الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 يوليو 2021

الطعن 959 لسنة 29 ق جلسة 6/ 10/ 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 164 ص 767

جلسة 6 من أكتوبر سنة 1959

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وفهيم يسى جندي, ومحمود حلمي خاطر, وعباس حلمي سلطان المستشارين.

-------------------

(164)
الطعن رقم 959 لسنة 29 القضائية

استدلال.
مأموري الضبطية ذوو الاختصاص العام. اختصاصهم بالنسبة لجميع الجرائم التي تقع في دائرة اختصاصهم الإقليمي. المادة 23 أ. ج.
الفرق بين القبض والاستيقاف. سلطة مأمور الضبطية في استيقاف السيارة عند سيرها بسرعة ينجم عنها خطر على حياة الجمهور أو ممتلكاته.

---------------
ضباط البوليس في المراكز والبنادر والأقسام بمقتضى المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية من مأموري الضبطية القضائية الذين لهم في الدوائر التي يؤدون فيها وظائفهم اختصاص عام بشأن جميع الجرائم من جنايات وجنح ومخالفات - فإذا كانت المحكمة قد أثبتت بما أوردته من ظروف الدعوى أن المتهم كان يسير بسيارته مخالفا للوائح بسيره في شوارع المدينة بسرعة أكثر مما تستلزمه حسن القيادة في مثل هذه الظروف, الأمر الذي هو مما يجب على ضابط البوليس مراعاة تنفيذه, فإن استيقافه السيارة لاتخاذ ما يلزم بشأنها يكون صحيحا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - عبد الحميد غريب جاد المولى (الطاعن) و2 - عبد الفتاح عريان شعبان. بأنهما حازا جواهر مخدرة "حشيش وأفيون" بقصد الإتجار فيها في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و2 و33 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندان 1 و12 من الجدول (1) المرفق. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. (أولا) بمعاقبة عبد الحميد غريب جاد المولى بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. (ثانيا) ببراءة عبد الفتاح عريان شعبان مما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو القصور والفساد في الاستدلال والتناقض - وفي بيان ذلك يقول الطاعن - إن الحكم المطعون فيه استند في تبرير إيقاف السيارة - إلى أن الطاعن وضع نفسه موضع الريبة بأن قاد سيارته بسرعة ينجم عنها الخطر مما دعا الضابط إلى إيقافها في حين أن الثابت من التحقيقات أن السيارتين اللتين سبقتا هذه السيارة هما اللتان كانتا تسيران بسرعة وأن السيارة التي كان يركبها الطاعن كانت تسير بأقل من ذلك - وقد ثبت من تقرير المهندس الفني أن بالسيارة خللا يمنعها من السير بسرعة - فلم يكن هناك إذن ما يدعو إلى إيقافها - هذا وقد أشار الحكم إلى واقعة ارتباك الطاعن واتخذ منها دليلا على الريبة وقيام حالة التلبس مع أن هذه الواقعة مختلفة من جانب الضابط - ولم يقف الشهود فيها عند رواية واحدة - وكذا الشأن في واقعة شم رائحة المخدر وهو في السيارة - خصوصا إذا كانت مفتوحة من الجانبين - إذ ثبت من التجربة التي أجراها القاضي أنه لا يمكن شم رائحة المخدر وهو بداخل السيارة من المكان الذي كان يقف فيه الضابط - وما ساقه الحكم من أدلة لا ينهض دليلا على صحة واقعة شم المخدر أمام ما ظهر من المعاينة - هذا وقد جاء الحكم مناقضا بعضه بعضا إذا استند في إدانة الطاعن إلى تحريات مكتب المخدرات بالزقازيق في الوقت الذي اطرح فيه تلك التحريات بالنسبة للمتهم الآخر الذي قضى ببراءته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه أثناء مرور الملازم أول رأفت رشدي صلاح الدين ضابط مركز كفر صقر ومعه الجنديان السواري عبد الرحمن علي عسل وعبد اللطيف أحمد غنيم مرت سيارة ملاكي بسرعة جدا قادمة من ناحية كفر صقر ومتجهة إلى ناحية أبو الشقوق ثم أعقبتهما سيارة ملاكي أخرى مسرعة جدا أيضا مما جعل الخيول تقفز خوفا من سرعتها الأمر الذي دعاهم للاشتباه في أمرهما وبخاصة أنه لم يكن بداخل كل منهما سوى شخص واحد هو قائدها - ولما وصلوا إلى الشارع الرئيسي أمام مبنى المركز رأوا ضوء سيارة ثالثة آتية من ناحية نقطة مرور كفر صقر في اتجاه طريق أبو الشقوق وكانت تسير بسرعة أقل من السيارتين السابقتين نظرا لكونها داخل البندر فتوقفوا بخيولهم حتى يمكنهم أن يتبينوا مصدر الضوء وإذا بها تصل إلى مفارق كفر صقر وكانت مسرعة فأشار الضابط للسائق بالوقوف وكان يعترض الطريق بحصانه فوقفت السيارة فنزل من فوق ظهر الحصان وسلمه للعسكري عبد الرحمن علي عسل ووجد السيارة ماركة جيب تحمل رقم 27332 ملاكي مصر وبداخلها قائدها وهو المتهم الأول (الطاعن) ويجلس بجواره شخص آخر هو المتهم الثاني (وقد حكم ببراءته) فأمر السائق بالنزول منها ففعل وسأله عن سبب قيادته السيارة بكيفية ينجم عنها الخطر داخل البندر فأجابه بأنه قادم من الصالحية في طريقه إلى المنصورة لإصلاح السيارة فطلب منه رخصة القيادة فقدم له رخصة السيارة, وتبين أن اسم مالكها محمد عتيق خليل وذكر له أنه لا يحمل رخصة قيادة, وأنه في سبيل استخراجها فأمره بإيقاف محرك السيارة لاقتياده للمركز وهو على قيد بضع خطوات من مكان وقوف السيارة وذهب خلفه وأمسكه بيده وأنزله منها - وفي هذه الأثناء شم رائحة نفاذه تنبعث بشكل ملحوظ من داخل العربة إذ أنها مفتوحة من الجانبين وهى تشبه رائحة الحشيش فأخبر رجلي الدورية بذلك وسلمهما المتهم الأول المذكور, وبدأت الرائحة تزداد وأيقن أن بالعربة مخدرات فقام بتفتيشها في الحال وكان المتهم الثاني جالسا في مكانه لا يبدي أية حركة ووجد أن الرائحة تنبعث من داخل العربة من جوال في أرضيتها خلف المقعدين الأماميين مباشرة, فرفع هذا الجوال فألقاه ثقيلا وبفتحه خارج العربة عثر بداخله على إحدى عشر طربة حشيش داخل أكياس من القماش الأبيض السادة وهو جديد نوعا وطربة أخرى من نفس الحجم في قماش أبيض سادة وهو قديم نوعا وطربتين أخريين من نفس الحجم أيضا في قماش أبيض قديم أي أن مجموعها أربع عشرة طربة حشيش كما وجد كيسا من القماش الأبيض السادة في حجم طربتين من الحشيش بداخله أفيونا..." واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الضابط والجنديين وتقرير المعمل الكيماوي - ثم عرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "إن المتهم (الطاعن) قد وضع نفسه في موضع يدعو للريبة لقيادته سيارة بسرعة ينجم عنها الخطر ليلا داخل حدود المدينة فإن من حق ضابط البوليس أن يستوقفه ليتبين حقيقة أمره ويتحقق من شخصيته ومقصده وقد بدا له فعلا أن ليست لديه رخصة قيادة وعند اقترابه من السيارة اشتم رائحة الحشيش تنبعث بشدة منها - وذلك قبل تفتيشها - وأن هذه الرائحة النفاذة التي أدركها رجل الضبط القضائي وأخبر بها الجنديين المرافقين له قد دلت على أن المتهم المشار إليه كان متلبسا وقت وصولهم بجريمة إحراز المواد المخدرة...... ولو أن الضابط المذكور تردد أو تراخى في اتخاذ ما اتخذ من إجراء أو تصرف تصرفا آخر لضاعت فرصة ضبط الواقعة ولكان مقصرا في أداء واجبه. أما ما ذهب إليه الدفاع من عدم سلامة منطق الضابط بالنسبة لواقعة شم المخدر وسلبية التجربة التي أجريت بمعرفة قاضي محكمة كفر صقر فقول لا يؤخذ به على إطلاقه فقد قرر الضابط المذكور في صراحة وجزم أنه عندما أقترب من السيارة اشتم رائحة الحشيش تنبعث منها... وترى المحكمة في أقواله هذه سواء في التحقيق أو بالجلسة ما يبعث على الثقة بها والاطمئنان إليها, ذلك أن حاسة الشم تختلف قوتها باختلاف الأشخاص, كما أن الحالة التي كان عليها المخدر وقت الحادث تختلف عنها وقت إجراء المعاينة فقد كانت السيارة في الحالة الأولى قادمة من مسافة ليست بالقصيرة وكان محركها يبعث في هيكلها من الحرارة ما يكفي لتسخين المخدر نسبيا وقد كان موضوعا في أرضيتها فتتصاعد رائحته أكثر مما لو كان جافا باردا". لما كان ذلك - وكان ضباط البوليس في المراكز والبنادر والأقسام بمقتضى المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية - من مأموري الضبطية القضائية الذين لهم في الدوائر التي يؤدون فيها وظائفهم اختصاص عام بشأن جميع الجرائم من جنايات وجنح ومخالفات, وكان لا يجوز سوق السيارات بسرعة أو بكيفية ينجم عنها بحسب ظروف الأحوال خطر ما على حياة الجمهور وممتلكاته طبقا للائحة السيارات - فإذا كانت المحكمة قد أثبتت بما أوردته من ظروف الدعوى أن الطاعن كان يسير بسيارته مخالفا للوائح بسيره في شوارع المدينة بسرعة أكثر مما تستلزمه حسن القيادة في مثل هذه الظروف - الأمر الذي هو مما يجب على ضابط البوليس مراعاة تنفيذه - فإن استيقافه السيارة - لاتخاذ ما يلزم بشأنها يكون صحيحا - لما كان ذلك - وكان الإثبات في المواد الجنائية يقوم على حرية القاضي في تكوين عقيدته فلا جناح على المحكمة إن هى اطمأنت إلى ما شهد به ضابط البوليس أمامها من أن سيارة الطاعن كانت هى أيضا تسير بسرعة تزيد عن المقرر في اللوائح - فلما أوقفت واقترب الضابط منها اشتم رائحة الأفيون - فانبعاث هذه الرائحة متصاعدة من جوال بالسيارة يعتبر تلبسا بجريمة إحراز المخدر يخول من شمها من رجال الضبط القضائي البحث في الجوال وضبط المخدر الذي به للاستدلال به على الطاعن - وكان الحكم لم يستند في قيام حالة التلبس إلى واقعة ارتباك الطاعن ولا إلى تحريات رجال البوليس - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق