جلسة 18 من مارس سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ محمود سعيد محمود "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ عادل إبراهيم خلف، عبد الناصر محمد أبو الوفا، إيهاب فوزي سلام ووائل عادل أمان "نواب رئيس المحكمة".
---------------
(55)
الطعن رقم 454 لسنة 77 القضائية
(1) تعويض " تكييف الدعوى : التزام محكمة الموضوع بتقصي الحكم القانوني المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض " .
محكمة الموضوع . التزامها بتقصي الحكم القانوني الصحيح المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض . مؤداه . عدم تقيدها بطبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور أو النص القانوني الذي اعتمد عليه . عدم اعتبار ذلك تغييرًا لسبب الدعوى أو موضوعها مما لا تملكه المحكمة من تلقاء نفسها . خطؤها في ذلك . أثره . جواز الطعن في حكمها بطريق النقض لمخالفة القانون .
(3،2) تعويض " صور التعويض : التعويض عن الإخلال بالالتزامات الناشئة من القانون مباشرة : التعويض عن التقصير في تطبيق القوانين واللوائح بشأن المحبوسين المصابين بمرض جسيم " .
(2) طبيب السجن . التزامه بتوقيع الكشف الطبي على المسجون فور إيداعه السجن وعيادة المرضى منهم يوميًا ونقل المريض إلى مستشفى السجن . لازمه . وجوب إخطار النيابة المختصة بإصابة أحد المحبوسين احتياطيًّا بخللٍ في قواه العقلية أو الاشتباه في إصابته بمرضٍ عقليٍّ . للنيابة العامة استصدار أمرٍ من القاضي الجزئي بإيداع المحبوس احتياطيًّا تحت الملاحظة في أحد المحال الحكومية المخصصة لذلك . المادتان 27 و 50 من قرار وزير الداخلية 79 لسنة 1961 و م 338 إجراءات جنائية .
(3) قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي برفض دعوى الطاعنين بالتعويض قِبَلَ المطعون ضده دون التعرض لخطأ تابعي الأخير بتقصيرهم في تطبيق القوانين واللوائح عند التعامل مع المحبوسين احتياطيًّا المصابين بمرض يهدد حياتهم بالخطر مما أدى إلى وفاة مورثهم أو الفصل في مدى استحقاقهم للتعويض . خطأ وقصور . علة ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه يتعين على محكمة الموضوع في كل حالٍ أن تتقصى من تلقاء نفسها الحكم القانوني الصحيح المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض، وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها؛ باعتبار أن كل ما تولد به للمضرور من حق في التعويض عما أصابه من ضررٍ قِبَل مَن أحدثه أو تسبب فيه إنما هو السبب المباشر المولد للدعوى بالتعويض مهما كانت طبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور في تأييد طلبه أو النص القانوني الذي اعتمد عليه في ذلك؛ لأن هذا الاستناد يُعتبر من وسائل الدفاع في دعوى التعويض التي يتعين على محكمة الموضوع أن تأخذ منها ما يتفق وطبيعة النزاع المطروح عليها، وأن تنزل حكمه على واقعة الدعوى، ولا يُعد ذلك منها تغييرًا لسبب الدعوى أو موضوعها مما لا تملكه من تلقاء نفسها، فإنْ هي أخطأت في ذلك جاز لمن تكون له مصلحة من الخصوم أن يطعن في الحكم بطريق النقض على أساس مخالفته للقانون.
2- إنَّ مفاد نص المادتين 27، 50 من قرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961 باللائحة الداخلية للسجون، والمادة 338 من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع أناط بطبيب السجن واجبَ توقيع الكشف الطبي على كل مسجونٍ فور إيداعه به، كما أوجب عليه عيادة المرضى منهم يوميًّا، وأن يأمر بنقل المريض إلى مستشفى السجن، كما أوجب على السجن إخطار النيابة المختصة بإصابة أحد المحبوسين احتياطيًّا بخللٍ في قواه العقلية أو الاشتباه في إصابته بمرضٍ عقليٍّ، وأجاز للنيابة العامة أن تستصدر أمرًا من القاضي الجزئي بإيداع المتهم المحبوس احتياطيًّا تحت الملاحظة في أحد المحال الحكومية المخصصة لذلك.
3- إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا بصحيفة استئنافهم بخطأ الحكم الصادر من محكمة أول درجة عند قضائه برفض دعواهم بالتعويض قِبَل المطعون ضده دون أن يتعرض للسبب الثاني من سببيها وهو خطأ تابعي المطعون ضده بتقصيرهم في تطبيق القوانين واللوائح عند التعامل مع المحبوسين احتياطيًّا المصابين بمرض يهدد حياتهم للخطر، مما أدى إلى إصابة مورثهم بالإصابات التي أودت بحياته، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي، ولم يعرض لدفاعهم هذا ولم يفصل في مدى استحقاقهم للتعويض على أساسه مكتفيًا في الرد على أسباب الاستئناف بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي، فإنه يكون فضلًا عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه قصور التسبيب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع –وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وليًّا طبيعيًّا على أولاده القصر أقام الدعوى التي صار قيدها برقم ... لسنة 2002 مدني محكمة جنوب القاهرة على المطعون ضده انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامه بأن يدفع إليه مبلغ أربعة ملايين جنيه تعويضًا عما لحقهم نتيجة خطأ تابعيه الذي أدى إلى مصرع مورثهم داخل محبسه بمركز شرطة المنصورة من أضرار مادية وأدبية وموروثة. رفضت المحكمة الدعوى بحكم استأنفه الطاعن بالاستئناف ... سنة 121 ق، حيث أدخلت الطاعنة المطعون ضدها الثانية خصمًا في النزاع وبلغت الثالثة سن الرشد القانوني لدى محكمة استئناف القاهرة التي قضت بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، عُرض الطعن على هذه المحكمة -في غرفة مشورة- فحددت جلسة لنظره التزمت النيابة فيها رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حين أقام قضاءه برفض دعوى التعويض ضد المطعون ضده على أن الأوراق قد خلت من الدليل على أن تابعيه قد عذبوا مورث الطاعنين أو تعدوا عليه بالضرب، ومن ثم ينتفي الخطأ في جانبهم، وذلك على الرغم أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن خطأ تابعي المطعون ضده في خروجهم على مقتضيات الواجب الوظيفي بتقصيرهم في تطبيق ما تقتضيه القوانين واللوائح عند التعامل مع المحبوسين احتياطيًّا المصابين بمرضٍ يهدد حياتهم بالخطر، وهو الأمر الذي أدى إلى وضع المجنى عليه داخل محبسه مع غيره من المحبوسين خلافًا لِمَا تقضي به تلك اللوائح، وهو ما أدى إلى وفاته، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع مع أنه جوهري يتغير به –إن صح– وجه الرأي في الدعوى، وقضى برفض دعواهم، الأمر الذي يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك بأن من المقرر–وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة– بأنه يتعين على محكمة الموضوع في كل حالٍ أن تتقصى من تلقاء نفسها الحكم القانوني الصحيح المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض، وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها؛ باعتبار أن كل ما تولد به للمضرور من حق في التعويض عما أصابه من ضررٍ قِبَل مَن أحدثه أو تسبب فيه إنما هو السبب المباشر المولد للدعوى بالتعويض مهما كانت طبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور في تأييد طلبه أو النص القانوني الذي اعتمد عليه في ذلك؛ لأن هذا الاستناد يُعتبر من وسائل الدفاع في دعوى التعويض التي يتعين على محكمة الموضوع أن تأخذ منها ما يتفق وطبيعة النزاع المطروح عليها، وأن تنزل حكمه على واقعة الدعوى، ولا يُعد ذلك منها تغييرًا لسبب الدعوى أو موضوعها مما لا تملكه من تلقاء نفسها، فإنْ هي أخطأت في ذلك جاز لمن تكون له مصلحة من الخصوم أن يطعن في الحكم بطريق النقض على أساس مخالفته للقانون. وكان مفاد نص المادتين 27، 50 من قرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961 باللائحة الداخلية للسجون، والمادة 338 من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع أناط بطبيب السجن واجبَ توقيع الكشف الطبي على كل مسجونٍ فور إيداعه به، كما أوجب عليه عيادة المرضى منهم يوميًّا، وأن يأمر بنقل المريض إلى مستشفى السجن، كما أوجب على السجن إخطار النيابة المختصة بإصابة أحد المحبوسين احتياطيًّا بخللٍ في قواه العقلية أو الاشتباه في إصابته بمرضٍ عقليٍّ، وأجاز للنيابة العامة أن تستصدر أمرًا من القاضي الجزئي بإيداع المتهم المحبوس احتياطيًّا تحت الملاحظة في أحد المحال الحكومية المخصصة لذلك. وكان البين من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا بصحيفة استئنافهم بخطأ الحكم الصادر من محكمة أول درجة عند قضائه برفض دعواهم بالتعويض قِبَل المطعون ضده دون أن يتعرض للسبب الثاني من سببيها وهو خطأ تابعي المطعون ضده بتقصيرهم في تطبيق القوانين واللوائح عند التعامل مع المحبوسين احتياطيًّا المصابين بمرض يهدد حياتهم بالخطر، مما أدى إلى إصابة مورثهم بالإصابات التي أودت بحياته، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي، ولم يعرض لدفاعهم هذا ولم يفصل في مدى استحقاقهم للتعويض على أساسه مكتفيًا في الرد على أسباب الاستئناف بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي، فإنه يكون فضلًا عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه قصور التسبيب، بما يعيبه، ويوجب نقضه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق