جلسة 23 من يناير سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ مجدي جاد "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السيد القاضي/ أحمد فاروق "نائب رئيس المحكمة"، والسادة القضاة/ عمر الهادي معالي، محمد مجدي البسيوني ومحمد حمدي عبد الرحمن.
------------------
(14)
الطعن رقم 170 لسنة 67 القضائية
(1) وصية " شروط الوصية : شروط صحة الوصية بالنسبة للموصى به " .
الوصية . نفاذها من غير إجازة الورثة في حدود ثلث التركة . م 37 من ق 71 لسنة 1946 بشأن الوصية . مقتضاه . في حالة تعدد الوصايا . تحديد قيمتها جملةً لمعرفة إذا كان الثلث يتسع لها فتنفذ جميعًا دون إجازة وإلا قُسِّم الثلث بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة.
(2) بطلان " بطلان الأحكام : حالات بطلان الأحكام : إغفال بحث الدفاع الجوهري " .
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري للخصم . قصور في أسبابه الواقعية . مقتضاه . بطلانه .
(3) حكم " عيوب التدليل : الفساد في الاستدلال : ما يعد كذلك " .
أسباب الحكم . اعتبارها مشوبة بالفساد في الاستدلال . مناطه . انطواؤها على عيب يمس سلامة الاستنباط . تحققه . باستناد المحكمة إلى أدلة غير صالحة موضوعيًّا للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة الثابتة لديها .
(4) وصية " شروط الوصية : شروط صحة الوصية بالنسبة للموصى به " .
ثبوت صدور وصايا متعـددة من مورث طرفي التداعي تزيد على الثلث وعدم إجازة الورثة لها . لازمه . تحديد قيمة هذه الوصايا في ضوء كامل التركة وتقسيمها بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة . اعتبار الحكم المطعون فيه العقد الصادر من مورث طرفي التداعي للمطعون ضده الأول وصيةً وإعمال أثره في حدود الثلث دون عقدي المطعون ضدها الثانية والطاعنة رغم تمسكها بذلك . فساد وقصور .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادة 37 من القانون رقم 71 لسنة 1946 بشأن الوصية على أنه "تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث ولا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي..." مفاده أن المشرع جعل ثلث تركة المتوفى حدًا أقصى لنفاذ وصاياه دون حاجة إلى إجازة الورثة، بحيث إذا لم يُجيزوا الزيادة خلُص لهم الثلثان الباقيان، فلا تنفذ فيهما هذه الزيادة، مما يقتضي- في حالة تعدد الوصايا- تحديد قيمتها جملةً لمعرفة ما إذا كان هذا الثلث يتسع لها، فتنفذ جميعًا دون حاجة إلى إجازة، وإلا قُسِّمَ الثلث بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًّا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة؛ إذ يُعتبر ذلك الإغفال قصورًا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها.
4- إذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن العقد المؤرخ 10/8/1970 الصادر من مورث طرفي التداعي إلى المطعون ضده الأول هو بمثابة وصية وأعمل أثره في حدود ثلث التركة، دون أن يفطن إلى صدور وصايا أخرى سواءً إلى الطاعنة والتي تمسكت في دفاعها بإعمال أثر هذه الوصية أو المطعون ضدها الثانية، وكانت هذه الوصايا المتعددة لم يُجزها أيٌّ من الورثة -طرفي التداعي- بما كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يحدد قيمة هذه الوصايا المتعددة في ضوء كامل التركة -والتي تزيد على الثلث- وتقسيمها بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة، ثم تثبيت ملكية الطاعنة للقدر الذي آل إليها من الوصية الصادرة لها وكذا ما آل إليها من نصيبها الشرعي عقب ذلك، وإذ تنكَّب الحكم المطعون فيه هذا النظر، ولم يُعن ببحث دفاع الطاعنة في هذا الشأن، وهو دفاع جوهري من شأنه -إن صح- أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه فضلًا عما شابه من فساد في الاستدلال، فإنه يكون قد ران عليه القصور في التسبيب الذي يبطله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حَيْثُ إِنَّ الطَّعْنَ اسْتَوْفَى أَوْضَاعَهُ الشَّكْلِيَّةَ.
وَحَيْثُ إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 1985 مدني نجع حمادي الكلية على الطاعنة والمطعون ضدها الثانية وآخر بصفته -غير مختصم في الطعن -هو رئيس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته- بطلب الحكم بإثبات صحة التعاقد بالعقد الابتدائي المؤرخ 10/8/1970 والمتضمن بيع مورثه والطاعنة والمطعون ضدها الثانية له -أي المطعون ضده الأول- الأرض المبينة بالصحيفة والبالغ مساحتها 21س، 7ط، 8 فدان لقاء ثمن مقداره 8750 جنيه والتسليم، طعنت الطاعنة بالجهالة على عقد البيع المؤرخ 10/8/1970، كما أقامت الطاعنة الدعوى رقم ... لسنة 1985 مدني نجع حمادي الكلية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بتثبيت ملكيتها لمساحة 5 س، 14 ط، 2 فدان وكذلك مساحة 63 متر 2 الموضحين الحدود والمعالم بالصحيفة وكف منازعة المطعون ضده الأول لها والتسليم، ضمت المحكمة الدعويين للارتباط، وبتاريخ 26/3/1996 حكمت في الدعوى رقم ... لسنة 1985 بإثبات ترك الخصومة فيها بالنسبة للإصلاح الزراعي، ثانيًا: في الدعوى رقم ... لسنة 1985 مدني نجع حمادي بندب خبير في الدعوى، وبعد أن أودع الخبير تقريره تنازلت الطاعنة عن طعنها بالجهالة سالف البيان، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن استمعت للشهود أعادت ندب خبير فيها، وبعد أن أودع تقريره، دفعت الطاعنة بصورية عقد البيع سالف البيان صورية نسبية، وبتاريخ 26/12/1995 قضت المحكمة أولًا: في الدعوى الأولى المقامة من المطعون ضده الأول برفض الدفع بالصورية المبدى من الطاعنة على عقد التنازل المؤرخ 10/8/1970 وفي موضوع الدعوى برفضها، وفي الدعوى الثانية المقامة من الطاعنة بتثبيت ملكيتها لمساحة 1 فدانا والصادر به عقد التنازل المؤرخ 10/8/1970 وكذلك مساحة 63 مترا 2 شائعة في منازل مساحتها 504 متر2 والتسليم ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 15 ق لدى محكمة استئناف قنا، كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم ... لسنة 15 ق لدى ذات المحكمة، وبتاريخ 5/11/1996 قضت المحكمة في الاستئناف الأول برفضه، وفي الاستئناف الثاني بتعديل الحكم المستأنف بتثبيت ملكية الطاعنة لمساحة 12,5س، 18ط، 1ف و 23412,5 مترًا شائعين في الأطيان الزراعية والمنازل. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة -في غرفة مشورة-حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب؛ إذ قدَّر قيمة كل وصية من الوصايا الصادرة عن مورثها على حدةٍ واستخرج الثلث من مجموع التركة للمطعون ضده الأول واعتبرها نافذة دون حاجة إلى إجازة من ورثته، وكان مفاد المادة 37 من القانون رقم 71 لسنة 1946 بشأن الوصية أن الإيصاء بما يجاوز ثلث تركة المُوصي لا ينفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة، مما يقتضي النظر إلى ما يصدره المورث من وصايا في مجموعها لمعرفة ما إذا كانت جملة قيمتها معًا تدخل في حدود ثلث التركة أم لا، وكان الثابت بالأوراق أن مورثها كما أوصى للمطعون ضده المذكور قد أوصى كذلك لها ولشقيقتها المطعون ضدها الثانية بموجب العقد المؤرخ 10/8/1970، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن العقد الصادر للمطعون ضده الأول وصية وأعمل أثره في حدود ثلث التركة دون أن يفطن إلى صدور وصايا أخرى صادرة لها وللمطعون ضدها الثانية، بما كان يتعين على الحكم أن يحدد قيمة هذه الوصايا المتعددة في ضوء كامل التركة وتقسيمها بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذ النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أنه لمَّا كان النص في المادة 37 من القانون رقم 71 لسنة 1946 بشأن الوصية على أنه "تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث ولا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي..." مفاده أن المشرع جعل ثلث تركة المتوفى حدًا أقصى لنفاذ وصاياه دون حاجة إلى إجازة الورثة، بحيث إذا لم يُجيزوا الزيادة خلص لهم الثلثان الباقيان، فلا تنفذ فيهما هذه الزيادة، مما يقتضي -في حالة تعدد الوصايا- تحديد قيمتها جملةً لمعرفة ما إذا كان هذا الثلث يتسع لها فتنفذ جميعًا دون حاجة إلى إجازة، وإلا قُسِّمَ الثلث بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة. وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًّا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة، إذ يُعتبر ذلك الإغفال قصورًا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه. وأن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيبٍ يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها. لمَّا كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن العقد المؤرخ 10/8/1970 الصادر من مورث طرفي التداعي إلى المطعون ضده الأول هو بمثابة وصية وأعمل أثره في حدود ثلث التركة، دون أن يفطن إلى صدور وصايا أخرى سواءً إلى الطاعنة، والتي تمسكت في دفاعها بإعمال أثر هذه الوصية، أو المطعون ضدها الثانية، وكانت هذه الوصايا المتعددة لم يُجزها أيٌّ من الورثة -طرفي التداعي- بما كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يُحدد قيمة هذه الوصايا المتعددة في ضوء كامل التركة -والتي تزيد على الثلث- وتقسيمها بين أصحاب الوصايا بالمحاصَّة، ثم تثبيت ملكية الطاعنة للقدر الذي آل إليها من الوصية الصادرة لها وكذا ما آل إليها من نصيبها الشرعي عقب ذلك، وإذ تنكَّب الحكم المطعون فيه هذا النظر، ولم يُعن ببحث دفاع الطاعنة في هذا الشأن، وهو دفاع جوهري من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه فضلًا عما شابه من فساد في الاستدلال، فإنه يكون قد ران عليه القصور في التسبيب الذي يبطله، وهو ما يوجب نقضه جزئيًّا في خصوص عدم احتساب الحكم لمجموع الوصايا المتعددة موضوع العقود المؤرخة 1/8/1970 الصادرة للموصى لهم -طرفي التداعي- والتي تسري في حدود ثلث التركة، وقسمتهم بين هؤلاء بطريق المحاصَّة ثم احتساب نصيب كل منهم في حدود ثلثي التركة الباقيين وفقًا لأنصبتهم الشرعية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق