قضية رقم 56 لسنة 31 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الخامس من أغسطس سنة 2012م، الموافق السابع عشر من رمضان سنة 1433ه.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيرى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عدلي محمود منصور وأنور رشاد العاصي وعبد الوهاب عبد الرازق والدكتور/ حنفي على جبالي ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدا لسميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 56 لسنة 31 قضائية "دستورية".
المقامة من
السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة بور سعيد للغزل والنسيج
ضد
1 - السيد رئيس مجلس الوزراء
2 - السيد رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار القومى
3 - السيد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة
للقطن والغزل والنسيج والملابس
الإجراءات
بتاريخ الرابع من مارس سنة 2009، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالباً فى ختامها الحكم بعدم دستورية نصى المادتين(6 و11) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008؛ فيما تضمناه من اختصاص الدوائر الاستئنافية فى المحاكم الاقتصادية دون غيرها بالنظر ابتداء فى كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة (6) المشار إليها، إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه، والطعن عليها بطريقة النقض
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم أصليًا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا: برفضها.
كما قدم المدعى عليه الثانى مذكرة بدفاعه، طلب فى ختامها الحكم أصليًا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- فى أن المدعى عليه الثانى أقام ضد المدعى الدعوى رقم 1951 لسنة 2005 أمام محكمة بور سعيد الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى إليه مبلغ ستة وثمانين مليونًا وثمانمائة وثمانية وثلاثين ألفًا وثمانمائة وأربعة وستين جنيهاً وستة قروش، قيمة الدين المستحق على الشركة التى يمثلها المدعى، فضلاً عن الفوائد وما يستجد من مستحقات أخرى. وبجلسة 14/10/2008 أُحيلت الدعوى إلى الدوائر التجارية و قُيدت برقم 74 لسنة 2008 تجارى كلى بور سعيد. وإذ صدر قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية بالقانون رقم 120 لسنة 2008؛ فقد أُحيلت الدعوى إلى المحكمة الاقتصادية ببور سعيد وقُيدت برقم 13 لسنة 2008 اقتصادية استئناف الاسماعيلية، وبجلسة 24/1/2009 دفع المدعى بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (6) والمادة (11) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008، وإذ قدرت المحكمة بجلسة 21/2/2009 جدية الدفع وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (6) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 تنص على أنه "فيما عدا المنازعات والدعاوى التى يختص بها مجلس الدولة، تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية، دون غيرها، بنظر المنازعات والدعاوى التى لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه، والتى تنشأ عن تطبيق القوانين الآتية:
1 – قانون الشركات العاملة فى مجال تلقى الأموال لاستثمارها.
2 – قانون سوق رأس المال.
3 – قانون ضمانات وحوافز الاستثمار.
4 – قانون التأجير التمويلى.
5 –قانون حماية الاقتصاد القومى من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة فى التجارة الدولية.
6 – قانون التجارة فى شأن نقل التكنولوجيا والوكالة التجارية وعمليات البنوك والإفلاس والصلح الواقى منه.
7 – قانون التمويل العقارى.
8 – قانون حماية حقوق الملكية الفكرية.
9 – قانون تنظيم الاتصالات.
10 – قانون تنظيم التوقيع الالكترونى وإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات.
11 – قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.
12 – قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة.
13 – قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد.
وتختص الدوائر الاستئنافية فى المحاكم الاقتصادية، دون غيرها، بالنظر ابتداء فى كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها فى الفقرة السابقة إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة".
وتنص المادة (11) من القانون ذاته على أنه "فيما عدا الأحكام الصادرة فى مواد الجنايات والجنح، والأحكام الصادرة ابتداء من الدوائر الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية، لا يجوز الطعن فى الأحكام الصادرة من المحكمة الاقتصادية بطريق النقض، دون إخلال بحكم المادة (250) من قانون المرافعات المدنية والتجارية".
وحيث إن المدعى ينعى على النصين المطعون فيهما، مخالفتهما لنصى المادتين (40 و68) من دستور سنة 1971، على سند من أن الفقرة الأخيرة من المادة (6) المطعون فيها إذ ناطت بالدائرة الاستئنافية نظر الدعوى التى تزيد قيمتها على خمسة ملايين جنيه، فإنها تكون قد حرمته من درجة من درجات التقاضى السابقة على الاستئناف، كما أن المادة (11) المطعون فيها لا تجعل من محكمة النقض محكمة موضوع إلا فى حالة نقضها حكم الدائرة الاستئنافية، مما مؤداه كذلك حرمانه – فى غير هذه الحالة- من درجة من درجات التقاضى؛ بخلاف الدعوى المعروضة أمام الدائرة الابتدائية حيث يتم نظرها على درجتين، بالرغم من وحدة طبيعة الدعوى وتكافؤ المراكز القانونية للمتداعين فى كلتى الحالتين اللتين لايفرقهما سوى قيمة الدعوى، وبذلك يقيم النصان المطعون فيهما تمييزًا تحكمياً غير مبرر، وهو مايُعد إخلالاً بمبدأ المساواة وتقييدًا لحق التقاضى.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية مؤثرًا فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكان المدعى يبغى من دعواه الماثلة الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (6 و11) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية المشار إليه؛ فيما تضمناه من اختصاص الدوائر الاستئنافية فى المحاكم الاقتصادية دون غيرها بالنظر ابتداءً فى كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة (6) المشار إليها، إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه، وكان نص هذه الفقرة ذاتها، فيما تضمنه من قصر اختصاص الدوائر الابتدائية على نظر الدعاوى التى لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه يرتبط ارتباطاً لا يقبل التجزئة بالنصين المطعون فيهما، مما مؤداه وجوب مد نطاق الدعوى الماثلة إلى هذا النص، ومن ثم فإن مصلحة المدعى الشخصية المباشرة تكون متحققة فى الطعن على هذه النصوص فى النطاق المشار إليه، بحسبان أن الفصل فى دستوريتها سيكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية.
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً- على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائما القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصوص المطعون عليها من خلال أحكام الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس سنة 2011 باعتباره الوثيقة الدستورية التى تحكم البلاد خلال الفترة الانتقالية وإلى أن يتم الانتهاء من إعداد الدستور الجديد وإقراره.
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة النصوص المطعون فيها- محددة نطاقاً على النحو المتقدم- لأحكام المادتين (40 و 68) من دستور سنة 1971، وكان نصا هاتين المادتين يتطابقان تماماً مع نصى المادتين (7 و 21) من الإعلان الدستورى المشار إليه.
وحيث إنه من المقرر- فى قضاء هذه المحكمة- أن مبدأ المساواة أمام القانون يتعين تطبيقه على المواطنين كافةً؛ باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعى، وعلى تقدير أن الغاية التى يستهدفها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ- فى جوهره- وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك إلى تلك التى كفلها المشرع للمواطنين فى حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يرتأيه محققاً للصالح العام. إذ كان ذلك، وكان من المقرر أيضا أن صور التمييز المجافية للدستور، وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه دستورياً هو ما يكون تحكمياً، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يُعتبر مقصوداً لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يُعتبر هذا التنظيم ملبياً لها، وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطاراً للمصلحة العامة التى يسعى المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التى يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً إليها. إذ إن ما يصون مبدأ المساواة ولا ينقض محتواه؛ هو ذلك التنظيم الذى يقيم تقسيماً تشريعياً ترتبط فيه النصوص القانونية التى يضمها بالأغراض المشروعة التى يتوخاها، فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهياً، كان التمييز انفلاتاً وعسفاً، فلا يكون مشروعاً دستورياً.
وحيث إن الأصل فى سلطة المشرع فى تنظيمه لحق التقاضى- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنها سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة التى تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التى يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزناً، وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض فى شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخومًا لها ينبغى التزامها، وفى إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع باتباع أشكال جامدة لا يريم عنها، تفرغ قوالبها فى صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز له أن يغاير فيما بينها، وأن يقدر لكل حال ما يناسبها، على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التى يباشر الحق فى التقاضى فى نطاقها، وبما لا يصل إلى إهداره، ليظل هذا التنظيم مرناً، فلا يكون إفراطاً يطلق الخصومة القضائية من عقالها انحرافاً بها عن أهدافها، ولا تفريطاً مجافياً لمتطلباتها، بل بين هذين الأمرين قواماً، التزاماً بمقاصدها، باعتبارها شكلاً للحماية القضائية للحق فى صورتها الأكثر اعتدالاً. ومن هنا فإن ضمان سرعة الفصل فى القضايا غايته أن يتم الفصل فى الخصومة القضائية- بعد عرضها على قضاتها- خلال فترة زمنية لا تجاوز باستطالتها كل حد معقول، ولا يكون قصرها متناهياً، وقصر حق التقاضى فى المسائل التى فصل فيها الحكم على درجة واحدة، هو مما يستقل المشرع بتقديره بمراعاة أمرين؛ أولهما: أن يكون هذا القصر قائماً على أسس موضوعية تمليها طبيعة المنازعة وخصائص الحقوق المثارة فيها، وثانيهما: أن تكون الدرجة الواحدة محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائى من حيث تشكيلها وضماناتها والقواعد المعمول بها أمامها، وأن يكون المشرع قد عهد إليها بالفصل فى عناصر النزاع جميعها- الواقعية منها والقانونية- فلا تراجعها فيما تخلص إليه من ذلك أية جهة أخرى، وبالتالى فلا يجوز- من زاوية دستورية- انفتاح طرق الطعن فى الأحكام أو منعها إلا وفق أسس موضوعية ليس من بينها مجرد سرعة الفصل فى القضايا.
وحيث إنه، من المقرر كذلك- فى قضاء هذه المحكمة- أن لكل مواطن حق اللجوء إلى قاض يكون بالنظر إلى طبيعة الخصومة القضائية، وعلى ضوء مختلف العناصر التى لابستها، مهيأ للفصل فيها، وهذا الحق مخول للناس جميعاً فلا يتمايزون فيما بينهم فى ذلك، وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية فى مجال سعيهم لرد العدوان على حقوقهم، فلا يكون الانتفاع بهذا الحق مقصوراً على بعضهم، ولا منصرفاً إلى أحوال بذاتها ينحصر فيها، ولا محملاً بعوائق تخص نفراً من المتقاضين دون غيرهم، بل يتعين أن يكون النفاذ إلى ذلك الحق، منضبطاً وفق أسس موضوعية لا تمييز فيها، وفى إطار من القيود التى يقتضيها تنظيمه، ولا تصل فى مداها إلى حد مصادرته.
وحيث إنه، لما كان ما تقدم، وكان المشرع بتقريره النصوص المطعون فيها المشار إليها، قد أعمل سلطته التقديرية فى شأن التنظيم الإجرائى للخصومة فى المنازعات والدعاوى التى تختص بنظرها المحاكم الاقتصادية، بأن وضع للحماية القضائية للمتقاضين أمامها نظاماً للتداعى يقوم على أساس قيمة المنازعة، بحيث تعرض الدعاوى التى لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه على الدوائر الابتدائية، وأجاز استئناف الأحكام الصادرة منها أمام الدوائر الاستئنافية، فى حين تعرض الدعاوى التى تجاوز هذه القيمة على الدوائر الاستئنافية ابتداءً، وأجاز الطعن فى الأحكام الصادرة منها أمام محكمة النقض فإذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه؛ حكمت فى موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة، وذلك إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة (12) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية المشار إليه، مما مؤداه ربط هذا التنظيم الإجرائى للخصومة فى مجمله بالغايات التى استهدفها المشرع من هذا القانون، والتى تتمثل- على ما يتضح جلياً من أعماله التحضيرية- فى تحقيق المصلحة العامة عن طريق إقامة قضاء متخصص فى نظر المنازعات ذات الطابع الاقتصادى وما يستلزمه ذلك من حسم هذه المنازعات بالسرعة التى تتفق مع طبيعة النشاط الاقتصادى الذى يُعتبر الزمن عنصراً جوهرياً فيه، وعاملاً أساسياً لاستقرار المراكز القانونية المتعلقة بهذا النشاط المهم، مع عدم الإخلال- فى الوقت ذاته- بكفالة الضمانات الأساسية لحق التقاضى، ولا بأركانه التى كفلها الدستور، بما يكفل لأى من المتقاضين من الفئتين السالف بيانهما أمام هذه المحاكم الاقتصادية، عرض منازعته ودفوعه على قاضيه الطبيعى، متمتعاً بفرص متكافئة فى الطعن على الحكم الصادر من أول درجة من درجات التقاضى، سواء تمثلت هذه الدرجة فى الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية بالنسبة للفئة الأولى من المتقاضين، أم فى الدوائر الاستئنافية بها بالنسبة للفئة الثانية منهم- على النحو السالف البيان- بما يجعل للخصومة فى هذا النوع من المنازعات حلاً منصفاً يرد العدوان على الحقوق المدعى بها فيها، وفق أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزاً منهياً عنه بين المخاطبين بها، مما يتفق مع سلطة المشرع فى المفاضلة بين أكثر من نمط لتنظيم إجراءات التقاضى، دون التقيد بقالب جامد يحكم إطار هذا التنظيم، ومن ثم تكون المغايرة التى اتبعها المشرع فى تنظيمه لإجراءات التقاضى أمام المحاكم الاقتصادية على أساس قيمة المنازعة- باعتبارها تعكس أهميتها النسبية- قائمة على أسس مبررة تستند إلى واقع مختلف يرتبط بالأغراض المشروعة التى توخاها، وبالتالى تنتفى قالة الإخلال بمبدأ المساواة أو تقييد حق التقاضى.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن النصوص المطعون فيها لا تُعد مخالفة لأحكام المادتين (7 و 21) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 من مارس سنة 2011، كما لا تخالف أى أحكام أخرى من هذا الإعلان، مما يتعين معه القضاء برفض هذه الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق