبي
بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي
الساقط من الترشح لعضوية مجلسي الشعب والشورى، وما يترتب على ذلك من آثار
أخصها وقف تنفيذ قرار اللجنة العامة للانتخابات بمحافظة الدقهلية بقبول
أوراق ترشيح من يثبت أنه كان من أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي الساقط ،
وألزمت جهة الإدارة مصروفات طلب وقف التنفيذ، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة
مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق