الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 3 يونيو 2021

الطعن 3586 لسنة 42 ق جلسة 1/ 6 / 2000 مكتب فني 45 توحيد المبادئ ق 3 ص 29

جلسة الأول من يونيو سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: د. عبد الرحمن عثمان عزوز ومحمد مجدي محمد خليل هارون ورائد جعفر النفراوي وجمال السيد دحروج وعويس عبد الوهاب عويس وإسماعيل صديق محمد راشد ومحمد أحمد الحسيني مسلم وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وجودة عبد المقصود فرحات - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(3)
الطعن رقم 3586 لسنة 42 قضائية عليا

(أ) قانون - تفسير النصوص التشريعية - القواعد التي تحكمه.
الأصل في النصوص التشريعية هو ألا تحمل على غير مقاصدها وألا تفسر عباراتها بما يخرج بها عن معناها أو بما يئول إلى الالتواء بها عن سياقها أو يعتبر تشويهاً لها سواء بفصلها عن موضوعها أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها

- المعاني التي تدل عليها هذه النصوص والتي ينبغي الوقوف عندها هي تلك التي تعتبر كاشفة عما قصده المشرع منها مبينة حقيقة وجهته وغايته من إيرادها - المحكمة حين تعمل سلطتها في التفسير القضائي للنصوص فإن ذلك يقتضيها ألا تعزل نفسها عن إرادة المشرع، بل عليها أن تستظهر هذه الإرادة وألا تخوض فيما يجاوز تحريها لماهيتها بلوغاً لغاية الأمر فيها مستعينة في ذلك بالأعمال التحضيرية الممهدة لها سواء كانت هذه الأعمال قد سبقتها مثل ما دار عند مناقشة القانون في الهيئة التشريعية أو عاصرتها مثل المذكرة الإيضاحية أو غير ذلك من التقارير المرفقة بالقانون، وذلك كله للوقوف على إرادة المشرع - تطبيق.
(ب) أزهر - العلماء خريجو الأزهر - المقصود بهم - تحديد سن التقاعد.
المادتان 1، 2 من القانون رقم 19 لسنة 1973 في شأن تحديد سن التقاعد للعلماء خريجي الأزهر ومن في حكمهم.
قصد المشرع تعويض خريجي الأزهر الشريف عن قصر مدة خدمتهم من جراء طول أمد دراستهم وحتى يكون ثمة أنصاف لهم يقضي على الفارق بينهم وبين أقرانهم ممن حصلوا على الشهادات العليا من الكليات التابعة للتعليم العام، وحفزاً للطلاب على الالتحاق بالمراحل المختلفة في الأزهر الشريف

- لم يقصر المشرع ذلك على العلماء من هيئة التدريس بالجامعة الأزهرية وحدهم، وإنما كان قانوناً عاماً يشمل العاملين بالجهاز الإداري للدولة وبشركات القطاع العام

- هذا القانون لم يصدر خاصاً بالعلماء خريجي الأزهر وحدهم وإنما شمل أيضاً خريجي دار العلوم وكلية الآداب من حملة الثانوية الأزهرية وهم حملة الليسانس تأكيداً لمبدأ المساواة بين المتماثلين في المراكز القانونية

- يستخلص من ذلك - أن المقصود بعبارة العلماء خريجي الأزهر خريجو كليات الأزهر من حملة الشهادات العالية مثلهم في ذلك مثل خريجي دار العلوم وكلية الآداب وهم من حملة الليسانس من حاملي الثانوية الأزهرية

- تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 4/ 1996 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 3586 لسنة 42 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بطنطا في الدعوى رقم 10175 لسنة 1 ق والذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار رقم 323 لسنة 1994 الصادر بتاريخ 19/ 2/ 1994 فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن قانوناً. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتداولت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - نظر الطعن حيث قررت بجلسة 4/ 9/ 1997 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - موضوع، وحددت لنظره أمامها جلسة 9/ 12/ 1997 وبها نظر وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 17/ 2/ 1998 إحالة الطعن إلى الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة لقيام موجب الإحالة إليها (العدول عن مبدأ سابق للمحكمة الإدارية العليا).
وقد تحدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 7/ 5/ 1998 وأثناء تداول نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم "أن عبارة العلماء من خريجي الأزهر المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1973 في ظل العمل بأحكام القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها تمتد لتشمل حملة الأجازة العالية من خريجي الأزهر المعادلة لدرجة الليسانس أو البكالوريوس وهؤلاء يفيدون من ميزة البقاء في الخدمة حتى بلوغهم سن الخامسة والستين.
وبجلسة 3/ 2/ 2000 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 6/ 4/ 2000 ومذكرات خلال ثلاثة أسابيع وخلال الأجل لم تقدم ثمة مذكرات وتم مد أجل النطق بالحكم إدارياً لجلسة 4/ 5/ 2000 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم الاستكمال المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وإتمام المداولة قانوناً.
ومن حيث إن مجمل عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق المودعة ملف الطعن في أن المدعي (المطعون ضده) كان قد أقام الدعوى رقم 10175 لسنة 1 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 13/ 9/ 1994 طالباً في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 323 لسنة 1994 الصادر بتاريخ 19/ 2/ 1994 فيما تضمنه من إحالته إلى المعاش اعتباراً من اليوم التالي لبلوغه سن الستين اعتباراً من 13/ 4/ 1994 وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شارحاً دعواه إنه من خريجي الأزهر الشريف كلية الشريعة والقانون عام 1965 وعين في 1/ 1/ 1966 باحثاً فنياً بالنيابة العامة ثم تدرج في وظيفته حتى شغل وظيفة كبير مفتشين بالإدارة العامة لتفتيش الأحوال الشخصية للولاية على النفس بنيابة شبين الكوم بدرجة مدير عام.
وبتاريخ 19/ 2/ 1994 صدر القرار المطعون فيه رقم 323 لسنة 1994 بإنهاء خدمته ورفع اسمه من سجل قيد أسماء العاملين بالنيابة العامة اعتباراً من 13/ 4/ 1994 التاريخ التالي لبلوغه سن الستين المقررة لترك الخدمة.
وينعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته لصحيح حكم القانون لفقدانه السبب الأمر الذي يصمه بالبطلان ذلك أن القانون رقم 19 لسنة 1973 وتعديلاته بشأن تحديد سن التقاعد للعلماء خريجي الأزهر الشريف يذهب إلى تحديد سن التقاعد لهؤلاء العلماء ومن في حكمهم بخمس وستين سنة وليس ستين سنة وأضاف المدعي أنه كان قد حصل على الثانوية الأزهرية قبل منحه الإجازة العالية الليسانس من كلية الشريعة والقانون فإنه يحق له الاستمرار في الخدمة حتى سن الخامسة والستين عملاً بحكم المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1973 ويغدو القرار الصادر بإحالته إلى المعاش (323 لسنة 1994 المطعون فيه) مخالفاً لصحيح حكم القانون واجب الإلغاء.
وبجلسة 25/ 2/ 1996 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار رقم 323 لسنة 1994 فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد شيدت المحكمة قضاءها - بعد أن استعرضت نصوص القانون رقم 19 لسنة 1973 وتعديلاته بتحديد سن التقاعد للعلماء خريجي الأزهر والأعمال التحضيرية له - على أساس أن هذا القانون يرتكز على فترة الدراسة السابقة على التعليم العالي وليس الفترة اللاحقة إذ قصد المشرع حماية الثانوية الأزهرية وتعويض حاملها عما قضاه في دراستها زيادة عن زميله في التعليم العام بما أدى إلى تأخيره في التحاقه بالوظائف وأن هذا القانون لم يصدر من أجل العلماء من هيئة التدريس بالجامعة الأزهرية وحدهم وإنما كان قانوناً عاماً يشمل العاملين بالجهاز الإداري للدولة وشركات القطاع العام، كذلك فإن هذا القانون لم يتعلق بخريجي الأزهر وحدهم إنما شمل أيضاً خريجي كلية دار العلوم وكلية الآداب من حاملي الثانوية الأزهرية وهم من حملة الليسانس مما يستخلص منه أن المقصود بعبارة "العلماء خريجي الأزهر" خريجي كليات الأزهر من حملة الشهادة العالية مثلهم في ذلك مثل خريجي دار العلوم وكلية الآداب وهم من حملة الليسانس المسبوقة بالثانوية الأزهرية. وخلصت المحكمة من جماع ما تقدم إلى قضائها السابق الإشارة إليه.
ولم ترتض الجهة الإدارية الطاعنة ما قضى به الحكم المطعون فيه فأقامت طعنها الماثل على سند أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن القانون رقم 19 لسنة 1973 حدد على سبيل الحصر الذين يستفيدون من الاستثناء المقرر به وهم طائفة العلماء دون سواهم وبالتالي عدم أحقية العاملين الحاصلين على شهادة الإجازة العالية من كلية الشريعة والقانون والدراسات العربية ومن في حكمهم في البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين لأنهم لا يندرجوا في عداد المخاطبين بحكم المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1973.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يتمثل في تحديد معنى ومدلول عبارة العلماء خريجي الأزهر الواردة في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1973 المعدل بالقانونين رقمي 45 لسنة 1974، 42 لسنة 1977 وبالتالي تحديد فئة المستفيدين من حكم هذه المادة وهم الذين قرر المشرع لهم حق البقاء في الخدمة حتى بلوغهم سن الخامسة والستين.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1973 في شأن تحديد سن التقاعد للعلماء خريجي الأزهر ومن في حكمهم تنص على أنه "استثناء من أحكام القوانين التي تحدد سن الإحالة إلى المعاش، تنتهي خدمة العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الحكم المحلي والهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها والهيئات القضائية والجامعات والمعاهد العليا ومراكز البحوث وغيرها من الجهات من العلماء خريجي الأزهر وخريجي دار العلوم من حملة ثانوية الأزهر أو تجهيزية دار العلوم وخريجي كلية الآداب من حملة ثانوية الأزهر وحاملي العالمية المؤقتة أو العالمية على النظام القديم غير المسبوقة بثانوية الأزهر ببلوغ سن الخامسة والستين".
وتنص المادة الثانية من هذا القانون على أن "يسري حكم المادة السابقة على الطوائف المشار إليها إذا كانوا في الخدمة وقت العمل بهذا القانون أو كانوا قد التحقوا بالمعاهد الأزهرية قبل العمل بالقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر ثم توفرت فيهم الشروط المنصوص عليها في المادة السابقة بعد تاريخ العمل بهذا القانون.
كما يسري هذا الحكم على من تجاوز سن الستين وتقرر مد خدمتهم أو إعادة تعيينهم بمكافأة شهرية شاملة تعادل الفرق بين المرتب الأساسي الذي كان يتقاضاه العامل وما يستحقه من معاش مضافاً إليه غلاء المعيشة".
ومن حيث إن الأصل في النصوص التشريعية هو ألا تحمل على غير مقاصدها وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها أو يعتبر تشويهاً لها سواء بفصلها عن موضوعها أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها، ذلك أن المعاني التي تدل عليها هذه النصوص والتي ينبغي الوقوف عندها هي تلك التي تعتبر كاشفة عما قصده المشرع منها مبينة حقيقة وجهته وغايته من إيرادها، والمحكمة حين تعمل سلطتها في التفسير القضائي للنصوص فإن ذلك يقتضيها ألا تعزل نفسها عن إرادة المشرع، بل عليها أن تستظهر هذه الإرادة وألا تخوض فيما يجاوز تحريها لماهيتها بلوغاً لغاية الأمر فيها مستعينة في ذلك بالأعمال التحضيرية الممهدة لها سواء كانت هذه الأعمال قد سبقتها مثل ما دار عند مناقشة مشروع القانون في الهيئة التشريعية أو عاصرتها مثل المذكرة الإيضاحية أو غير ذلك من التقارير المرفقة بالقانون، وذلك كله للوقوف على إرادة المشرع الحقيقية.
ومن حيث إنه يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 19 لسنة 1973 المشار إليه وما دار في مجلس الشعب عند مناقشة مشروع هذا القانون (مضبطتي المجلس لجلستي 25/ 11/ 1972، 10/ 2/ 1973) والمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 45 لسنة 1974 بتعديل القانون رقم 19 لسنة 1973 وتقرير لجنة القوى العاملة المرفق بالتعديل الأخير لهذا القانون الصادر بالقانون رقم 42 لسنة 1977 والمنشور بالنشرة التشريعية يبين من كل ما تقدم أن إرادة المشرع استندت في إصدار هذا القانون بتعديليه سالفي البيان على أن طالب الأزهر يقضي في دراسته الإعدادية والثانوية تسع سنوات أي بزيادة قدرها ثلاث سنوات عما يقضيه زميله في هاتين المرحلتين في التعليم العام كما أن الالتحاق بالمرحلة الابتدائية الأزهرية يبدأ في سن أكبر من زميله في المرحلة ذاتها في التعليم العام وهو الأمر الذي يؤدي إلى أن مرجع الاستثناء الوارد بالمادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1973 هو أن مدة الدراسة بالتعليم الأزهري تطول عنها في مدارس التعليم العام.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن قصد المشرع من إصدار ذلك القانون هو تعويض خريجي الأزهر الشريف عن قصر مدة خدمتهم من جراء طول أمد دراستهم وحتى يكون ثمة إنصاف لهم يقضي على الفارق بينهم وبين أقرانهم ممن حصلوا على الشهادات العالية من تلك الكليات التابعة للتعليم العام، وحفزاً للطلاب على الالتحاق بالمراحل المختلفة في الأزهر الشريف لهذا لم يقصر المشرع ذلك على العلماء من هيئة التدريس بالجامعة الأزهرية وحدهم، وإنما كان قانوناً عاماً يشمل العاملين بالجهاز الإداري للدولة وبشركات القطاع العام كذلك فإن هذا القانون لم يصدر خاصاً بالعلماء خريجي الأزهر وحدهم وإنما شمل أيضاً خريجي دار العلوم وكلية الآداب من حملة الثانوية الأزهرية وهم حملة الليسانس تأكيداً لمبدأ المساواة بين المتماثلين في المراكز القانونية مما يستخلص منه أن المقصود بعبارة العلماء خريجي الأزهر خريجي كليات الأزهر من حملة الشهادات العالية مثلهم في ذلك مثل خريجي دار العلوم وكلية الآداب وهم من حملة الليسانس من حاملي الثانوية الأزهرية.
ولا يغير من ذلك أو ينال منه ما أثير من خلاف في شأن تحديد مدلول لفظ العلماء خريجي الأزهر ذلك أن هذا الخلاف أساسه ما يذهب إليه بعض المفسرين من أن العالم هو من بيده شهادة العالمية طبقاً لأحكام قوانين الأزهر السابقة على القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها وهي تلك القوانين التي كانت تطلق اسم شهادة العالمية على الشهادة التي يحصل عليها المتخرج من كليات الأزهر المماثلة لكليات الجامعات الأخرى فلما صدر القانون رقم 103 لسنة 1961 المشار إليه خص اسم شهادة العالمية بالشهادة المماثلة للدكتوراه فلما استخدم القانون رقم 19 لسنة 1973 لفظ العلماء من خريجي الأزهر انصرف معنى العبارة في أذهان البعض إلى أن المقصود بها هم حملة شهادة الدكتوراه وظهر طبقاً لهذه الوجهة من النظر تباين شديد في تطبيق حكم المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1973 إذ يفهم منه (في ضوء هذا النظر) أن من يستفيد من حكم البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين هم حملة الدكتوراه من خريجي الأزهر وكذلك حملة الليسانس والبكالوريوس من خريجي كليات دار العلوم وكليات الآداب متى كان هؤلاء جميعاً من حاملي ثانوية الأزهر ووجه المفارقة فيما أفضى إليه هذا الفهم أنه سوى بين حملة الدكتوراه من الأزهر وحملة الليسانس والبكالوريوس من كليات الآداب ودار العلوم وأنه جعل مناط الحكم في الحالين هو الحصول على ثانوية الأزهر، وإذ جاز الاعتبار بثانوية الأزهر بشأن الشهادة التالية وهي الليسانس أو البكالوريوس فلا يظهر مسوغ ولا مبرر قانوني أو فعلي يجعل شهادة الثانوية لها هذا التأثير مع شهادة الدكتوراه التي يحصل عليها الدارس بعد الليسانس والماجستير.
وهو الأمر الذي يؤكد على سلامة وجهة النظر التي تحدد معنى ومدلول عبارة العلماء خريجي الأزهر حيث تصدق على حملة الشهادات العالية بحسبان أن عبارة العالم تجري مجرى الغالب في الاستخدام العام باعتبار أن مناط تطبيق حكم القانون رقم 19 لسنة 1973 هو الحصول على ثانوية الأزهر وهذا هو الشرط الفارق بين الاستفادة من الحكم وعدم الاستفادة منه ولا ينال من ذلك أن القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر قد نقل اسم شهادة العالمية من أن تكون شهادة إتمام الدراسة العليا بالجامعة إلى أن تكون اسماً على الشهادة المعروفة بالدكتوراة فإن ذلك لا يؤدي إلى أن ينقل مفهوم العالم من حاملي الليسانس والبكالوريوس إلى حامل الدكتوراه في تطبيق القانون رقم 19 لسنة 1973 وإلا فإن هذا القانون الأخير يكون قد سوى بين دكتوراه الأزهر والشهادات العالية التي تمنحها كليات الآداب ودار العلوم الأمر الذي لم يقصده المشرع بإصداره القانون رقم 19 لسنة 1973 على نحو ما سلف بيانه والذي يستبعده النظام التشريعي للدولة كله فيما حرص عليه وأكده من المساواة بين الشهادات العالية لجامعة الأزهر والشهادات العالية التي تمنحها كليات الآداب ودار العلوم في مجال تطبيق حكم القانون رقم 19 لسنة 1973 وإذ كان هذا القانون الأخير على ما سبق خاطب خريجي كليات معينة بحكم مد سن الإحالة إلى المعاش إلى الخامسة والستين وجعل مناط استفادتهم من هذا الحكم حصولهم على ثانوية الأزهر بحسبان أنها الشهادة السابقة على شهادة التخرج فلا يجوز في منطق القانون ذاته أن تكون شهادة ثانوية الأزهر هي ذاتها مناط تطبيق حكم لا يخضع له إلا حملة الدكتوراه (العالمية) وخاصة أن هذه الشهادة غير مقيدة بعدد من السنوات للحصول عليها مقرر سلفاً بمنهج سنة فسنة كشأن شهادات التخرج فلا وجه للمقارنة بينهما ومن ثم فإن عبارة العلماء خريجي الأزهر تنصرف على كافة خريجي كليات الأزهر حملة الشهادات العالية وهم الذين قصدهم المشرع بالعبارة الواردة في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1973 الصادر بتحديد سن الإحالة إلى المعاش بالنسبة إليهم في الخامسة والستين متى كانوا جميعاً من حملة الثانوية الأزهرية والموجودين في الخدمة وقت العمل بهذا القانون أو من التحقوا بالمعاهد الأزهرية قبل العمل بالقانون رقم 103 لسنة 1961 ثم توافرت في شأنهم الشروط المنصوص عليها في المادة الأولى سالفة الذكر بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 19 لسنة 1973.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأن المقصود بعبارة العلماء خريجي الأزهر الواردة بالمادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1973 هم خريجو كليات الأزهر من حملة الشهادات العالية المعادلة لدرجة الليسانس أو البكالوريوس المسبوقة بثانوية الأزهر ويسري عليهم حكم البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين وبالقيود والشروط والضوابط المنصوص عليها في القانون رقم 19 لسنة 1973 بتحديد سن التقاعد للعلماء خريجي الأزهر ووفقاً لما هو مبين بالأسباب وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق