الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 5 فبراير 2013

عدم دستورية وضع حد أقصى لزيادة المعاشات


قضية رقم 82 لسنة 26 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الخامس من أغسطس سنة 2012م، الموافق السابع عشر من رمضان سنة 1433 ه .

برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيرى رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : عدلى محمود منصور وعبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه ورجب عبد الحكيم سليم نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار / حاتم بجاتو رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 82 لسنة 26 قضائية " دستورية " .

المقامة من

السيد / أحمد وحيد الدين على

ضد

1- السيد رئيس مجلس الوزراء

2- الممثل القانونى للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى

الإجراءات

بتاريخ الحادى عشر من شهر أبريل سنة 2004، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة، طالبًا الحكم بعدم دستورية القوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 بشأن زيادة المعاشات فيما تضمنته المادة الأولى منها من النص على أن تكون الزيادة بحد أقصى ستون جنيهًا شهريًا ، وإلزام المدعى عليه الثانى بأن يصرف للمدعى الزيادة السنوية كاملة بدون حد أقصى عن السنوات 2001 ، 2002 ، 2003 وما يستجد من زيادات .

وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والهيئة القومية للتأمين الاجتماعى مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أنه سبق للمدعى أن أقام الدعوى رقم 1579 لسنة 2004 مدنى كلى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المدعى عليه الثانى ، طلبًا للحكم بتسوية معاشه وفقًا للزيادات السنوية التى تقررت فى أعوام 2001 ، 2002 ، 2003 بواقع 10% من قيمة المعاش بدون حد أقصى ، وصرف الفروق المستحقة والتى تقدر بمبلغ 2100 جنيه وما يستجد من زيادات ، وبجلسة 20/3/2004 تقدم المدعى بمذكرة ضمنها دفعًا بعدم دستورية القوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 بزيادة المعاشات لتقييدها الزيادة فى المعاشات المدنية بحد أقصى قدره ستون جنيهًا ، فى حين أن القوانين أرقام 20 لسنة 2001 ، 151 لسنة 2002 ، 92 لسنة 2003 بزيادة المعاشات العسكرية لم تتضمن حدًا أقصى ، وبعد أن قدرت تلك المحكمة جدية الدفع صرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية ، فأقام دعواه الماثلة .

وحيث إن المشرع رغبة منه فى تحقيق الرعاية لأصحاب المعاشات وإعانتهم على مواجهة الزيادة فى تكاليف أعباء المعيشة ، أصدر عدة قوانين من بينها القوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 مقررًا بموجب المادة الأولى منها زيادة سنوية تضاف إلى المعاش المستحق اعتبارًا من 1/7/2001 ، 1/7/2002 ، 1/7/2003 مقدارها 10% شريطة أن تكون الزيادة بحد أدنى عشرة جنيهات وحد أقصى ستون جنيهًا .

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية ، لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية ، وكان المدعى يستهدف بنزاعه الموضوعى أحقيته فى صرف الزيادة فى المعاش التى تقررت بالقوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 دون حد أقصى ، فإن مصلحته تتحدد فيما نص عليه البند (2) من الفقرة الثانية من المادة الأولى من القوانين المطعون فيها من أن تكون الزيادة فى المعاش بحد أقصى ستون جنيهًا شهريًا ، ولا تمتد إلى غير ذلك من الأحكام التى شملتها تلك القوانين .

وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون فيها - محددة نطاقًا على النحو المتقدم – مخالفتها حكم المادة 40 من الدستور ، ذلك أن المشرع مايز بين الخاضعين لأحكام القوانين أرقام 18 لسنة 2001 ، 149 لسنة 2002 ، 90 لسنة 2003 وهم العاملون المدنيون بالدولة ، وكذلك الخاضعون لأحكام القوانين أرقام 20 لسنة 2001 ، 151 لسنة 2002 ، 92 لسنة 2003 وهم أصحاب المعاشات العسكرية مقررًا منح الفئة الأولى علاوة خاصة شهرية بنسبة 10% من الأجر الأساسى دون حد أقصى ، ومنح الفئة الثانية زيادة شهرية مقدارها 10% من المعاش المستحق دون حد أقصى ، فى حين أن أصحاب المعاشات المدنية زيدت معاشاتهم بالقوانين المطعون فيها بالنسبة ذاتها مع تحديد حد أقصى لهذه الزيادة مقدارها ستون جنيهًا شهريًا ، وذلك على الرغم من أن مقصود المشرع فى تقرير هذه الزيادة فى الحالات جميعها هو معاونة هؤلاء وأولئك على مواجهة أعباء الحياة وارتفاع أسعار السلع والخدمات .

وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا بمقتضى قانونها ، إنما تقوم بحسب الأصل على مدى اتفاق أو مخالفة النصوص التشريعية المطعون فيها لأحكام الدستور القائم وقت الفصل فى الدعوى ، أى مقابلة النصوص المطعون فيها من الناحية الموضوعية بالنصوص الدستورية القائمة وقت الحكم فى الدعوى الدستورية ، ومن ثم فإن بحث دستورية النصوص المطعون فيها فى الدعوى المعروضة يتعين أن يتم وفقًا للأحكام الواردة فى الإعلان الدستورى الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتاريخ 30/3/2011 .

وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الحق فى المعاش – إذا توافر أصل استحقاقه وفقًا للقانون – إنما ينهض التزامًا على الجهة التى تقرر عليها . وهو ما تؤكده قوانين التأمين الاجتماعى – على تعاقبها – إذ يبين منها أن المعاش الذى تتوافر بالتطبيق لأحكامها شروط اقتضائه عند انتهاء خدمة المؤمن عليه وفقًا للنظم المعمول بها ، يعتبر التزامًا مترتبًا بنص القانون فى ذمة الجهة المدنية ، وإذا كان دعم التأمين الاجتماعى أصبح أمرًا واجبًا على الدولة ، فيتعين عليها أن تكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية بما فى ذلك تقرير معاش لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم فى الحدود التى بينها القانون ، فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعى التى يمتد نطاقها إلى الأشخاص المشمولين بها ، هى التى تكفل لكل مواطن الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية التى لا تُمتهن فيها آدميته ، وتحفظ له كرامته ، والتى تعتبر فى الوقت ذاته انعكاس طبيعى لكرامة الوطن ورفعة شأنه بين الأمم المتحضرة .

وحيث إن تنظيم الحقوق وإن كان يدخل فى نطاق السلطة التقديرية التى يمارسها المشرع وفق أسس موضوعية ولاعتبارات يقتضيها الصالح العام ،

إلا أن هذا التنظيم يكون مخالفًا لأحكام الدستور وللمبادئ التى قررتها هذه المحكمة ، إذا تعرض للحقوق التى يتناولها سواء بإهدارها أو بالانتقاص منها ، كما أنه يتعين لاتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التى اعتنقها المشرع فى موضوع محدد وفاء بمصلحة عامة لها اعتبارها ، والوسائل التى اتخذها طريقًا لبلوغها ، فلا تنفصل النصوص القانونية التى نظم بها المشرع هذا الموضوع عن أهدافها ، بل يتعين أن تُعد مدخلاً إليها ، متى كان ما تقدم ، وكان المشرع قد اصدر القوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 مقررًا زيادة المعاشات التى تستحق اعتبارًا من 1/7/2001 ، 1/7/2002 ، 1/7/2003 بنسبة 10% من معاش الأجر الأساسى ، هادفًا – طبقًا لما ورد بتقارير اللجنة المشتركة من لجنة القوى العاملة ومكتب لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب – إلى زيادة دخول أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم بحسبانهم الفئة الأكثر احتياجًا للرعاية ، وباعتبار أن دخل كل منهم لا يجاوز ما يتقاضاه من معاش ، وهو ما يتطلب رفع المعاناة عن كاهلهم لمواجهة متطلبات الحياة اليومية فى ضوء ارتفاع الأسعار ، وهو ذات ما هدف إليه المشرع فى إصداره القوانين أرقام 18 لسنة 2001 ، 149 لسنة 2002 ، 90 لسنة 2003 بمنح العاملين بالدولة علاوة خاصة بنسبة 10% من الأجر الأساسى لكل منهم فى 30/6/2001 ، 30/6/2002 ، 30/6/2003 ، على نحو ما نطقت به الأعمال التحضيرية لهذه القوانين من أن تقرير هذه العلاوات الخاصة تستهدف زيادة دخولهم بما يكفل لهم مواجهة متطلبات وأعباء المعيشة ، بيد أن المشرع وضع بالنصوص المطعون فيها حدًا أقصى للزيادة فى المعاشات لا يجاوز ستين جنيهًا ، فى حين أطلق الحد الأقصى لقيمة العلاوات الخاصة التى منحت للعاملين بالدولة بالرغم من وحدة الهدف من إصدار هذه القوانين جميعها ، وهو معاونة الفئتين معًا على أعباء المعيشة المتزايدة نتيجة الغلاء وارتفاع أسعار السلع والخدمات ، وكان الأولى بالمشرع أن يطلق الحد الأقصى للزيادة التى قررها لصحاب المعاشات حتى يحفظ لهم كرامتهم ويحميهم من العوز سيما من بلغ منهم من الكبر عتيًا ، خاصة وأن الأغلب الأعم من أصحاب المعاشات ليس له مورد رزق سوى معاشاتهم التى يتقاضونها من الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى فى الوقت الذى تعاظمت فيه متطلبات معيشتهم واحتياج بعضهم إلى الدعم الصحى من علاج ودواء ، والذى صار الجميع يئن من وطأة تكلفته ، وإذ تنكب المشرع هذا الطريق وجاوز نطاق سلطته التقديرية التى يملكها فى مجال تنظيم الحقوق بتقريره الزيادة فى المعاشات مع وضع حد أقصى لها ، فإنه يكون قد أهدر الحق فى المعاش على النحو الذى يكفل للمستفيدين منه حياة كريمة ، كما أن الوسيلة التى لجأ إليها المشرع فى منح هذه العلاوة لا ترتبط بالهدف الذى أعلنه بعلاقة منطقية تبررها ، فضلاً ع، مخالفته مبدأ المساواة ، مما تكون معه النصوص المطعون غيها مخالفة لحكم المادة (7) من الإعلان الدستورى .

وحيث إن حماية الحق فى الملكية تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها ، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية ، سواء كان هذا الحق شخصيًا أم عينيًا أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية ، وكان الحق فى صرف الزيادة التى تقررت لأصحاب المعاشات المستحقة اعتبارًا من 1/7/2001 ، 1/7/2002 ، 1/7/2003 دون وضع حد أقصى ، ينهض التزامًا على الجهة التى تقرر عليها وعنصرًا إيجابيًا فى ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه ، فإن النصوص المطعون فيها تنحل – والحالة هذه – عدوانًا على حق الملكية بالمخالفة لنص المادة (6) من الإعلان الدستورى .

وحيث إن هذه المحكمة تقديرًا منها للآثار المالية التى ستترتب على الأثر الرجعى للقضاء بعدم دستورية النصوص المطعون فيها ، فإنها تقرر إعمال الرخصة المخولة بها بنص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، وتحدد اليوم التالى لنشر هذه الحكم فى الجريدة الرسمية تاريخًا لسريانه ، وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من ذلك الحكم وحيث إنه عن طلب المدعى إلزام المدعى عليه الثانى بأن يصرف له الزيادة السنوية كاملة بدون حد أقصى عن السنوات 2001 ، 2002 ، 2003 وما يستجد من زيادات ، فإن ذلك الطلب لا يعدو أن يكون أثرًا من آثار الحكم بعدم دستورية النصوص المطعون فيها ، وهو ما يخرج عن اختصاص هذه المحكمة .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة :

أولاً : بعدم دستورية ما نص عليه البند (2) من الفقرة الثانية من المادة الأولى من القوانين أرقام 19 لسنة 2001 ، 150 لسنة 2002 ، 91 لسنة 2003 بزيادة المعاشات من أن تكون الزيادة فى المعاش بحد أقصى ستين جنيهًا شهريًا ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

ثانيًا : بتحديد اليوم التالى لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق