جلسة 25 من أكتوبر سنة 1986
برئاسة السيد الأستاذ
المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد
المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وحسن حسنين علي وعادل محمود فرغلي - المستشارين.
--------------
(5)
الطعن رقم 1298 لسنة 28
القضائية
أموال الدولة العامة
والخاصة - إزالة التعدي عليها بالطريق الإداري. القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل
المادة (970) من القانون المدني.
ثبوت ملكية الدولة للأرض
المتنازع عليها بسند له أصل ثابت بالأوراق ينسخ الادعاء بملكيتها في سنوات سابقة
على هذا السند - أثر ذلك - إزالة التعدي على الأرض المملوكة للدولة بالطريق
الإداري - لا ينال من ذلك وجود منازعة منظورة أمام القضاء - أساس ذلك: أنه يبين من
المذكرة الإيضاحية للقانون أن المشرع عندما نص على عدم جواز تملك الأموال الخاصة
المملوكة للدولة بالتقادم افترض قيام النزاع بين الأفراد الحائزين للمال وجهات
الإدارة المالكة وقد يعمل هؤلاء الأفراد إلى اصطناع الأدلة لتأييد وضع يدهم وإطالة
المنازعات لاستمرار الحيازة - أثر ذلك: إعفاء جهات الإدارة من الالتجاء إلى القضاء
للمطالبة بحقها الثابت بمستندات وأدلة جدية وإلقاء عبء المطالبة على الحائزين من
الأفراد - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 20
من يونيه سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة - نائبة عن محافظ القاهرة - قلم كتاب
المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1298 لسنة 28 ق عليا في الحكم
الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" في
الدعوى رقم 2070 لسنة 33 ق بجلسة 20/ 4/ 1987 والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه
وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات. وطلب الطاعن قبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم
المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة
تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء
الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص
الطعون بجلسة 17/ 3/ 1986 التي نظرته على الوجه المبين بمحاضرها حتى قررت بجلسة 7/
7/ 1986 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد
والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات" لنظره بجلسة 11/ 10/ 1986 وبهذه
الجلسة نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بالمحضر وقررت إصدار حكمها فيه بجلسة
اليوم، وفيها صدر الحكم الآتي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر
المنازعة تخلص في أن المطعون ضده أقام دعواه رقم 2070 لسنة 33 ق بعريضة أودعت قلم
كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 15/ 9/ 1979 طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف
تنفيذ قرار محافظ القاهرة بالاستيلاء على قطعة الأرض رقم 4 بحوض داير الناحية رقم
8 بالبساتين بالمعادي المملوكة له وطرده منها وفي الموضوع بإلغاء القرار وما يترتب
على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات.
وبجلسة 20/ 4/ 1982 حكمت
المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن
المدعي يستند في ملكيته للأرض محل النزاع إلى عقد بيع مسجل برقم 3511 لسنة 1920
اشترى بمقتضاه مورثه عباس عبد الخالق الطحاوي قطعة الأرض المذكورة من والده عبد
الخالق الطحاوي، كما يستند إلى أنه هو ومورثه يضعان اليد على الأرض منذ سنة 1920
ويحوزانها حيازة هادئة مستقرة، في حين تستند الحكومة في ملكيتها للأرض إلى محضر
مرسى المزاد مشهر برقم 3056 لسنة 1944 يفيد أيلولة ملكية الأرض إليها عن المدعو
عبد الخالق الطحاوي. وبالرغم من أن المدعي لجأ إلى القضاء المدني فأقام الدعوى رقم
5062 لسنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة ضد المدعى عليه طالباً منع تعرضه له في
حيازته للأرض، والدعوى رقم 6782 لسنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة طالباً الحكم
ببطلان تسجيل محضر مرسى المزاد المشهر برقم 3056 لسنة 1944 - إلا أن جهة الإدارة
لم تنتظر حكم القضاء المدني في الدعويين المذكورتين، وبادرت بإصدار قرارها المطعون
فيه على الرغم من المستندات التي قدمها المدعي لإثبات ملكيته للأرض ووضع يده
عليها، وذلك استناداً إلى حكم المادة 970 مدني التي تجيز لجهة الإدارة إزالة
التعدي على أموال الدولة الخاصة بالطريق الإداري. وأردفت المحكمة أن الاستناد إلى
حكم هذه المادة يفترض أن هناك عدواناً ظاهراً وعلى غير أساس على أرض مملوكة للدولة
ملكية خاصة، أما إذا كان هناك خلاف جدي بين الإدارة والأفراد حول ملكية الأرض، أو
كان وضع يد الفرد على الأرض مقروناً بسند له أصل يبرره كما هو الحال في الدعوى
الماثلة - فلا يجوز للإدارة أن تلجأ إلى استعمال سلطتها العامة لتنتزع ما تدعيه
حقاً لها بل يتعين عليها أن تحتكم إلى السلطة القضائية لحسم النزاع الذي يثور
بينها وبين خصمها من الأفراد.
ومن حيث إن مبنى الطعن في
الحكم أن ملكية الدولة للأرض موضوع النزاع ثابتة بيقين من المستندات التي قدمتها
في الدعوى ومن بينها محضر مرسى المزاد المسجل برقم 3056 لسنة 1944 الذي آلت بموجبه
إليها ملكية الأرض، ومن ثم فلا مجال للجدل حول ملكية الدولة لأرض النزاع، ولا ما
يلزمها بانتظار حكم القضاء في الدعوى التي أقامها المطعون ضده ببطلان تسجيل مرسى
المزاد، وأن سند ملكيتها يظل صحيحاً ومنتجاً آثاره إلى أن يقضى في شأنه بالبطلان
سيما وأن سند ملكية الدولة للأرض مشهر في تاريخ لاحق على سند المطعون ضده، ومن ثم
يلغي كافة الوثائق السابقة عليه ويطهر العين من كافة الحقوق العينية المتعلقة به
قبل شهر محضر مرسى المزاد. ومتى كان ذلك فإن القرار المطعون فيه يغدو مطابقاً
لأحكام القانون ولا مطعن عليه.
ومن حيث إن الثابت من
مستندات الدعوى أنه بتاريخ 26 من يوليو سنة 1939 عقد مجلس مزايدة لبيع قطعة أرض مساحتها
90 س 19 ط 1 ف وهي القطعة رقم 4 بحوض داير الناحية رقم 8 بالبساتين والموقع عليها
حجز بمعرفة الحكومة بتاريخ 23/ 12/ 36 نظير مطلوباتها على هذه الأرض، والمكلفة
باسم ورثة عبد الخالق الطحاوي. وقد رسا المزاد على الحكومة وتم شهر محضر رسو
المزاد برقم 3056 لسنة 1944، ومن ثم يكون البيع قد تم للحكومة وانتقلت ملكية الأرض
لها منذ تسجيل محضر رسو المزاد سنة 1944. ومتى ثبت ذلك فلا وجه لاحتجاج المطعون
ضده بعقد شراء مورثه للأرض من والده عبد الخالق الطحاوي المسجل برقم 3511 لسنة
1920 وأيلولة الأرض المشتراة إليه بالميراث، لأن واقعة تملك الدولة للأرض تالية
على تاريخ ذلك العقد ومنهية لآثاره. كما لا وجه أيضاً للمحاجة بوضع اليد على الأرض
منذ شرائها عام 1920، ذلك أن مدة وضع اليد المكسب لملكية العقار بالتقادم ومقدارها
خمس عشرة سنة من تاريخ انتقال ملكية الأرض للدولة سنة 1944 لم تكتمل للمطعون ضده
إذ صدر القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل حكم المادة 970 من القانون المدني ونص
على عدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة بالتقادم.
ومن حيث إنه متى استبان
أن ملكية الدولة للأرض تستند إلى سند جدي له أصل ثابت بالأوراق ينسخ قانوناً ما
يستند إليه المطعون ضده من سنوات في ادعائه ملكية هذه الأرض، فإن للإدارة ممارسة
سلطتها المخولة لها في المادة 970 من القانون المدني في إزالة التعدي الواقع على
الأموال المملوكة لها ملكية خاصة بالطريق الإداري. ولا ينال من سلطتها في هذا
الشأن أن ينازع واضع اليد على الأرض في ملكية الدولة الثابتة أو يدعي بحقوق له
عليها ولو أقام بهذه الادعاءات دعاوى أمام القضاء - كما هو الحال في الدعوى
الماثلة - ذلك أن المشرع عندما سن حكم المادة 970 من القانون المدني - حسبما يبين
من المذكرة الإيضاحية للقانون - افترض قيام النزاع بين الأفراد الحائزين للمال
وجهات الإدارة المالكة، وقد يعمد هؤلاء الأفراد إلى اصطناع الأدلة لتأييد وضع يدهم
وإطالة المنازعات لاستمرار الحيازة، فعمد إلى إعفاء جهات الإدارة من الالتجاء إلى
القضاء للمطالبة بحقها الثابت بمستندات وأدلة جديدة وخولها حمايته بالطريق الإداري،
وألقى عبء المطالبة على الحائزين من الأفراد. وبناء عليه فلا صحة فيما ذهب إليه
الحكم المطعون فيه من أنه كان يتعين على محافظة القاهرة - الطاعنة - أن تنتظر حكم
القضاء في الدعوى رقم 6782 لسنة 1979 سالفة الذكر التي أقامها المطعون ضده طالباً
الحكم ببطلان تسجيل محضر رسو المزاد. ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون
فيه، وبرفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن
شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق