الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 6 ديسمبر 2021

القضية 178 لسنة 19 ق جلسة 15 / 4 / 2007 دستورية عليا مكتب فني 12 ج 1 دستورية ق 31 ص 291

جلسة 15 من ابريل سنة 2007
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح والدكتور/ حنفي علي جبالي وماهر سامي يوسف والدكتور/ عادل عمر شريف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر

-----------------

(31)

القضية 178 لسنة 19 ق "دستورية"

(1) دعوى دستورية - المصلحة الشخصية المباشرة - إلغاء المشرع للنص المطعون فيه - أثره.
إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها.

(2) دعوى دستورية - حكم - حجيته.
مقتضى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة.

(3) شريعة إسلامية - الاجتهاد فيها - نطاقه.
الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً هي التي يجوز الاجتهاد فيها.

(4) شريعة إسلامية - ربا - مقابل التأخير الوارد بنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 - طبيعته.
مقابل التأخير في أداء الضرائب المستحقة لا يعتبر من قبيل ربا الديون المحرم شرعاً في صورته المتفق عليها.

(5) ضريبة عامة - رقابة دستورية - الأسس التي تحكمها.
إقرار السلطة التشريعية لقانون الضريبة العامة، لا تحول دون مباشرة المحكمة الدستورية العليا لرقابتها في شأن توافر الشروط الموضوعية لعناصر بنيانها.

(6) ضريبة - الغرض من فرضها - تحديد مواردها.
المشرع وإن توخى أصلاً بالضريبة التي يفرضها، أن يدبر من خلالها موارد مالية لأشخاص القانون العام يقتضيها لنفقاتها، إلا أن تحديده لهذه الموارد لا يجوز أن يكون توجهاً نهماً مؤثراً في بنيان الضريبة.

-------------

1 - إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة في الطعن عليها.

2 - مقتضى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته.

3 - الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً, وهي التي يجوز الاجتهاد فيها لأنها بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان, لضمان مرونتها وحيويتها ولمواجهة النوازل على اختلافها, تنظيماً لشئون العباد, بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً, ولا يعطل بالتالي حركتهم في الحياة.

4 - مقابل التأخير في أداء الضرائب المستحقة لا يعتبر من قبيل ربا الديون المحرم شرعاً في صورته المتفق عليها، والتي تفترض اتفاق طرفيه على زيادة في الأجل يمنحها الدائن للمدين لتقابلها وتعوضه عنها زيادة في أصل الدين يقبلها المدين، وإنما يعتبر المقابل المذكور جزاءً يتمثل في تعويض مقدر وفق الأسس التي بينها، بقصد حمل الملتزمين بدين الضريبة على الوفاء بها في الآجال المحددة قانوناً ضماناً لحصول الدولة على الموارد اللازمة لمواجهة نفقاتها، فلا يعنيها غير استئدائها في المواعيد المقررة لها، وكان إيقاع هذا الجزاء غير مرتبط بمهلة جديدة تمنحها الدولة لمدينها بالضريبة، لتحصل مقابل هذا الأجل على زيادة في مبلغها، بل متوخياً ردع المدين إذا ماطل في أدائها، فلا يكون متباطئاً أو متخاذلاً، بل مبادراً إلى إيفائها تلافياً للجزاء المقرر للتراخي في دفعها.

5 - إقرار السلطة التشريعية لقانون الضريبة العامة، لا يحول دون مباشرة هذه المحكمة لرقابتها في شأن توافر الشروط الموضوعية لعناصر بنيانها، وذلك بالنظر إلى خطورة الآثار التي تحدثها هذه الضريبة، وعلى الأخص من زاوية اتصالها بمظاهر الانكماش أو الانتعاش، وتأثيرها على فرص الاستثمار والادخار والعمل وحدود الإنفاق، فلا تنحسر رقابتها بالتالي في شأن الضريبة التي فرضها المشرع عن الواقعة القانونية التي أنشأتها، وقوامها صلة منطقية بين شخص محدد يعتبر ملتزماً بها، والمال المتخذ وعاء لها متحملاً بعبئها. وهذه الصلة هي التي لا تنهض الضريبة بتخلفها سوية على قدميها، وتتحراها هذه المحكمة لضمان أن يظل إطارها مرتبطاً بما ينبغي أن يقيمها على حقائق العدل الاجتماعي محِّدد مضمونها وغاياتها على ضوء القيم التي احتضنها الدستور، ويندرج تحتها أن تكون صور الدخل على اختلافها - أيا كان مصدرها - وباعتباره إيراداً مضافاً إلى رؤوس الأموال التي أنتجتها، وعاءً أساسياً للضريبة، كافلاً عدالتها وموضوعيتها، ومرتبطاً بالمقدرة التكليفية لمموليها، فلا ينال اتخاذ الدخل قاعدة لها، من رؤوس الأموال في ذاتها بما يؤول إلى تآكلها أو يحول دون تراكمها، بل تظل قدراتها في مجال التنمية، باقية مصادرها، متجددة روافدها.

6 - المشرع وإن توخى أصلاً بالضريبة التي يفرضها، أن يدبر من خلالها موارد مالية لأشخاص القانون العام يقتضيها لنفقاتها، إلا أن تحديده لهذه الموارد لا يجوز أن يكون توجهاً نهماً مؤثراً في بنيان الضريبة، عاصفاً بحقوق الملكية التي تتصل بها بما ينال من أصلها، أو يفقدها مقوماتها، أو يفصل عنها بعض أجزائها، أو يقيد من نطاق الحقوق التي تتفرع عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. وهو ما يعني أن أغراض الجباية وحدها لا تعتبر هدفاً يحدد للضريبة مسارها، ولا يجوز أن تهيمن على تشكيل ملامحها، فذلك مما لا يحميه الدستور، وعلى الأخص كلما كان عبؤها فادحاً يحيل أمرها عسراً.

------------

الوقائع

حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أنه سبق أن ثار خلاف بين المدعي وبين مصلحة الضرائب حول تقدير أرباحه عن نشاطه في تجارة الحديد عن السنوات من 1980 حتى 1987 تم حسمه بالحكم الصادر من محكمة بنها الابتدائية في الدعوى رقم 536 لسنة 1993 ضرائب بنها، والمؤيد استئنافياً بالاستئناف رقم 267 لسنة 27 قضائية، قامت على أثره مصلحة الضرائب بتقدير ضرائب أرباح تجارية، وإيراد عام ورسم تنمية الموارد المالية للدولة المستحقة عليه عن السنوات من 1980 حتى 1986، إلا أن المدعي اعترض على هذا التقدير وما أضيف إليه من غرامات تأخير، ومن ثم فقد أقام الدعوى رقم 362 لسنة 1997 مدني كلي ضرائب بنها ضد وزير المالية طالباً الحكم بإعادة حساب الضرائب المستحقة بعد استنزال جميع المبالغ التي لم تستنزل وقصر المطالبة على المبلغ الذي يسفر عنه الحساب النهائي وإلغاء مقابل التأخير، واحتياطياً ندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق أوجه اعتراضاته وإعادة حساب الضرائب المستحقة على التفصيل الوارد بصحيفة دعواه. وأثناء نظر الدعوى دفع بعدم دستورية نص المادتين (96، 172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانونين رقمي 87 لسنة 1983 و187 لسنة 1993 وكذا نص البند (1) أولاً من القانون رقم 147 لسنة 1984، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.

بتاريخ السادس عشر من سبتمبر سنة 1997، أودع المدعي صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادتين (96، 172) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانونين رقمي 87 لسنة 1983 و187 لسنة 1993، وكذا نص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتان طلبت فيهما الحكم أولاً:- بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 تأسيساً على سبق صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا برفض الطعن على هذه المادة، وثانياً: رفض الدعوى، ثم قدمت مذكرة أخيرة طلبت فيها الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى برمتها واحتياطياً: برفضها.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

وحيث يبين من الوقائع أن الضرائب محل النزاع في الدعوى الموضوعية مستحقة عن السنوات من سنة 1980 حتى سنة 1986، كما أن مصلحة الضرائب تطالب المدعي بفوائد تأخير عن قيمة الضرائب التي لم يسددها حتى سنة 1997، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد في المادة (96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، وكذا نص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، بالإضافة إلى نص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984.

ولا ينال من ذلك إلغاء النصوص المذكورة بالمادة الثانية من قانون إصدار قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005، وذلك في ضوء ما هو مقرر من أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل ممن طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة في الطعن عليها.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بالنسبة لنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993، وذلك بحكمها الصادر في الدعوى رقم 26 لسنة 16 قضائية "دستورية" بجلسة 16/11/1996، والقاضي برفض الدعوى. وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، العدد رقم 47 بتاريخ 28/11/1996. وإذ كان مقتضى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، الأمر الذي يتعين معه عدم قبول هذا الشق من الدعوى.

وحيث إنه عن الدفع المقدم من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى برمتها على سند من أن تقدير الضرائب المستحقة على المدعي عن السنوات من سنة 1980 حتى سنة 1986 صار نهائياً بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 536 لسنة 1993 ضرائب كلي بنها والمؤيد استئنافياً في الدعوى رقم 267 لسنة 27 قضائية، بما تنتفي معه مصلحة المدعي في الطعن على النصوص المتعلقة بفرض هذه الضرائب، فإن هذا الدفع مردود بأن ما قضى به الحكمان المذكوران يقتصر على تحديد الأرباح التي حققها المذكور خلال السنوات المشار إليها، أما تقدير الضرائب المختلفة المستحقة على هذه الأرباح فمازال محل نزاع متداول أمام محكمة الموضوع والتي ثار أمامها الدفع بعدم دستورية النصوص المقررة لهذه الضرائب على النحو سالف البيان.

وحيث إن المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 تنص على أن "يحدد سعر الضريبة سنوياً على الوجه الآتي:-

الشريحة الأولى: حتى 2000 جنيه معفاة.

الشريحة الثانية: أكثر من 2000 جنيه حتى 10000 يكون السعر 8% عن الألف جنيه الأولى ويزاد بواقع 1% عن كل ألف جنيه تالية.

الشريحة الثالثة: أكثر من 10 آلاف جنيه حتى 50 ألف جنيه يكون السعر 8% عن العشرة آلاف جنيه الأولى ويزاد بواقع 2% عن كل خمسة آلاف جنيه تالية.

الشريحة الرابعة: أكثر من 50 ألف جنيه يكون السعر 22% عن العشرة آلاف جنيه الأولى ويزاد بواقع 5% عن كل خمسة آلاف جنيه تالية.

الشريحة الخامسة: أكثر من 75 ألف جنيه يكون السعر 50%

وتنص المادة المذكورة بعد تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 بشأن تعديل قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 على أن: "يحدد سعر الضريبة سنوياً على الوجه الآتي:

الشريحة الأولى: حتى 2000 جنيه معفاة.

الشريحة الثانية: أكثر من 2000 – 3000 جنيه 8%.

الشريحة الثالثة: أكثر من 3000 – 4000 جنيه 9%.

الشريحة الرابعة: أكثر من 4000 – 5000 جنيه 10%.

الشريحة الخامسة: أكثر من 5000 – 6000 جنيه 11%.

الشريحة السادسة: أكثر من 6000 – 7000 جنيه 12%.

الشريحة السابعة: أكثر من 7000 – 8000 جنيه 13%.

الشريحة الثامنة: أكثر من 8000 – 9000 جنيه 14%.

الشريحة التاسعة: أكثر من 9000 – 10000 جنيه 15%.

الشريحة العاشرة: أكثر من 10000 – 20000 جنيه 18%.

الشريحة الحادية عشر: أكثر من 20000 – 25000 جنيه 22%.

الشريحة الثانية عشر: أكثر من 25000 – 30000 جنيه 24%.

الشريحة الثالثة عشر: أكثر من 30000 – 35000 جنيه 26%.

الشريحة الرابعة عشر: أكثر من 35000 – 40000 جنيه 28%.

الشريحة الخامسة عشر: أكثر من 40000 – 45000 جنيه 30%.

الشريحة السادسة عشر: أكثر من 45000 – 50000 جنيه 32%.

الشريحة السابعة عشر: أكثر من 50000 – 60000 جنيه 35%.

الشريحة الثامنة عشر: أكثر من 60000 – 65000 جنيه 40%.

الشريحة التاسعة عشر: أكثر من 65000 – 70000 جنيه 45%.

الشريحة العشرون: أكثر من 70000 جنيه – 75000 جنيه 50%.

الشريحة الواحد والعشرون: أكثر من 75000 جنيه – 100000 جنيه 55%.

الشريحة الثانية والعشرون: أكثر من 100000 جنيه – 200000 جنيه 60%.

الشريحة الثالثة والعشرون: أكثر من 200000 جنيه 65%".

وتنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 بعد تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993 على أن "يستحق مقابل تأخير على:

1- ما يجاوز مائتي جنيه ما لم يورد من الضرائب الواجبة الأداء من واقع الإقرار أو الربط حتى لو صدر قرار بتقسيطها.

ويسري مقابل التأخير اعتباراً من الشهر التالي لانتهاء مدة شهر على تاريخ إخطار الممول بالتنبيه بصدور الورد أو من نهاية الميعاد المحدد لأداء الضريبة من واقع الإقرار.

2- ما لم يورد من المبالغ أو الضرائب التي ينص القانون على حجزها من المنبع............

وفي جميع الأحوال المبينة في هذه المادة يحسب مقابل التأخير بواقع 1% عن كل شهر تأخير حتى تاريخ السداد مع جبر كسور الشهر والجنيه إلى شهر أو جنيه كامل".

وتنص المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة على أن "يفرض رسم يسمى" رسم تنمية الموارد المالية للدولة" على ما يأتي:

1 – الإيرادات التي تزيد على 18000 جنيه سنوياً:

أولاً: 2% على ما يزيد على 18000 جنيه من صافي الأرباح الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية.

2 % على ما يزيد على .....".

وينعى المدعي على النصوص الطعينة فيما تضمنته من فرض ضريبة على الإيراد العام فضلاً عن الضريبة المقررة أصلاً على الأرباح التجارية وحساب مقابل تأخير عما لم يسدد منها، ثم إضافة ضريبة أخرى تحت مسمى "رسم تنمية الموارد المالية للدولة" بما يجاوز مجموعها – على حد قوله – صافي أرباحه المحققة عن نشاطه التجاري بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية وقواعد العدالة ويشكل اعتداءً صارخاً على ملكيته الخاصة، وهو ما يتعارض مع المادتين (2، 34) من الدستور.

وحيث إن هذا النعي مردود فيما يتعلق بنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 معدلاً بالقانون رقم 187 لسنة 1993، ذلك أن النص المذكور لا يناقض حكماً شرعياً قطعي الثبوت والدلالة، وإنما يقع في إطار الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً وهي التي يجوز الاجتهاد فيها لأنها بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها ولمواجهة النوازل على اختلافها تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً ولا يعطل بالتالي حركتهم في الحياة. كما أن مقابل التأخير الوارد بالنص المذكور لا يعتبر من قبيل ربا الديون المحرم شرعاً في صورته المتفق عليها، والتي تفترض اتفاق طرفيه على زيادة في الأجل يمنحها الدائن للمدين لتقابلها وتعوضه عنها زيادة في أصل الدين يقبلها المدين، وإنما يعتبر المقابل المذكور جزاءً يتمثل في تعويض مقدر وفق الأسس التي بينها، بقصد حمل الملتزمين بدين الضريبة على الوفاء بها في الآجال المحددة قانوناً ضماناً لحصول الدولة على الموارد اللازمة لمواجهة نفقاتها، فلا يعنيها غير استئدائها في المواعيد المقررة لها، وكان إيقاع هذا الجزاء غير مرتبط بمهلة جديدة تمنحها الدولة لمدينها بالضريبة، لتحصل مقابل هذا الأجل على زيادة في مبلغها، بل متوخياً ردع المدين إذا ماطل في أدائها، فلا يكون متباطئاً أو متخاذلاً، بل مبادراً إلى إيفائها تلافياً للجزاء المقرر للتراخي في دفعها، فإن النص المطعون فيه لا يكون منطوياً على ربا بالمعنى المتقدم، يؤيد ذلك أن الجزاء المقرر بهذا النص ليس وليد الإرادة بل يرتد في مصدره المباشر إلى نص القانون، باعتباره محدداً – في نطاق علائق القانون العام، وعلى ضوء قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها - لخصائص الضريبة ومقوماتها وقواعد تحصيلها.

وحيث إنه فيما يتعلق بنص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 سالف الإشارة إليه بفرض رسم مقداره 2% على ما يزيد على 18000 ج من صافي الأرباح الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية، فإن هذا الرسم، وإن كان في حقيقته ضريبة جديدة تضاف إلى الضرائب المفروضة على صافي الأرباح التجارية والصناعية، إلا أنه ورد بنسبة معقولة لا تصادر فرص رأس المال في النمو ولا ترهق بأعبائها المكلفين بها فتصدهم عن مباشرة نشاطهم المشروع، أو تبهظ هذا النشاط بقيود لا مبرر لها، كما أنها جاءت موائمة للهدف من تقريرها – حسبما أفصحت الأعمال التحضيرية للنص المطعون عليه – والمتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية والتضامن الاجتماعي وتدعيم المقومات الاقتصادية بإنماء الموارد المالية للدولة حتى تتمكن من تنفيذ خطة التنمية الشاملة دون زيادة أعباء القاعدة العريضة عن الشعب وذوي الدخول المحدودة أو الانتقاص من الاعتمادات المالية المخصصة لهذه الفئات، ومن ثم فإن النص المذكور لا يخالف حكماً شرعياً ولا يشكل اعتداءً على حق الملكية.

وحيث إن إقرار السلطة التشريعية لقانون الضريبة العامة، لا يحول دون مباشرة هذه المحكمة لرقابتها في شأن توافر الشروط الموضوعية لعناصر بنيانها، وذلك بالنظر إلى خطورة الآثار التي تحدثها هذه الضريبة، وعلى الأخص من زاوية اتصالها بمظاهر الانكماش أو الانتعاش، وتأثيرها على فرص الاستثمار والادخار والعمل وحدود الانفاق، فلا تنحسر رقابتها بالتالي في شأن الضريبة التي فرضها المشرع عن الواقعة القانونية التي أنشأتها، وقوامها صلة منطقية بين شخص محدد يعتبر ملتزماً بها، والمال المتخذ وعاء لها متحملاً بعبئها. وهذه الصلة هي التي لا تنهض الضريبة بتخلفها سوية على قدميها، وتتحراها هذه المحكمة لضمان أن يظل إطارها مرتبطاً بما ينبغي أن يقيمها على حقائق العدل الاجتماعي محِّدد مضمونها وغاياتها على ضوء القيم التي احتضنها الدستور، ويندرج تحتها أن تكون صور الدخل على اختلافها - أيا كان مصدرها - وباعتباره إيراداً مضافاً إلى رؤوس الأموال التي أنتجتها، وعاءً أساسياً للضريبة، كافلاً عدالتها وموضوعيتها، ومرتبطاً بالمقدرة التكليفية لمموليها، فلا ينال اتخاذ الدخل قاعدة لها، من رؤوس الأموال في ذاتها بما يؤول إلى تآكلها أو يحول دون تراكمها، بل تظل قدراتها في مجال التنمية، باقية مصادرها، متجددة روافدها.

كذلك فإن المشرع وإن توخى أصلاً بالضريبة التي يفرضها، أن يدبر من خلالها موارد مالية لأشخاص القانون العام يقتضيها لنفقاتها، إلا أن تحديده لهذه الموارد لا يجوز أن يكون توجهاً نهماً مؤثراً في بنيان الضريبة، عاصفاً بحقوق الملكية التي تتصل بها بما ينال من أصلها، أو يفقدها مقوماتها، أو يفصل عنها بعض أجزائها، أو يقيد من نطاق الحقوق التي تتفرع عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. وهو ما يعني أن أغراض الجباية وحدها لا تعتبر هدفاً يحدد للضريبة مسارها، ولا يجوز أن تهيمن على تشكيل ملامحها، فذلك مما لا يحميه الدستور، وعلى الأخص كلما كان عبؤها فادحاً يحيل أمرها عسراً.

وحيث إن الضريبة العامة على الدخل المفروضة بنص المادة (96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 محل الطعن الماثل يبين أنها فرضت – سواء قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 أو بعد تعديلها بالقانون المذكور – بنسب عالية رغم أن وعاءها المتمثل في الأرباح الناتجة عن نشاط تجاري أو صناعي أو غيره من مصادر الدخل الأخرى سبق أن فرضت عليه ضرائب مباشرة في ذات القانون، الأمر الذي يشكل عبئاً ثقيلاً على الممول يتعارض من زاوية مع الحماية الدستورية المقررة لحق الملكية، ويؤدي من زاوية أخرى إلى إحجامه عن التوسع في نشاطه طالما لن يجني من الأرباح الإضافية التي يحققها إلا الفتات بما يؤثر بالسلب على فرص الاستثمار والادخار والعمل، ومن ثم يكون النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد (13، 23، 34) من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، ورفض ماعدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعي والحكومة المصروفات مناصفة ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق