برئاسة السيد المستشار / أحمد الحديدى نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة المستشارين / منير الصاوى ، عبد المنعم علما ، عطية النادى
ود. حسن البدراوى نواب رئيس المحكمة .
-----------------------
( 1 ، 2 ) إثبات
" طرق الإثبات : الإقرار " .
(1) الإقرار . ماهيته .
(2) الإقرار القضائى . جواز إبدائه من الخصم
شفاهة أمام القضاء أو كتابة فى مذكرة مقدمة منه أثناء سير الدعوى .
( 3 ) إثبات " الإقرار " . وكالة .
إقرار الوكيل فى حدود
وكالته . حجة على موكله وينصرف أثره إليه ولا يجوز العدول عنه .
( 4 ) إثبات " عبء الإثبات " " إثبات حسن
النية " .
حسن النية مفترض وعلى من يدعى العكس إثبات ما
يدعيه .
( 5 ) محكمة الموضوع " سلطتها فى
تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات والمحررات " " رقابة محكمة النقض
على سلطة محكمة الموضوع " . نقض " سلطة محكمة النقض " .
تفسير الإقرارات
والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات من سلطة محكمة الموضوع . عدم خضوعها فى ذلك
لرقابة محكمة النقض ما دامت لم تخرج عما تحتمله عباراتها .
( 6 ، 7 ) إثبات " القرائن القضائية
" . محكمة الموضوع " سلطتها فى استنباط القرائن " .
حكم " تسبيبه " .
(6) محكمة الموضوع . سلطتها فى استنباط القرائن
التى تأخذ بها من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة فيها متى كان استنباطها سائغاً .
(7) استناد الحكم إلى جملة قرائن متساندة تؤدى
إلى النتيجة التى انتهى إليها . عدم جواز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم
كفايتها بذاتها .
(8) أعمال تجارية " سمسرة " .
السمسرة . من الأعمال
التجارية . جواز إثباتها بكافة طرق الإثبات . عقد السمسرة . ماهيته . استحقاق
السمسار الأجرة المتفق عليها مع العميل . شرطه . إبرام الصفقة فعلاً نتيجة مساعيه
. ادعاء العميل تمام الصفقة بغير وساطة السمسار أو على خلاف الشروط التى وضعها .
التزامه إقامة الدليل على ذلك بوصفه مدعياً خلاف الظاهر .
(9) محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الأدلة " .
تحصيل فهم الواقع فى
الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها من سلطة قاضى الموضوع
. عدم التزامه بالرد على كل ما يقدمه الخصوم مستندات ولا بالتحدث عن كل قرينة
يدلون بها ولا تتبع مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد استقلالاً على كل منها .
علة ذلك .
(10) محكمة الموضوع " سلطتها فى فهم الواقع فى الدعوى
" .
تقدير ما إذا كانت
الصفقة قد أبرمت نتيجة جهود وسعى السمسار . مسألة موضوعية تقدرها محكمة الموضوع
على ضوء ظروف الدعوى المطروحة عليها .
-----------------------
1 - المقرر ـ فى قضاء
هذه المحكمة ـ أن الأصل فى الإقرار هو أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده
آثاراً قانونية بحيث تصبح فى غير حاجة إلى الإثبات ويحسم النزاع فى شأنها .
2 - الإقرار القضائى
يمكن أن يكون شفهياً يبديه الخصم من نفسه أمام القضاء ، أو يكون كتابة فى مذكرة
متقدمة منه أثناء سير الدعوى وهو بهذه المثابة يعتبر حجة على المقر .
3 - إقرار الوكيل فى
حدود وكالته حجة على موكله وينصرف أثره إليه ولا يجوز العدول عنه .
4 - حسن النية مفترض وعلى من يدعى العكس إثبات
ما يدعيه .
5 - المقرر ـ فى قضاء
هذه المحكمة ـ أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى
بمقصود العاقدين أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة من
محكمة النقض عليها فى ذلك ما دامت لم تخرج فى تفسيرها عن المعنى الذى تحتمله
عبارات المحرر وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب التى بنته
عليها .
6 - لمحكمة الموضوع
مطلق الحرية فى استنباط القرائن التى تأخذ بها من واقع الدعوى والأوراق المقدمة
فيها ، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها فى تقديرها لقرينة من شأنها أن تؤدى إلى
الدلالة التى استخلصتها منها .
7 - إذا كانت القرائن
التى استند إليها الحكم من شأنها أن تؤدى متساندة فيما بينها إلى النتيجة التى
انتهى إليها فلا يجوز مناقشة كل قرينة على حدة للتدليل على عدم كفايتها فى ذاتها .
8 - السمسرة من الأعمال
التجارية التى يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات والعقد فيها يبرم برضاء طرفيه فإذا
حدد أجر السمسار باتفاق مسبق بينه وبين عميله فإنه يستحق كامل هذا الأجر عند نجاح
وساطته بإبرام الصفقة فعلاً نتيجة مساعيه وبإبرام الصفقة التى أرادها العميل موضوع
السمسرة يفترض معه أن السمسار قام بمهمته بما يكفى لاستحقاق أجره فإذا ما ادعى العميل
أن الصفقة تمت بغير وساطة السمسار
أو على خلاف الشروط التى وضعها فعليه أن يقيم الدليل على ذلك بوصفه مدعياً خلاف
الظاهر .
9
- لقاضى الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وبحث الأدلة والمستندات
المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه ، وهو
غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات ولا بالتحدث عن كل قرينة غير
قانونية يدلون بها ولا أن يتتبعهم فى مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد
استقلالاً على كل منها ما دام فى قيام الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها فيه
الرد الضمنى المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات .
10
- تقدير ما إذا كان عقد الصفقة قد أبرم نتيجة لجهود ومسعى السمسار مسألة موضوعية
تقدرها محكمة الموضوع على ضوء ظروف الدعوى المطروحة عليها .
-----------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون
فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم ... لسنة ... تجارى كلى جنوب القاهرة
ضد الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثانى بطلب إلزام الطاعنة بأن تؤدى لها مبلغ
77792 جنيه كمقابل سمسرة على سند من أن الطاعنة كلفتها بالتوسط لدى المطعون ضده
الثانى لشراء مقر لها بعقاره المبين بالأوراق مقابل عمولة تستحق عند إتمام الصفقة
ونتيجة لهذا التكليف توسطت لدى الأخير حتى تمت الصفقة بتاريخ 14 من يوليو سنة 1984
بقيمة قدرها 1555840 جنيه ولذا فهى تستحق عمولة بنسبة 5٪ من ثمن البيع إلا أن
الطاعنة امتنعت عن سداد هذه العمولة مما حدا بها لإقامة دعواها ثم أدخلت المطعون
ضده الثالث خصماً فى الدعوى ليقر بأنه كلفها بالوساطة لإتمام الصفقة عندما كان
يتولى رئاسة الشركة الطاعنة . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت فى 24
من مارس سنة 1994 بقبول إدخال المطعون ضده الثالث خصماً فى الدعوى وبرفضها .
استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة ... القاهرة التى
قضت بتاريخ السادس من يوليو سنة 1995 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن
تؤدى للمطعون ضدها الأولى مبلغ 56063 جنيه . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق
النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن ، وإذ عُرض الطعن على هذه
المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها .
وحيث
إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الشركة الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون
فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه إذ أقام قضاءه على اطمئنانه لإقرار وكيل
المطعون ضده الثالث بمحضر جلسة الأول من فبراير سنة 1990 أمام محكمة أول درجة
وبمذكرة دفاعه المكتوبة والموقعة من الوكيل المذكور - والذى جاء فيه أن موكله
بصفته كلف المطعون ضدها الأولى بالتوسط بين شركته وبين المطعون ضده الثانى - مالك
العقار - وحدد المواصفات المطلوبة فى العقار والعمولة المستحقة لها من قيمة عقد
البيع ولم يطمئن إلى الخطاب الصادر من الموكل ـ المطعون ضده الثالث ـ والمؤرخ 7 من
فبراير سنة 1990 والذى بادر فيه إلى التنصل مما قرره وكيله على النحو آنف البيان مؤكداً
أن وكيله لم يلجأ إليه فى هذا الشأن وأنه لم يطلب منه الإقرار بذلك لكونه يخالف
الحقيقة إذ أنه لم يكلف المطعون ضدها الأولى بالتوسط فى إبرام هذا العقد بل هى
التى سعت إليه بوصفه ممثلاً للشركة الطاعنة فى ذلك الوقت بتكليف من البائع ـ
المطعون ضده الثانى ـ بفرض بيع الأخير بعض وحدات عقاره للشركة الطاعنة وهذا الذى
ذهب إليه الحكم يعد اعتداداً بما لا يصلح دليلاً فى الدعوى إذ كان يتعين عليه
التقيد بما قرره الأصيل وإطراح ما قرره الوكيل على خلافه لا أن يوازن بين ما قرره
كل منهما خاصة أن نيابة الوكيل عن الموكل تقف عند حد الغش وإذ خالف الحكم المطعون
فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه .
وحيث
إن هذا النعى غير مقبول ، ذلك أن المقرر ـ فى قضاء هذه المحكمة ـ أن " الأصل
فى الإقرار هو أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثاراً قانونية بحيث
تصبح فى غير حاجة إلى الإثبات ويحسم النزاع فى شأنها وأن الإقرار القضائى يمكن أن
يكون شفهياً يبديه الخصم من نفسه أمام القضاء ، أو يكون كتابة فى مذكرة متقدمة منه
أثناء سير الدعوى وهو بهذه المثابة يعتبر حجة على المقر وأن إقرار الوكيل فى حدود
وكالته حجة على موكله وينصرف أثره إليه ولا يجوز العدول عنه ـ وأن حسن النية مفترض
وعلى من يدعى العكس إثبات ما يدعيه " . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه
قد التزم هذا النظر ـ ولم تثبت الطاعنة غش الوكيل ـ أو تطلب من المحكمة إثبات ذلك
بأى طريق من طرق الإثبات فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعى عليه بهذا
السبب على غير أساس .
وحيث
إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق إذ
دعم إقرار وكيل المطعون ضده الثالث والذى أقر فيه للمطعون ضدها الأولى بطلباتها
بما استخلصه من إقرار المطعون ضده الثانى ـ البائع ـ من أن الطاعنة قد وسطت
المطعون ضدها الأولى فى إبرام العقد ، فى حين أن ما ورد فى الإقرار الأخير لا يمكن
استخلاص ذلك منه لأن ما تضمنه هو مجرد قيام المطعون ضدها الأولى بالوساطة فى إبرام
العقد دون أن يتضمن تكليف الطاعنة لها بذلك وهو ما يلتقى مع الإقرار المقدم من
المطعون ضده الثالث والمؤرخ فى السابع من فبراير سنة 1990 والذى ورد فيه أن
المطعون ضدها الأولى جاءته بصفته ممثلاً للشركة الطاعنة آنذاك من قبل البائع
وكممثلة له لعرض أسعار وحدات عقاره المبيع وقد قامت الشركة الطاعنة بالاتصال
بالمالك وتم التعاقد بالفعل ـ ويستفاد من هذين الإقرارين أن المطعون ضدها الأولى
هى التى سعت لدى الشركة الطاعنة لعرض وحدات العقار المبيعة الأمر الذى تنتفى معه
تكليفها بالوساطة فى إبرام العقد من قبل الطاعنة أو أن إبرامه قد تم نتيجة هذه
الوساطة وهو المناط فى إلزام الشركة الطاعنة بأتعاب السمسرة للمطعون ضدها الأولى
مما يعيب الحكم المطعون فيه ، كما أن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث
على الحكم المطعون فيه بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ أنها تمسكت فى
دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأنها لم تكلف المطعون ضدها الأولى بالتوسط فى إبرام
عقد البيع المؤرخ فى الرابع عشر من يونيو سنة 1984 وأن محكمة أول درجة تصدت لتحقيق
هذا الدفاع وندبت خبيراً له انتهى فى تقريره إلى تأييد دفاعها تأسيساً على أن
المطعون ضدها الأولى قد عجزت عن إثبات دعواها بأى وسيلة من وسائل الإثبات ـ كما
أضافت الشركة الطاعنة فى دفاعها أن الإقرار المنسوب للمطعون ضده الثانى ـ البائع ـ
والذى أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه ـ والمتضمن أن المطعون ضدها الأولى قامت
بالتوسط فى بيع بعض وحدات عقاره للشركة الطاعنة هو إقرار من جانبه هو ولا تحاج به الطاعنة
خاصة وأنه لم يرد به أن الأخيرة هى التى كلفت المطعون ضدها الأولى بتلك الوساطة
ومن ثم فإنه لا يصلح سنداً لمطالبتها بمقابل السمسرة وقد أيد هذا الدفاع المستندات
المقدمة فى الدعوى وهى صورة الطلب المقدم من المطعون ضدها الأولى للشركة الطاعنة
فى الثلاثين من أكتوبر سنة 1988 لصرف العمولة بالنسبة القانونية فتراخى هذا الطلب
لأكثر من أربع سنوات على تحرير العقد وبعد اعتزال المطعون ضده الأخير العمل
بالشركة الطاعنة وانتهاء تمثيله لها ينفى ادعاء المطعون ضدها الأولى بأنها اتفقت
معه شفاهة على الوساطة والمقابل المستحق عنها ، بل إن عبارات هذا الطلب نفسها تنفى
هذا الادعاء وتتفق مع ما أقر به المطعون ضده الثانى ، كما ينفى هذا الادعاء أيضاً
الإقرار المقدم من المطعون ضده الأخير المؤرخ فى السابع من فبراير سنة 1990 والذى
أثبت فيه أن المطعون ضدها الأولى جاءته بصفته ممثلاً للشركة الطاعنة آنذاك بتكليف
من المطعون ضده الثانى لعرض شراء الطاعنة بعض وحدات عقاره دون أن يطلب منها
المطعون ضده الأخير التوسط لإبرام العقد أو يعدها بمقابل لذلك ـ وإذ التفت الحكم
المطعون فيه عما تمسكت به الطاعنة من دفاع جوهرى فإنه يكون
معيباً ، كما أن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الثالث على الحكم المطعون
فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ أقام قضاءه بإلزامها بمقابل السمسرة
للمطعون ضدها الأولى على ثبوت تكليف الطاعنة لها بالتوسط لدى المطعون ضده الثانى
فى إبرام العقد ، مستدلاً على ذلك بالإقرارين الصادر أولهما من وكيل المطعون ضده
الأخير ـ والصادر ثانيهما من المطعون ضده الثانى ، ولما كانت عبارات الإقرار
الأخير لا تفيد المعنى الذى استخلصه منها الحكم فإن الحكم يكون قد خرج فى تفسيره
لهذا الإقرار عما تحتمله عباراته وجاوز المعنى الظاهر لها ـ مما يكون معه الدليل
المستمد من الإقرار المذكور قد ثبت فساده وأنها بالتالى الدليل المستمد من الإقرار
الأول بافتراض صحته وهو ليس كذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن النعى بهذين
السببين غير مقبول ، ذلك أن المقرر ـ فى قضاء هذه المحكمة ـ أن " لمحكمة
الموضوع السلطة التامة فى تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات
بما تراه أوفى بمقصود العاقدين أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها
دون رقابة من محكمة النقض عليها فى ذلك ما دامت لم تخرج فى تفسيرها عن المعنى الذى
تحتمله عبارات المحرر وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب التى
بنته عليها ـ كما أن لها مطلق الحرية فى استنباط القرائن التى تأخذ بها من واقع
الدعوى والأوراق المقدمة فيها ، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها فى تقديرها لقرينة
من شأنها أن تؤدى إلى الدلالة التى استخلصتها منها ، وإذا كانت القرائن التى استند
إليها الحكم من شأنها أن تؤدى متساندة فيما بينها إلى النتيجة التى انتهى إليها
فلا يجوز مناقشة كل قرينة
على حدة للتدليل على عدم كفايتها فى ذاتها ـ وأن السمسرة من الأعمال التجارية التى
يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات والعقد فيها يبرم برضاء طرفيه فإذا حدد أجر
السمسار باتفاق مسبق بينه وبين عميله فإنه يستحق كامل هذا الأجر عند نجاح وساطته
بإبرام الصفقة فعلاً نتيجة مساعيه وبإبرام الصفقة التى أرادها العميل موضوع السمسرة
يفترض معه أن السمسار قام بمهمته بما يكفى لاستحقاق أجره فإذا ما ادعى العميل أن الصفقة
تمت بغير وساطة السمسار أو على خلاف الشروط التى وضعها فعليه أن يقيم الدليل على
ذلك بوصفه مدعياً خلاف الظاهر ـ وكان لقاضى الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم
الواقع فى الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر
وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه ، وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من
مستندات ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلون بها ولا أن يتتبعهم فى مختلف
أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل منها ما دام فى قيام الحقيقة التى
اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمنى المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات ،
وكان تقدير ما إذا كان عقد الصفقة قد أبرم نتيجة لجهود ومسعى السمسار مسألة
موضوعية تقدرها محكمة الموضوع على ضوء ظروف الدعوى المطروحة عليها . لما كان ذلك ،
وكان الحكم المطعون قد خلص فى حدود سلطته فى فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة
والمستندات المقدمة فيها والأخذ بما يطمئن إليه منها وإطراح ما عداها وتفسير
الإقرارات وسائر المحررات بما تراه أولى بمقصود عاقديها ـ إلى تكليف الشركة
الطاعنة للمطعون ضدها الأولى من إقرار وكيل المطعون ضده الثالث بتوكيل يبيح له ذلك
، وتأييد هذا الإقرار بكتاب البائع ـ المطعون ضده الثانى المؤرخ فى الخامس من أكتوبر
سنة 1985 والذى قرر فيه بأن المطعون ضدها الأولى قامت بدور الوساطة فى إتمام العقد
المحرر بينه وبين الشركة الطاعنة والمؤرخ فى الرابع عشر من يونيه سنة 1984 ولم
تثبت الشركة الطاعنة صدور إقرار وكيل المطعون ضده الثالث عن طريق الغش والتواطؤ
وكان هذا الاستخلاص سائغاً
وله أصله الثابت فى أوراق الدعوى وكافياً لحمل قضائه ومن ثم لا يعدو النعى بهذين
السببين أن يكون جدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام
محكمة النقض .
ولما
تقدم يتعين رفض الطعن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق