جلسة 14 من ديسمبر سنة 1961
برياسة السيد محمد متولي عتلم المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.
--------------
(133)
الطعن رقم 199 لسنة 26 القضائية
(أ) رسوم صرف مياه المحال العامة والصناعية. "مناط استحقاقها".
مناط استحقاق الرسم المقرر عن صرف مياه المحال العامة الصناعية في المجارى هو التصريف الفعلي لا مظنة التصريف ولا يكفي لاستحقاق الرسم مجرد اتصال تلك المحال بالمجاري العامة.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك". نقض. "أسباب الطعن". تقادم مسقط. "الدفع به".
التمسك بالدفع بالتقادم المسقط دفاع جوهري لو صح لتغير به وجه الحكم في الدعوى. إغفال الرد على الدفع بالتقادم المبدى أمام محكمة الموضوع يعيب الحكم بالقصور بما يستوجب نقضه. لا يمنع من ذلك التمسك أمام محكمة النقض بوقف التقادم أو انقطاعه. دفاع يخالطه واقع لم تنظر فيه محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى 4763 سنة 1952 كلي القاهرة ضد وزير الشئون البلدية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة المجاري قائلاً إن مصانع ثلج غمره المملوكة له كانت تصرف المياه المتخلفة عن عملية التبريد في المجاري العامة إلى أن قام بإنشاء برج للتبريد في مايو سنة 1946 وأصبحت بذلك عملية التبريد لا تتخلف عنها مياه تصرف في المجاري العامة ورغم أن نصوص القانون 35 لسنة 1946 قد حددت رسماً قدره مليمان عن كل متر مكعب من المياه المنصرفة في المجاري على أساس ما يرصده عداد المياه ومقتضى هذا أن يكون تحصيل الرسوم مقابل مقادير المياه التي تنصرف فعلاً إلى المجاري فإن مصلحة المجاري أصرت على تحصيل الرسوم بعد إنشاء البرج وانعدام تخلف المياه المنصرفة إلى المجاري رغم معارضة المطعون عليه وتقديمه الشكوى إلى المصلحة وانتهى المطعون عليها إلى طلب إلزام الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 1116 جنيهاً و291 مليماً قيمة ما حصلته من الرسوم بغير وجه حق حتى يونيه سنة 1954 ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيراً لتحقيق دفاع المطعون عليه حكمت في 14 أبريل سنة 1955 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للطاعن مبلغ 1116 جنيهاً و291 مليماً وأسست قضاءها هذا على ما ثبت لها من عدم تسرب شيء من المياه التي تستعمل في صنع الثلج في المجاري العامة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف 774 سنة 72 ق بانية استئنافها على أن المادة الأولى من القانون 35 لسنة 1946 توجب دفع الرسم متى كان المصنع أو المحل متصلاً بالمجاري العامة وكانت متخلفات دورات المياه تنصرف فيها بغض النظر عن مياه التبريد وفي 23 فبراير سنة 1956 حكمت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 16 من إبريل سنة 1956 وطلبت للأسباب الواردة به نقض الحكم وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27 نوفمبر سنة 1960 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها طالبة نقض الحكم جزئياً في خصوص السبب الثاني من أسباب الطعن وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وفي 17 ديسمبر سنة 1960 أودعت الطاعنة صورة تقرير الطعن المعلنة للمطعون عليه ومذكرة شارحة صممت فيها على ما جاء بالتقرير وفي 29 ديسمبر سنة 1960 أودع وكيل المطعون عليها مذكرة، وفي 16 يناير 1961 أودعت الطاعنة مذكرة بالرد وعرض الطعن على هذه الدائرة بجلسة 30 نوفمبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على رأيها سالف الذكر.
وحيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أو لهما في مخالفة الحكم للقانون ذلك أنه يتضح من نص المادة الأولى من القانون 35 لسنة 1946 في شأن صرف مياه المحال العمومية والصناعية في المجاري العمومية - المعدلة بالقانون 47 لسنة 1948 أن المشرع إذ فرض رسماً معيناً عن كل متر من المياه المنصرفة في المجاري العامة أراد أن يضع معياراً للتقدير لا يفتح مجالاً للمناقشة وتقارير الخبراء وغيرها وهو معيار منضبط أساسه ما يستهلكه المحل من المياه حسب ما يرصده العداد وافتراض أن هذه المياه المستهلكة تنصرف في المجاري العمومية وجعل علة استحقاق الرسم مظنة صرف المياه المستهلكة في المجاري لا الصرف الفعلي فعلة استحقاق الرسم هي الاتصال بالمجاري والحكمة هي صرف المياه بهذه المجاري والنص يطبق ما تحققت العلة ولو انتفت الحكمة - والحكم المطعون فيه إذا أقام قضاءه على ما قرره من أن ذلك القانون لا يطبق إلا على المشروعات التي يتخلف عن العمل فيها ماء بكميات كبيرة تتسرب إلى المجاري العامة يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة الأولى من القانون 35 لسنة 1946 المعدلة بالقانون 47 لسنة 1948 تنص على أنه "لا يجوز صرف مياه المحال العمومية وصناعية في المجاري العمومية إلا بترخيص من مصلحة المجاري الرئيسية بالنسبة إلى مدينة القاهرة أو من السلطة القائمة على أعمال التنظيم بالنسبة إلى غيرها من المدن وتؤدي المحال التي يرخص لها على هذا الوجه رسماً قدره مليمان عن كل متر مكعب من المياه المنصرفة في المجاري العمومية - ويكون التحصيل سنوياً وعلى أساس ما يرصده عداد المياه عن استهلاك المحل يشترط ألا يقل مجموع الرسم السنوي عن ألف مليم ويصدر قرار وزاري ببيان المحال التي يسري عليها هذا القانون وبالقواعد التي تتبع في تقدير الكميات المنصرفة إذا كانت المحال تحصل على المياه بطريقة لا تمكن من حصرها بعداد". ومفاد ذلك أن الرسم المقرر يستحق مقابل المياه المستعملة في المحال العامة والصناعية التي تصرف في المجاري العامة فمناط استحقاق الرسم هو التصريف الفعلي لا مظنة التصريف ولا يكفي لاستحقاقه مجرد اتصال تلك المحال بالمجاري العامة. ولما كان الحكم المطعون قد نفى تصريف مياه مصنع المطعون عليه في المجاري العامة استناداً إلى تقرير اللجنة التي ندبتها مصلحة المجاري لمعاينة المصنع وإلي تقرير الخبير الذي عينته محكمة أول درجة فإنه إذ انتهى إلى عدم استحقاق الرسم لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور ذلك أن الطاعنة دفعت أمام محكمة الاستئناف بجلسة 1/ 2/ 1956 وبالمذكرة المقدمة لجلسة 23/ 2/ 1956 بسقوط حق المطعون عليه في المطالبة باسترداد مبلغ 327 جنيهاً و621 مليماً بمضي ثلاث سنوات عملاً بالمادة 187 من القانون المدني ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفع.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الصورة الرسمية لمحضر جلسة 1/ 2/ 1956 أمام محكمة الاستئناف أن الطاعنة دفعت بسقوط حق المطعون عليه في استرداد المبالغ المدفوعة في 8 مارس سنة 1946، 14 إبريل سنة 1949، و8 أغسطس سنة 1949 ومجموعها 327 جنيهاً و621 مليماً لانقضاء أكثر من ثلاث سنوات على دفعها عملاً بالمادة 187 من القانون المدني وقد تمسكت الطاعنة بهذا الدفع في مذكرتها المقدمة لجلسة 23/ 2/ 1956 أمام تلك المحكمة ولما كان هذا الدفاع جوهرياً لو صح لتغير به وجه الحكم في خصوص هذه المبالغ وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد عليه فإنه يكون مشوباً بالقصور مما يستوجب نقضه في هذا الخصوص ولا محل لما طلبه المطعون عليه من رفض الطعن في خصوص هذا السبب استناداً إلى أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد قصر في الرد على دفاع الطاعنة في هذا الشأن إلا أن هذا الدفاع مردود بأنه كان قد قدم شكوى إلى مصلحة المجاري وحققتها فانقطع بذلك التقادم، كما قام في شأنه مانع أدبي مؤسس على أنه كان وزيراً في الوقت الذي طالبته فيه مصلحة المجاري بالرسوم مما حال بينه وبين مقاضاة تلك المصلحة في ذلك الحين إذ أن هذا الذي يثيره المطعون عليه هو دفاع يخالطه واقع لم تنظر فيه محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق