الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 أغسطس 2021

عدم دستورية شروط الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة التمريض ، وفى انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة

الدعوى رقم 88 لسنة 40 ق "دستورية" جلسة 3 / 7 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من يوليه سنة 2021م، الموافق الثاني والعشرين من ذى القعدة سنة 1442 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 88 لسنة 40 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية) بحكمها الصادر بجلسة 28/2/2018، ملف الدعوى رقم 67886 لسنة 70 قضائية.

المقامة من

1- كمال محمد نجيب

2- سيدة السيد محمد فايد

ضد

1- رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات النقابة العامة للتمريض المصري عام 2016

2- وزير الصحة

3- النقيب العام للتمريض المصري

الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من سبتمبر سنة 2018، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 67886 لسنة 70 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري – الدائرة الثانية – بجلسة 28/2/2018، بوقف الدعوى تعليقًا، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة (18) من القانون رقم 115 لسنة 1976 بشأن إنشاء نقابة مهنة التمريض.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

كما قدم النقيب العام للتمريض المصري مذكرة، طلب فيها الحكم أيضًا برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن المدعيين في الدعوى الموضوعية، كانا قد أقاما الدعوى رقم 67886 لسنة 70 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية)، ضد رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات النقابة العامة للتمريض المصري عام 2016، طالبين الحكم، بصفة مستعجلة: وقف انتخابات النقابة العامة للتمريض المصري لعام 2016، وعدم الاعتداد بالقرارات الناتجة عنها. وفى الموضوع: ببطلان انتخابات النقابة العامة للتمريض المصري لعام 2016، وعدم الاعتداد بالقرارات الناتجة عنها وبطلان إجراءاتها. وذلك على سند من القول بأن النقابة العامة للتمريض المصري أعلنت فتح باب الترشيح على منصب النقيب العام ومجلس النقابة العامة وكذا النقباء الفرعيين ومجالس النقابات الفرعية للتمريض المصري لعام 2016، وتقدم الطاعنان إلى الترشيح على منصب النقيب العام للتمريض، وعضو مجلس إدارة النقابة العامة، وتم قبول أوراق ترشحهما، وتقدما لتسلُّم الكشوف الخاصة بالجمعية العمومية النهائية بعد تنقيتها ومطابقتها لجداول المشتغلين المسددين للاشتراكات، إلا أن الموظف المختص امتنع عن تسليمهما تلك الكشوف، فأقاما الدعوى رقم 64901 لسنة 70 قضائية، وقضى فيها بجلسة 2/8/2016، بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، إلا أن المدعى عليه الثالث امتنع عن تنفيذ الحكم، فأقاما الدعوى رقم 67886 لسنة 70 قضائية، بطلباتهما السالفة البيان، وبجلسة 28/2/2018، قضت محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الثانية) بوقف الدعوى الموضوعية، وإحالة أوراقها إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة (18) من القانون رقم 115 لسنة 1976 بشأن إنشاء نقابة مهنة التمريض.

وحيث إن المادة (18) من القانون رقم 115 لسنة 1976 بإنشاء نقابة مهنة التمريض، بعد تعديلها بالقانون رقم 10 لسنة 1986 بشأن تعديل قانون إدارة قضايا الحكومة الصادر بالقرار بقانون رقم 75 لسنة 1963 تنص في الفقرة الأولى منها على حق وزير الصحة في الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية أو قراراتها أو في انتخاب النقيب وأعضاء المجلس أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة. ونصت فقرتها الثانية (المحالة) على أنه " كما يجوز لمائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية الطعن أمام المحكمة المذكورة في صحة انعقاد الجمعية أو في قراراتها أو نتيجة الانتخاب خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية وذلك بتقرير مسبب ومصدق على الإمضاءات الموقع بها عليه من الجهة المختصة، وإلا كان الطعن غير مقبول شكلاً، وتفصل المحكمة في الطعن على وجه الاستعجال وذلك بعد سماع أقوال نائب عن هيئة قضايا الدولة وأقوال النقيب أو من ينوب عنه وأحد الأعضاء مقدمِى الطعن أو من يمثله".

وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكانت طلبات المدعيين في الدعوى الموضوعية - وفقًا لما انتهت إليه محكمة الموضوع في تكييفها للدعوى - وقف تنفيذ، ثم إلغاء القرار الصادر بإعلان نتيجة انتخابات النقابة العامة للتمريض لعام 2016 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وكان النص المحال يحول بين المدعيين وحقهما في الطعن منفردين على صحة انعقاد تلك الجمعية العمومية، وما صدر عنها من قرارات أو نتيجة الانتخابات، ومن ثم فإن للفصل في دستورية هذا النص أثرًا حاكمًا ينعكس على فصل محكمة الموضوع في شروط قبول الطعن ابتداء، ومن ثم الدلوف للفصل في الطلبات محل الدعوى الموضوعية، تتحقق به المصلحة في الدعوى المعروضة. ويتحدد نطاق الدعوى في ضوء ذلك بما تضمنه النص المشار إليه من قصر حق الطعن على صحة انعقاد الجمعية العمومية، وعلى قراراتها، وعلى نتيجة الانتخاب، على مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية، وما تطلبه ذلك النص من وجوب التصديق على الإمضاءات الموقع بها على تقرير الطعن من الجهة المختصة.

وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص التشريعى المحال - في حدود نطاقه المتقدم - إعاقته حق التقاضى، فيما اشترطه من نصاب عددى للطعن على القرارات المشار إليها، وتصديق على الإمضاءات، الموقع بها على التقرير به، فضلاً عن إخلاله بالحق في إقامة التنظيمات النقابية على أسس ديمقراطية.

وحيث إن البيّن من نص الفقرة الثانية من المادة (18) من القانون رقم 115 لسنة 1976المشار إليه، أن ثمة شرطين يتعين توافرهما معًا لجواز الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية لنقابة مهنة التمريض، أو القرارات الصادرة منها، أو نتيجة الانتخاب، أولهما: أن يكون هذا الطعن مقدمًا من مائة عضو على الأقل من الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنقابة، ليكون انضمامهم إلى بعض نصابًا للطعن، فلا يقبل بعدد أقل. ثانيهما: أن يكون الطعن مستوفيًا شكلية بذاتها، قوامها أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن، مصدقًا عليها جميعًا من الجهة المختصة.

وحيث إن الشرطين المتقدمين ينالان من حق التقاضى، ويعصفان بجوهره، وعلى الأخص من زاويتين، أولاهما: أن الدستور كفل للناس جميعًا – بنص المادة 97 – حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعى، لا يتمايزون في ذلك فيما بينهم، فلا يتقدم بعضهم على بعض في مجال النفاذ إليه، ولا ينحسر عن فئة منهم، سواء من خلال إنكاره أو عن طريق العوائق الإجرائية أو المالية التى يحاط بها، ليكون عبئًا عليهم، حائلاً دون اقتضاء الحقوق التى يدعونها، ويقيمون الخصومة القضائية لطلبها، ذلك أنهم يتماثلون في استنهاض الأسس الموضوعية التى نظم المشرع بها تلك الحقوق لضمان فعاليتها، فقد كفل الدستور لكل منهم – سواء أكان شخصًا طبيعيًّا أم معنويًّا – الحق في الدعوى، ليكون تعبيرًا عن سيادة القانون، ونمطًا من خضوع الدولة لقيود قانونية تعلوها، وتكون بذاتها عاصمًا من جموحها وانفلاتها من كوابحها، وضمانًا لردها على أعقابها إن هى جاوزتها، لتظهر الخصومة القضائية بوصفها الحماية التى كفلها القانون للحقوق على اختلافها، وبغض النظر عمن يتنازعونها، ودون اعتداد بتوجهاتهم، فلا يكون الدفاع عنها ترفًا أو إسرافًا، بل لازمًا لاقتضائها وفق القواعد القانونية التى تنظمها. ثانيتهما: أن الخصومة القضائية لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها اجتناء منفعة يقرها القانون، تعكس بذاتها أبعاد الترضية القضائية التى يطلبها المتداعون، ويسعون للحصول عليها تأمينًا لحقوقهم. وهم بذلك لا يدافعون عن مصالح نظرية عقيمة، ولا عن عقائد مجردة يؤمنون بها، ولا يعبرون في الفراغ عن قيم يطرحونها، بل يؤكدون من خلال الخصومة القضائية تلك الحقوق التى أُضيروا من جراء الإخلال بها، ويندرج تحتها ما يكون منها متعلقًا بمجاوزة نقابتهم للقيود التى فرضها الدستور عليها، لتنفصل حقوقهم هذه، عن تلك المصالح الجماعية التى تحميها نقابتهم بوصفها شخصًا معنويًّا يستقل بالدفاع عنها في إطار رسالتها وعلى ضوء أهدافها والقيم التى تحتضنها. وهو ما يعنى أن تأمينها لمصالح أعضائها – منظورًا إليها في مجموعها – لا يعتبر قيدًا على حق كل منهم في أن يستقل عنها بدعواه التى يكفل بها حقوقًا ذاتية يكون صونها ورد العدوان عنها، متصلاً بمصلحته الشخصية المباشرة، ليتعلق بها مركزه القانونى الخاص في مواجهة غيره، فلا ينال من وجوده – ولو بنص تشريعى – قيد تقرر دون مسوغ.

وحيث إن الطعن على قرار معين – كلما توافر أصل الحق فيه – لا يجوز تقييده فيما وراء الأسس الموضوعية التى يقتضيها تنظيم هذا الحق، وإلا كان القيد مضيقًا من مداه أو عاصفًا بمحتواه. وكان حق النقابة ذاتها في تكوينها على أسس ديمقراطية، وكذلك إدارتها لشئونها بما يكفل استقلالها، ويقظتها في الدفاع عن مصالح أعضائها، وإنمائها للقيم التى يدعون إليها في إطار أهدافها، ووعيها بما يعنيهم، ومراجعتها لسلوكهم ضمانًا لصون الأسس التى حددها الدستور بنصى المادتين (76، 77) منه، وإن كان كافلاً لرسالتها محددة على ضوء أهدافها، وبمراعاة جوهر العمل النقابى ومتطلباته، إلا أن انحرافها عنها يقتضى تقويمها، ولا يكون ذلك إلا بإنزال حكم القانون عليها، باعتباره محددًا لكل قاعدة قانونية مجالاً لعملها، ومقيدًا أدناها بأعلاها، فلا تكون الشرعية الدستورية والقانونية إلا ضابطًا للأعمال جميعها، محيطًا بكل صورها، ما كان منها تصرفًا قانونيًّا أو متمحضًا عملاً ماديًّا، فلا تنفصل هذه الشرعية عن واقعها، بل ترد إليها أعمال النقابة وتصرفاتها جميعًا، ليكون تقويمها حقًّا مقررًا لكل من أعضائها، بقدر اتصال الطعن عليها بمصالحهم الشخصية المباشرة.

وحيث إن نص الفقرة الثانية من المادة (18) من القانون رقم 115 لسنة 1976 المشار إليه، قد نقض هذا الأصل، حين جعل الطعن على صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، أو في القرارات الصادرة منها، أو نتيجة الانتخاب، نصابًا عدديًّا، فلا يقبل إلا إذا كان مقدمًا من مائة عضو على الأقل من عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع تلك الجمعية، ليحول هذا القيد – وبالنظر إلى مداه – بين من يسعون لاختصامها من أعضائها، وأن يكون لكل منهم دعواه قبلها يقيمها استقلالاً عن غيره، ويكون موضوعها تلك الحقوق التى أخل بها القرار المطعون فيه، والتى لا يقوم العمل النقابى سويًّا دونها، وهى بعد حقوق قد تزدريها نقابتهم أو تغض بصرها عنها، فلا تتدخل لحمايتها ولو كان اتصالها برسالتها وتعلقها بأهدافها، وثيقًا. وقد افترض النص التشريعى المشار إليه أن أعضاء الجمعية العمومية – الذين جعل من عددهم نصابًا محتومًا للطعن في قراراتها – متحدون فيما بينهم في موقفهم منها، وأنهم جميعًا قدروا مخالفتها للدستور أو القانون، وانعقد عزمهم على اختصامها تجريدًا لها من آثارها وتعطيلاً للعمل بها، لتتخلى نقابتهم عنها. وهو افتراض قلمًا يتحقق عملاً، ولا يتوخى واقعًا غير مجرد تعويق الحق في الطعن عليها من خلال قيود تنافى أصل الحق فيه، ليكون أفدح عبئًا، وأقل احتمالاً.

وحيث إن النص التشريعى المحال لم يقف، في مجال تقييده لحق الطعن، عند حد إيجابه، أن يكون الطعن مقدمًا، من عدد لا يقل عن مائة عضو من أعضاء النقابة العامة، ممن حضروا جمعيتها العمومية، وإنما جاوز ذلك، إلى فرض شرط آخر، يتعين، بمقتضاه، أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن، مصدقًا عليها، من الجهة المختصة. وكان ما توخاه ذلك النص أن يكون هذا التصديق إثباتًا لصفاتهم، فلا يكون تقرير الطعن مقدمًا من أشخاص لا يعتبرون من أعضاء النقابة، ولا من أشخاص يتبعونها، ولكنهم تخلفوا عن حضور جمعيتها العمومية. وكان التصديق وإن تم في هذا النطاق، وتعلق بتلك الأغراض، يظل منطويًا على إرهاق المتقاضين بأعباء لا يقتضيها تنظيم حق التقاضى، بل غايتها أن يكون الطعن أكثر عسرًا من الناحيتين الإجرائية والمالية؛ وكان هذا القيد مؤداه كذلك، أن تحل الجهة الإدارية محل محكمة الطعن في مجال تثبتها من الشروط التى لا يقبل الطعن من الخصوم إلا بها – وتندرج صفاتهم تحتها – باعتبار أن تحقيقها وبسطها لرقابتها على توافرها، أو تخلفها، مما يدخل في اختصاصها، ولا يجوز بالتالى أن تتولاه الجهة الإدارية، وإلا كان ذلك منها عدوانًا على الوظيفة القضائية التى اختص المشرع غيرها بها، وانتحالاً لبعض جوانبها، وباطلاً لاقتحام حدودها.

وحيث إنه لما كان ما تقدم، فإن النص التشريعى المحال يغدو مصادمًا لنصوص المواد (76، 77، 94، 97) من الدستور الحالى، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه نص الفقرة الثانية من المادة (18) من القانون رقم 115 لسنة 1976 بإنشاء نقابة مهنة التمريض، المعدلة بالقانون رقم 10 لسنة 1986، من اشتراط أن يكون الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة أو في قراراتها أو نتيجة الانتخاب، من مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية، ومصدقًا على الإمضاءات الموقع بها على التقرير من الجهة المختصة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق