جلسة 30 من يناير سنة 1986
برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو ومحمد نبيل رياض وصلاح عطيه.
---------------
(38)
الطعن 1802 لسنة 55 ق
(1) نقض " نظر الطعن و الحكم فيه "
. دعوى مدنية " نظرها و الحكم فيها " . قتل عمد .
عدم تقيد المحكمة عند نظرها الطعن المقام من المدعيتين بالحق المدني
بالحكم الصادر في الشق الجنائي . و لو كان جائزاً لقوة الأمر المقضي. أساس ذلك ؟
طرح الدعوى المدنية . وحدها . على محكمة الجنايات . حقها في بحث أركان الجريمة و
ثبوتها فى حق المتهم .
(2) نقض " أثر الطعن " . دعوى مدنية " نظرها و الحكم
فيها " قتل عمد . نقض الحكم . أثره .
معاودة الدعوى سيرتها من النقطة التي وقفت عندها قبل صدور الحكم
المنقوض . إبداء طلبات جديدة أمام محكمة الإحالة غير جائز .
------------------
1 - للمحكمة وهي تفصل في الدعوى المدنية
المرفوعة من المدعيتين بالحقوق المدنية فيما يتعلق بحقوقهما المدنية أن تتعرض
لواقعة الدعوى وأن تناقشها بكامل حريتها كما كانت أمام محكمة الجنايات ما دامت
الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة الجنايات وما دامت المدعيتان
بالحقوق المدنية قد استمرتا في دعواهما المؤسسة على الواقعة ذاتها ولا يؤثر في هذا
الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد صار نهائيا وحائزا لقوة الشيء
المحكوم فيه إذ لا يكون ملزما للمحكمة وهي تفصل فى الدعوى المدنية وحدها ذلك أن
الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في
الأخرى، مما لا يكون معه التمسك بحجية الحكم الجنائي. لما كان ذلك، ومن ثم فإنه
متى طعن المدعي بالحقوق المدنية على الحكم الصادر في الدعوى المدنية المرتبطة
بالدعوى الجنائية كان على المحكمة التي تنظر الطعن أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من
حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه، وصحة نسبته
إليه لترتب على ذلك آثاره القانونية غير مقيدة فى ذلك بقضاء المحكمة الأولى ولا
يمنع من هذا كون الحكم في الدعوى قد حاز قوة الأمر المقضي.
2 - لما كان المدافع عن المدعيتين قد طلب أمام محكمة الجنايات قبل
صدور الحكم الأول المنقوض إلزام المدعي عليهما بأن يؤديا للمدعيتين مبلغ خمسة آلاف
جنيه تعويضاً عما أصابهما من أضرار من جراء فقد عائلهما ثم عدل طلباته أمام محكمة
الإحالة بأن طلب إلزام المدعي عليهما بأداء مبلغ مائة ألف جنيه. لما كان ذلك، وكان
من المقرر أن الدعوى - المنقوض حكمها تعود إلى سيرتها الأولى قبل صدور الحكم
المنقوض وتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها، وتلتزم محكمة الإحالة في هذا
الصدد بحدود الدعوى كما كانت وقت صدور الحكم المنقوض وبعدم جواز إبداء طلبات
جديدة، كما أن حدود الدعوى - في هذا الصدد - ليست رهنا بإرادة الخصوم لما كان ذلك،
فإنه ما كان للمدافع عن المدعيتين أن يعدل طلباته أمام محكمة الإحالة والمطالبة
بأزيد مما طلبه أمام المحكمة قبل نقض الحكم أول مرة.
---------------
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما قتلا ... عمدا مع سبق
الإصرار والترصد بأن عقدا العزم على قتله وأعدا لهذا الغرض أدوات تحدث القتل
"ساطورا وعصا" وكمنا له في الطريق الذي أيقنا أنه سيسلكه إلى السوق حتى
إذا ما ظفرا به انهالا عليه ضربا أولهما بالساطور والثاني بالعصا قاصدين إزهاق
روحه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي التي أودت بحياته. وطلبت
إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف
الواردين بقرار الاتهام. فقرر ذلك. وادعت ... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها
القصر و... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض ومحكمة
جنايات دمنهور قضت حضوريا ببراءة كل من ..... و..... مما أسند إليهما وبرفض الدعوى
المدنية. فطعنت المدعيتان بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدول
المحكمة برقم 2349 لسنة 49ق. وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض
الحكم المطعون فيه بالنسبة للدعوى المدنية وإحالة القضية إلى محكمة جنايات دمنهور
لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى وألزمت المطعون ضدهما المصاريف. والمحكمة الأخيرة -
بهيئة أخرى - قررت إحالة الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها. فطعنت
المدعيتان بالحق المدني في هذا القرار بطريق النقض قيد بجدول محكمة النقض برقم
5962 لسنة 52 القضائية. وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض
القرار المطعون فيه والإحالة إلى محكمة جنايات دمنهور لتفصل فيها من جديد مشكلة من
قضاة آخرين. ومحكمة الإعادة - بدائرة أخرى - قضت حضوريا برفض الدعوى المدنية
المقامة من المدعيتين بالحق المدني. فطعنت المدعيتان بالحق المدني في هذا الحكم
بطريق النقض (للمرة الثانية)... إلخ وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفي
الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية وحددت جلسة 9 من يناير سنة
1986 لنظر الموضوع وعلى النيابة إعلان المدعي عليهما بالحق المدني والشهود وينبه
على المدعيتين بالحق المدني، وألزمت المطعون ضدهما مصاريف الدعوى المدنية وخمسين
جنيها مقابل أتعاب المحاماة. وبالجلسة المحددة سمعت المرافعة على ما هو مبين
بالمحضر ثم أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم
--------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة الشفوية وبعد المداولة قانونا.
وحيث أن هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه للمرة الثانية وحددت
جلسة لنظر الموضوع.
وحيث أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة اتهمت
المطعون ضدهما بأنهما في يوم أول أبريل سنة 1973 بدائرة مركز دمنهور محافظة
البحيرة قتلا ....... عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدا العزم على
قتله وأعدا لهذا الغرض أدوات تحدث القتل "ساطورا وعصا" وكمنا له في
الطريق الذي أيقنا أنه سيسلكه إلى السوق حتى إذا ما ظفرا به انهالا عليه ضربا
أولهما بالساطور والثاني بالعصا قاصدين إزهاق روحه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير
الطبي الشرعي والتي أودت بحياته وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة
جنايات دمنهور لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر بذلك
وادعت الطاعنتان مدنيا قبل المتهمين بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض، وإذ
قضت محكمة جنايات دمنهور حضوريا في 7 فبراير سنة 1978 ببراءة المطعون ضدهما مما
أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعيها المصاريف مؤسسه قضاءها هذا على ما
ارتأته من عدم ثبوت التهمة قبل المطعون ضدهما، فطعنت الطاعنتان - المدعيتان
بالحقوق المدنية - في ذلك الحكم بطريق النقض. ومحكمة النقض قضت بتاريخ 16 من أبريل
سنة 1980 بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للدعوى المدنية والإحالة. وإذ أعيدت
الدعوى إلى محكمة جنايات دمنهور قررت بتاريخ 12 من أكتوبر سنة 1981 إحالة الدعوى
إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها وأقامت قضاءها على أن الفصل في الدعوى المدنية
يتطلب بطبيعته إجراءات خاصة وأن المحكمة المدنية أقدر على ذلك من محكمة الجنايات
وأنه من ثم وإعمالا للمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية تحيل المحكمة الدعوى
المدنية إلى المحكمة المختصة فطعنت الطاعنتان في هذا القرار بطريق النقض. ومحكمة
النقض قضت بتاريخ 16 من مايو سنة 1983 بنقض القرار المطعون فيه وإحالة القضية إلى
محكمة جنايات دمنهور لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاه آخرين وإذ أعيدت الدعوى إلى
محكمة جنايات دمنهور طلب المدافع عن الطاعنتين تعديل طلباتهما إلى إلزام المطعون
ضدهما بأن يدفعا لهما مبلغ مائة ألف جنيه ومحكمة جنايات دمنهور قضت بتاريخ 12 من
يناير سنة 1985 برفض الدعوى المدنية المقدمة من المدعيتين بالحق المدني مؤسسه
قضاءها هذا على ما ارتأته من عدم اطمئنانها إلى الأدلة التي ساقتها النيابة العامة
قبل المتهمين وإذ طعنت المدعيتان في هذا الحكم بطريق النقض - قبلت محكمة النقض
الطعن ونقضت الحكم وحددت جلسة 9/1/1986 لنظر الموضوع وبتلك الجلسة طلب المدافع عن
الطاعنتين الحكم بالتعويض المطالب به وطلب المدافع عن المطعون ضدهما رفض الدعوى
المدنية استنادا إلى أن الحكم الجنائي الصادر ببراءة المطعون ضدهما قد حاز قوة
الشيء المحكوم فيه وانتفاء الدليل على مقارفتهما الفعل المنسوب إليهما. وحيث أنه
بادئ ذي بدء ترى المحكمة أن تنوه إلى أن لها وهي تفصل في الدعوى المدنية المرفوعة
من المدعيتين بالحقوق المدنية فيما يتعلق بحقوقهما المدنية أن تتعرض لواقعة الدعوى
وأن تناقشها بكامل حريتها كما كانت أمام محكمة الجنايات ما دامت الدعويان المدنية
والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة الجنايات وما دامت المدعيتان بالحقوق المدنية
قد استمرتا في دعواهما المؤسسة على الواقعة ذاتها ولا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم
الصادر في الدعوى الجنائية قد صار نهائيا وحائزا لقوه الشيء المحكوم فيه إذ لا
يكون ملزما للمحكمة وهي تفصل في الدعوى المدنية وحدها ذلك أن الدعويين وان كانتا
ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى، مما لا يمكن
معه التمسك بحجية الحكم الجنائي. لما كان ذلك، ومن ثم فإنه متى طعن المدعي بالحقوق
المدنية على الحكم الصادر في الدعوى المدنية المرتبطة بالدعوى الجنائية كان على
المحكمة التي تنظر الطعن أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت
الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه، وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك آثاره
القانونية غير مقيدة في ذلك بقضاء المحكمة الأولى ولا يمنع من هذا كون الحكم في
الدعوى الجنائية قد حاز قوة الأمر المقضي. لما كان ذلك وكان ركن الخطأ في
المسئولية المدنية والذي يتمثل في إصابة .......... ووفاته من جراء تلك الإصابة قد
ثبت لهذه المحكمة - محكمة النقض - من أقوال كل من العريف .......... والعميد
....... و........ و......... والتي تطمئن إليها وبما جاء بتقرير الصفة التشريحية
الموقع على جثة المجني عليه. إذ شهد العريف ..... بأنه أثناء تواجده بسوق الماشية
بناحية دمنهور لتفقد حالة الأمن علم بالحادث فتوجه إلى مكانة فشاهد المجني عليه
مصابا وملقى على الأرض وبسؤاله له عمن أحدث إصابته أخبره بأن ......... انهال عليه
طعنا بساطور وأن ........ اعتدى عليه بالضرب بعصا وتوفي عقب ذلك فأثبت ذلك في ورقه
كان يحملها سلمها لمأمور مركز دمنهور العميد ......... لدى حضوره إلى مكان الحادث
وبسؤال العميد ....... قرر بأنه عقب انتقاله إلى مكان الحادث فور علمه به التقى
بالعريف ......... الذي أخبره بأن المجني عليه قرر له بأن ...... و....... قد
اعتديا عليه وأحدثا إصاباته وقدم له ورقه مثبت بها اسم المجني عليه والمتهمين
المذكورين. وإذ سئل ..... قرر بأنه شاهد المطعون ضدهما بمكان الحادث قبل وقوعه وإذ
سئل الملازم أول ...... ضابط مباحث مركز دمنهور قرر بأن تحرياته دلت على أن
المطعون ضدهما هما مرتكبي الحادث وأن سبب الحادث يرجع إلى أن المجني عليه سبق أن
اتهم في قتل والد المتهمين. وبسؤال الملازم أول ...... قرر بمضمون ما قرر به
الشاهد السابق. وثبت من تقرير الصفة التشريحية الموقع على جثة المجني عليه أن
وفاته نشأت عن جروح بالجسم وكسور بالجمجمة وتهتك شديد ونزيف وصدمة عصبية وهي من
الطراز الرضي القطعي ومثلها يحدث من جسم حاد الحافة ثقيل وأنه ليس هناك ما ينفي
تكلم المجني عليه لفترة يتعذر تحديدها فنيا. ولما كان قد ثبت لهذه المحكمة قيام
الطاعنين بارتكاب الخطأ المتمثل في قتل المجني عليه فإنهما يكونان قد ارتكبا فعلا
أضر مباشرة بالمدعيتين بالحقوق المدنية وتسبب لهما في هذا الضرر الذي يتمثل في فقد
عائلهما وما أصابهما من لوعة وألم. ومن ثم يتعين تعويضهما عن هذا الضرر، ولما كان
المدافع عن المدعيتين قد طلب أمام محكمة الجنايات قبل صدور الحكم الأول المنقوض
إلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعيتين مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضا عما أصابهما
من أضرار من جراء فقد عائلهما ثم عدل طلباته أمام محكمة الإحالة بأن طلب إلزام
المدعى عليهما بأداء مبلغ مائة ألف جنيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدعوى -
المنقوض حكمها - تعود إلى سيرتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتستأنف سيرها من
النقطة التي وقفت عندها، وتلتزم محكمة الإحالة في هذا الصدد بحدود الدعوى كما كانت
وقت صدور الحكم المنقوض وبعدم جواز إبداء طلبات جديدة، كما أن حدود الدعوى - في
هذا الصدد - ليست رهنا بإرادة الخصوم. لما كان ذلك، فإنه ما كان للمدافع عن
المدعيتين أن يعدل طلباته أمام محكمة الإحالة والمطالبة بأزيد مما طلبه أمام
المحكمة قبل نقض الحكم أول مرة. لما كان ما تقدم، فإن المحكمة تلتزم بألا تتجاوز
ما طلب به المدافع عن المدعيتين بالحقوق المدنية قبل صدور الحكم الأول المنقوض وهو
مبلغ خمسة آلاف جنيه وهو ما ترى مناسبته لتعويض المدعيتين عما أصابهما من أضرار
وتلزم المدعى عليهما متضامنين بأدائه لهما على أن تختص المدعية الأولى عن نفسها
بمبلغ 1000 (ألف جنيه) وبصفتها وصية على ولديها القاصرين ....... و...... بمبلغ
3000 جنيه (ثلاثة آلاف جنيه) وأن تختص المدعية الثانية بمبلغ 1000 جنيه (ألف جنيه)
مع إلزام المدعى عليهما المصروفات شاملة أتعاب المحاماة عملا بنص المادة 320 من
قانون الإجراءات الجنائية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق