باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من فبراير سنة 2025م، الموافق التاسع من شعبان سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز وصلاح محمد الرويني ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 23 لسنة 39
قضائية "منازعة تنفيذ"
المقامة من
أحمد رأفت محمد إبراهيم
ضد
1 – رئيس الجمهورية
2- وزير العدل
3- وزير المالية
4- رئيس مصلحة الضرائب المصرية
------------
الإجراءات
بتاريخ التاسع عشر من يوليه سنة 2017، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولًا: بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، الصادر بجلسة 28/5/2017، في الدعوى رقم 26022 لسنة 67 قضائية. ثانيًا: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، والاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المدعي أقام بتاريخ 25/9/2011، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 4875 لسنة 2012 مدني كلي، طالبًا الحكم بأحقيته في استرداد مبلغ 129672 جنيهًا، قيمة ضريبة المبيعات التي سددها عن نشاط المقاولات من الباطن الذي كان يمارسه خلال الفترة من سنة 1994 إلى سنة 1996، وذلك لعدم تسجيله لدى مصلحة الضرائب على المبيعات، ولعدم خضوعه للضريبة العامة على المبيعات، استنادًا إلى صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية عبارة "خدمات التشغيل للغير" سند تحصيل تلك الضريبة. وبجلسة 28/5/2013، قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص. ونفاذًا لهذا الحكم، قيدت الدعوى أمام المحكمة الأخيرة برقم 26022 لسنة 67 قضائية. وبجلسة 28/5/2017، قضت برفض الدعوى. وإذ ارتأى المدعي أن الحكم يُشكل عقبة تحول دون تنفيذ مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية"؛ فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ، قوامها- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التنفيذ قد اعترضته عوائق، تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة، دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى موضوع منازعة التنفيذ ذاته، أو محلها، وتلك الخصومة تتوخى في غايتها النهائية، إنهاء الآثار القانونية الملازمة لتلك العوائق أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها، وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد التي يضمها، والآثار القانونية المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا – وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها، ومقيدة لنطاقها، وثانيها: أن يكون استنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. وثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن نص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والمستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 قد جرى على أنه "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص"، وإذ كان نص الفقرة الثالثة السالف الذكر، وإن جاء قاطعًا في أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي يرتب أثرًا مباشرًا فقط، إلا أنه قرن ذلك بعدم الإخلال باستفادة المدعي من الحكم الصادر بهذا الشأن.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية"، أولًا: بعدم دستورية عبارة "خدمات التشغيل للغير" الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم (2) لسنة 1997. ثانيًا: بعدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة للمبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والذي ينص على أنه "مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون". ثالثًا: رفض ما عدا ذلك من طلبات. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد 16(تابع) بتاريخ 19/4/2007.
متى كان ما تقدم، وكان حكم المحكمة الدستورية العليا، المنازع في تنفيذه، قد قضى بعدم دستورية نصين ضريبيين، فلا يكون له من أثر رجعي إلا في شأن المدعي في الدعوى المحكوم فيها، ومن في حكمه، وإذ لم يكن المدعي في منازعة التنفيذ المعروضة طرفًا في الدعوى الدستورية المشار إليها، ولم يرفع دعواه عن المطالبات السابقة إلا بعد صدور حكم هذه المحكمة المار بيانه؛ ومن ثم فلا تتحقق في شأنه صفة المدعي الذي يستفيد من هذا الحكم، إعمالًا للاستثناء المقرر بمقتضى نص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون هذه المحكمة المتقدم ذكره، وتبعًا لذلك لا يُعد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية المشار إليه عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، مما تكون معه الدعوى المعروضة فاقدة لسندها، متعينًا الحكم بعدم قبولها.
وحيث إن طلب المدعي وقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، المشار إليه، يعد فرعًا من أصل النزاع، حول منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى؛ فإن مباشرتها اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ -طبقًا لنص المادة (50) من قانونها المار ذكره- يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق