جلسة 9 من فبراير سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.
-----------------
(32)
الطعن رقم 1301 سنة 29 القضائية
(أ - ج) استدلال.
حالات التحقيق استثناء.
القبض عند توافر الدلائل الكافية. مثال في إحراز مخدر.
تفتيش أشخاص المتهمين. مجال العمل بنص المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية. شموله الشخص الموجود بمنزل تم الدخول إليه بوجه قانوني وتوافرت الدلائل الكافية على اتهامه.
دخول المنازل لغير التفتيش. مثال في الدخول إليها تنفيذاً لأمر من وكيل النيابة اقتضاء التحقيق.
تنفيذ التفتيش بمعرفة مأموري الضبط القضائي. متى يجب حضور الشاهدين؟ المادة 51 أ. ج. عند حصول التفتيش في غيبة المتهم.
حكم.
ضوابط التدليل. تولد الدليل عن إجراء صحيح. مثال.
(د - و) تحقيق.
التحقيق التكميلي. مكانه. متى تجوز مباشرته من المحقق في غير مقر العمل الذي يباشر اختصاصه فيه؟
استجواب المتهم. ضماناته. مجال العمل بنص المادتين 124، 125 أ. ج. بطلان التحقيق. الدفع به. عدم تأثيره في قرار إحالة القضية إلى محكمة الجنايات. آثاره. اقتصاره على الإجراء الذي تقرر بطلانه وما ترتب عليه من آثار مباشرة دون مساس بالإجراءات الصحيحة السابقة عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز وأحرز أفيوناً وحشيشاً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول (1) المرافق. فقررت الغرفة ذلك. وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر مع المتهم ببطلان التحقيق، والمحكمة المذكورة قضت حضورياًً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة وقالت في أسباب حكمها إن الدفع في غير محله.
فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن محصل الوجهين الأول والثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الطاعن في الدفاع وشابه القصور، ذلك أن الطاعن طلب ضم الجناية 2283 سنة 1957 بلبيس للإطلاع على كتاب رئيس النيابة الذي أمر بالمعاينة ومعرفة أي منزل طلب معاينته، كما طلب ضم الجناية رقم 2964 لسنة 1957 بلبيس لمعرفة كمية المخدرات التي ضبطت بصحراء بلبيس ونوعها وكيفية التصرف فيها تحقيقاً لما دفع به من أن التهمة ملفقة من رجال مكتب المخدرات، وطلب أيضاً إجراء المعاينة لإثبات أن سطح منزل الطاعن وجدران المنازل المجاورة مشتركة مما يسهل معه إلقاء المنديل الذي وجد به المخدر من الخارج - كما أثار في دفاعه أن المنديل والموسى المضبوطين ثبت من التحليل خلوهما من آثار المخدر وأن عبارة "وأسطح المنازل غير متلاصقة" الواردة بمحضر المعاينة أضيفت بمداد يخالف المداد الذي كتب به المحضر المذكور، ولكن المحكمة لم تجبه إلى ما طلب ولم ترد على دفاعه بما يفنده. ولما كان الطاعن قد أشار في دفاعه إلى أن زوجته كانت غضبى منه عقب اتهامها بإحراز المخدرات ولم تكن تقيم معه بالمنزل الذي أجرى تفتيشه، فإنه كان يتعين استئذان القاضي الجزئي في تفتيش منزله.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضري جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب ضم قضية الجناية رقم 2283 لسنة 1957 بلبيس وإنما طلب بجلسة 9 من يونيه سنة 1958 ضم أوراق المعاينة التي قيل بأن المأمورية كانت من أجلها ولم يتمسك بهذا الطلب في جلسة 10 من يونيه سنة 1958 مما يعد تنازلاً منه عنه، كما أنه لم يطلب ضم الجناية رقم 2964 سنة 1957 بلبيس بل اكتفى بقوله إنه لابد أن تكون في القضية الحالية بيانات خاصة بالمخدر المضبوط في الصحراء، ومن ثم فلا محل للنعي على المحكمة أنها لم تضم هاتين القضيتين وهو لم يصر على طلب إحداهما ولم يطلب إلى المحكمة ضم الأخرى. أما ما يثيره الطاعن من أنه كان على خلاف مع زوجته ولهذا السبب لم تكن تقيم معه بالمنزل وأنه لم يلق بالمنديل الذي وجد به المخدر وأن الضابط كان يحمل المخدر وأراد الانتقام منه لعدم اهتدائه إلى زوجته، فذلك كله إنما يعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها رداً صريحاً بل يكفي أن يكون ردها مستفاداً ضمناً من قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على طلب إجراء المعاينة فقال: "إنه عن طلب المعاينة لبيان ملاصقة سطح منزل المتهم لأسطح المنازل المجاورة من ثلاث جهات فإن المحكمة لا ترى محلاً لإجابة هذا الطلب بعد أن أطمأنت إلى ما أثبته وكيل النيابة المحقق في محضر المعاينة الذي تم بمعرفته من أن أسطح المنازل المجاورة لمنزل المتهم (الطاعن) غير ملاصقة لسطح منزل المتهم" ولما كانت المحكمة فيما ساقته من أسباب لرفض المعاينة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى المعاينة التي أجرتها النيابة، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن عبارة "وأسطح المنازل غير متلاصقة" الواردة بمحضر المعاينة لم تكتب بمداد يخالف المداد الذي كتب به المحضر كما يدعي الطاعن، فإن ما جاء بهذين الوجهين من الطعن يكون في غير محله.
وحيث إن محصل ما جاء بالوجه الثاني هو أن الحكم شابه فساد الاستدلال فقد دفع الطاعن ببطلان التحقيق الذي أجراه وكيل نيابة بلبيس في بندر الزقازيق وقد رفضت المحكمة هذا الدفع استناداً إلى أن وكيل النيابة إنما أجرى التحقيق بالزقازيق بناءً على تفويض من رئيس النيابة مع أن هذا القول لا أصل له في الأوراق. كما دفع الطاعن ببطلان التفتيش الذي أجراه الصاغ يعقوب ملطي بمنزل الطاعن إذ لم يكن معه شاهدان طبقاً لنص المادة 51 أ. ج، وقد رفضت المحكمة هذا الدفع أيضاً استناداً إلى أن التفتيش تم بحضور الطاعن مع أنه كان داخل المنزل مع اليوزباشي إبراهيم عبد الدايم وقت ضبط المنديل وبه المخدر. ودفع الطاعن كذلك ببطلان التحقيق لأن وكيل النيابة المحقق رفض أن يطلع محاميه على التحقيق قبل استجوابه وبعده، وقد رفضت المحكمة هذا الدفع بقوله إن وكيل النيابة سمح لمحامي الطاعن بالاطلاع على الأوراق بمجرد تقدمه بإقرار يفيد الحضور معه - وهذا الذي قاله الحكم يخالف الثابت بالأوراق من أن وكيل الطاعن تقدم بطلب لتمكينه من الاطلاع على أوراق الجناية قبيل نظر المعارضة في أمر الحبس وقد أشر عليه وكيل النيابة بالرفض استناداً إلى أن التحقيق لم يتم.
وحيث إن ما جاء بهذا الوجه مردود بأن وكيل نيابة بلبيس الذي وقع الحادث في دائرة اختصاصه، هو الذي أجرى التحقيق فيه بادئ الأمر وفي مركز بلبيس الذي يباشر اختصاصه فيه، وأنه إذ وجب عليه استكماله فقد انتقل إلى بندر الزقازيق، وهذا الانتقال من حقه بصفته مباشراً لسلطة التحقيق مهيمناً على مصلحته، ومن ثم فإنه لا يعيب تحقيقه التكميلي كونه أتمه في مكان آخر. لما كان ذلك، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية - تنص على أنه لا يجوز للمحقق في الجنايات - في غير حالتي التلبس والسرعة مخافة ضياع الأدلة - أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود، إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، وألزمت المتهم أن يعلن اسم محاميه، كما أجازت لمحاميه أن يتولى ذلك، ولما كان الطاعن لا يزعم أنه عين محامياً عنه وقت استجوابه أو أن محاميه تقدم للمحقق مقرراً الحضور معه وقت هذا الاستجواب، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. ولما كانت المحكمة قد ردت على دفع الطاعن ببطلان التحقيق الذي باشرته النيابة رداً مفصلاً قالت فيه إن وكيل النيابة المحقق بدأ التحقيق بمعاينة المنزل الذي يقيم فيه المتهم (الطاعن) مع زوجته، وهو داخل في اختصاصه بمركز بلبيس، فيكون قد باشر التحقيق أول ما باشره وهو مختص بإجرائه قانوناً، وكان انتقاله لبندر الزقازيق هو لإنجاز مرحلة منه هناك، وقال الحكم أيضاً إنه لا مخالفة لحكم المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية في تصرف وكيل النيابة المحقق، لأن القانون لم يوجب تعيين محام للمتهم إلا أمام المحكمة التي تنظر الدعوى، ونص هذه المادة يجري على أنه في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين والشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، وأوجبت هذه المادة على المتهم أن يقرر باسم محاميه، وللمحامي أن يقدم هذا التقرير بنفسه، وقالت المحكمة أيضاً وهي ترد على دفاع الطاعن بشأن بطلان التحقيق إن المتهم لم يعين عنه محامياً وقت استجوابه ولم يتقدم عنه محام يقرر الحضور معه وقت استجوابه، فكان من حق وكيل النيابة أن يستجوب المتهم بغير حضور محام إذ هو غير مكلف قانوناً بندب من يدافع عن المتهم، وهذا الرد سديد في القانون مؤد لما انتهت إليه المحكمة من رفض الدفع ببطلان التحقيق. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات أن الطلب الذي يشير إليه الطاعن في وجه الطعن هو الطلب المؤرخ 19/ 12/ 1957 المقدم من الأستاذ سامي الجوهري الموكل عن المتهم (الطاعن) وقد ذكر فيه أنه محدد لنظر المعارضة في أمر حبس موكله جلسة 21/ 12/ 1957 وأنه يطلب الاطلاع على أوراق التحقيق، فأشر وكيل النيابة بأن التحقيق لم يتم ورفض التصريح بالاطلاع وإلى جانب ذلك ثبت من الاطلاع على محاضر المعارضة في أمر الحبس أن السيد المحامي استأجل نظر المعارضة عدة مرات ريثما يتم له الاطلاع حتى حدد لها أخيراً جلسة 26/ 12/ 1957 وفيها ترافع المحامي عن المتهم (الطاعن) في الموضوع، وفي خلال فترة التأجيل وقبل نظر المعارضة في الجلسة الأخيرة المذكورة كان السيد المحامي قد تقدم بطلب آخر للاطلاع تاريخه 22/ 12/ 1957 فصرح له السيد وكيل النيابة بالاطلاع. لما كان ذلك ثابتاً بمفردات القضية، وكانت إشارة وكيل النيابة رفض طلب الاطلاع استعمالاً لحقه المقرر بالمادتين 125 و199 من قانون الإجراءات الجنائية وقد أفصح عن العلة لهذا الرفض وهي عدم إتمام التحقيق، ثم ما لبث بعد أيام معدودات أن صرح للمحامي بالاطلاع، وكل ذلك تم بعد أن انتهى استجواب المتهم في 16 من ديسمبر سنة 1957 دون حضور محام معه ودون أن يصرح هو للمحقق بأن له محامياً أو يطلب إرجاء التحقيق حتى يحضر وكيله. لما كان ذلك، فلا وجه لما يشكو منه الطاعن من أن النيابة قد عطلت حقه في الدفاع. ولما كان البطلان المشار إليه في المادة 336 من قانون الإجراءات الجنائية لا يلحق إلا الإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة دون ما يسبقه من إجراءات تمت صحيحة وليس من شأنه أن يؤثر في قرار إحالة القضية على محكمة الجنايات، ولما كانت المحكمة قد حققت الدعوى بنفسها في حضور المتهم ومحاميه واستجابت - على ما هو ثابت بمحضر جلسة المحاكمة - إلى طلب الدفاع مناقشة أحد شهود الإثبات وهو الصاغ يعقوب ملطي ولم ينسب الطاعن إلى المحكمة أنها قصرت في استيفاء هذا التحقيق النهائي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان لا محل للقول بأنه كان يتعين على رئيس مكتب المخدرات أن يستصحب شاهدين وقت ضبط المنديل الذي به المخدر، ذلك أنه يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن معاون مكتب المخدرات دخل منزل الطاعن بقصد إحضار زوجته وبتكليف من وكيل النيابة، وذلك لإجراء المعاينة بحضورها ولم يكن بقصد تفتيش المنزل، ومن ثم فإن دخوله المنزل لهذا الغرض الذي اقتضاه التحقيق لا شائبة فيه - فإذا ما شاهد الطاعن يخرج من غرفة بداخل المنزل مسرعاً وهو يتجه إلى حظيرة به ويحدث فتحة بالسقف ويلقي بمنديل ملفوف من يده فوق سطح المنزل وهو يعلم أنه ممن يتجرون بالمواد المخدرة كما قرر ذلك، فإن هذه المظاهر هي دلائل كافية عن وقوع جريمة إحراز مخدر تجيز لهذا الضابط القبض على المتهم وأن يستعين بزميله رئيس مكتب المخدرات - الذي أثبت وكيل النيابة في محضره أنه كان يرافقه عند انتقاله لعمل المعاينة - في ضبط هذا المنديل، ولا محل لإعمال نص المادة 51 أ. ج ما دام الثابت أن الطاعن كان حاضراً بالمنزل وقت ضبط المنديل مما لا محل معه لحضور شاهدين - إذ أن حضورهما لا يكون إلا في حالة غياب المتهم، ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن محصل الوجهين الرابع والخامس من الطعن، هو أن الطاعن دفع ببطلان التفتيش الواقع على منزله لأنه تم في غير الحدود التي رسمها القانون فاليوزباشي إبراهيم عبد الدايم لا يجوز له دخول المنازل إلا في الأحوال التي بينتها المادتان 45 و91 أ. ج ووكيل النيابة لم يأذن له بدخول منزل الطاعن بل طلب منه البحث عن زوجته. كما أن الصاغ يعقوب ملطي لم يكن مطلوباً لمرافقة وكيل النيابة عند المعاينة، ومن ثم فما كان يجوز له أن يصعد إلى سطح المنزل لإجراء التفتيش دون إذن من وكيل النيابة والحكم استند في رفضه هذا الدفع إلى أن التفتيش تم صحيحاً طبقاً لنص المادتين 34 و46 من قانون الإجراءات الجنائية. وهذا الرد ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المادة 34 تنص على أن لمأمور الضبط القضائي أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في جناية، مع أن الطاعن - كما هو ثابت من ملفه - قد ترك الاتجار في المخدرات - وبذلك يكون مجرد حمله منديلاً ملفوفاً لا يدل على أن ما بالمنديل مواد مخدرة، ومن ثم لا تكون هناك دلائل على ارتكاب الجريمة - هذا فضلاً عن أن مجال تطبيق المادة 34 عندما يكون المتهم في غير منزله - أما إذا كان بداخله فلابد من استئذان الجهة المختصة طبقاً لنص المادة 45 كما أن المادة 46 تنص على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه، أي أن يفتش شخص المتهم لا منزله لما للمنازل من حرمة خاصة والثابت في خصوصية هذه الدعوى أن التفتيش وقع على منزل الطاعن لا على شخصه.
وحيث إن ما جاء بهذا الوجه مردود بأن لا محل لتطبيق المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية ما دام قد ثبت من الأوراق أن رئيس مكتب المخدرات بالزقازيق ومعاون المكتب قد انتقلا بصحبة وكيل النيابة وبناءً على طلبه - كما أثبت ذلك في محضره المؤرخ 16/ 12/ 1957 - إلى المنزل الذي يقيم فيه الطاعن وزوجته لإجراء المعاينة تنفيذاً للأمر الصادر بذلك من رئيس النيابة وما ثبت أيضاً من أن وكيل النيابة كلف معاون المكتب بدخول المنزل المذكور للبحث عن زوجة الطاعن لإجراء المعاينة في حضورها، ومن ثم يكون المعاون قد دخل المنزل بوجه قانوني للقيام بما كلف به ولم يكن دخول المنزل أصلاً لإجراء التفتيش وإنما كان تنفيذاً لتكليف وكيل النيابة له بدخول المنزل لإحضار زوجة الطاعن، فإذا ما رآه بعد دخوله يتجه وفي يده منديل ملفوف ألقى به فوق السطح وهو يعلم أنه ممن يتجرون في المواد المخدرة فبادر إلى القبض عليه وتكليف زميله بضبط ما ألقاه فوق سقف الحظيرة، فإن ما قام به هو وزميله مما يخوله له القانون ويكون دخول المنزل وضبط المخدر قد تما صحيحين على ما سبق بيانه ويصح للمحكمة الاستناد إلى الدليل المستمد من هذا الضبط. لما كان ذلك، وكان نص المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية هو نص عام لا يقتضي الخصوص يجيز لمأمور الضبط القضائي التفتيش في كل الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم، وقد ورد هذا النص في الفصل الرابع الذي عنوانه "في دخول المنازل وتفتيشها وتفتيش الأشخاص"، ولا يستقيم أن يكون تفتيش الشخص وضبط ما معه جائزاً وهو بعيد عن منزله وغير جائز عند وجوده فيه ما دام الدخول إلى المنزل لم يكن مخالفاً للقانون وكان التفتيش لازماً بناءً على دلائل صريحة وكافية لاتهام الطاعن بجريمة إحراز المخدرات، يؤيد ذلك ما جاء بالمادة 49 من إجازة التفتيش لمأمور الضبط القضائي عند وجود قرائن قوية ضد المتهم أو شخص موجود في منزله على أنه يخفي معه شيئاً يفيد في كشف الحقيقة. لما كان ذلك، فإن الحكم إذ قضى برفض الدفع ببطلان التفتيش لا يكون مخطئاً.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن برمته على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق