جلسة 27 من ديسمبر سنة 1961
برياسة السيد محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: فرج يوسف، وأحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد الحميد السكري المستشارين.
------------------
(140)
الطعن رقم 385 لسنة 26 القضائية
حكم "عيوب التدليل". قصور. "ما لا يعد كذلك". عمل. "إعانة غلاء المعيشة". "التحكيم في منازعات العمل".
بيان المرتب الأصلي وإعانة الغلاء في نماذج تعيين العمال يحقق ذلك غرض الشارع من م 2/ 2 من الأمر العسكري 99 سنة 1950. التحدي بسراكي الأجور لا يجدي. لا قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نقابة عمال وموظفي شركة طيران الطرق الجوية تقدمت إلى مكتب عمل شمال القاهرة بشكوى ضد إدارة الشركة تطلب فيها تسوية مرتباتهم طبقاً للأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 بزيادة إعانة غلاء المعيشة ولم يتمكن مكتب العمل من تسوية النزاع وأحاله إلى لجنة التوفيق التي أحالته إلى هيئة التحكيم لعدم إمكان التوفيق بين الطرفين وقيد بجدول منازعات التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة برقم 150 سنة 55 وانحصر النزاع بينهما فيما إذا كانت المرتبات والأجور التي كانت تصرفها الشركة لموظفيها وعمالها قبل صدور الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 إجمالية فيتعين استبعاد إعانة الغلاء من هذه الأجور والمرتبات بالفئات المقررة في الأمر رقم 548 لسنة 1944 ثم أضافتها بعد ذلك بالفئات الجديدة أم أن هذه المرتبات كانت مقسمة إلى أجر أصلي وإعانة غلاء لا تقل عن النسبة التي حددها الأمر العسكري الأخير فلا تلتزم الشركة بأية زيادة جديدة. وفي 17 يونيه سنة 1956 قررت الهيئة رفض النزاع - وقد طعنت النقابة في هذا القرار بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض القرار المطعون فيه وطلبت الشركة رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثالث أن القرار المطعون فيه بني على وقائع تناقض ما هو ثابت في الأوراق ووهمية لا أصل لها وذلك فيما عول عليه من أنه - ثبت أن نظام الشركة في تعيين موظفيها منذ إنشائها بمصر سنة 1946 كان يقضي بأن يوقع الموظف عند تعيينه على نموذج خاص مبين به تفصيلاً مرتبه الأصلي وإعانة الغلاء وأن توقيع الموظف على هذا النموذج إقرار منه بعلمه بالبيانات الواردة فيه، بينما قررت الشركة في مذكرتها أمام هيئة التحكيم - وعلى ما أثبته القرار المطعون فيه - أنها وإن كانت قد جرت في البداية على أن يوقع الموظف عند تعيينه على نموذج يتضمن تقسيم مرتبه بين أجر أصلي وإعانة غلاء إلا أنها عادت بعد ذلك وبعد أن استقرت أعمالها في مصر فعدلت عن هذا النظام وكانت تحرر لهم عقوداً تذكر فيها مرتباتهم إجمالاً ويقترن هذا بأن يوضع في ملف كل منهم نموذج توضح فيه حالة الموظف تفصيلاً وتقسم فيه الماهية مناصفة بني أصلية وإعانة غلاء ويوقع عليه رئيس الإدارة التي عين فيها الموظف وإلى جانبه يوضع بالملف كشف بأجر الموظف أو العامل مبينة فيه ماهيته الأصلية وإعانة الغلاء طبقاً للقواعد المعمول بها في الشركة، فإذا ما جاء القرار وأسس قضاءه على أنه ثبت له بضفة عامة مطلقة وبالنسبة لجميع موظفي الشركة أنهم عينوا بمقتضى نماذج وارد فيها تقسيم مرتباتهم فإنه يكون قد بني على وقائع لا أصل لها في الأوراق ومناقضة للثابت فيها - وفيما عول عليها من أن الشركة "قدمت لمكتب العمل عند تحقيق شكوى النقابة النموذج الخاص برئيس النقابة السيد عبد المنعم البديوي والموقع عليه منه عند التحاقه بالخدمة قبل سنة 1950 ووارد فيه تقسيم مرتبه إلى قسمين متساويين أحدهما مرتب أصلي والثاني إعانة غلاء كما قدمت الشركة عدم ملفات لموظفين آخرين التحقوا بخدمة الشركة في تواريخ متفاوتة قبل سنة 1950 وبعدها ومنهم من ترك خدمتها ومنهم من توفى وتحوي هذه الملفات نماذج التعيين موقعاً عليها من الموظف وموضحة بها تفصيلاً حالته ومرتبه الأصلي وإعانة الغلاء" في حين أن هذه الواقعة الأخيرة وهمية ولا أصل لها في الأوراق وتناقض الثابت فيها إذ الثابت فيها أنه فيما عدا النموذج الخاص بالبديوي لا توجد توقيعات للموظفين أصحاب الشأن على باقي النماذج وعندما قدمت الشركة هذه الملفات لم تقل إنها تحوي مستندات تحمل توقيعات لهم بل قالت إن الموقع عليها هو رئيس الإدارة ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون باطلاً إذ أن وجه الرأي فيما قضى به كان يمكن أن يتغير لو تبين أن تلك الملفات خالية من أي توقيع للموظفين.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من القرار المطعون فيه أنه أقام قضاءه في النزاع على ما ثبت لديه من أن "نظام الشركة في تعيين موظفيها منذ إنشائها في مصر سنة 1946 كان يقضي بأن يوقع الموظف عند تعيينه على نموذج خاص مبين به تفصيلاً مرتبه الأصلي وإعانة الغلاء وأن توقيع الموظف على هذا النموذج إقرار منه بعلمه بالبيانات الواردة فيه وقد قدمت الشركة لمكتب العمل عند تحقيق شكوى النقابة النموذج الخاص برئيس النقابة السيد عبد المنعم البديوي والموقع عليه منه عند التحاقه بالخدمة قبل سنة 1950 ووارد فيه تقسيم مرتبه إلى قسمين متساويين أحدهما مرتب أصلي والثاني إعانة غلاء كما قدمت الشركة عدة ملفات لموظفين آخرين التحقوا بخدمة الشركة في تواريخ متفاوتة قبل سنة 1950 وبعدها ومنهم من ترك خدمتها ومنهم من توفى وتحوي هذه الملفات نماذج التعيين موقعاً عليها من الموظف وموضحة بها تفصيلاً حالته ومرتبه الأصلي وإعانة الغلاء" وهذا الذي أثبته القرار المطعون فهي واقع أسمده من النموذج الخاص برئيس النقابة ومن نماذج أخرى تضمنتها ملفات لموظفين آخرين قدمتها الشركة إلى مكتب العمل وهذا الواقع لم تقدم النقابة ما ينفيه إذ هي لم تقدم ما يفيد أن هذه الملفات التي تحدث عنها القرار وأسند إليها قضاءه لا تحوي شيئاً مما استخلصه أو أن نماذج التعيين التي تضمنتها لا تحمل إمضاءات الموظفين أصحاب الشأن، ولما كان المعول عليه في هذا الخصوص هو ما أثبته القرار المطعون فيه فإن ما تنعاه الطاعنة من أنه بني على وقائع وهمية لا أصل لها في الأوراق وتناقض الثابت فيها يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن القرار المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وذلك فيما انتهى إليه من رفض طلب النقابة بالنسبة للموظفين الذين أثبت القرار نفسه أنهم عينوا بعقود لم تذكر فيها إلا مرتباتهم الإجمالية إذ متى أثبت القرار ذلك فإن إعانة الغلاء الداخلة في حساب هذه المرتبات تتحدد بالفئات المنصوص عليها في الأمر العسكري رقم 548 لسنة 1944 ثم تضاف بعد ذلك بالفئات المقررة بالأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما أثبته القرار في هذا الخصوص لم يكن تقريراً من التقديرات التي أقام عليها قضاءه حتى يقال إنه أخطأ في تطبيق القانون على ما حصله من فهم الواقع في الدعوى وإنما جاء في صدد سياقه لدفاع الشركة وردها على طلبات النقابة وقد انتهى القرار إلى أنه "يبين للهيئة بوضوح من الاطلاع على أوراق الدعوى أن الشركة المدعى عليها قد قامت بالتزاماتها كاملة نحو موظفيها وعمالها من حيث تطبيق الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950" وهي عبارة عامة ومطلقة لا تحتمل التخصيص بفريق من عمال الشركة وموظفيها دون فريق على النحو الوارد في وجه الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن القرار المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وذلك فيما أعتمد عليها من أن توقيع "البديوي" على وجه النموذج الخاص به يعتبر بمثابة علم وإقرار منه للتقسيم الوارد في ظهره بينما وجه النموذج هو الذي يحمل التوقيع ومذكور فيه المرتب إجمالاً دون تحديد للأصلي منه وإعانة الغلاء أما ظهره والتقسيم الوارد فيه فغير موقع عليه منه ولا يمكن الاحتجاج به لأن التوقيع على الورقة هو مصدر حجيتها والدليل على علم الموقع بما ورد فيها وإرادته الالتزام بها وإذا اعتبر القرار أثر التوقيع على وجه النموذج ممتداً إلى البيانات التي وردت في ظهره دون أن يوقع عليها فإنه يكون قد خالف القانون. وما تعلل به القرار من أنه "ليس جدياً ما تدعيه النقابة من أن الموظفين وقعوا على هذه النماذج على أحد وجهيها دون علمهم بمحتويات الوجه الآخر وأن الشركة قد أضافت إلى هذه النماذج بيانات خاصة بتقسيم المرتب على الوجه السالف ذكره دون علم الموظفين تأييداً لوجهة نظرها في النزاع فإن مثل هذا الإدعاء الذي لا يستند إلى دليل والذي هو بمثابة طعن بالتزوير في سجلات الشركة وعقود استخدام موظفيها وهي مؤسسة عالمية لها مكانتها. هذا الإدعاء لا يستقيم مع ما تبذله الشركة من سخاء نحو موظفيها وعمالها" ينطوي على مخالفة أخرى للقانون، فالقول بأن "اعتراض النقابة لا يستند إلى دليل" فيه قبل لقواعد الإثبات إذ طالما أن البيانات التي تريد الشركة الاحتجاج بها على الموظف غير موقعة منه فإنه لا يطالب بإثبات أنه لم يكن يعلمها ولم يقرها وإنما تكلف الشركة إثبات علمه بها وأنه أقرها ووافق عليا وليس في توقيع البديوي على وجه "الإيصال" ما يفيد بطريق التلازم العقلي أن البيانات الواردة في ظهره كانت وعلى سبيل القطع موجودة عندما وقع أو أنه علم بها وأقرها، والقول بأن "ما قررته النقابة بمثابة طعن بالتزوير في سجلات الشركة وعقود استخدام موظفيها" غير صحيح لأن الأمر لا يتعلق بسجلات الشركة ولا بعقود استخدام موظفيها وإنما يتعلق بورقة واحدة هي النموذج الخاص بالبديوي ودفاع النقابة في هذا الخصوص لا ينطوي على طعن بالتزوير لأن كل ما قالته أنه لا وجه للاحتجاج على البديوي بما لم يوقع عليه وأنه ليس هناك ما يمنع من أن يكون النموذج عند التوقيع عليها منه خالياً من البيان الوارد على ظهره ومن الجائز أن تكون هذه البيانات قد ملئت فيما بعد.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه بأن المحكمة لا تطمئن إلى صور نماذج التعيين التي قدمتها النقابة ولا تعول عليها ذلك أنه بالرجوع إلى المستند رقم 8 حافظة رقم 4 من ملف الطعن وهو مكون من ورقتين منفصلتين وصفت النقابة إحداهما بأنها وجه النموذج ووصفت الأخرى بأنها ظهره يبين أنهما عن موضوعين مختلفين وان الورقة التي وصلتها النقابة بأنها وجه النموذج عبارة عن مستند صرف بمبلغ 12 جنيهاً و500 مليم قيمة ما يستحقه البديوي من أجر عن أيام العمل في المدة من 16 إلى 31 أغسطس سنة 1946 وبالرجوع إلى المستند رقم 9 يبين أنه عبارة عن مستند صرف آخر بما يستحقه من أجر في المدة من 8 إلى 15 مايو سنة 1946، ومردود في الشق الثاني بأن القرار المطعون فيه حين عرض لما تدعيه النقابة بشأن نماذج التعيين وصفه بأنه لا يستند إلى دليل ويعتبر بمثابة طعن بالتزوير في سجلات الشركة وعقود استخدام موظفيها وهو بذلك وفي هذا النطاق لم يتأول دفاعها ولم يكلفها إثباته وإنما استظهر عدم جديته للاعتبارت السائغة التي أوردها ومنها أنه لا يستقيم مع ما تبذله الشركة من سخاء نحو موظفيها وعمالها ولا يعقل أن تعمد في سبيل حرمان بعض موظفيها من إعانة غلاء لا تكلفها إلا القليل بالنسبة لضخامة مركزها المالي إلى التلاعب في سجلاتها ودفاترها في حين أنها قامت من جانبها ومن تلقاء نفسها برفع مرتبات موظفيها وأجور عمالها علاوة على الزيادة التي قررها الأمر العسكري.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن القرار المطعون فيه خالف القانون وجاء مشوباً بالقصور ذلك أن المشرع جعل العبرة في تطبيق ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثانية من الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 بكشوف الأجور وما إذا كانت إعانة الغلاء مبينة فيها بوضوح أم لا وهي ما يعرف بالسراكي التي يقبض العمال والموظفين مرتباتهم بمقتضاها، ومع أنه إلى حين صدور هذا الأمر كانت مظروفات دفع المرتبات وسراكي الأجور وكذلك عقود استخدام الموظفين لا تتضمن إلا مرتبات إجمالية لا تحديد فيها لإعانة الغلاء، فقد أهدرها القرار المطعون فيه لم يرتب عليها نتائجها القانونية بمقولة إنها "مجرد مستندات صرف من خزينة الشركة تثبت استلامه (الموظف) لمجموع ما يستحقه بينما هذه المظروفات والسراكي ليست مجرد مستندات صرف ولكن كشوف ببيان المرتب تثبت فيها تفصيلاته وعناصره إن كان مقسماً أو مجموعة إن كان إجمالياً" ومن ثم فإن القرار المطعون فيه
يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فضلاً عما شابه من قصور وفساد في الإستدلال ومخالفة لما هو ثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه متى كانت نماذج تعيين موظفي الشركة وعمالها موقعاً عليها منهم وموضحاً فيها تفصيلات مرتباتهم الأصلية وإعانة الغلاء على الوجه الذي أثبته القرار المطعون فيه فإن ذلك يحقق غرض القانون وبالتالي يكون غير منتج التحدي بمظروفات وسراكي الأجور وخلوها من هذا التفصيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق