جلسة 10 من ديسمبر سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ د. سعيد فهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ بدوي إدريس، كمال عبد الله، محمد السيد محمد ومراد أبو موسى نواب
رئيس المحكمة.
--------------
(172)
الطعن رقم 4176 لسنة 74 القضائية
(1 ، 2) نزع الملكية "نزع ملكية
العقارات للمنفعة العامة: إجراءاته، قرار نزع الملكية: المركز القانوني لمالك
العقار المنزوع ملكيته، التعويض عن نزع الملكية: تقدير التعويض عن نزع الملكية".
(1) عرض كشوف نزع الملكية متضمنة جزء متبقي
للمالك لم يمتد إليه المشروع ويتعذر الانتفاع به. أثره. للمالك الحق في التقدم في
الميعاد للجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية بطلب بيع كامل العقار للجهة طالبة نزع
الملكية استنادا إلى تعذر الانتفاع بالجزء الباقي من العقار. التزام الأخيرة بشراء
العقار بالكامل بإجراءات جديدة فيما عدا قرار تقرير المنفعة العامة السابق صدوره
على الجزء المطلوب نزع ملكيته. م 21 ق 10 لسنة 1990. تقرير ذلك لمصلحة المالك.
مؤداه.(2) إجراءات نزع الملكية. اختلافها عن العقود
القائمة على تلاقي الإرادات وتبادل الالتزامات التي لا تتسع لغير نقل الحق وفي
حدود ما للبائع من حقوق. علة ذلك. اختصاص الجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية
بتقدير التعويض وتحصيله من الجهة طالبة نزع الملكية دون مفاوضات واتخاذ الإجراءات
وإعداد الكشوف التي بياناتها حجة بما يرد فيها. ملكية العقار المنزوع ملكيته وما
عليه من حقوق لا شأن للجهة طالبة نزع الملكية به. مؤداه. امتناعها عن مخالفة تلك
الإجراءات أو الإعراض عنها بالمساومة على مقدار التعويض أو التصالح عليه أو
انفرادها بسداده للمنزوع ملكيته اختصارا للإجراءات. المواد 1، 6، 7، 9، 11، 13، 22
ق 10 لسنة 1990. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر، مخالفة للقانون وخطأ.
(3) فوائد "استحقاق الفوائد: بدء
سريانها".
طلب التعويض عن نزع الملكية. عدم اعتباره محدد المقدار وقت طلبه. علة
ذلك. م 226 ق مدني. تضمن طلبات الطاعنين الفوائد القانونية عن مبلغ التعويض عن نزع
الملكية من تاريخ الحكم النهائي بتقريره وحتى تمام السداد. رفض الحكم المطعون فيه
هذا الطلب. مخالفة وخطأ.
---------------
1 - إن النص في المادة 21 من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية
العقارات للمنفعة العامة يدل على أنه يترتب على عرض كشوف نزع الملكية متضمنة جزء
العقار الذي يبقى للمالك لعدم امتداد المشروع إليه، أن يثبت للمالك الحق في تقديم
طلب للجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية يتضمن الموافقة على بيع كامل العقار للجهة
طالبة نزع الملكية استنادا إلى أن الجزء الباقي من العقار والذي لم تشمله إجراءات
نزع الملكية يتعذر الانتفاع به، وحينئذ تلتزم الجهة بشراء العقار بأكمله، ويتم
تقدير ثمنه بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة السادسة من القانون المذكور،
وتتبع ذات الإجراءات من حصر وعرض للكشوف وتقدير الثمن، فيما عدا القرار الذي يصدر
بتقرير المنفعة العامة لسبق صدوره متعلقا بالجزء المطلوب نزع ملكيته، وطلب بيع
العقار بأكمله مقرر لمصلحة المالك دون الجهة طالبة نزع الملكية، فإن لم يطلب ذلك
بقى الجزء الباقي على ملكه ومتى تقدم المالك بطلبه في الميعاد، وتم تقدير الثمن،
التزمت الجهة طالبة نزع الملكية بالوفاء به للمالك، أو إيداعه خزانة الجهة القائمة
بإجراءات نزع الملكية، كما يجوز للجهة طالبة نزع الملكية وللمالك الطعن في قرار
اللجنة بتقدير ثمن العقار، ولكن ليس لتلك الجهة الاعتراض على الشراء، إذ تلتزم به
قانونا، ولو كان فيه غرم عليها لأن الغرم بالغنم، فإذا تقدم المالك بطلبه في
الميعاد ولكن شاب الإجراءات عيب، جاز للمالك أن يلجأ مباشرة إلى المحكمة لتقدير
التعويض المستحق عن هذا العقار بأكمله حتى ولو كانت الإجراءات السابقة والمتعلقة
بالجزء الذي صدر قرار نزع الملكية في شأنه قد تمت صحيحة، إذ يترتب على الطلب بدء
إجراءات جديدة كما لو كان العقار بأكمله تقرر نزع ملكيته.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن نصوص
المواد 1، 6، 7، 9، 11، 13، 23 من القانون سالف البيان (القانون رقم 10 لسنة 1990
بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة) مجتمعة تدل دلالة قاطعة على أن شاغل
المشرع الوحيد هو توفير الطريق العادل لإخراج العقارات اللازمة للنفع العام من
دائرة الملكية الخاصة، ولا صلة بين إجراءات نزع الملكية وفكرة العقود القائمة على
الرضا وتلاقي الإرادات وتبادل الالتزامات التي لا تتسع لغير نقل الحق وفي حدود ما
للبائع من حقوق، لأن الأمر في شأن نزع الملكية أقرب إلى إنشاء علاقة مستقلة بين
الإدارة والمال المخصص للنفع العام، ومن هنا حرص المشرع على أن يباعد بين الجهة
طالبة نزع الملكية وأصحاب الحقوق، فلا مفاوضات أو مساومات أو تصالح، وإنما أوكل
مهمة إنجاز الإجراءات إلى جهة ثالثة أسماها الجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية،
هي التي تقدر التعويض، وهي التي تحصله من الجهة طالبة نزع الملكية، وهي التي تتخذ
الإجراءات، وتعد الكشوف وبياناتها حجة بما يرد فيها، ولا شأن للجهة طالبة نزع
الملكية بما قد يثار حول ملكية العقار المنزوع ملكيته أو ما عليه من حقوق، ومن ثم
يمتنع عليها مخالفة تلك الإجراءات أو الإعراض عنها بأن تساوم على مقدار التعويض،
أو تتصالح عليه استقلالا اختصارا للإجراءات، أو تنفرد بسداده إلى المنزوع ملكيته.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر حين قضى بتأييد الحكم
المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الطاعن الثاني إلزام المطعون ضده بأن يؤدي إليه
التعويض ومقابل عدم الانتفاع المستحق عن الجزء المتبقي من قطعة الأرض المستولى عليها،
ولم يشمله قرار الاستيلاء الصادر من رئيس مجلس الوزراء رقم... لسنة 1993، على سند
من أنه باع هذا الجزء إلى المطعون ضده، وأن عقد البيع هو الذي يحكم العلاقة بينهما
في شأنه دون الإجراءات المنصوص عليها في المادة 21 من القانون رقم 10 لسنة 1990 -
آنفة البيان - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن طلب
التعويض المستحق عن نزع الملكية لا يعتبر معلوم المقدار وقت الطلب بالمعنى المقصود
في المادة 226 من القانون المدني، إذ إن المقصود في حكم هذه المادة أن يكون محل
الالتزام معلوم المقدار، وأن يكون تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة لا يكون معها
للقضاء سلطة في التقدير، ولما كان ما يستحقه المالك مقابل نزع ملكيته للمنفعة
العامة يعتبر تعويضا له عن حرمانه من ملكيته جبرا عنه للمنفعة العامة، وهو ما يكون
للقاضي سلطة واسعة في تقديره، فلا يكون معلوم المقدار وقت طلبه مهما كان تحديد
المالك له في صحيفة دعواه، ولا يصدق عليه هذا الوصف إلا بصدور الحكم النهائي في
الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت أن طلبات الطاعنين الختامية في الدعوى قد تضمنت
طلب الحكم بهذه الفوائد القانونية (عن مبلغ التعويض عن نزع ملكيتهم) اعتبارا من
تاريخ الحكم النهائي (بالتعويض) وحتى تمام السداد، فإن الحكم المطعون فيه إذا قضى
برفض هذا الطلب، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق مما جره إلى الخطأ في تطبيق
القانون.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الطاعنين أقاما على المطعون ضده بصفته الدعوى... لسنة 1996 مدني محكمة
جنوب القاهرة الابتدائية وانتهيا فيها - حسب طلباتهما الختامية - إلى طلب إلزامه
بأن يؤدي إليهما مبلغ... جنيه تعويضا عن نزع ملكية قطعتي الأرض المبينتين بالصحيفة
دون إتباع الإجراءات القانونية على أساس قيمتها وقت رفع الدعوى بواقع مبلغ ألف
جنيه للمتر المربع، على أن يخصم منه قيمة التعويض المقرر بمعرفة اللجنة المختصة،
وكذا مقابل عدم الانتفاع بواقع 10% سنويا من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليهما في أول
مارس عام 1993 وحتى سداد التعويض المقضي به والفوائد القانونية من تاريخ الحكم
وحتى السداد، واحتياطيا: الحكم بما انتهى إليه تقرير لجنة الخبراء المقدم في الدعوى
- على ما سيأتي بيانه - وقالا بيانا لذلك إنه بموجب عقدي بيع مسجلين تمتلك الأولى
قطعة أرض فضاء رقم... بهضبة الأهرام بالمقطم والبالغ مساحتها 10، 909 م والثاني
القطعة رقم... بذات الموقع والبالغ مساحتها 70, 597 م، وهي ملاصقة للأولى، وفي أول
مارس سنة 1993 فوجئا باستيلاء المطعون ضده على القطعة الأولى لإقامة برج اتصالات
عليها، ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم... لسنة 1993 باعتبار هذا المشروع من
أعمال المنفعة العامة، والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على تلك القطعة، وإذ تم
تقدير التعويض عنها بما لا يتناسب مع قيمتها الحقيقية، وكان التنفيذ قد امتد ليشمل
مساحة 140 م من قطعة الأرض المملوكة للثاني، ونظرا لتعذر الانتفاع بالجزء المتبقي
منها والبالغ مساحته 70, 457 م اضطر إلى بيعه إلى المطعون ضده بصفته بعد ما تقدم
إليه بطلب لشرائه طبقا للمادة 21 من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية
العقارات للمنفعة العامة، وإذ لم تتبع الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون،
فقد أقاما الدعوى، ومحكمة أول درجة - بعد أن ندبت خبيرا فيها وأودع تقريره - حكمت
المحكمة بإلزام المطعون ضده بما قدرته من تعويض. استأنف الطاعنان هذا الحكم
بالاستئناف... لسنة 116 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضده أمام ذات المحكمة
بالاستئناف... لسنة 116 ق، وبعد أن ضمتهما المحكمة، قضت بتاريخ 5/ 1/ 2000 في
الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى في الطلب الأصلي وبإعادة الدعوى
إلى محكمة أول درجة لنظر الطلب الاحتياطي، وفي الاستئناف الثاني برفضه، ومحكمة أول
درجة أعادت الدعوى إلى لجنة من الخبراء، وبعد أن أودعت تقريرها حكمت بإلزام
المطعون ضده بما قدرته من تعويض ومقابل عدم انتفاع. استأنف كل من الطاعنين
والمطعون ضده هذا الحكم بالاستئنافين...، ... لسنة 120 ق القاهرة، وبعد أن ضمتهما
المحكمة قضت فيهما بتاريخ 7/ 4/ 2004 بتعديل الحكم المستأنف إلى القضاء بإلزام
المطعون ضده بأن يؤدي للطاعنة الأولى مبلغ... جنيه تعويضا عن نزع ملكية قطعة الأرض
المملوكة لها، وللطاعن الثاني مبلغ... جنيه تعويضا عن نزع ملكية مساحة 140 م من
القطعة المملوكة له مع خصم ما تم صرفه من تعويض لكل منهما، وبأن يؤدي للأولى
مبلغ... جنيه، وللثاني مبلغ... جنيه كمقابل عدم انتفاع عن المرحلة الأولى من تاريخ
الاستيلاء حتى تاريخ صرف التعويض المقدر بمعرفة الجهة الإدارية المختصة، وبأن يؤدي
إليهما عن المرحلة الثانية نسبة 3% سنويا من التاريخ الأخير حتى الحكم في الدعوى،
وذلك عن الفرق بين المبلغ الذي تم صرفه والمبلغ المحكوم به، وبرفض طلب الفوائد
القانونية، وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى بشأن الجزء المتبقي
من قطعة الأرض المملوكة للطاعن الثاني الذي لم يمتد إليه المشروع. طعن الطاعنان في
هذا الحكم - فيما رفض من طلبات - بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها
الرأي بنقضه، وعرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره،
وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعنان على الحكم المطعون
فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين، وفي بيان الوجه الأول منهما يقول
الطاعن الثاني أن المطعون ضده استولى على مساحة 140 م من قطعة الأرض المملوكة له،
وتعذر الانتفاع بالجزء المتبقي منها والبالغ 70, 457 م، مما اضطره إلى التقدم إليه
بطلب شرائه طبقا للمادة 21 من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات
للمنفعة العامة، ومن ثم فإنه يحق له الحصول على تعويض ومقابل عدم انتفاع عن هذا
الجزء مماثل للتعويض المقضي به عن المساحة المستولى عليها، وهو ما انتهى إليه
تقرير لجنة الخبراء المقدم في الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر
وقضى بتأييد الحكم المستأنف بعدم أحقيته في الحصول على التعويض ومقابل عدم
الانتفاع عن هذا الجزء على سند من أن عقد البيع المبرم بينه وبين المطعون ضده
بخصوصه هو الذي يحكم العلاقة بينهما، رغم أن إرادته في هذا البيع كانت معيبة
بالإكراه، فضلا عن عدم اتباع المطعون ضده الإجراءات القانونية التي نصت عليها
الفقرة الأخيرة من المادة 21 سالفة البيان، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 21 من القانون رقم
10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة على أن "تشتري العقارات
اللازم نزع ملكية جزء منها بأكملها إذا كان الجزء الباقي منها يتعذر الانتفاع به
وذلك بناء على طلب يقدمه ذوو الشأن خلال المدة
المنصوص عليها في المادة التاسعة من هذا القانون وإلا سقط حقهم في ذلك، ويتبع في
شأن هذا الجزء جميع الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون دون حاجة لاستصدار
القرار المنصوص عليه في المادة الثانية من هذا القانون" يدل على أنه يترتب
على عرض كشوف نزع الملكية متضمنة جزء العقار الذي يبقى للمالك لعدم امتداد المشروع
إليه، أن يثبت للمالك الحق في تقديم طلب للجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية يتضمن
الموافقة على بيع كامل العقار للجهة طالبة نزع الملكية استنادا إلى أن الجزء
الباقي من العقار والذي لم تشمله إجراءات نزع الملكية يتعذر الانتفاع به، وحينئذ
تلتزم الجهة بشراء العقار بأكمله، ويتم تقدير ثمنه بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في
المادة السادسة من القانون المذكور، وتتبع ذات الإجراءات من حصر وعرض الكشوف
وتقدير الثمن، فيما عدا القرار الذي يصدر بتقرير المنفعة العامة لسبق صدوره متعلقا
بالجزء المطلوب نزع ملكيته، وطلب بيع العقار بأكمله مقرر لمصلحة المالك دون الجهة
طالبة نزع الملكية، فإن لم يطلب ذلك بقى الجزء الباقي على ملكه، ومتى تقدم المالك
بطلبه في الميعاد، وتم تقدير الثمن، التزمت الجهة طالبة نزع الملكية بالوفاء به
للمالك، أو إيداعه خزانة الجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية، كما يجوز للجهة
طالبة نزع الملكية وللمالك الطعن في قرار اللجنة بتقدير ثمن العقار، ولكن ليس لتلك
الجهة الاعتراض على الشراء، إذ تلتزم به قانونا، ولو كان فيه غرم عليها لأن الغرم
بالغنم، فإذا تقدم المالك بطلبه في الميعاد ولكن شاب الإجراءات عيب، جاز للمالك أن
يلجأ مباشرة إلى المحكمة لتقدير التعويض المستحق عن هذا العقار بأكمله حتى ولو
كانت الإجراءات السابقة والمتعلقة بالجزء الذي صدر قرار نزع الملكية في شأنه قد
تمت صحيحة، إذ يترتب على الطلب بدء إجراءات جديدة كما لو كان العقار بأكمله تقرر
نزع ملكيته، ولما كانت نصوص المواد 1، 6، 7، 9، 11، 13، 23 من القانون سالف البيان
مجتمعة تدل دلالة قاطعة على أن شاغل المشرع الوحيد هو توفير الطريق العادل لإخراج
العقارات اللازمة للنفع العام من دائرة الملكية الخاصة، ولا صلة بين إجراءات نزع
الملكية وفكرة العقود القائمة على الرضا وتلاقي الإرادات وتبادل الالتزامات التي
لا تتسع لغير نقل الحق وفي حدود ما للبائع من حقوق، لأن الأمر في شأن نزع الملكية
أقرب إلى إنشاء علاقة مستقلة بين الإدارة والمال المخصص للنفع العام، ومن هنا حرص
المشرع على أن يباعد بين الجهة طالبة نزع الملكية وأصحاب الحقوق، فلا مفاوضات أو
مساومات أو تصالح، وإنما أوكل مهمة إنجاز الإجراءات إلى جهة ثالثة أسماها الجهة
القائمة بإجراءات نزع الملكية، هي التي تقدر التعويض، وهي التي تحصله من الجهة
طالبة نزع الملكية، وهي التي تتخذ الإجراءات، وتعد الكشوف وبياناتها حجة بما يرد
فيها ولا شأن للجهة طالبة نزع الملكية بما قد يثار حول ملكية العقار المنزوع
ملكيته، أو ما عليه من حقوق، ومن ثم يمتنع عليها مخالفة تلك الإجراءات أو الإعراض
عنها بأن تساوم على مقدار التعويض، أو تتصالح عليه استقلالا اختصارا للإجراءات، أو
تنفرد بسداده إلى المنزوع ملكيته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف
هذا النظر حين قضى بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الطاعن الثاني
إلزام المطعون ضده بأن يؤدي إليه التعويض ومقابل عدم الانتفاع المستحق عن الجزء
المتبقي من قطعة الأرض المستولى عليها، ولم يشمله قرار الاستيلاء الصادر من رئيس
مجلس الوزراء رقم... لسنة 1993، على سند من أنه باع هذا الجزء إلى المطعون ضده،
وأن عقد البيع هو الذي يحكم العلاقة بينهما في شأنه دون الإجراءات المنصوص عليها
في المادة 21 من القانون رقم 10 لسنة 1990 - آنفه البيان - فإنه يكون قد خالف
القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان بالوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه
رفض القضاء بالفوائد القانونية عن التعويض المقضي به عن نزع الملكية بقالة إن ذلك
التعويض لم يكن وقت طلبه معين المقدار، في حين أن طلباتهما الختامية في الدعوى قد
استقرت على طلب الحكم بهذه الفوائد اعتبارا من تاريخ الحكم النهائي وحتى تمام
السداد، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن طلب التعويض المستحق عن نزع
الملكية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعتبر معلوم المقدار وقت الطلب
بالمعنى المقصود في المادة 226 من القانون المدني، إذ إن المقصود في حكم هذه
المادة أن يكون محل الالتزام معلوم المقدار، وأن يكون تحديد مقداره قائما على أسس
ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير، ولما كان ما يستحقه المالك مقابل نزع
ملكيته للمنفعة العامة يعتبر تعويضا له عن حرمانه من ملكيته جبرا عنه للمنفعة
العامة، وهو ما يكون للقاضي سلطة واسعة في تقديره فلا يكون معلوم المقدار وقت طلبه
مهما كان تحديد المالك له في صحيفة دعواه، ولا يصدق عليه هذا الوصف إلا بصدور
الحكم النهائي في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت أن طلبات الطاعنين الختامية في
الدعوى قد تضمنت طلب الحكم بهذه الفوائد القانونية اعتبارا من تاريخ الحكم النهائي
وحتى تمام السداد، فإن الحكم المطعون فيه إذا قضى برفض هذا الطلب، فإنه يكون قد
خالف الثابت بالأوراق مما جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، مما يوجب نقضه في هذا
الخصوص أيضا.
وحيث إن الموضوع - فيما نقضته المحكمة من الحكم المطعون فيه - غير
صالح للفصل فيه، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق