جلسة 21 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وأحمد حمدي الأمير والسيد محمد العوضي ومحمد عبد الحميد سعيد - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(11)
الطعون أرقام 1109، 1171، 1377 لسنة 34 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - تعيين - وظيفة رئيس إدارة مركزية بالفئة العالية - تعيين من الخارج.
المادة (12) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
حدد القانون أربع وسائل لشغل الوظائف هي التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة لشغل الوظيفة بالوسيلة التي يتقرر اتباعها - اختيار إحدى هذه الوسائل هو من الملائمات المتروكة لجهة الإدارة - لا سبيل لإلزام الإدارة باتباع وسيلة معينة أو العدول عن وسيلة قررت اللجوء إليها ما دام قرارها قد صدر في نطاق الرخصة المخولة لها قانوناً ولم يقم الدليل على الانحراف بالسلطة - لا تثريب على جهة الإدارة إن هي اختارت وسيلة التعيين في وظيفة رئيس إدارة مركزية بالفئة العالية بشغلها من الخارج دون اللجوء إلى شغلها بطريق الترقية من بين العاملين لديها ما دام قرارها قد صدر في حدود القانون ولم يقم دليل على الانحراف بالسلطة - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 10 من مارس سنة 1988 أودع الأستاذ/ محمود الطوخي المحامي، بصفته وكيلاً عن السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي، بالتوكيل العام الرسمي رقم 1094 لسنة 1988، توثيق السيدة زينب النموذجي، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1109 لسنة 34 قضائية ضد السادة سيد أحمد سيد شرف، ورئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) بجلسة 28/ 1/ 1988 في الدعوى رقم 4059 لسنة 40 ق. المقامة من المطعون ضده الأول ضد المطعون ضدهم الثلاثة الآخرين. والقاضي "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 المطعون فيه، إلغاءً مجرداً، ومع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات".
وطلب الطاعن، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات.
وفي يوم الأربعاء الموافق 16 من مارس سنة 1988 أودع الأستاذ/ محمد سيد عبد المتعال المحامي، بصفته وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 19171 لسنة 34 قضائية، ضد السيد/ أحمد سيد شرف، في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات، في الدعوى رقم 4059 لسنة 40 قضائية، المشار إليه وطلب الطاعن، للأسباب التي اشتمل عليها تقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي يوم الاثنين الموافق 28 من مارس سنة 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيدين/ رئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1377 لسنة 34 قضائية ضد السيد/ سيد أحمد سيد شرف، في ذات حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) محل الطعنين رقمي 1109، 1171 لسنة 34 ق، سالفي الذكر، وطلبت للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب.
وبعد إعلان تقارير الطعون الثلاثة، المشار إليها، إلى ذوي الشأن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرين بالرأي القانوني مسببين، الأول في الطعن رقم 1109 لسنة 34 قضائية، ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات عن الدرجتين والتقرير الثاني: في الطعنين رقمي 1171، 1377 لسنة 34 قضائية، وخلصت فيه إلى أنها ترى قبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعنين رقمي 1109، 1377 لسنة 34 قضائية أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/ 7/ 1987 وتدوول نظرهما على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 23/ 12/ 1991 قررت المحكمة ضم الطعن 1171 لسنة 34 قضائية إلى الطعنيين المذكورين، ليصدر فيهم حكم واحد، وبجلسة 25/ 5/ 1992 قررت إحالة الطعون الثلاثة إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية)، لنظرها بجلسة 4/ 7/ 1992، وفيها نظرت، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات الخصوم قررت بجلسة 10/ 10/ 1992 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر. وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن من قواعد المرافعات الأصلية أن على المحكمة أن تتقيد في حكمها بحدود الدعوى المرفوعة إليها، فليس لها أن تغير من سببها أو في محلها، أو أن تفصل فيها في مواجهة شخص لم يختصم فيها، ولهذا فليس لها أن تقضي بقبول تدخل شخصي كخصم منضم في الدعوى إلى أحد الخصوم دون أن يكون قد اتبع إجراءات التدخل المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (126) من قانون المرافعات ومخالفة ذلك يترتب عليه بطلان العمل الإجرائي بطلاناً يتعلق بالنظام العام تقتضي به محكمة الطعن من تلقاء نفسها. بناءً على ذلك ولما كان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول تدخل السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي في الدعوى منضماً إلى الجهة الإدارية المدعى عليها، دون أن يتبع أحد إجراءات التدخل في الدعوى المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (126) من قانون المرافعات، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون فيما قضى به من قبول تدخل السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي كخصم منضم في الدعوى إلى الجهة الإدارية، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم فيما قضى به من قبول تدخل المذكور في الدعوى، وبالتالي عدم اعتباره طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن لا يجوز إلا من كل من كان طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ولم يتخل عن منازعته حتى صدور الحكم سواء كان خصماً أصيلاً أو مدخلاً أو متدخلاً فيها للاختصام أو الانضمام لأحد طرفي الخصومة فيها فمن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن رقم 1109 لسنة 34 قضائية، المقام من السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي وإلزام الطاعن المصروفات.
ومن حيث إن الطعنين رقمي 1171 و1377 لسنة 34 قضائية استوفيا أوضاعهما الشكلية. فإنهما يكونان مقبولين شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 15/ 6/ 1986 أقام السيد/ سعيد أحمد سيد شرف أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 4059 لسنة 40 قضائية ضد السادة/ رئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة والأمن الغذائي، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وطلب الحكم بإلغاء قرار السيد/ رئيس مجلس الوزراء (المدعى عليه الأول) رقم 161 بتاريخ 15/ 2/ 1986 بتعين السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي بوظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية وبالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بهذه الوظيفة، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال في بيان أسانيد دعواه أنه حاصل على بكالوريوس الزراعة سنة 1952 وعين بوظيفة مهندس زراعي بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وتدرج في الوظائف إلى أن شغل وظيفة مدير عام الإدارة العامة للتصنيع بقرار السيد/ رئيس مجلس الوزراء رقم 369 بتاريخ 15/ 5/ 1983، وندب مديراً للاتحاد التعاوني الزراعي المركزي اعتباراً من 10/ 10/ 1984، وأنه فوجئ بصدور قرار السيد/ رئيس مجلس الوزراء رقم 161 بتاريخ 15/ 2/ 1986 بتعيين السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي رئيساً للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي مع منحه بدل التمثيل المقرر لهذه الوظيفة، متخطياً له في التعيين والترقية إلى تلك الوظيفة، بالمخالفة لنص المادتين (36، 37) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، ذلك لأنه أقدم من المطعون على ترقيته في شغل وظيفة مدير عام، وجميع الوظائف السابقة، وأنه لا يقل كفاءة وخبرة عنه، بل أنه يعمل معظم حياته الوظيفية في مجال التعاون والتنمية الريفية، مما يجعله أكثر خبرة في هذا المجال من المطعون على ترقيته، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد خالف القانون، لترقية الأحدث وتخطية الأقدم، دون سبب مشروع وإذ تظلم من هذا القرار بتاريخ 9/ 3/ 1986 دون أن يتلقى رداً من جهة الإدارة، لذلك فإنه يقيم دعواه بغية الحكم بإلغاء ذلك القرار.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى طالبة الحكم برفضها، وإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. لأن القرار المطعون فيه هو قرار تعيين صدر طبقاً للمادة (15) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وليس قرار ترقية مما يصدر طبقاً للمادتين 36، 37 من هذا القانون، وقد استوفى المطعون على تعيينه اشتراطات شغل الوظيفة، ومن ثم تضحى الدعوى فاقدة السند القانوني، جديرة بالرفض.
وبجلسة 28/ 1/ 1988 حكمت المحكمة "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 المطعون فيه إلغاءً مجرداً مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الأصل في شغل الوظائف العامة، طبقاً لنص المادة (12) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 أن يكون عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب، وأن الأصل في التعيين طبقاً للفقرة الأولى من المادة (15) من هذا القانون، أن يكون في أدنى الدرجات لأول مرة وأنه استثناءً من هذا الأصل أجازت الفقرة الثانية من هذه المادة التعيين في غير أدنى الدرجات سواء من داخل الوحدة أو من خارجها، وأن القاعدة أنه لا يجوز الخروج عن الأصل إلا بمقتضى، ومن ثم فإنه لا يصح للجهة الإدارية الالتجاء إلى أسلوب شغل الوظائف في غير أدنى الدرجات من غير العاملين في الوحدة الإدارية إلا حيث يتعذر تطبيق الأصل العام بالتعيين المبتدأ فيها أو بالنقل أو الترقية أو الندب إليها وبناءً على ذلك فإن التعيين في وظيفة وكيل وزارة من غير العاملين بالوحدة هو بدوره استثناءً من الأصل العام في التعيين باعتباره افتتاحاً لرابطة مبتدأة بين الجهة الإدارية والعاملين فيها ومن ثم فلا يصح إجراؤه إلا إذا كان ثمة مقتضى يبرر الخروج على هذا الأصل، ولا ينال من ذلك نص الفقرة الثالثة من المادة (15) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة على استثناء الوظائف العليا في أحكام الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة، ذلك لأنه إذا كان عرف المشرع هو استثناء هذه الوظائف من كل قيود الفقرتين السابقتين إقراراً للجهة الإدارية بسلطة تقديرية واسعة في شغل هذه الوظائف القيادية إلا أنه مما لا جدال فيه أن هذه السلطة ليست تحكمية، وأن أعمالها إذ يؤثر في مراكز العاملين المتطلعين للترقية إلى هذه الوظائف العليا في الوحدة التي يعملون بها يقتضي بالضرورة أن يتم بناءً على تقييم جدي لمدى صلاحية هؤلاء العاملين لشغلها تبعاً لطبيعة الوظيفة ومسئولياتها فإذا لم تأخذ الجهة الإدارية الأمر بما يستأهله من جدية المفاضلة بين ذوي الشأن كان قرارها فاقداً مبرر إصداره مخالفاً للقانون ولما كان الثابت أن المطعون على ترقيته كان يشغل وظيفة مدير عام مديرية الزراعة بمحافظة الجيزة اعتباراً من 29/ 11/ 1983 (وهي وظيفةً تابعةً لوزارة الزراعة، ثم ندب رئيساً للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي في 2/ 3/ 1985، وبتاريخ 5/ 2/ 1986 صدر القرار المطعون فيه بتعيينه في الوظيفية المنتدب إليها، ومن ثم وإعمالاً للأسس المتقدم بيانها، فإن القرار الطعين هو في حقيقته قرار بنقل السيد المذكور نقلاً نوعياً إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي متضمناً الترقية إلى وظيفة أعلى، ومما يؤكد ذلك صدور القرار رقم 5/ 591 بتاريخ 19/ 3/ 1986 بمنح المطعون ضده علاوة ترقيةً اعتبار من تاريخ صدور القرار. ومتى كان الأمر كذلك، ولم تكشف الأوراق عن أن الجهة الإدارية أجرت مفاضلة حقيقية وجادة بين المطعون على ترقيته وزملائه العاملين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وأنه قد تعذر شغل الوظيفة محل النزاع بسبب عدم صلاحية أي من هؤلاء العاملين لشغلها، فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر بغير مقتضى يبرره ووقع بالتالي مخالفاً للقانون، هذا إلا أنه صدر مخالفاً لذلك لما تقضي به المادة 36 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة من حظر ترقية العامل المنقول قبل سنة على النقل ما لم يكن النقل وفقاً لإحدى الحالات الثلاث الواردة على سبيل الحصر في هذه المادة والتي لا تتوفر أي منها في الحالة الماثلة فمن ثم يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من ترقية المطعون ضده إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد صدر مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعنين هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك لأنه قيد التعيين من الخارج في وظائف الإدارة العليا بالقيود المقررة بالفقرتين الأولى والثانية من المادة (15) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ولضوابط الترقية البادية في حين أن التعيين في وظائف الإدارة العليا مستثنى من هذه القيود، ولا يجوز تقييد سلطة الإدارة التقديرية في استعمال الرخصة المخولة لها بالفقرة الثالثة من المادة المذكورة بالقول بأنه لا يجوز لها استخدامها إلا إذا خلت الجهة من عاملين صالحين لشغل وظائف الإدارة العليا أو ثبوت أنهم دون المرشحين لشغل تلك الوظائف من الخارج على مقتضى الضوابط المقررة لحسم التزاحم على الترقية، هذا إلا أن الجهة الإدارية أجرت، قبل صدور القرار المطعون فيه، المفاضلة المطلوبة بين المطعون على تعيينه وزملائه في ضوء أعمال كل منهم، ومن ناحية أخرى فإن القرار المطعون وإذ صدر طبقا لنص المادة (15) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة آنفة الذكر، فإنه يكون قرار تعيين، وليس نقل مما يخضع للقيد الوارد في المادة 76 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله جديراً بالإلغاء، وإذ ترتب على تنفيذه أضرار ويتعذر تداركها، فإن الطاعنين يطلبون بصفة عاجلة الحكم بوقف تنفيذه لحين الفصل في موضوع الطعن.
ومن حيث إن المادة (12) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 حددت وسائل أربع لشغل الوظائف وهي التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب وذلك بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة لشغل الوظيفة حسب الوسيلة التي يتقرر اتباعها، واختيار أية وسيلة مما تقدم لشغل الوظائف الشاغرة هو من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة فلا سبيل لإلزامها باتباع وسيلة معينة أو العدول عن وسيلة قررت اللجوء إليها في شغل أية وظيفة خالية طالما أن قرارها في هذا الشأن صدر في نطاق الرخصة المخولة لها قانوناً ولم يقم الدليل على الانحراف بالسلطة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي كان يشغل وظيفة مدير عام مديرية الزراعة بمحافظة الجيزة، ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 بتعيينه رئيساً للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، ومن ثم فإن هذا القرار هو بحسب ما نص فيه - قرار تعيين، ولا يتأتى أن يكون قرار نقل، لأن النقل كوسيلة لشغل الوظائف لا يكون إلا بين من يشغلون مراكز قانونية في ذات مستوى الوظيفة الشاغرة، كما أنه ليس قرار ترقية، لأن الترقية لا تكون إلا بين شاغلي وظيفة أدنى من الوظيفة المراد الترقية إليها في ذات الوحدة التي تتم فيها، وذلك على النحو الذي قررته المادة (36) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، المشار إليه، وكذلك فإنه لا يسوغ القول بأن القرار تضمن نقلاً وترقية في آن واحد، إذ لم يتضمن نقلاً للمطعون عليه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في ذات درجة وظيفته، ثم ترقيته إلى الوظيفة الأعلى، وهو ما يؤكد بأنه القرار الطعين هو بنصه وفحواه قرار تعيين في إحدى الوظائف العليا، مما تملك جهة الإدارة التعيين فيها رأساً من خارج الوحدة بمراعاة اشتراطات شغل الوظيفة، إعمالاً لنص المادة (15) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والتي تنص على أن "يكون التعيين ابتداءً في أولى وظائف المجموعة النوعية الواردة في جدول وظائف الوحدة.
ويجوز التعيين في غير هذه الوظائف سواء من داخل الوحدة أو من خارجها في حدود 10% من العدد المطلوب شغله.
وتستثنى من أحكام الفقرتين السابقتين الوظائف العليا، والمادة (20) من ذات القانون والتي تنص على أن يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف 1 - ......... (5) أن يكون مستوفياً لاشتراطات شغل الوظيفة".
ومن حيث إن الثابت أن الوظيفة محل النزاع هي وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وتقع على قمة وظائف قطاع التعاون والتنمية، وتختص برسم سياسة الإشراف والرقابة على جمعيات الإصلاح الزراعي والخدمات التي تؤدي إلى هذه الجمعيات مع مراقبة قيام الجمعيات بتنفيذ أحكام قانون الإصلاح الزراعي وقانون التعاون، وأن اشتراطات شغلها هي مؤهل دراسي زراعي أو تجاري عالي، وخبرة في مجال العمل في وظيفة من وظائف الدرجة الأدنى مباشرة قدرها سنة على الأقل، واجتياز البرامج التدريبية في مجال الإدارة والتي تتيحها الهيئة وقدرة كبيرة على القيادة والتوجيه ووضع الخطط والبرامج ومتابعتها، كما أن الثابت من الأوراق أن السيد/ .......، المطعون على تعيينه، حصل على بكالوريوس الزراعة سنة 1950، وعين بتاريخ 24/ 6/ 1951، وسبق أن شغل عدة وظائف بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، فقد شغل بها وظيفة مفتش عام تعاون، ومفتش عام بالتفتيش الفني، ومدير إدارة، ثم مراقب عام الاستزراع وتحسين الأراضي، ثم عين بوظيفة مدير عام مديرية الزراعة بالجيزة اعتباراً من 29/ 11/ 1983 وندب إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية والتنمية الريفية وحصل على دورة تدريبية في معهد القادة الإداريين، وثلاث دورات في أساليب التنمية الإدارية، وأمضى دورتين لاستزراع وتحسين الأراضي، وسبعة أشهر في الولايات المتحدة الأمريكية لدراسات الخدمات التي تؤديها الحكومة والجمعيات التعاونية الزراعية للمزارعين، هذا إلى أنه كان نائباً لرئيس البعثة الزراعية التي أوفدتها رئاسة الجمهورية لتنظيم قطاع الزراعة والتعاون بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لمدة عامين ممثلاً عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالبعثة ومن ثم فإن اشتراطات شغل وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي تكون قد توافرت في حق المطعون على تعيينه، ويكون القرار الصادر بتعيينه فيها صحيحاً من حيث الواقع والقانون، ولا تثريب على جهة الإدارة أن اختارت وسيلة التعيين رأساً من الخارج لشغل هذه الوظيفة على النحو السالف بيانه دون اللجوء إلى شغلها بطريق الترقية من بين العاملين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي طالما كان الثابت من الأوراق أن قرارها في هذا الشأن في حدود الرخصة المخولة لها قانوناً ولم يقم دليل على الانحراف بالسلطة. وإذ ذهب الحكم المطعون مذهباً مغايراً، وقضى بإلغاء القرار المطعون عليه، فإنه يكون قد جانب الصواب، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه، وبرفض دعوى المدعي، وإلزامه المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة أولاً: بعدم قبول الطعن رقم 1109 لسنة 34 ق، وألزمت رافعه المصروفات.
ثانياً: بقبول الطعنين رقمي 1171، 1377 لسنة 34 ق شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق