جلسة 10 من يناير سنة 1965
برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.
--------------
(42)
القضية رقم 1556 لسنة 7 القضائية
(أ) اختصاص - إدارة قضايا الحكومة
- قضاء إداري - القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة - نص المادة 25 منه على اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها - يعد من القوانين المتعلقة بالاختصاص - تعديله لاختصاص مجلس الدولة - بهيئة قضاء إداري في هذا المجال - القانون هو الأداة التي أنشأت مجلس الدولة وحددت اختصاصه وهو الأداة التي قد توسع من هذا الاختصاص أو تضيقه.
(ب) مرافعات - اختصاص - قضاء إداري
- صدور قانون جديد بإلغاء ولاية القضاء الإداري في نوع من المنازعات - سريانه على المنازعات التي لم يفصل فيها ما دام لم يقفل فيها باب المرافعة قبل العمل به - أساس ذلك من قانون المرافعات.
(جـ) إدارة قضايا الحكومة - قضاء إداري
- نص المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 على اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها - سريانه بأثر حال على الدعاوى التي لم يفصل فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون ولم يقفل باب المرافعة فيها قبل هذا التاريخ.
إجراءات الطعن
في أول أغسطس سنة 1961 أودع السيد محمد البدراوي محمد أحمد زكي المحامي بإدارة قضايا الحكومة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 15 من يونيو سنة 1961 في الدعوى رقم 550 لسنة 12 القضائية المقامة منه ضد وزارة العدل القاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وطلب للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار الوزاري الصادر من السيد وزير العدل رقم 60 لسنة 1957 بتاريخ 3/ 9/ 1957 فيما تضمنه من عدم تحديد أقدميته بين أغلبية زملائه من خريجي سنة 1949. على أن يكون تالياً للسيد الأستاذ محمد علي البدري مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المدعى عليها بالمصاريف عن الدرجتين - وقد أعلن الطعن إلى وزير العدل في 12 من أغسطس سنة 1961 وإلى إدارة قضايا الحكومة في 13 من أغسطس سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11 من يناير سنة 1964 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 6/ 12/ 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر من وزير العدل رقم 60 لسنة 1957 بتاريخ 3 سبتمبر سنة 1957 فيما تضمنه من عدم تحديد أقدمية المدعي بين أغلبية زملائه بإدارة قضايا الحكومة من خريجي سنة 1949 تالياً السيد الأستاذ محمد علي البدري مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات وأتعاب المحاماة. وقال في بيان الدعوى إنه حصل على إجازة الحقوق في يونيو سنة 1949 وقيد بجدول المحامين العام في أغسطس من ذلك العام ثم قيد محامياً أمام المحاكم الابتدائية في مارس سنة 1953 ثم تقرر قيده كمحام أمام الاستئناف في إبريل سنة 1956 وكان قد التحق كمحام بقسم قضايا مديرية التحرير في يوليو سنة 1955 وظل كذلك حتى 3 من سبتمبر سنة 1957 حيث عين محامياً بإدارة قضايا الحكومة وحدد مكان عمله بالمنصورة ولكن لم يرد في قرار التعيين تحديد لأقدميته كما يقضي بذلك القانون ولذلك فهو يطلب تطبيق المادة 22 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 الخاص باستقلال القضاء وتحديد أقدميته من زملائه من خريجي دفعة سنة 1949. وردت وزارة العدل على الدعوى بأن المدعي لم يكن محامياً عند تعيينه بإدارة القضايا وإنما كان موظفاً فنياً بمديرية التحرير وهو بهذه المثابة لا يمكنه الاحتجاج بالحكم الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 22 من القانون رقم 188 لسنة 1952. ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي عند تعيينه بإدارة قضايا الحكومة كان موظفاً عاماً وليس محامياً إذ أن موظفو مؤسسة مديرية التحرير إنما هم موظفين عموميين. وبجلسة 15 من يونيو سنة 1961 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المقصود بأغلبية الزملاء هم أمثالهم من المحامين الذين سبق تعيينهم في الكادر القضائي وضابط تحديد الزمالة لا يكفي أن يكون الدفعة وحدها إنما هو تاريخ القيد بالجدول العام للمحامين لأنه هو التاريخ الذي تتحدد به هذه الزمالة وتبدأ به.
قدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه قد صدر القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة ونص في المادة 25 منه على أن لجنة التأديب والتظلمات، تختص بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بأعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها مما يدخل أصلاً في اختصاص القضاء، ولما كان هذا القانون من قوانين الاختصاص فإنه يسري على الدعاوى المنظورة، وبالتالي فلا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر هذه الدعوى ويتعين الحكم بعدم الاختصاص.
ومن حيث إنه قد استبان لهذه المحكمة أنه قد صدر في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة القانون رقم 75 لسنة 1963 والعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 12 من أغسطس سنة 1963 وقد استحدث هذا القانون أوضاعاً جديدة في شأن الاختصاص بتأديب أعضاء الإدارة والنظر في قضايا الإلغاء أو التعويض المتعلقة بشئونهم تجعل هذا وذلك من أحد عشر عضواً هم أعضاء المجلس الأعلى بإدارة قضايا الحكومة منضماً إليهم ستة من المستشارين حسب ترتيب أقدميتهم والنظام مستمد في جوهره فيما هو متبع في مجلس الدولة ويجري نص المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 بما يأتي:
"تشكيل لجنة التأديب والتظلمات من أعضاء المجلس الأعلى منضماً إليه ستة من المستشارين بحسب ترتيبهم في الأقدمية.
وتختص هذه اللجنة بتأديب أعضاء الإدارة وبالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم وفي طلبات التعويض المترتبة عليها مما يدخل أصلاً في اختصاص القضاء وتفصل اللجنة فيما ذكر بعد سماع أقوال العضو والاطلاع على ما يبديه من ملاحظات وتصدر قرارها بالأغلبية المطلقة إلا في حالة التأديب فتصدر قراراتها بأغلبية ثلثي أعضائها ويكون قرار اللجنة في جميع ما تقدم نهائياً ولا يقبل الطعن بأي وجه من الوجوه أمام أية جهة".
ومن حيث إن القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة فيما تضمنه من النص في المادة 25 منه على اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها. وهو في حقيقته قانون متعلق بالاختصاص بالنسبة إلى الحكم الوارد في المادة آنفة الذكر. لأنه يتضمن تقرير حكم معدل للاختصاص مستخدماً لذلك عبارة واضحة معبرة عن المعنى المقصود فهو بذلك قد عدل من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بإلغاء ولايته في نظر الدعاوى المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية الخاصة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وبطلبات التعويض المترتبة عليها ومن المعلوم أن هذا الاختصاص يحدده القانون سواء بالزيادة أو بالنقصان. فالقانون هو الأداة التي أنشأته كهيئة وحددت اختصاصه، وهو الأداة التي قد تقيد تنظيمه وتوسع من اختصاصه أو تضيقه.
ومن حيث إن المادة الأولى من قانون المرافعات قد رددت في صدرها أصلاً مسلماً وهو أن نصوص قوانين المرافعات الجديدة تسري بأثر حال على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به ثم أخرجت تلك المادة من هذا النطاق الاستثناءات التي نصت عليها في فقراتها الثلاث بالقيود والشروط التي ذكرتها للمحكمة التشريعية التي كشفت عنها المذكرة الإيضاحية من ذلك ما أشارت إليه الفقرة الأولى من أن القوانين المعدلة للاختصاص لا تسري بأثرها الفوري متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى المنظورة.. وترتيباً على ما تقدم إذا جاء القانون الجديد ملغياً ولاية القضاء الإدارية في نوع من المنازعات فإنه يسري على المنازعات التي لم يفصل فيها مادام لم يقفل فيها باب المرافعة قبل العمل به لأن هذه الحالة تخضع صراحة لحكم الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون المرافعات.
ومن حيث إن القانون رقم 75 لسنة 1963 لم يتضمن حكماً خاصاً لا صراحة ولا ضمناً يتخصص به أثر سريانه على الدعوى التي لم يفصل فيها بعد وعندئذ كان يجب النزول على هذا الحكم كما لو نقل الاختصاص بالنسبة إلى دعاوى معينة من جهة إلى أخرى ولكن قضى في الوقت ذاته أن تستمر الجهة الأولى في نظر الدعاوى التي كانت منظورة لديها حتى يتم الفصل فيها فيتخصص الحكم المعدل للاختصاص والحالة هذه بالدعاوى الجديدة التي ترفع أمام الجهة الأخيرة بعد نفاذ القانون الجديد وكما لو استحدث القانون الجديد تنظيماً جديداً للقرارات الإدارية يكفل لذوي الشأن بمقتضاه ضمانات معينة أمام السلطات الإدارية وكان ظاهر أن قصد المشرع هو ألا يسري إلغاء هذا التعقيب إلا بالنسبة لما يصدر من قرارات في ظل التنظيم الجديد فعندئذ يسري القانون الجديد المعدل للاختصاص بالنسبة للقرارات الجديدة دون القرارات السابقة على نفاذه ما دام الشارع قد خصص آثر القانون على هذا النحو وغني عن البيان أن التخصيص على الوجه المتقدم لم يرد إطلاقاً في صلب القانون رقم 75 لسنة 1963 حسبما تبين ذلك بوضوح من نصوصه.
ومن حيث إنه لا وجه لقياس الحكم الوارد في المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 على فكرة عدم قابلية قرارات تعيين رجال القضاء والنيابة للطعن فيها تطبيقاً لنص المادة 90 من القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية وما يستتبع ذلك من عدم سريان هذا الحكم الموضوعي على القرارات السابقة على تاريخ العمل بالقانون المذكور لأن قياس حكم المادة 25 على تلك الفكرة قياس مع الفارق، ذلك أن إغفال تحديد أقدمية المدعي عند تعيينه محامياً بإدارة قضايا الحكومة هو قرار قابل بطبيعته للطعن بالإلغاء سواء قبل العمل بالقانون رقم 75 لسنة 1963 أو بعد ذلك التاريخ وغاية الأمر أن الاختصاص بنظر هذه المنازعة قد نقل من ولاية القضاء الإداري إلى اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بإدارة القضايا - تمكيناً لهذه الإدارة من الاستقلال بشئون رجالها ولا جدال في أن هذه اللجنة هي هيئة لها اختصاص قضائي بل لقد شكلت بموجب القانون رقم 75 لسنة 1963 تشكيلاً يتماثل في جوهره مع تأليف لجنة التأديب والتظلمات بمجلس الدولة ولم يقل أحد أن لجنة التظلمات بمجلس الدولة لم تحل محل محكمة القضاء الإداري فيما وكل إليها من اختصاصات أو أن القانون رقم 165 لسنة 1955 المنشئ لاختصاصها لم يكن قانوناً معدلاً لاختصاص القضاء الإداري بالنسبة لما أفرغ عليها من اختصاص قضائي وإذن فلجنة التأديب والتظلمات بإدارة القضايا هي هيئة لها ولاية قضائية والقانون المرتب لاختصاصها بالنسبة إلى رجال إدارة القضايا هو بلا مراء قانون معدل لاختصاص القضاء الإداري وليس كمثله ذلك القانون رقم 73 لسنة 1957 الذي استحدث تنظيماً جديداً للتظلم من بعض القرارات كفل لذوي الشأن بمقتضاه ضمانات أمام السلطات الإدارية استغنى بها عن تعقيب القضاء الإداري لأن القرارات التي تصدر في تلكم التظلمات إنها تصدر من سلطات إدارية بحتة ليس لها نصيب من الولاية القضائية ومن ثم كان متساوياً مع هذا الاعتبار، أن ينص شارع القانون رقم 73 لسنة 1957 على ألا يسري إلغاء هذا التعقيب القضائي على القرارات السابقة على العمل لهذا القانون وهو نص غير قائم على كل حال في القانون رقم 75 لسنة 1963 بسبب تباين الأساس التشريعي الذي يقوم عليه كل من هذين القانونين.
ومن حيث إنه قد تبين على هدي ما تقدم أن نص المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 وهو نص معدل لاختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وملغى لولايته في نظر الدعاوى المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية الخاصة لشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها يسري على الدعوى الحالية التي لم يفصل فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون، ولم يقفل فيها باب المرافعة قبل هذا التاريخ أيضاً ولا عبرة إطلاقاً بكون هذه الدعوة الحالية مقامة قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 75 لسنة 1963 وما دام هذا القانون المعدل للاختصاص يسري عليها بأثره الحال حسبما سلف الإيضاح.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى مع إلزام الحكومة بمصروفاتها ما دام هذا المنع قد شرع بعد رفعها بموجب قانون جديد معدل للاختصاص وكان واجباً رفع الدعوى الحالية أمام القضاء الإداري قبل العمل بالقانون رقم 75 لسنة 1963.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وألزمت الحكومة بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق