جلسة 21 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس وعلي عوض صالح وحسني سيد محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.
---------------
(10)
الطعن رقم 311 لسنة 32 القضائية
(أ) مدرسو المدارس الابتدائية والإعدادية - تعيينهم في ظل قوانين العاملين الملغاة.
القانون رقم 193 لسنة 1955 باستثناء وزارة التربية والتعليم من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 226 لسنة 1951.
أجاز المشرع لوزارة التربية والتعليم تعيين المدرسين اللازمين للمدارس الابتدائية والإعدادية وما في مستواهما بالنسبة لفئة معينة من خريجي الكليات والمعاهد التربوية - يفيد هؤلاء المدرسين من استثنائين - أولهما: استيفاء مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ التعيين وإلا اعتبر المدرس مفصولاً - وثانيهما: تأجيل تجنيد الذكور من المعينين - هذان الاستثناءان لا يجوز التوسع فيهما أو القياس عليهما - تطبيق.
(ب) مدرسو المدارس الابتدائية والإعدادية - تحديد الأقدمية. المادة (16) من القانون رقم 46 لسنة 1964 بنظام العاملين المدنيين الملغى.
العبرة في تحديد الأقدمية في مجال الوظيفة العامة ليس بتاريخ الحصول على المؤهل وإنما بالقرار الصادر بالتعيين - تحديد المركز القانوني للموظف العام بالنسبة للوظيفة التي يشغلها يكون بالقرار الصادر بتعيينه - بهذا القرار يكون إنزال حكم القانون وترتيب مقتضاه - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 28/ 12/ 1987 أودع الأستاذ/ محمد عصفور المحامي نائباً عن الأستاذ رشدي عزيز المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ محمد هلال محمود هلال بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 4004 لسنة 1984 توثيق كفر الزيات قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 262 لسنة 34 ق عليا ضد وزير التربية والتعليم ومحافظ الغربية وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات ب) بجلسة 25/ 1/ 1987 في الدعوى رقم 961 لسنة 39 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لمحافظ الغربية بصفته وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - وللأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه واعتبار أقدميته في التعيين من تاريخ حصوله على مؤهله الدراسي بتاريخ 18/ 12/ 1968 مع ما يترتب على ذلك من آثار وظيفية ومادية وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وبتاريخ 30/ 12/ 1987 أعلن المطعون ضدهما بتقرير الطعن.
وتم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 22/ 6/ 1992 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره جلسة 17/ 10/ 1992 وفيها نظرت المحكمة الطعن حيث قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتلخص في إنه بتاريخ 24/ 11/ 1984 أقام السيد/ محمد هلال محمود هلال الدعوى رقم 961 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات ب) ضد وزير التربية والتعليم ومحافظ الغربية طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع إرجاع أقدميته في التعيين إلى 18/ 12/ 1968 تاريخ حصوله على المؤهل الدراسي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه حاصل على بكالوريوس العلوم المالية والتجارية من المعهد العالي التجاري بطنطا في 18/ 12/ 1968 وقد أرسل كشف الخريجين إلى الوزارة لتعيينهم فور حصولهم على المؤهل الدراسي غير أنه لم يتم تعيين المدعي إلا بعد صدور الأمر التنفيذي رقم 617 في 4/ 8/ 1969 متضمناً تعيينه في وظيفة مدرس إعدادي ويندب لتدريس المواد التجارية بالمدارس الثانوية التجارية وذلك اعتباراً من 15/ 7/ 1969 على الرغم من وجود عجز في مدرسي المواد التجارية وأن التأخير في التعيين مرده إلى تراخي المختصين في عرض كشوف التخرج.
وأضاف المدعي أنه من شروط القبول بالمعهد العالي الذي تخرج فيه إلزام الطلاب عند الالتحاق به التوقيع على إقرار بالعمل في المدارس التابعة للوزارة لمدة خمس سنوات من تاريخ التخرج وإلا طبقت عليهم العقوبات المقررة في هذا الصدد وعليه فإن خريجي المعهد يعتبرون معينين منذ تاريخ حصولهم على المؤهل الدراسي والمدعي حصل على مؤهله المشار إليه في 18/ 12/ 1968 وبالتالي فإن الوزارة تكون قد أساءت في اعتبار أقدمية المدعي من 15/ 7/ 1969 بينما كان يتعين إرجاعها إلى 18/ 12/ 1968 تاريخ حصوله على المؤهل لذلك أقام المدعي دعواه طالباً الحكم له بطلباته سالفة الذكر.
وبجلسة 25/ 11/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الثاني وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن تعيين العامل في الوظيفة مرجعه إلى السلطة التقديرية للإدارة التي تمارسها حسب القانون بقرارات إدارية تصدرها بالتعيين لمن تتوافر فيهم الشروط المقررة لشغل الوظائف الخالية لديها وذلك كقاعدة عامة إذ لم ينص القانون على حتمية تعيين طوائف أو فئات معينة بتوافر شروط وأوصاف محددة فيهم دون مجال لتقدير جهة الإدارة إلا أن تحديد المركز القانوني للعامل يتم بقرار الإدارة من حيث المرتب أو الأقدمية ولما كان سند المدعي الوحيد هو ما تضمنه التعهد الذي يوقعه مع قبوله عند التحاقه بالمعهد من تحمله نفقات الدراسة لو لم يخدم الجهة الإدارية مدة معينة بعد تخرجه فإنه لا سند من القانون لما ذهب إليه في هذا الشأن من الزعم بأن مجرد توثيقه لهذا التعهد يقتضي قانوناً تعيينه فور تخرجه وإلزام الجهة الإدارية بذلك أو بإعادة أقدميته إلى هذا التاريخ.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل الخطأ في تطبيق القانون إذ أنه وقت حصول الطاعن على المؤهل مع باقي دفعته كان يوجد عجز في مدرسي المواد التجارية وأن التأخير في التعيين ليس مصدره الصالح العام ومصلحة العمل إنما هو إهمال المختصين بعرض كشوف التخرج لصدورالأوامرالتنفيذية بالتعيين خاصة وأن شرط الالتحاق بهذا المعهد أن يوقع الطالب على إقرار يتضمن العمل بالمدارس التابعة للوزارة لمدة خمس سنوات من تاريخ تخرجه وإلا طبقت عليه العقوبات المقررة، ولذلك فإن الطاعن باعتباره من خريجي المعهد يعتبر تعيينه من تاريخ حصوله على المؤهل الدراسي في 18/ 12/ 1968 وتكون الوزارة قد أخطأت باعتبار أقدميته من 15/ 7/ 1969 خاصة وأن المشرع يعفي الخريجين من هذا المعهد من أداء الخدمة العسكرية أو الخدمة بالنسبة للإناث وأن ملفاتهم بعد تخرجهم ترسل للوزراء رأساً ولا يجوز لهم السفر للخارج إلا لسبب الإعارة ويلتزمون بالعمل فوراً على أن تستوفى مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ التعيين وتلتزم الإدارات التعليمية بتحرير إقراراً استلام العمل وتخطر به الوزارة، كما أن الطالب يوقع كشف رغبات العمل أثناء التدريس وقبل حصوله على المؤهل بالإضافة إلى أن جميع العاملين بالدولة يتم وضعهم تحت الاختبار لمدة ستة أشهر وهذا الشرط لا يسري على الطاعن وزملائه ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون وانحراف في التفسير حينما انتهى إلى عدم وجود سند قانوني للدعوى في حين أن السند القانوني هو القانون رقم 193 لسنة 1955 وأن التعهد بخدمة الوزراء هو امتياز بالتعيين فور التخرج يقابله قيود على المتخرج مقابل هذا الامتياز ثم خلص الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته المشار إليها في دعواه.
وبجلسة 13/ 1/ 1992 وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون أودع الطاعن مذكرة دفاع صمم فيها على طلباته كما قدمت جهة الإدارة أمام هذه المحكمة وبجلسة 17/ 1/ 1992 مذكرة دفاع طلبت في ختامها الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إن مفاد الطعن الماثل يدور حول ما إذا كانت أقدمية الطاعن تحسب من تاريخ صدور قرار التعيين في 4/ 8/ 1969 بالقرار الوزاري رقم 612 لسنة 1969 أم من تاريخ تخرجه وحصوله على بكالوريوس العلوم المالية والتجارية والتربية شعبة المعلمين دور نوفمبر سنة 1968 وذلك في جلاء أحكام القانون رقم 193 لسنة 1955 الصادر باستثناء وزارة التربية والتعليم من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 226 لسنة 1951 وعلى النحو الذي يتمسك به الطاعن ويعتبره سنداً لطلباته.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون المشار إليه تنص على أنه "استثناءاً من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 226 لسنة 1951 المشار إليهما، يجوز لوزارة التربية والتعليم تعيين المدرسين اللازمين للمدارس الابتدائية والإعدادية وما في مستواهما على أن تستوفى مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ تعيين كل منهم وإلا اعتبر مفصولاً.
ومن حيث إنه يبين من صريح عبارة نص المادة الأولى من القانون سالف الذكر إنه ورد استثناءً على الأصل العام في مسألتين الأولى: جواز التعيين لفئة معينة من خريجي الكليات والمعاهد التربوية كمدرسين في المدارس الابتدائية والإعدادية وما في مستواهما دون استيفاء مسوغات التعيين عند تعيينهم على أن تستوفى بعد ذلك وخلال تسعة أشهر والاستثناء الثاني: هو تأجيل تجنيد الذكور منهم - وذلك هو كل ما نص عليه القانون رقم 193 لسنة 1955 الذي يستند الطاعن عليه في طلب إرجاع أقدميته في التعيين إلى تاريخ حصوله على المؤهل الذي عين بمقتضاه والقانون المشار إليه في نصه على هذين الاستثنائين للتعيين رغم الحاجة الملحة للمدرسين جوازياً لجهة الإدارة فلم يجعله يتم بقوة القانون حيث وردت عبارة النص بأنه يجوز للوزارة تعيين المدرسين وهذا الاستثناء يقدر بقدره فلا يجوز التوسع في تفسيره أو القياس عليه أو الخروج به على القواعد القانونية في التعيين خاصة في مجال تحديد أقدمية المعين بقرار إداري فردي ومن حيث أن المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1964 الصادر في ظل العمل به قرار تعيين الطاعن تنص على أن ".... وتعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين بها....".
ومن حيث إنه تطبيقاً لهذا النص فإن العبرة في تحديد تاريخ أقدمية المعين في مجال الوظيفة العامة ليس بتاريخ الحصول على المؤهل بل بالقرار الصادر بالتعيين ما لم ينص على خلاف ذلك، وقد جرى قضاء هذه المحكمة في هذا المقام وعلى أن الذي يحدد مركز الموظف العام بالنسبة للوظيفة التي يشغلها هو القرار الإداري المنشئ للمركز القانوني الذي تنتج به العلاقة الوظيفية بهذا القرار وحده لا بغيره يكون إنزال حكم القانون وترتيب مقتضاه.
ومن حيث إن الماثل بالأوراق إنه بتاريخ 4/ 8/ 1969 أصدر القرار رقم 612 بتعيين الطاعن بوظيفة مدرس إعدادي وحدد أقدميته في التعيين، اعتباراً من 15/ 7/ 1969 وبالتالي تكون قد تحددت أقدميته في التعيين اعتباراً من التاريخ الأخير بصرف النظر عن نظام الدراسة الذي خضع له بالمعهد الذي تخرج فيه عن كونه ملتزماً بخدمة الجهة الإدارية مدة معينة بعد تخرجه وتحمله بنفقات الدراسة في حالة عدم وفائه لهذا الالتزام فإن ذلك لا يغير من النظام القانوني الخاضع له عند التعيين ولأن مجرد تخرجه واستيفاء الشروط المقررة للتعيين وثبوت صلاحيته للتعيين في الوظيفة العامة لا يكفي بمفرده لاعتباره معيناً عقب تخرجه حيث أن هذا الحق لا ينشأ من تلقاء ذاته بل من القرار الإداري الفردي الذي يصدر بتعيينه باعتبار أن تحديد وقت التعيين هو من الملاءمات المتروكة لتقدير جهة الإدارة تترخص فيه بسلطة مطلقة في حدود ما تراه محققاً للصالح العام فضلاً عن ضرورة وجود درجات خالية في الميزانية تسمح بهذا التعيين وعلى ذلك فإن التعهد الذي وقعه الطاعن مع كفيله قبل التحاقه بالدراسة في المعهد الذي تخرج منه لا يعفي بالضرورة إلزام الإدارة بتعيينه بعد تخرجه مباشرة كما سبق القول فهذا التعهد، لا يولد التزاماً على الإدارة بصدور قرار التعيين في تاريخ التخرج.
ومن حيث إنه وإذ اعتبرت جهة الإدارة أقدمية الطاعن اعتباراً من التاريخ الذي حدده قرار تعيينه في 15/ 7/ 1969 حينما ورد بالقرار رقم 612 لسنة 1969 الصادر في 14/ 8/ 1968 فإنها تكون أعملت صحيح حكم القانون في حقه وتكون الدعوى غير قائمة على سند صحيح من الواقع أو القانون خليقة بالرفض ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ قضى بذلك ويغدو الطعن فيه غير مستند على أساس من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق