جلسة 8 من فبراير سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.
---------------
(31)
الطعن رقم 1486 لسنة 29 القضائية
سرقة. الظروف المشددة للعقوبة. السرقة مع حمل السلاح.
تحقق الظرف المشدد لمجرد حمل المتهم سلاحاً بطبيعته ولو كان السلاح فاسداً أو غير صالح للاستعمال. علة ذلك.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما بالطريق العمومي الموصل بين بندر بلقاس وبلدة العشرة بدائرة مركز بلقاس مديرية الدقهلية: سرقا عشرة جنيهات ونصف الموضحة بالمحضر والمملوكة لغازي أبو شعيشع طه حالة كون الطاعن يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً - والطاعن أيضاً أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً، وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 315/ 1 من قانون العقوبات و26/ 2 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 546 لسنة 1954 والبند الأول من الجدول رقم 3 المرفق فأجابتها إلى ذلك، ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمادة 315 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من الطاعن والمتهم الآخر بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عن التهمة الأولى وببراءة الطاعن من التهمة الثانية المسندة إليه. فطعن المتهم الثاني في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وبطلان الإجراءات والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى ببراءته من تهمة إحراز السلاح الناري لعدم ثبوتها ومع هذا قضي بإدانته عن جناية السرقة مع حمل سلاح ناري مع أنه كان يلزم مع القضاء بالبراءة عن التهمة الأولى اعتبار واقعة السرقة جنحة، وأن ضابط مباحث بلقاس الملازم أول السيد عبد الرؤوف أثبت في محضره أنه استدعى الشاهد مرزوق مرغني حسان وعرض عليه الطاعن فتعرف عليه - ولم يثبت الضابط أن العرض كان قانونياً، ومن ثم يكون مخالفاً للإجراءات الواجب إتباعها في التحقيق ويكون استناد الحكم إلى عملية العرض هذه وأقوال هذا الشاهد باطلاً، وأن الحكم لم يبين طريقة عرض الطاعن على عامل المقهى واعتمد على أقوال ضابط البوليس وعامل المقهى في تأييد أقوال المجني عليه عن واقعة السرقة وحمل السلاح وبالرجوع إلى أقوالهما يبين أنه لم يرد بها شيء عن واقعتي السرقة وحمل السلاح. وأن الطاعن قرر بمحضر تحقيق النيابة أنه يجرح أقوال الشاهد عامل المقهى بأنه كان يسكن بمنزله وتأخر في سداد الإيجار فاضطر إلى إخلائه وهذا الدفاع لم يحقق تحقيقاً كاملاً. وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "إن المجني عليه قام ببيع حمار ملك والده بسوق بندر بلقاس في يوم 6/ 1/ 1958 بمبلغ عشرة جنيهات ونصف وبعد أن تناول طعام الغذاء قابله مصادفة المتهم الأول الذي كان يعرفه من قبل ومعه شخص آخر عرفه به على أنه يدعى عبد الغني وأنه زوج أخته ودعاه لشرب الشاي معهما بمقهى بالبلدة فلبى الدعوة، وبعد خروجهم من السينما حوالي الساعة السادسة والنصف مساءً أشار عليه المتهم الأول بالمبيت معه في منزل صهره لتعذر سفره ليلاً إلى بلدته فوافقه المجني عليه على ذلك واستمروا الثلاثة في سيرهم حتى وصلوا إلى الطريق العام الموصل بين بلدة بلقاس وناحية العشرة وبعد أن ساروا نحو كيلو ونصف فاجأه المتهم الأول بأن أوقعه على الأرض وطلب منه أن يعطيه ما معه من نقود ولما امتنع المجني عليه أخرج المتهم الثاني - الطاعن - مسدساً من جيبه ووضع فوهته في صدره وأمره بإخراج النقود من ملابسه ثم وضع المتهم الأول يده في جيب المجني عليه وأخرج منه النقود فتملكه الرعب وأخذ يجري في الطريق خوفاً منهما وفي أثناء جريه سقطت منه كوفية كان يرتديها...." وساق الحكم على صحة الواقعة أقوال المجني عليه وعامل المقهى مرزوق حسان والضابط أنور ملك قزمان، وبعد أن دلل الحكم تدليلاً سائغاً على صحة الواقعة قال: "وحيث إنه لذلك يكون قد ثبت للمحكمة أن المتهمين في ليلة 6/ 1/ 1958 بالطريق العام الموصل بين بندر بلقاس وبلدة العشرة سرقا عشرة جنيهات ونصف لأبي شعيشع طه من ولده غازي أبي شعيشع حالة كون ثانيهما (الطاعن) يحمل سلاحاً ظاهراً (مسدساً) وبطريق الإكراه الواقع عليه وبتهديده باستعمال السلاح بأن وضع المتهم الثاني فوهة المسدس على صدره معطلاً بذلك قوة مقاومته وتوصلاً بذلك إلى إتمام جريمتهما الأمر المنطبق على المادة 315 من قانون العقوبات وحيث إنه بالنسبة للتهمة الثانية المسندة للمتهم الثاني من إحرازه مسدساً بدون ترخيص فإن السلاح المذكور لم يضبط مع المتهم، ولما كان من الجائز أن يكون هذا السلاح غير صالح للاستعمال فلا تكون هناك جريمة في إحرازه فإن هذه التهمة تكون محل شك ويتعين لذلك براءته منها" لما كان ذلك، وكان الحكم فضلاً عن تدليله على ارتكاب السرقة في الطريق العام من شخصين بطريق الإكراه وهو ما يكفي للعقاب بمقتضى المادة 315 فقرة ثانية من قانون العقوبات التي طبقتها المحكمة فإنه دلل أيضاً على أن أحد الجناة كان يحمل سلاحاً ظاهراً (مسدساً) وهو ما يتوافر به ظرف حمل السلاح المقرر في المادة 315 فقرة أولى، سواء ضبط هذا السلاح أو لم يضبط، وسواء كان صالحاً للاستعمال أو فاسداً إذ أن العلة التي من أجلها غلظ الشارع العقاب على السرقة إذا كان مرتكبها يحمل سلاحاً بطبيعته إنما هي مجرد حمل مثل هذا السلاح ولو كان الجاني لم يقصد من حمله الاستعانة به واستخدامه في الجريمة، وذلك لما يلقيه مجرد حمله من رعب في نفس المجني عليه، وهذه العلة تتوافر ولو كان السلاح فاسداً أو غير صالح للاستعمال، وبهذا يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب القانون إذ دان الطاعن عن هذه الجناية ولا يعيبه ما يقوله الطاعن من تبرئته عن تهمة إحراز السلاح المعاقب عليها بالقانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل - فإنه يشترط للعقاب بمقتضى هذا القانون أن يثبت أن السلاح المنسوب للجاني إحرازه صالحاً للاستعمال حتى يمكن اعتباره سلاحاً ممنوعاً إحرازه إلا بترخيص وهو ما شكت فيه المحكمة. ولما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن والمدافع عنه لم يثيرا شيئاً عن عملية العرض التي أجريت بمعرفة ضابط المباحث، ومن ثم لا يعيب الحكم عدم إشارته إليها، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى لما يثيره الطاعن عن بطلان هذه العملية لعدم وجود مصلحة له في ذلك إذ أن الحكم لم يعتمد عليها في إدانته. ولما كان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه إذ أورد أقوال الشاهدين الضابط أنور قزمان وعامل المقهى مرزوق حسان لم يقل إنهما شهدا واقعة السرقة أو حمل السلاح بل قال إن الأول شهد بتكليفه بالتوجه مع المجني عليه للبحث عن كوفيته التي سقطت منه في الطريق وبعد العثور عليها عاد بها إلى المركز، كما قال إن الثاني شهد برؤيته للمجني عليه والمتهمين يجلسون في المقهى، وبعد أن شربوا الشاي الذي قدمه لهم توجهوا إلى السينما - وهذا الذي قاله الحكم لا ينكر الطاعن أنهما شهدا به، فإن الطعن بالخطأ في الإسناد يكون على غير أساس. ولما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هو التحقيق الذي تجريه المحكمة أمامها فليس للطاعن إذن أن يعيب على الحكم المطعون فيه عدم استيفاء ما يقوله من نقص في التحقيق الابتدائي ما دام الثابت من مطالعة محضر الجلسة أنه لم يثر ذلك أمام محكمة الموضوع ويطلب استيفاء هذا النقص. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون غير سديد متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق