جلسة 8 من إبريل سنة 1984
برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الرحيم حسب الله نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعيد أحمد صقر، عبد المنعم بركة، محمد فؤاد بدر وعبد السلام خطاب.
------------------
(175)
الطعن رقم 395 لسنة 49 القضائية
(1) نقض "الصفة في الطعن".
صدور قرار تعيين الطاعن رئيساً لمجلس إدارة الشركة الطاعنة ونشره في الوقائع الرسمية قبل رفع الطعن. مؤداه اعتبار الدفع ببطلان الطعن المؤسس على عدم تقديم هذا القرار على غير أساس.
(2، 3) عمل "العاملون بالقطاع العام: تعيين".
(2) الحكم بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أثره. اعتبار المحكوم عليه سيء السيرة والسمعة فاقد شروط الصلاحية للتعيين ما لم يكن قد رد إليه اعتباره. م 4 القرار الجمهوري 3309 لسنة 1966. علة ذلك.
(3) شروط التعيين. م 4 القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966. آمرة ومقرره للمصلحة العامة. عدم جواز الاتفاق على مخالفتها. القرار الصادر بترقية المحكوم عليه بعقوبة جناية. باطل بطلاناً مطلقاً لا تلحقه إجازة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 63 سنة 1974 عمال كلي شمال القاهرة على الشركة الطاعنة طالباً الحكم بإلزامها أن تؤدي له مبلغ خمسة آلاف جنيه والفوائد القانونية، وقال بياناً للدعوى أنه يعمل لدى الطاعنة منذ 13/ 12/ 1966 في وظيفة رئيس المخازن التجارية بالفئة المالية الخامسة وإذ أصدرت الطاعنة في 31/ 1/ 1973 قراراً بفصله عن عمله وسحب قرار تعيينه بمقولة مخالفته لأحكام القانون، شاب التعسف قرار الفصل الذي ألحق به أضراراً تستوجب التعويض فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق، ثم قضت في 25/ 12/ 1977 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 243 سنة 95 قضائية. وبتاريخ 28/ 12/ 1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ ألف جنيه والفوائد بواقع 4% من تاريخ الحكم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة 26/ 2/ 1984 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان الطعن المبدى من النيابة العامة أن الطاعن أقام طعنه بصفته رئيساً لمجلس إدارة الشركة الطاعنة ولم يقدم صورة رسمية من قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر بتعيينه للتحقق من ثبوت صفته فيكون الطعن باطلاً.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك لأنه لما كان الثابت من بيانات صحيفة الطعن أنه أقيم من المهندس..... بصفته رئيساً لمجلس إدارة الشركة المصرية لتسويق الأسماك، وكان رئيس مجلس الوزراء أصدر في أول أكتوبر سنة 1978 قراره الرقيم 865 لسنة 1978 بتشكيل مجلس إدارة هذه الشركة وتعيين الطاعن رئيساً لمجلس الإدارة ونشر هذا القرار في الوقائع الرسمية بتاريخ 19/ 10/ 1978 قبل رفع الطعن في 24/ 2/ 1979 بصحيفة أودعها قلم كتاب هذه المحكمة محام مقبول أمامها، فيكون الدفع على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة بأسبابه طعنها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وبياناً لذلك تقول أن المطعون ضده أدخل الغش عليها عند صدور قرار تعيينه لديها إذ قدم إليها صحيفة الحالة الجنائية خالية من السوابق وشهادتي خبرة بعمله السابقة لإثبات صلاحيته، إلا أنه تبين لها تزوير هاتين الشهادتين إذ سبق الحكم عليه في الجناية رقم 4375 لسنة 1959 السويس بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه عن جريمة رشوة ولم يكن قد حكم برد اعتباره إليه حين صدور قرار تعيينه لديها فأصدرت قراراً بسحب القرار السابق بالتعيين لمخالفته للقانون، لكن الحكم المطعون فيه قضى له بالتعويض تأسيساً على أن الحكم برد اعتبار المطعون ضده وإن كان لاحقاً على قرار التعيين يصحح ما لحق هذا القرار من بطلان مما يجعل إنهاء العقد في تاريخ لاحق بغير سبب مشروع يوجب التعويض، حال أن الطاعنة سحبت قرار التعيين لما تبينت بطلانه لمخالفته أحكام اللائحة رقم 3309 لسنة 1966 ولأن رد الاعتبار ينصرف أثره إلى المستقبل، ويكون الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك لأنه لما كانت المادة الرابعة من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 - الذي يحكم واقعة الدعوى - تنص على أن "يشترط فيمن يعين عاملاً ما يأتي: ( أ ).... (ب) أن يكون محمود السيرة حسن السمعة (ج) ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره..." مما مفاده أنه يشترط فيمن يعين عاملاً ألا يكون سبق الحكم عليه بعقوبة جناية أياً كانت هذه العقوبة المحكوم بها إذ يترتب عليه بطريق اللزوم اعتبار المحكوم عليه سيء السيرة والسمعة فاقد شروط الصلاحية للتعيين ولا يجوز تعيينه بإحدى شركات القطاع العام إلا بعد رد اعتباره إليه، لأن رد الاعتبار سواءً أكان قضائياً أم قانونياً لا يزيل حكم الإدانة إلا بالنسبة إلى المستقبل فيصبح المحكوم عليه ابتداءً من تاريخ رد اعتباره في مركز من لم يسبق إدانته ولازم ذلك أن المحكوم عليه بعقوبة جناية وقد افتقد شروط الصلاحية اللازمة قانوناً للتعيين يكون قرار تعيينه باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تلحقه إجازة لأن شروط التعيين التي أفصحت عنها المادة الرابعة من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 المشار إليها مقررة للمصلحة العامة وهي قواعد آمرة ملزمة للعامل والشركة ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها، لما كان ذلك وكان واقع الدعوى الذي سجله الحكم المطعون فيه وكشفت عنه الصورة الرسمية للمستندات المقدمة من الطاعنة إلى هذه المحكمة أنه حكم على المطعون ضده بتاريخ 18/ 5/ 1960 بعقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات وتغريه ألف جنيه عن جريمة رشوة في الجناية رقم 4375 سنة 1959 جنايات السويس المقيدة برقم 14 سنة 1960 أمن دولة عليا وأنه تقدم بطلب إلى الطاعنة للتعيين لديها أرفق به صحيفة حالته الجنائية ثابت بها خلوها من السوابق، وشهادتي خبرة، فأصدرت قراراً بتعيينه لديها في 31/ 12/ 1966 باعتباره مستوفياً شروط التعيين، ولما تبين أنه سبق الحكم عليه بعقوبة الجناية المذكورة وأنه لم يحكم برد اعتباره فيها إلا بتاريخ 24/ 11/ 1970 من محكمة جنايات الجيزة، وأن مسوغات التعيين المقدمة إليها مزورة ومن بينها صحيفة الحالة الجنائية وشهادتي الخبرة عن عمله المدعى به في شركة أخرى وأنهما عن ذات مدة قضائه عقوبة السجن، أصدرت الطاعنة في 31/ 1/ 1973 قراراً بسحب تعيينه لديها، فيكون هذا القرار الأخير بمنأى عن التعسف ولا يرتب تعويضاً للمطعون ضده سيما أن الغش يفسد التصرفات إذ لم تكن الطاعنة لتبرم عقد العمل مع المطعون ضده لو لم يدخل عليها الغش بتقديم تلك المستندات غير الصحيحة ليثبت بها استيفائه شروط التعيين على خلاف الحقيقة، ولا يغير من ذلك قرار رئيس مجلس إدارة الطاعنة الصادر في 8/ 8/ 1971 بحفظ الموضوع ما دام أن قرار تعيين المطعون ضده باطل بطلاناً مطلقاً غير قابل للتصحيح لصدوره بالمخالفة لأحكام المادة الرابعة من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى للمطعون ضده بالتعويض تأسيساً على أن "الثابت من مذكرة النيابة الإدارية لوزارة التموين المؤرخة 3/ 7/ 1971 بشأن لتحقيقات التي أجرتها في القضية 80 لسنة 1971 تموين أن التحقيق تناول واقعتين.... الثانية ما تكشف عنه التحقيق من أن المستأنف - المطعون ضده - سبق الحكم عليه بالسجن ثم صدر حكم برد اعتباره ومدى سلامة القرار الصادر بتعيينه بالشركة وبعرض هذه المذكرة على رئيس مجلس إدارة الشركة المستأنف عليها - الطاعنة - أصدر قراره على ذات المذكرة في 8/ 8/ 1971..... بحفظ الموضوع الخاص بصدور حكم جنائي ضد المستأنف - المطعون ضده - نظراً لحصوله على حكم برد الاعتبار، وذلك لاعتبارات إنسانية (السلوك الطيب فترة عمله)، ومفاد هذا القرار أن رئيس مجلس الإدارة قد أجاز ما قد يكون شاب عقد العمل من غش بسبب إخفاء المستأنف - المطعون ضده - لهذه الواقعة وتقديمه بصحيفة جنائية خالية مخالفة للواقع والقول بأن قواعد التعيين الواردة في المادة 4 من اللائحة 3309 لسنة 1966 هي قواعد آمرة لا يملك رئيس مجلس الإدارة الاتفاق على مخالفتها لا يناقض هذا النص ذلك بأن المادة المذكورة قد اشترطت فيمن يعين عاملاً..... ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف والأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره والثابت أن المستأنف - المطعون ضده - وقد صدر قرار رئيس مجلس الإدارة المشار إليه في 8/ 8/ 1971 كان قد سبق الحكم برد اعتباره في 24/ 11/ 1970 ومن المقرر أن الحكم برد الاعتبار طبقاً لنص للمادة 522 إجراءات جنائية ترتب عليه إزالة الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة للمستقبل وزوال كل ما ترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق ومن ثم فإن قرار رئيس مجلس الإدارة الصادر بتاريخ 8/ 8/ 1971 إن لم يكن قد تضمن إجازة عقد العمل من وقت نشوئه فإنه على الأقل قد أجازه من تاريخ الحكم برد اعتبار المستأنف - المطعون ضده - وهو في هذا يكون قد صدر ممن يملك إصداره وليس في ذلك مخالفة لأحكام اللائحة المشار إليها..... والثابت أن المستأنف - المطعون ضده - كان في عمله حتى أصدر رئيس مجلس الإدارة قراره الأخير بتاريخ 22/ 1/ 1973 والذي تضمن سحب قرار تعيين المستأنف - المطعون ضده - رقم 21 لسنة 1966 مستنداً في ذلك إلى ذات السبب وهو سبق الحكم على المستأنف - المطعون ضده - بعقوبة جنائية..... ومتذرعاً بالمادة الرابعة من اللائحة 3309 سنة 1966 فإن هذا القرار يكون في حقيقته إنهاء لعلاقة العمل على غير مقتض ودون سبب مشروع ومن جانب رب العمل، ذلك لأن رب العمل وقد قبل بتاريخ 8/ 8/ 1971 استمرار المستأنف - المطعون ضده - في عمله وعلى النحو السالف بيانه فإن تذرعه بذات السبب لإنهاء العلاقة يكون فسخاً للعقد بغير سند ومشوباً بالتعسف....."، وهو ما مؤداه أن الحكم المطعون فيه اعتبر حصول المطعون ضده على حكم برد اعتباره إليه في تاريخ لاحق على القرار الصادر بتعيينه بالمخالفة للشروط المبينة بالمادة الرابعة من نظام العاملين الصادر بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 السالفة البيان يصحح ما شاب ذلك القرار من بطلان وغش أدخله المطعون ضده على الطاعنة، كما اعتبر أن إقرار رئيس مجلس إدارة الطاعنة الصادر في 8/ 8/ 1971 بحفظ ما تبين من صدور حكم بعقوبة جنائية على المطعون ضده تغل يدها عن سحب قرار تعيين المطعون ضده لما شابه من بطلان مطلق، واعتبر هذا القرار الأخير فسخاً بغير سند مشوباً بالتعسف يوجب التعويض، ومن ثم يكون الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، بما يوجب نقضه بغير ما حاجة لبحث باقي وجوه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 243 سنة 95 ق القاهرة برفضه وبتأييد الحكم المستأنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق