الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 4 ديسمبر 2021

الطعن 7706 لسنة 78 ق جلسة 5 / 1 / 2017 مكتب فني 68 ق 2 ص 23

جلسة 5 من يناير سنة 2017 
برئاسة السيد القاضي / عادل الشوربجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد مصطفى ، نبيل الكشكي ومحمد أباظة نواب رئيس المحكمة وأحمد مدحت نبيه .
--------------

(2)

الطعن رقم 7706 لسنة 78 القضائية

(1) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟

تناقض أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .

عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت . حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه واطراح ما عداه . لها الأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون بيان العلة .  

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(2) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

العبرة في المحاكمات الجنائية . باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه . مطالبته بالأخذ بدليل معين . غير جائز . حد ذلك ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.

(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

للمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .

(4) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي .   

اطمئنان المحكمة للتقريرين الطبيين واستنادها إليهما . مجادلتها في ذلك . غير جائز أمام محكمة النقض .

(5) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .

الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه . ماهيته ؟

مثال .

(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

   نعي الطاعن ببطلان إقراره واستجوابه بمحضر الضبط . غير مقبول . ما دام الحكم لم يعول عليهما في قضائه .    

(7) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

اطمئنان المحكمة إلى أن ما تم ضبطه هو الذي صار فحصه وللنتيجة التي انتهى إليها الفحص . أثره ؟

(8) تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . هتك عرض . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .

        تقدير توافر حالة التلبس . لرجل الضبط تحت رقابة محكمة الموضوع . حد ذلك ؟

       التلبس . صفة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها . مشاهدة منَّي على بنطال المجني عليها . يُنبئ عن ارتكاب جريمة هتك العرض ويبيح لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم . الدفع ببطلان القبض . غير مقبول . أساس ذلك ؟

 (9) إثبات " خبرة " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

تطابق أقوال الشاهد ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .

عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها استقلالاً . استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لمَّا كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يُخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنُزله المنزلة التي تراها وتُقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وأنها متى أخذت بأقوال شهود الإثبات ، فإن ذلك يفيد اطراحها كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان التناقض في أقوال شهود الإثبات أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكان من المُقرر أيضاً أن المحكمة ليست مُلزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون بيان العلة من ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها ، فإن ما يثيره الطاعن بصدد أقوال المجني عليها والشهود يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.

2- لمَّا كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو ببراءته ، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين ، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيّده القانون بدليل مُعين ينص عليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن عن عدم وجود شاهد رؤية حال وقوع الفعل منه لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط مُعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته والخوض فيه أمام محكمة النقض .

3- لمَّا كان للمحكمة أن تعوَّل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة مُعززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .

4- من المُقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، فلها مُطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منه والالتفات عما عداه ولا تُقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استندت في قضائها على التقريرين الطبيين الشرعيين واطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بهما ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض .

5- من المقُرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يُصر عليه مُقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان البيِّن من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب لدى مرافعته بجلسة .... سماع أقوال الطبيبة / .... إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا في الجلسة اللاحقة واقتصر في ختام مرافعته على طلب البراءة ، ولما كان الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .

6- لمَّا كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في قضائه بإدانة الطاعن على أي من إقراره بمحضر ضبط الواقعة أو استجوابه بمعرفة مُحرره ولم يُشر إليهما في مدوناته ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على الدفع ببطلانهما ، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ ويغدو ما يثيره في صدد ما تقدم غير سديد .

7- لمَّا كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاء صلة الطاعن بالبنطال المضبوط والذي تم فحصه واطرحه برد سائغ وكاف ، وكان من المستقر عليه أنه متى كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أن ما تم ضبطه هو الذي أُرسل إلى الفحص وصار فحصه واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها الفحص - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناءً على ذلك ، ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد .

8- لمَّا كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس - على خلاف ما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - واطرحه في منطق سائغ متفق وصحيح القانون مدُللاً على توافر تلك الحالة ، وكان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعُروضة عليها - بغير مُعقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المُقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها ، كما أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وإذ كان ما رتبه الحكم - على الاعتبارات السائغة التي أوردها - من إجازة القبض على الطاعن لضبطه مُتلبساً بجناية هتك عرض إنسان بالقوة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة ومشاهدة آثارها - وجود منّي على بنطال المجني عليها - بما ينبئ عن ارتكاب تلك الجريمة ويبيح لمأمور الضبط القضائي القبض عليه إعمالاً للمادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.

9- من المُقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، ولمّا كانت أقوال المجني عليها كما أوردها الحكم لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله من التقريرين الفنيين ، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن في هذا الشأن ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد عليه ، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها استقلالاً طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : هتك عرض المجني عليها / .... بالقوة بأن غافلها حال وقوفهما بالطريق العام ولامس قضيبه بمؤخرتها كرهاً عنها وأمنى على بنطالها من الخلف على النحو المبين بالتحقيقات .

ــــ فعل فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء في علانية بأن أخرج قضيبه بالطريق العام وعلى النحو المُبين بالأوراق .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بـأمر الإحالة .

وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 268/1، 278 من قانون العقوبات ، مع إعمال حكم المادتين 17 ، 32 من ذات القانون ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أُسند إليه وفى الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي هتك العرض بالقوة والفعل الفاضح العلني ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه عوَّل في الإدانة على أقوال المجني عليها وباقي شهود الواقعة ومحرر محضر الضبط رغم تناقض أقوال كل منهم مع نفسه ومع الآخرين في شتى مراحل الدعوى ، وعدم معقولية تصويرهم للواقعة ، وانتفاء الباعث ، واستحالة حدوثها وفق ذلك التصوير ، وعدم وجود شاهد رؤية ، وعلى تحريات الشرطة رغم عدم جديتها ، كما عوَّل على تقريري الطب الشرعي رغم ما بهما من أخطاء فنية مُطرحاً دفعه ببطلانهما بما لا يسوغ ، ودون أن تجبه إلى طلبه سماع الطبيبة الاستشارية / .... ، واطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان إقراره واستجوابه بمحضر الضبط ، وانتفاء صلته بالبنطال المضبوط والذي أجرى عليه الفحص ، والتفت الحكم عن الدفع ببطلان القبض الحاصل عليه لانتفاء حالة التلبس ، وتناقض الدليلين القولي والفني ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لمَّا كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يُخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنُزله المنزلة التي تراها وتُقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وأنها متى أخذت بأقوال شهود الإثبات ، فإن ذلك يفيد اطراحها كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان التناقض في أقوال شهود الإثبات أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكان من المُقرر أيضاً أن المحكمة ليست مُلزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون بيان العلة من ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها ، فإن ما يثيره الطاعن بصدد أقوال المجني عليها والشهود يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو ببراءته ، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين ، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيّده القانون بدليل مُعين ينص عليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن عن عدم وجود شاهد رؤية حال وقوع الفعل منه لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط مُعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته والخوض فيه أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعوَّل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة مُعززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، فلها مُطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منه والالتفات عما عداه ولا تُقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير، وإذ كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استندت في قضائها على التقريرين الطبيين الشرعيين واطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بهما ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقُرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يُصر عليه مُقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان البيِّن من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب لدى مرافعته بجلسة .... سماع أقوال الطبيبة / .... إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا في الجلسة اللاحقة واقتصر في ختام مرافعته على طلب البراءة ، ولما كان الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في قضائه بإدانة الطاعن على أي من إقراره بمحضر ضبط الواقعة أو استجوابه بمعرفة مُحرره ولم يُشر إليهما في مدوناته ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على الدفع ببطلانهما ، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ ويغدو ما يثيره في صدد ما تقدم غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاء صلة الطاعن بالبنطال المضبوط والذي تم فحصه واطرحه برد سائغ وكاف ، وكان من المستقر عليه أنه متى كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أن ما تم ضبطه هو الذي أُرسل إلى الفحص وصار فحصه واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها الفحص - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناءً على ذلك ، ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس - على خلاف ما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - واطرحه في منطق سائغ متفق وصحيح القانون مدُللاً على توافر تلك الحالة ، وكان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعُروضة عليها - بغير مُعقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المُقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها ، كما أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وإذ كان ما رتبه الحكم - على الاعتبارات السائغة التي أوردها - من إجازة القبض على الطاعن لضبطه مُتلبساً بجناية هتك عرض إنسان بالقوة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة ومشاهدة آثارها - وجود منّي على بنطال المجني عليها - بما ينبئ عن ارتكاب تلك الجريمة ويبيح لمأمور الضبط القضائي القبض عليه إعمالاً للمادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً . لمَّا كان ذلك ، وكان من المُقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، ولمّا كانت أقوال المجني عليها كما أوردها الحكم لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله من التقريرين الفنيين ، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن في هذا الشأن ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد عليه ، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها استقلالاً طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له . لمَّا كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مُتعيناً رفضه موضوعاً .     

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق