الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 مارس 2015

الطعن 3717 لسنة 65 ق جلسة 1 / 2 / 1999 مكتب فني 50 ق 17 ص 84

جلسة الأول من فبراير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضويه السادة المستشارين/ محمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا ومحمد الصيرفي نواب رئيس المحكمة وهشام البسطويسي.

----------------

(17)
الطعن رقم 3717 لسنة 65 القضائية

 (1)قانون "إلغاؤه" "تطبيقه". استثمار.
نص المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 230 لسنة 1989 على إلغاء نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون 43 لسنة 1974. أثره.
اعتبار المشروعات الخاضعة لقانون الاستثمار رقم 230 لسنة 1989 من مشروعات القطاع الخاص أياً كانت الطبيعة القانونية للأموال المصرية المساهمة فيها.
عدم سريان القوانين واللوائح الخاصة بالقطاع العام أو العاملين فيه.
ماهية المزايا التي قدرها المشرع لتلك المشروعات؟

 (2)
استيلاء على أموال أميرية. شركات استثمار. قانون "تطبيقه". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المقصود بالأموال العامة في نص المادة 119 عقوبات؟
انطباق المادة 119 عقوبات على أموال شركات الاستثمار المساهم فيها بأموال مؤسسة عامة. أساس ذلك؟
النعي باعتبار أن شركة الأهرام للاستثمار من شركات الاستثمار الخاصة وأن أموالها ليست أموال عامة. غير سديد
.
 (3)
تزوير "أوراق رسمية". إثبات "بوجه عام".
جرائم التزوير لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
 (4)
تزوير. إثبات "بوجه عام". "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نعى الطاعن بشأن عدم توصل المعمل الجنائي إلى القائم بتزوير الشيك المنسوب لرئيس مجلس إدارة الشركة. غير مجد. أساس ذلك؟
 (5)
مأمورو الضبط القضائي. استجواب. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق مأمور الضبط القضائي في سؤال المتهم دون استجوابه.
الاستجواب المحظور ماهيته؟
تسجيل مأمور الضبط ما يبديه المتهم من اعتراف في حق نفسه وحق غيره من المتهمين. لا يعد استجواباً ولا يخرج عن اختصاصه
.
(6)
محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
 (7)
إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشاهد والأخذ منها ما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وإطراح ما عداه في حق متهم آخر ولا تناقض في ذلك.
(8)
إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع تجزئة الاعتراف والأخذ منه بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
 (9)
إثبات "اعتراف" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة الأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين. ما دامت اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض
.
 (10)
نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". محكمة النقض "الحكم في الطعن".
لمحكمة النقض نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها أنه بني على خطأ في تطبيق القانون. المادة 35/ 2 من القانون 57 لسنة 1959.
الرد بجميع صوره ليس عقوبة. المقصود بها إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة وتعويض الدولة عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها. ظاهره معنى العقوبة. أساس ذلك؟

(11)
دعوى جنائية. تضامن. مسئولية جنائية. عقوبة "تطبيقها".
التضامن في الرد بين المحكوم عليهم في إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات. شرطه وحده؟
جزاء الرد توقيعه بمقدار ما اختلسه المتهم أو حصل عليه
.
 (12)
استيلاء على أموال أميرية. موظفون عموميون. عقوبة "تطبيقها". غرامة. محكمة النقض "سلطتها".
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات. طبيعتها: من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 144عقوبات وجوب الحكم بها على المتهمين متضامنين.
وجوب تحديد الحكم عقوبة الغرامة بالعملة المصرية. لا يغير من ذلك أن تكون الغرامة المقضي بها من الغرامات النسبية أو أن يكون المال الذي وقعت عليه الجريمة من النقد الأجنبي المسموح بتداوله في البلاد. تقديرها بقيمة ذلك النقد الأجنبي بالعملة المصرية في تاريخ وقوع الجريمة.
القضاء بتغريم الطاعنين الثلاثة بغرامة مساوية للمبالغ المستولى عليها دون النص على التضامن بينهم وتقدير بعض الغرامة بالدولار الأمريكي. خطأ في القانون. يوجب تصحيحه.

---------------
1 - إن قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 سنة 1989 نص في المادة الثانية من مواد إصداره على إلغاء نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 وأورد في الباب الثاني منه الضمانات والمزايا والإعفاءات المقررة للمشروعات الخاضعة لأحكامه، فنص بالمادة السابعة على اعتبار تلك المشروعات من مشروعات القطاع الخاص أياً كانت الطبيعة القانونية للأموال المصرية المساهمة فيها ولا تسرى عليها القوانين واللوائح الخاصة بالقطاع العام أو العاملين فيه ثم حدد في المواد التالية المزايا التي قدر المشرع أن تتمتع بها تلك المشروعات فحظر تأميمها أو مصادرتها أو الحجز على أموالها عن غير طريق القضاء، وأخرج منتجاتها من التسعير الجبري ومبانيها من نظام تحديد القيمة الإيجارية ومن الخضوع لبعض أحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وقرر لها العاملين بها إعفاءات ضريبية ووضع قيداً على إجراءات طلب رفع الدعوى عليها في الجرائم التي تقع بالمخالفة لقوانين الجمارك والضرائب وتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي. وكل الضمانات والمزايا والإعفاءات المشار إليها وإن أفصحت عن أن المشروع ابتغى أن يوفر لتلك المشروعات عناصر النجاح لما قدره من أهميتها للتنمية الاقتصادية للبلاد، إلا ما تضمنه هذا الباب وسائر مواد القانون ليس فيه ما ينبئ عن أن المشرع أراد حرمان المال العام الذي يستثمر في إحدى المشروعات الخاضعة لأحكامه من الحماية الجنائية الخاصة المقررة له في قانون العقوبات أو أن يترخص في أحكام تلك الحماية.
2 - إن المادة 119 من قانون العقوبات تنص على أنه يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب - الباب الرابع - ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإرادتها... (ب) الهيئات والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام... (ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة. وكان قرار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط والمالية والاقتصاد رقم 241 لسنة 1980 والذي رخص - في ظل سريان أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليه أنفاً - في تأسيس شركة الأهرام للاستثمار وفقاً للعقد المرفق به والذي يبين منه أن مؤسسة الأهرام الصحفية تساهم في رأس مال هذه الشركة بسبعين وتسعمائة وألفي سهم من مجموع الأسهم البالغ ثلاثة آلاف سهم، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بشأن الطبيعة القانونية للشركة المذكورة وخلص إلى انطباق المادة 119 أنفة الذكر علي أموالها، فإن ما خلص إليه الحكم من ذلك يكون صحيحاً ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد.
3 - القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل من تقرير المعمل الجنائي أن أوامر التحويل الثلاثة وخطاب اعتماد الشيك رقم... مزورة وحصل من اعتراف الطاعن أنه الذي ظهر هذا الشيك باسم... وأضاف بيانه إلى خطاب الاعتماد ثم زور إشعار خصم الشيك الصادر من البنك الأهلي وأنه الذي زور أوامر التحويل الثلاثة الموجهة إلى البنك الأهلي وخلص من ذلك ومن باقي الأدلة التي أوردها إلى أن الطاعن اشترك مع مجهول في تزوير تلك المحررات، كما يبين من سائر ما أورده الحكم أن عقيدة المحكمة قامت على أساس أن الطاعن ارتكب التزوير لمصلحة نفسه تمهيداً ثم تغطية لاستيلائه وباقي الطاعنين على قيمة ذلك الشيك وتلك التحويلات وأنه يستوي لدى المحكمة أن يكون قد ارتكب هذا التزوير بنفسه أو بواسطة غيره، فلا يجدي الطاعن ما يثيره بشأن عدم توصل المعمل الجنائي لتحديد من زور توقيع رئيس مجلس إدارة الشركة على الشيك المشار إليه.
5 - أن لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً، وكان الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاً ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها وإذ كان يبين من الاطلاع على المفردات أن ما أثبته مأمور الضبط القضائي في محضر الضبط لا يعدو أن يكون تسجيلاً لما أدلى به الطاعن من اعتراف في حق نفسه وحق غيره من المتهمين، وأن الضابط اقتصر على الاستفسار منه عما ورد في اعترافه مجملاً مما لا يعد استجواباً ولا يخرج عن حدود ما يناط بمأمور الضبط القضائي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد وما رتبه على القول ببطلان ذلك الإجراء لا يكون سديداً.
6 - إن لمحكمة الموضوع أن تستخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة ما دام استخلاصها سائغاً متفقاً مع العقل والمنطق.
7 - لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشهود لتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح منها ما لم تطمئن إليه في حق متهم آخر دون أن يعد هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في شرعة العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها ما دام الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها.
8 - لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل - ولو كان اعترافاً - والأخذ منه بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
9 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي غيره من المتهمين وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من اعتراف المتهم الأول في محضر جمع الاستدلالات وفي تحقيق النيابة العامة مقارفة الطاعنين للأفعال التي دانهما بارتكابها فإن ما يثيرانه من أن الحكم أعرض عن عدول المتهم المذكور عن تلك الأقوال ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى مما لا شأن لمحكمة النقض به.
10 - الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على خطأ في تطبيق القانون، وكان جزاء الرد المنصوص عليه في المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان في ظاهره يتضمن معنى العقوبة إلا أنه في حقيقته لم يشرع للعقاب أو الزجر، وإنما قصد به إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة وتعويض الدولة عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها.
11 - من المقرر أنه كلما تعدد المحكوم عليهم بالرد في إحدى الجرائم المنصوص عليها بالمادة المذكورة كانوا متضامنين في الالتزام به وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوي إلا إذا عين الحكم نصيب كل متهم فيما يجب رده وذلك عملاً بالمادة 169 من القانون المدني، كما أن هذا الجزاء يوقع بمقدار ما اختلسه المتهم أو حصل عليه.
12 - إن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من القانون المذكور هي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 سالفة الذكر، وكان إصدار الدولة للنقود هو مظهر من مظاهر استقلالها وسيادتها، كما أن الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة المصرية، ومن ثم فقد نصت المادة 17 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 163 لسنة 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان على أن "يكون لأوراق النقد التي يصدرها البنك المركزي قوة إبراء غير محدودة"، كما جرى التعريف بعقوبة الغرامة وبيان حديها وإجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة بها في المادتين 22 ,23 من قانون العقوبات والمادتين 509، 511 من قانون الإجراءات الجنائية وفي سائر مواد هذين القانونين والقوانين العقابية الأخرى على أساس العملة المصرية المتداولة، ومؤدى ذلك كله أنه يجب في كل حكم يصدر بعقوبة الغرامة أن يحدد مقدارها بالعملة المصرية، ولا يغير من هذا الوجوب أن تكون الغرامة المقضي بها من الغرامات النسبية أو أن يكون المال الذي وقعت عليه الجريمة من النقد الأجنبي المسموح بتداوله في البلاد، إذ يتعين تقدير قيمة الغرامة بقيمة ذلك النقد الأجنبي بالعملة المصرية في تاريخ وقوع الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم الطاعنين الثلاثة غرامة مساوية للمبالغ المستولى عليها فتعدد بذلك إلزامهم بها، ولم ينص على التضامن بينهم، كما أن الحكم قدر بعض الغرامة المقضي بها بالدولار الأمريكي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يؤذن بتصحيحه بإلزام المحكوم عليهم متضامنين بدفع غرامة واحدة مقدرة بالعملة المصرية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخرين قضي ببراءتهما - بوصف أنهم
أولاً: المتهم الأول: بصفته موظفاً عاماً بالإدارة العامة للاستيراد والتصدير بمؤسسة الأهرام. 1 - سهل للمتهم الثاني الاستيلاء بغير حق على مبلغ 467000 جنيه "أربعمائة وسبعة وستين ألف جنيه" والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في الزمان والمكان آنف الذكر ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرر لإحدى الشركات هو الشيك رقم..... وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة وزيادة كلمات بأن حرر المتهم الثاني بياناته على غرار الشيكات الصحيحة وضمنه - استحقاق... لقيمة هذا الشيك - ومهره المتهم الأول بتوقيع نسبة زوراً لرئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للاستثمار ثم أضاف رقم هذا الشيك المزور بحافظة الشيكات المسلمة إليه واستعمل المحرر المزور المذكور فيما زور من أجله بأن احتج بصحة ما ورد فيه فتمكن بهذه الحيلة من تمكين المتهم الثاني من استيلائه على المبالغ قيمة هذا الشيك وهو الأمر المعاقب عليه قانوناً بنص المادة 214 مكرراً/ 1 من قانون العقوبات. 2 - سهل للمتهم الثاني الاستيلاء بغير حق على مبلغ 101700 دولار أمريكي "مائة وواحد ألف وسبعمائة دولار أمريكي" والمملوكة لجهة عمله سالفة البيان على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في الزمان والمكان أنفي البيان ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرر لإحدى الشركات وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة بأن اصطنع أوامر التحويل المؤرخة في 16/ 4، 26/ 7، 23/ 9/ 1992 والمبينة بالتحقيقات والمرفقة بها على غرار الأوامر الصحيحة ضمنها زوراً استحقاق.... و.... لقيمتها وزيلها بتوقيع نسبه زوراً لرئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للاستثمار واستعمل المحررات المزورة المذكورة فيما زورت من أجله بأن قدمها للمختصين بالبنك الأهلي المصري الفرع الرئيسي محتجاً بصحة ما ورد بها فتمكن بهذه الحيلة المتهم الثالث من صرف المبالغ أنفة البيان وهو الأمر المعاقب عليه بنص المادة 214 مكرراً عقوبات. 3 - استولى بغير حق وبنية التملك على ورقة مملوكة لجهة عمله بأن غافل المختصين بتلك الجهة وانتزع مطبوع الشيك رقم.... بنية إضافته على تلك الجهة على النحو المبين بالتحقيقات. 4 - اختلس أوراق لجهة عمله بأن سلم الإخطارات رقم.... والمؤرخ 5/ 2/ 1992 الصادر من البنك الأهلي المصري الفرع الرئيسي والمتضمن بيانات الشيك رقم... المؤرخة 16/ 4، 26/ 7، 23/ 9/ 1992 والصادر من البنك الأهلي المصري الفرع الرئيسي والمتضمنة بيانات أوامر التحويل المذكورة لتوصيلها لجهة عمله إلا أنه احتبس لنفسه الإخطار الأول وقام بتمزيقه والإخطارات الثلاث الأخرى بنية إضاعتها على جهة عمله على النحو المبين بالتحقيقات. 5 - ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرر لأحد البنوك وهو إشعار الخصم رقم... المؤرخ في 5/ 2/ 1992 وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة بأن أنشأ هذا الإشعار على غرار الإشعار الصحيح موضوع التهمة السابقة وضمنه صرف الشركة العامة لصناعات الورق "راكتا" لقيمة الشيك رقم... وذيله بتوقيعات نسبها زوراً للمختصين بالبنك الأهلي المصري الفرع الرئيسي واستعمل المحرر المزور المذكور فيما زور من أجله بأن قدمه للمختصين بجهة عمله محتجاً بصحة ما ورد فيه على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهم الثاني: 1 - بصفته موظفاً عاماً مهندس بشركة..... استولى بغير حق وبينة التملك على مبلغ 467 ألف جنيه (أربعمائة وسبعة وستين ألف جنيه) والمملوكة لشركة الأهرام للاستثمار "مطابع الأهرام التجارية" على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير في محرر لإحدى الشركات واستعماله ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في الزمان والمكان سالفي البيان - ارتكب تزويراً في محرر لإحدى الشركات المساهمة هو الشيك رقم 2924381 وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة وزيادة كلمات بأن استحصل المتهم الأول على مطبوع هذا الشيك ومهره بتوقيع نسبه زوراً لرئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للاستثمار ثم أضاف رقم هذا الشيك المزور بحافظة الشيكات المسلمة إليه ثم قام المتهم الثاني بتحرير بياناته وتظهيره بتوقيع نسبه زوراً أيضاً لـ..... واستعمل المتهم الثاني المحرر المذكور فيما زور من أجله بأن قدمه للمختصين بالبنك الأهلي المصري الفرع الرئيسي محتجاً بصحتها فتمكن بهذه الحيلة من صرف قيمته وهو الأمر المعاقب عليه بنص المادة 214 مكرراً عقوبات. 2 - اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم الأول في ارتكاب جنايتي الاستيلاء بغير حق على مطبوع الشيك رقم.... واختلاس الإخطار رقم... المؤرخ 5/ 1/ 1992 موضوع التهمة. أولاً: 3، 4 بأن اتفق معه على ارتكابها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات.
ثالثاً: المتهم الثالث - بصفته موظفاً عاماً "...." 1 - استولى بغير حق وبنية التملك على مبلغ 101700 "دولار أمريكي" "مائة وواحد ألف وسبعمائة دولار أمريكي" والمملوكة لشركة الأهرام للاستثمار "مطابع الأهرام التجارية" وقد ارتبطت الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في الزمان والمكان آنف البيان ارتكب والمتهم الأول تزويراً في محررات لإحدى الشركات المساهمة هي أوامر التحويل المؤرخة 16/ 4، 26/ 7، 23/ 9/ 1992 وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة بأن حرر المتهم الأول بيانات هذه الأوامر المخالفة للحقيقة على غرار الأوامر الصحيحة وضمنها استحقاق كلاً من...... و...... لقيمة مبالغها بإملاء من المتهم الثالث واستعملها المتهم الأول فيما زورت من أجله بأن قدمها للمختصين بالبنك الأهلي المصري الفرع الرئيسي محتجاً بصحة ما ورد فيها فتم بموجبها صرف قيمتها لكلاً من..... و...... حسني النية وهو الأمر المعاقب عليه بنص المادة 214 مكرراً عقوبات.
2 -
اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم الأول في ارتكاب جناية اختلاس الإخطارات المنسوبة إليه بالتهمة أولاً/ 4 بأن اتفق معه على ارتكابها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات. وإحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 27، 30، 112/ أ، ب، 113/ 1 - 2، 118، 119/ ب - ز, 119 مكرر/ هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون: -
أولاً: - بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة وإلزامه برد مبلغ 467000 (أربعمائة وسبعة وستين ألف جنيه) بالتضامن مع المتهم الثاني ومبلغ 46700 (ستة وأربعين ألف وسبعمائة دولار أمريكي) بالتضامن مع المتهم الثاني والثالث ومبلغ 55000 (خمسة وخمسين ألف دولار أمريكي) بالتضامن مع المتهم الثالث وبتغريمه مبلغاً مساوياً لمجموع هذه المبالغ وعزله من وظيفته. ثانياً: - بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وبرد مبلغ 467000 (أربعمائة سبعة وستين ألف جنيه) بالتضامن مع المتهمين الثاني والثالث وبتغريمه مبلغاً مساوياً لمجموع هذين المبلغين وبعزله من وظيفته عما أسند إليه عدا التهمة الواردة بالفقرة (ب) من البند ثانياً من أمر الإحالة فتقضي ببراءته منها. ثالثاً: - بمعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبإلزامه برد مبلغ 46700 (ستة وأربعين ألف وسبعمائة دولار أمريكي) بالتضامن مع المتهمين الأول والثاني ومبلغ 55000 (خمسة وخمسين ألف دولار أمريكي) بالتضامن مع المتهم الأول وبتغريمه مبلغاً مساوياً لمجموع هذين المبلغين وبعزله من وظيفته لمدة سنتين عما أسند إليه عدا التهمة الواردة بالفقرة (2) بالبند ثالثاً من أمر الإحالة فتقضي ببراءته منها. رابعاً: - مصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

أولاً: الطعن المقدم من الطاعن الأول: -
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس والاستيلاء على أموال عامة مرتبطة بتزوير محررات واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأنه تمسك في دفاعه بأن المادة 113 مكرراً من قانون العقوبات هي الأولى بالتطبيق من المواد التي قام عليها الاتهام إذ أن الشركة المجني عليها من شركات الاستثمار الخاصة، غير أن الحكم اعتبر أن أموالها أموالاً عامة لأن الدولة تساهم فيها دون أن يبين كيفية ومقدار تلك المساهمة. كما أن الحكم لم يبين مدى تحقق أركان الجرائم المذكورة والدليل على مقارفة الطاعن لها لاسيما وأنه لم يثبت أن الطاعن هو الذي وضع التوقيعات المزورة على الأوراق المضبوطة وأنه لم يقع منه تزوير الشيك موضوع الاتهام, هذا إلى أن الطاعن دفع ببطلان اعترافه بمحضر الشرطة لأنه وليد استجواب محظور على رجالها وبطلان اعترافه في تحقيق النيابة الذي جاء أثر ذلك الاستجواب ونتيجة له فرد عليه الحكم بما لا يصلح رداً وعول في إدانته على ذلك الاعتراف الباطل، وذلك كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله "إن المتهم الأول...... (الطاعن) يعمل موظفاً بمطابع الأهرام واختص بنقل المستندات المالية الخاصة بجريده الأهرام إلى البنوك التي تتعامل مع الجريدة وقد تمكن من الاستيلاء على شيك خال من البيانات رقم..... مسحوب على البنك الأهلي المصري الفرع الرئيسي كان بعهدة الموظف بالإدارة المالية بمطابع الجريدة بقليوب المدعو...... وسلمه إلى المتهم الثاني.... المهندس الزراعي بشركة...... (الطاعن الثاني) والذي حرر به تاريخ الاستحقاق وأن المستفيد هو...... أحد الموردين المتعاملين مع الجريدة وأنه بمبلغ 467000 جنيه, ثم قام المتهم الأول بتظهيره بأن وقع على ظهره باسم...... بعد أن مهره بتوقيع نسبه إلى..... رئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للاستثمار, ثم استغل المتهم الأول بحكم وظيفته خطاباً مسلماً إليه وموجهاً من الجريدة إلى البنك الأهلي المصري بشأن الشيك رقم... المرفوع لأمر جمارك القاهرة والمنطقة الجنوبية والموقع من...... مدير عام مطابع الأهرام وأضاف إليه ما يفيد طلب ضم الشيك رقم.... إلى قائمه الشيكات مقبولة الدفع واعتمد طلب اعتماد الشيكين..... و... مقبولي الدفع بتوقيع نسبه زوراً إلى..... مدير عام مؤسسة الأهرام وتوجه والمتهم الثاني...... إلى البنك، وبعد أن سلم الحافظة قدم المتهم الثاني لصراف البنك الشيك رقم.... المظهر وصرفه خصماً من حساب الجريدة بالبنك بعد أن حرر بخط يده على ظهر الشيك بيانات باسمه وعنوانه ورقم بطاقته العائلية, ولما اكتشفت إدارة المراجعة بالأهرام خصم المبلغ من حساب المطابع لدى البنك الأهلي ودون أن يكون الشيك رقم..... مقيداً بسجلات المطابع كلف المتهم الأول.... بالاتصال بالبنك للاستفسار عن بيانات ذلك الشيك فتوجه معه.... الموظف بحسابات مطابع قليوب، وبالبنك دخل.... "المتهم الأول" لوحدة حسابات البنك بمفرده واستبقى..... بالخارج وعاد الأول ومعه إشعار خصم قام باصطناعه برقم 349695 مؤرخ 5/ 2/ 1992 مضمونه أن مبلغ 467000 جنيه صرف على خلاف الحقيقة للشركة العامة لصناعات الورق (راكتا) بموجب ذلك الشيك واختلس حافظة خصم ذلك الشيك المسلمة لتسليمها للإدارة المالية للمطابع وقام بتمزيقها حتى يخفي تصرفه, ولما شعر باكتشاف أمره هرب إلى ليبيا هو والمتهم الثاني..... وضبط هناك وأعيد بمعرفة الشرطة، وأثر ذلك تم مراجعة أعمال المتهم الأول..... وتبين أنه قام باصطناع ثلاثة أوامر تحويل مؤرخة 16/ 4، 26/ 7، 23/ 9/ 1992 وموجهة للبنك الأهلي المصري وذيل كل منها بتوقيع نسبه زوراً إلى...... رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام, الأول بتحويل مبلغ 46700 دولار أمريكي لحساب...... بالمصرف العربي الدولي والثاني بتحويل مبلغ 25000 دولار أمريكي لحساب....... ببنك قناة السويس والثالث بتحويل مبلغ 30000 دولار أمريكي لحساب..... ببنك قناة السويس وذلك بعد أن أحضر إليه المتهم الثالث..... الطبيب البشرى رقمي حساب.... بالمصرف العربي الدولي و....... ببنك قناة السويس، وبعد أن علم بتحويل المبلغ توجه المتهمان الثاني..... والثالث....... إلى بنك المصرف العربي الدولي صحبه...... وقام الأخير بصرف مبلغ 46700 دولار أمريكي المحول وسلمه للمتهمين الثاني والثالث بعد أن أخذ عليهما إقراراً بالاستلام بعد أن فوجئ بأن المبلغ محول من حساب شركة الأهرام وليس وارداً من الكويت حسبما أفهمه المتهم الثالث، ثم سلم المتهمان الثاني والثالث المبلغ للمتهم الأول, وتوجه المتهمان الأول..... والثالث..... صحبة...... إلى بنك قناة السويس وقام الأخير بصرف مبلغين على مرحلتين الأول بمبلغ 25000 دولار أمريكي والثاني بمبلغ30000 دولار أمريكي وسلم المبلغين للمتهمين الأول والثالث" وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة سائغة مؤدية إلى ما رتبه عليها مستقاة من أقوال رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام وشركة الأهرام للاستثمار وأقوال شهود الإثبات من العاملين بالجهتين المذكورتين وبالبنك الأهلي المصري وضابط مباحث الأموال العامة وما قرره كل من...... و....... و........ ومن اعتراف الطاعن الأول ومن الإقرار الموقع من الطاعنين الثاني والثالث ومن تقرير المعمل الجنائي ومن مطابقة أصل بطاقة الطاعن الثاني على صورتها المرفقة بالشيك رقم 2924381". لما كان ذلك، وكان قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 سنة 1989 نص في المادة الثانية من مواد إصداره على إلغاء نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 وأورد في الباب الثاني منه الضمانات والمزايا والإعفاءات المقررة للمشروعات الخاضعة لأحكامه، فنص بالمادة السابعة على اعتبار تلك المشروعات من مشروعات القطاع الخاص أياً كانت الطبيعة القانونية للأموال المصرية المساهمة فيها ولا تسري عليها القوانين واللوائح الخاصة بالقطاع العام أو العاملين فيه ثم حدد في المواد التالية المزايا التي قدر المشرع أن تتمتع بها تلك المشروعات فحظر تأميمها أو مصادرتها أو الحجز على أموالها عن غير طريق القضاء، وأخرج منتجاتها من التسعير الجبري ومبانيها من نظام تحديد القيمة الإيجارية ومن الخضوع لبعض أحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وقرر لها وللعاملين بها إعفاءات ضريبية ووضع قيداً على إجراءات طلب رفع الدعوى عليها في الجرائم التي تقع بالمخالفة لقوانين الجمارك والضرائب وتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي. وكل الضمانات والمزايا والإعفاءات المشار إليها وإن أفصحت عن أن المشروع ابتغى أن يوفر لتلك المشروعات عناصر النجاح لما قدره من أهميتها للتنمية الاقتصادية للبلاد، إلا أن ما تضمنه هذا الباب وسائر مواد القانون ليس فيه ما ينبئ عن أن المشرع أراد حرمان المال العام الذي يستثمر في إحدى المشروعات الخاضعة لأحكامه من الحماية الجنائية الخاصة المقررة له في قانون العقوبات أو أن يترخص في أحكام تلك الحماية، ولما كانت المادة 119 من قانون العقوبات تنص على أنه يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب - الباب الرابع - ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها...... (ب) الهيئات والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام..... (ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة. وكان قرار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط والمالية والاقتصاد رقم 241 لسنة 1980 والذي رخص - في ظل سريان أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليه أنفاً - في تأسيس شركة الأهرام للاستثمار وفقاً للعقد المرفق به والذي يبين منه أن مؤسسة الأهرام الصحفية تساهم رأس مال هذه الشركة بسبعين وتسعمائة وألفي سهم من مجموع الأسهم البالغ ثلاثة آلاف سهم، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بشأن الطبيعة القانونية للشركة المذكورة وخلص إلى انطباق المادة 119 أنفة الذكر علي أموالها، فإن ما خلص إليه الحكم من ذلك يكون صحيحاً ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك, وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً, وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من تقرير المعمل الجنائي أن أوامر التحويل الثلاثة وخطاب اعتماد الشيك رقم.... مزورة وحصل من اعتراف الطاعن أنه الذي ظهر هذا الشيك باسم........ وأضاف بيانه إلى خطاب الاعتماد ثم زور إشعار خصم الشيك الصادر من البنك الأهلي وأنه الذي زور أوامر التحويل الثلاثة الموجهة إلى البنك الأهلي وخلص من ذلك ومن باقي الأدلة التي أوردها إلى أن الطاعن اشترك مع مجهول في تزوير تلك المحررات، كما يبين من سائر ما أورده الحكم أن عقيدة المحكمة قامت على أساس أن الطاعن ارتكب التزوير لمصلحة نفسه تمهيداً ثم تغطية لاستيلائه وباقي الطاعنين على قيمة ذلك الشيك وتلك التحويلات وأنه يستوي لدى المحكمة أن يكون قد ارتكب هذا التزوير بنفسه أو بواسطة غيره، فلا يجدي الطاعن ما يثيره بشأن عدم توصل المعمل الجنائي لتحديد من زور توقيع رئيس مجلس إدارة الشركة على الشيك المشار إليه. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً، وكان الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاً ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها وإذ كان يبين من الاطلاع على المفردات أن ما أثبته مأمور الضبط القضائي في محضر الضبط لا يعدو أن يكون تسجيلاً لما أدلى به الطاعن من اعتراف في حق نفسه وحق غيره من المتهمين، وأن الضابط اقتصر على الاستفسار منه عما ورد في اعترافه مجملاً مما لا يعد استجواباً ولا يخرج عن حدود ما يناط بمأمور الضبط القضائي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد وما رتبه على القول ببطلان ذلك الإجراء لا يكون سديداً. ويكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: طعن المحكوم عليهما الثاني والثالث: -
ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان كلاً منهما بجريمة الاستيلاء على مال عام مرتبطة بالتزوير محررات واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال مع الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعنين تمسكا في دفاعهما بأن الشركة المجني عليها من شركات القطاع الخاص الخاضعة لقانون الاستثمار ولا تدخل أموالها في عداد الأموال العامة فرد الحكم عليهما بما لا يصلح رداً، وعبر الحكم عن اطمئنان المحكمة إلى الأدلة على ارتكاب الطاعنين لما أسند إليهما عن اتفاق مع المتهم الأول، ثم عاد وعبر عن الشك في قيام ذلك الاتفاق فيما ساقه من أسباب لبراءتهما من بعض التهم وبراءة متهمين آخرين من تهمة إخفاء بعض الأموال المستولى عليها، وأعرض الحكم عما استقرت عليه أقوال المتهم الأول من أنه استغل قرابته للطاعنين وأوعز إليهما بأن ما يصرفه من البنوك إنما هي أموال اقترضها من تجارة له مع الشركة التي يعمل بها فأتيا ما أتياه بنية سليمة ليتيسر صرفها له، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه. ومن حيث أنه عما يثيره الطاعنان بشأن الطبيعة القانونية للأموال المستولى عليها فمردود بما سبق الرد به على ما أثاره الطاعن في هذا الصدد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى - على نحو ما سلف - بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وساق على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إلى اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً متفقاً مع العقل والمنطق. كما أن لها أن تزن أقوال الشهود لتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح منها ما لم تطمئن إليه في حق متهم آخر دون أن يعد هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في شرعة العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها ما دام الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها. وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة اطمأنت إلى ما شهد به المقدم...... بخصوص ما دلت عليه تحرياته بشأن بعض الوقائع المنسوبة إلى الطاعنين والطاعن الأول لتساندها مع ما حصلته من باقي الأدلة وأطرحت ما تضمنته تحريات هذا الضابط بشأن الوقائع الأخرى المنسوبة إلى الطاعنين وإلى متهمين آخرين قضت ببراءتهما لافتقارها إلى ما يؤيدها من أوراق الدعوى، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل - ولو كان اعترافاً - والأخذ منه بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه، كما أن لها أن تأخذ بأقوال متهم في حق نفسه وفي غيره من المتهمين وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من اعتراف المتهم الأول في محضر جمع الاستدلالات وفي تحقيق النيابة العامة مقارفة الطاعنين للأفعال التي دانهما بارتكابها فإن ما يثيرانه من أن الحكم أعرض عن عدول المتهم المذكور عن تلك الأقوال ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى مما لا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس حرياً به الرفض.
لئن كان ما تقدم، إلا أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون، وكان جزاء الرد المنصوص عليه في المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان في ظاهره يتضمن معنى العقوبة إلا أنه في حقيقته لم يشرع للعقاب أو الزجر. وإنما قصد به إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة وتعويض الدولة عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها، ومؤدى ذلك أنه كلما تعدد المحكوم عليهم بالرد في إحدى الجرائم المنصوص عليها بالمادة المذكورة كانوا متضامنين في الالتزام به وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوي إلا إذا عين الحكم نصيب كل متهم فيما يجب رده وذلك عملاً بالمادة 169 من القانون المدني، كما أن هذا الجزاء يوقع بمقدار ما اختلسه المتهم أو حصل عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن قضى بإلزام الطاعن الأول برد المبالغ المستولى عليها بالتضامن مع من ساهم معه في الاستيلاء عليها من الطاعنين الثاني والثالث، إلا أنه عاد فردد ذلك الإلزام بالنسبة لكل من هذين الطاعنين فتكرر بذلك القضاء بالرد على نحو يجاوز مقدار المبالغ المستولى عليها مما يعيب الحكم بمخالفة القانون في هذا الشأن ويوجب تصحيحه برفع ما شابه من تكرار.. وفضلاً عما تقدم، فلما كانت المادة 44 من قانون العقوبات تنص على أنه "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد لجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافاً للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك". وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من القانون المذكور هي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 سالفة الذكر، وكان إصدار الدولة للنقود هو مظهر من مظاهر استقلالها وسيادتها، كما أن الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة المصرية، ومن ثم فقد نصت المادة 17 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 163 لسنة 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان على أن "يكون لأوراق النقد التي يصدرها البنك المركزي قوة إبراء غير محدودة"، كما جرى التعريف بعقوبة الغرامة وبيان حديها وإجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة بها في المادتين22 و23 من قانون العقوبات والمادتين 509 و511 من قانون الإجراءات الجنائية وفي سائر مواد هذين القانونين والقوانين العقابية الأخرى على أساس العملة المصرية المتداولة، ومؤدى ذلك كله أنه يجب في كل حكم يصدر بعقوبة الغرامة أن يحدد مقدارها بالعملة المصرية، ولا يغير من هذا الوجوب أن تكون الغرامة المقضي بها من الغرامات النسبية أو أن يكون المال الذي وقعت عليه الجريمة من النقد الأجنبي المسموح بتداوله في البلاد، إذ يتعين تقدير قيمة الغرامة بقيمة ذلك النقد الأجنبي بالعملة المصرية في تاريخ وقوع الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم الطاعنين الثلاثة غرامة مساوية للمبالغ المستولى عليها فتعدد بذلك إلزامهم بها، ولم ينص على التضامن بينهم، كما أن الحكم قدر بعض الغرامة المقضي بها بالدولار الأمريكي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يؤذن بتصحيحه بإلزام المحكوم عليهم متضامنين بدفع غرامة واحدة مقدرة بالعملة المصرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق