جلسة 12 من ديسمبر سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أمين عبد العليم وعمر بريك ورشاد قذافي وعبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة.
------------------
(162)
الطعن رقم 5233 لسنة 68 القضائية
(1) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اكتفاء الدفاع بسماع المجني عليها وتلاوة أقوال الشهود الغائبين وترافعه وطلبه البراءة. لا إخلال بحق الدفاع.
(2) إثبات "شهود". دفوع "الدفع بعدم المعقولية وتلفيق الاتهام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحصيل الحكم لأقوال الشهود بما لا تناقض فيه. النعي عليه بعدم معقولية تصوير المجني عليها للواقعة وكذبها وتلفيق الاتهام. جدل في سلطة المحكمة في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لا يشترط في الدليل أن يكون مباشراً على اقتراف الجريمة ودالاً بذاته على وقوعها. كفاية الاستدلال به بالاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية على وقوعها.
(4) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره. حد ذلك؟
(5) قانون "تطبيقه". أحداث. اختصاص.
اختصاص محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا بمحاكمة الطفل الذي جاوز الخامسة عشر متى أسهم فيها بالغ. أساس ذلك؟
(6) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة.
تولي محام واحد الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة. لا إخلال بحق الدفاع. ما دامت ظروف الدعوى لا تؤدي إلى قيام تعارض حقيقي بين مصالحهم.
تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام أساسه الواقع. لا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبده من أوجه الدفاع.
(7) أحداث. إثبات "خبرة". محكمة الأحداث. محكمة الجنايات. محكمة أمن الدولة.
وجوب حضور خبيرين من الأخصائيين الاجتماعيين أحدهما من النساء على الأقل بمحكمة الأحداث وعليهما تقديم تقرير لها عن حالة الطفل. حضورهما أمام محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا. غير لازم. لها الاستعانة بمن تراه لبحث ظروف الطفل. أساس ذلك؟
(8) أحداث. عقوبة "تطبيقها". ظروف مخففة. قانون. محكمة النقض "سلطتها".
العقوبة المقررة للحدث في ضوء الفقرة الأخيرة من المادة 112 من قانون الطفل عند استعمال المادة 17 من قانون العقوبات. ماهيتها؟
توقيع عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة على الطفل الذي زاد سنه على ستة عشر سنة ولم يبلغ الثامنة عشر. خطأ يوجب تصحيحه. أساس ذلك؟
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الشهود بما لا تناقض فيه وسوغ الاستدلال بها على ثبوت التهم التي دان الطاعنين بها فإن النعي بخصوص ذلك وبعدم معقولية التصوير الذي قالت به المجني عليها وكذبها وتلفيقها الاتهام وكذا المنازعة في توافر عنصر الإكراه في الخطف والمواقعة والسرقة لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة المحكمة في تقدير الدليل وهو ما لا يقبل التحدي به أمام محكمة النقض.
3 - لا يشترط في الدليل أن يكون مباشراً في اقتراف الجريمة ودالاً بذاته على وقوعها بل يكفي الاستدلال به بالاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية على وقوع الجريمة في أي مرحلة من مراحل ارتكابها، وأن يكون التساند إليه منتجاً وكافياً مع غيره في الاطمئنان إلى وقوع الجريمة وصحة إسنادها إلى مرتكبها كالحال في الدعوى.
4 - للمحكمة أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها فإنه لا على الحكم المطعون فيه إن عول على تقرير الأدلة الجنائية فيما تطالعه الصور عن وقوع الجريمة بالإكراه بعد ما أدركه الحكم بنفسه متفقاً في التقرير وله أصله في الأوراق - من أن بين الصور ما يكشف اعتداء الطاعن الأول جنسياً على المجني عليها وتصويره عارياً تماماً وما تكشفه عن عدم رضاء المجني عليها وتعرية جزء من جسمها - وهو ما يتفق مع ما حصله الحكم عن الواقعة ودلل عليه من أقوال الشهود عن الإكراه في الخطف والمواقعة والسرقة.
5 - من المقرر بنص المادة 122 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 - التي وقعت الجريمة في ظله - أنه وإن كان الأصل عملاً بالفقرة الأولى من المادة المشار إليها أن تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف كما تختص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في المواد 113 إلى 116 والمادة 119 من القانون المار ذكره إلا أن الفقرة الثانية للمادة 122 من قانون الطفل نصت على أن يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال بنظر قضايا الجنايات التي يتهم فيها طفل جاوزت سنه خمس عشرة سنة وقت ارتكابه الجريمة متى أسهم في الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل.
6 - من المقرر أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد أو هيئة دفاع واحدة واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الدعوى لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين ارتكبوا معاً أفعال السرقة بالإكراه واعتبرهم فاعلين أصليين في هذه الجريمة وكان القضاء بإدانة أحدهم فيها - كما يستفاد من أسباب الحكم لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخرين وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع فإنه لا يعيب الحكم في خصوص هذه الدعوى أن يتولى الأستاذ...... محامي الطاعن الأول والثاني الدفاع عن الطاعن الثالث لأن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبد من أوجه الدفاع ما دام لم يبده فعلاً.
7 - من المقرر بنص المادة 121 من قانون الطفل رقم 12 سنة 1996 (المقابلة للمادة 28 من قانون الأحداث رقم 31 سنة 1974 الملغى) أن يعاون محكمة الأحداث خبيران من الأخصائيين أحدهما على الأقل من النساء ويكون حضورهما إجراءات المحاكمة وجوبياً وعلى الخبيرين أن يقدما تقريرهما للمحكمة بعد بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه وذلك قبل أن تصدر محكمة الأحداث حكمها وإنه يتعين مراعاة ذلك أمام المحكمة الاستئنافية التي تنظر استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث، مما يقطع بدخول الخبيرين في تشكيل أي من محكمتي أول وثاني درجة، إلا أن المادة 122 من قانون الطفل لم تجعل للخبيرين هذا الدور أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا وإنما أوجبت الفقرة الأخيرة من المادة آنفة الذكر على أي من المحكمتين الأخيرتين بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ولها أن تستعين في ذلك بمن تراه، ولا يساغ القول في هذا الصدد أن المادة 127 من قانون الطفل وقد أوجبت على المحكمة في حالة التعرض للانحراف وفي مواد الجنايات والجنح وقبل الفصل في أمر الطفل أن تستمع إلى أقوال المراقب الاجتماعي بعد تقديمه تقريراً بحالته يوضح العوامل التي دفعت الطفل للانحراف أو التعرض له ومقترحات إصلاحه كما يجوز للمحكمة الاستعانة في ذلك بأهل الخبرة ولا يجوز أن ينصرف حكم هذا النص على كل المحاكم بما فيها محكمتي الجنايات وأمن الدولة لأن المشرع في نصوص محاكمة الحدث في المواد 121، 122، 123، 124، 126 إنما كان يخاطب محكمة الأحداث باسمها وكذلك فعل في المادتين 129، 132 مما يفيد أن نص المادة 127 موجه إلى محكمة الأحداث بحكم استصحاب المخاطب السابق على هذه المادة واللاحق عليها ولو أراد المشرع إعمال حكم المادة 127 أمام محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا لما أعوزه النص على ذلك صراحة في الفقرة الأخيرة من المادة 122 لكنه استثنى محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا من دور الباحث الاجتماعي ووجوب وضعه تقريراً عن الحدث كما فعل من قبل عندما عهد بمهمة الباحث الاجتماعي للنيابة العسكرية عند محاكمة الحدث أمام المحاكم العسكرية والذي تقرر بالقانون رقم 72 سنة 1975 وعندما عهد بمهمته أيضاً للنيابة العامة عند محاكمة الحدث أمام محكمة أمن الدولة العليا والذي تقرر بالقانون رقم 97 سنة 1992.
8 - لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 112 من قانون الطفل تنص على أنه "ولا تخل الأحكام السابقة بسلطة المحكمة في تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات في الحدود المسموح بتطبيقها قانوناً على الجريمة التي وقعت من المتهم" والتي تمت إضافتها عند مناقشة مشروع قانون الطفل قصد بها - على ما يبين من مضبطة مجلس الشعب إعمالها على العقوبة المقررة للجريمة في قانون العقوبات والقوانين المكملة لا على العقوبة المقررة للطفل في المادتين 111، 112 من القانون 12 لسنة 1996 وذلك حتى لا يكون الطفل في وضع أسوأ من البالغ - ولا وجه للقول بأن عقوبة السجن التي وردت في قانون الطفل في المادتين المشار إليهما بالنسبة للجرائم التي عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة - هي التي حلت محل العقوبة الأصلية وعليها دون غيرها إعمال المادة 17 من قانون العقوبات لأن ذلك مردود بأن صراحة نص الفقرة الأخيرة من المادة 112 من قانون الطفل على أن استعمال المادة 17 من قانون العقوبات إنما يرد على الحدود المسموح بتطبيقها على الجريمة لا على العقوبة المقررة للطفل في القانون 12 لسنة 1996 ومع وضوح النص وصراحته لا وجه لتأويله لحمله على غير المعنى الظاهر من لفظه وعلى غير رغبة الشارع منه ولأنه لو أراد القانون تخفيفاً فوق تخفيف العذر القانوني الوارد في قانون الطفل لما أعوزه النص على ذلك كما فعل بالنسبة للطفل الذي بلغ خمسة عشرة سنة ولم يبلغ ستة عشرة سنة إذا ما ارتكب جريمة عقوبتها السجن فلقد نصت الفقرة الثانية للمادة 111 من القانون المار ذكره على أن للقاضي بدلاً من النزول بالعقوبة إلى الحبس لمدة لا تقل عن 3 شهور - وهو نطاق إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - أجاز للقاضي أن يحكم بدلاً من الحبس بإيداع الطفل إحدى المؤسسات ومن المعروف أن الإيداع هو تدبير أخف من عقوبة الحبس السالبة للحرية، ومما يؤكد أن استعمال المادة 17 من قانون العقوبات إنما يرد على العقوبة الواردة في قانون العقوبات أو القوانين المكملة أن المادة 112 من قانون الطفل لم تحدد عقوبة للجريمة التي عقوبتها السجن إذا ما ارتكبها طفل زاد سنه على ست عشرة سنة ميلادية ولم يبلغ الثامنة عشر سنة وبالتالي لا يوجد ما ترد عليه المادة 17 من قانون العقوبات ولا يساغ القول بأن هذا الطفل غير معاقب على هذه الجريمة أو أنه محروم من موجبات الرأفة التي تسمح بها المادة 17 من قانون العقوبات في حين أن الطفل الأصغر منه سنة عملاً بالمادة 111 معاقب على الجريمة واستعمل المشرع بالنسبة له حدود المادة 17 وزاد على نطاقها كما سلف ذكره، وعلى هذا النظر يتعين القول بأن المشرع عندما استبدل حداً أدنى من السجن في المادة 112 من قانون الطفل - بعقوبتي الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة - واستبدل السجن بالأشغال الشاقة المؤقتة في هذه المادة ولم يقض إلا بعقوبة السجن بالنسبة للطفل في المادة 111 من القانون 12 سنة 1996 إذا ما ارتكب جرائم عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة إنما قصد المشرع أن يحول بين الطفل وبين أقصى العقوبة المغلظة لعدم ملاءمتها تاركاً ما سواها لنص العقاب الأصلي وما يرد عليه من تخفيف وفق المادة 17 من قانون العقوبات بدليل أن صدر نص المادتين 111، 112 بعدم إنزال هذه العقوبات المغلظة، ثم أعمل بعد ذلك مباشرة - بالنسبة للطفل الذي بلغ سنه خمس عشرة سنة ولم يبلغ ست عشرة سنة - المادة 17 من قانون العقوبات وجوبياً وزاد تخفيفاً عندما استبدل الإيداع بالحبس. وبالنسبة للمادة 112 من قانون الطفل وضع العقوبة التي تحل محل أقصى العقوبة المغلظة تاركاً الأمر فيما سواها للقواعد العامة. لذلك لم ينص على عقوبة إذا ما ارتكب الطفل في المادة 112 جريمة عقوبتها السجن على السياق المتقدم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن الثالث - وهو طفل زاد سنه على ست عشرة سنة ميلادية كاملة ولم يبلغ الثامنة عشرة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة - قد قضي عليه بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عشر سنوات وهي عقوبة ممنوعة بنص المادة 112 من قانون الطفل - وإذا ما كانت الجرائم التي أثبتها الحكم في حق هذا الطفل هي السرقة بالإكراه وهتك عرض المجني عليها بتصويرها عارية بغير رضاها وأشد عقوبة لهذه الجرائم المرتبطة هي المعاقب عليها بالمادة 314 من قانون العقوبات الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة بينما في قانون الطفل هي السجن فإنه يتعين تصحيح العقوبة المقضي بها على الطاعن الثالث بجعلها السجن لمدة 3 سنوات وذلك عملاً بحق محكمة النقض المقرر في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ما دام العوار الذي شاب الحكم لم يرد على بطلانه أو على بطلان في الإجراءات أثر فيه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم - المتهمان الأول والثاني: خطفا ..... بطريق الإكراه بأن انتزعاها من مكان سيرها بالطريق العام شاهرين في وجهها سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" منهالين عليها ضرباً بعموم جسدها فمنعاها من المقاومة واقتاداها إلى أرض فضاء قاصدين مواقعتها، وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي البيان: واقعا المجني عليها سالفة الذكر كرهاً عنها بأن طرحها الأول أرضاً ومزق ملابسها وجثم فوقها بينما تعدى الثاني عليها بالضرب ومقيداً حركة قدميها قاصداً من ذلك تمكين الأول من مواقعتها جنسياً على النحو المبين بتقرير الطب الشرعي. المتهمون جميعاً: - سرقوا المجني عليها سالفة الذكر بطريق الإكراه والتهديد بأن أشهروا في وجهها سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" وانهالوا عليها ضرباً محدثين إصابتها المبينة بتقرير الطب الشرعي مكرهين إياها على بيع مصوغاتها الذهبية والاستيلاء على ثمنها على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الثالث. ( أ ) هتك عرض المجني عليها سالفة الذكر بالقوة بأن التقط صوراً لها أثناء مواقعة الأول لها جنسياً كرهاً عنها على النحو المبين بتقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية قسم التصوير الضوئي. (ب) التقط صوراً للمحني عليها سالفة الذكر دون رضاها على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 268 مكرراً/ ب، 290، 309، 314 من قانون العقوبات ومواد قانون الطفل 12 لسنة 1996 مع تطبيق المادتين 17، 32 من القانون الأول بمعاقبة كل من الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة والثالث بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وإلزامهم بالتضامن بأن يؤدوا للمدعية بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
أولاً: عن طعن المحكوم عليهما الأول والثاني: -
ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم خطف المجني عليها بالإكراه المقترن بجناية مواقعتها بغير رضاها وسرقتها بالإكراه قد أخل بحقهما في الدفاع وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ اكتفت المحكمة بسماع أقوال المجني عليها دون سماع باقي شهود الإثبات، ولم ترد على ما أثاره الدفاع عن كذبها وتلفيقها وتناقضها واستحالة حصول الواقعة في الظهيرة وفق تصويرها لأن مكان الحادث وزمانه المأهول بالمارة كان يمكنها من الاستغاثة لو أصابها شيء دون رضاها مما ينفي إكراهها، وإن مواقعتها كانت برضاها لوجود علاقة سابقة بينها وبين الطاعن الأول الذي كان خطيبها وسبق وأعطاها النقود التي اشترت بها الذهب المنسوب للطاعنين إجبارها على بيعه وأخذ ثمنه منها، وإنه ما كان للمحكمة أن تطمئن إلى أن الصور الفوتوغرافية المرفقة للمواقعة الجنسية إنما هي للمجني عليها رغم غياب الدليل اليقيني على أن الصور لها وأحد الطاعنين معها خاصة بعد ما أثبت التقرير الفني أن تصوير بعضها تم ليلاً - وهو توقيت لم يرد للواقعة على لسان أحد الشهود، هذا إلى تناقض الضابط مع المجني عليها في شخص من واقع الأخيرة وبخصوص ما أثبته الضابط - ولا أصل له في الأوراق - من تصوير المجني عليها عارية، وأخيراً فقد عول الحكم في الإدانة على أقوال غير المجني عليها رغم أن أقوالهم غير قاطعة في نسبة الاتهام للطاعنين إذ لم يشهد أحدهم برؤيته للمواقعة الجنسية أو تصويرها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في ظهر يوم 8/ 10/ 1996 خرجت المجني عليها...... إلى الطريق لقضاء بعض شئونها، اعترض طريقها المتهمان الأول والثاني...... و...... (الطاعنان) وطلبا منها أن تصحبهما إلى حيث يريدان وإذ امتنعت عن مصاحبتهما وكانا قد بيتا النية على اختطافها أبرز لها الأول سلاحاً أبيض "مطواة" وأمسك الثاني بزجاجة ماء نار مهددين إياها بها بأن وضع الأول المطواة في جنبها حال سيره بجوارها وأخذ الثاني في إلقاء قطرات من مياه النار على حذائها حتى تمكنا بذلك من شل مقاومتها واصطحباها كرهاً عنها إلى مكان مسور له باب بالقرب من مكان اختطافها وهي تتوسل إليهما أن يتركاها وشأنها وعرضت عليهما ما معها من نقود وقدرها ثلاثون جنيهاً، إلا أنهما أصرا على موقفهما منها مواصلين اعتدائهما عليها بالضرب والتهديد بالمطواة وزجاجة ماء النار، وحيث اقتاداها طلب منها الأول أن تخلع ملابسها لكي يواقعها فرفضت وهنا واصل المتهمان الاعتداء عليها بالضرب وطرحها الأول أرضاً ومزق ملابسها الداخلية والخارجية وخلع ملابسه وجثم فوقها ومعه المطواة مواصلاً تهديده إياها في حين أمسك المتهم الثاني بساقها بالقوة حتى تفتح قدمها ويتمكن الأول من مواقعتها مواصلين سوياً الاعتداء عليها بالضرب وبذلك تمكن الأول من مواقعتها جنسياً كرهاً عنها وكان المتهم الثالث....... يلتقط لها والمتهم الأول صوراً فوتوغرافية وهي عارية وفي أثناء معاشرة الأول لها جنسياً كرهاً عنها وبالقوة ثم اصطحبها المتهمون الثلاثة بعد أن فرغ الأول من مواقعتها وحملوها كرهاً عنها على بيع ما كانت تتحلى به من مصوغات "خاتم وغويشة ذهبية" واستولوا منها على ثمنها تحت تأثير التهديد بالمطواة وزجاجة ماء النار، فضلاً عن احتفاظهم بالفيلم الذي قام الثالث بالتقاطه لواقعات المواقعة الجنسية وتهديدهم إياها بالتهديد لها عن طريق الصور التي في حوزتهم وتمكنوا تحت تأثير هذا التهديد من شل مقاومتها وارتكابهم الجرائم المنسوبة إليهم ضد المجني عليها وأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي حتى تمكنت من استدراجهم بالقرب من أحد المقاهي وأخذت بالاستغاثة فهب لنجدتها رواد المقهى وقام الشاهد الثالث بالعدو خلف المتهم الثاني لإحضار الفيلم الذي بحوزته إلا أنه لم يلحق به وهرب مع باقي المتهمين وحضرت المجني عليها عقب ذلك إلى مسكنها لتبلغ والدتها التي أبلغت الشرطة بالحادث". وأورد الحكم أدلته على ما حصله من أقوال المجني عليها وضابط المباحث الذي أجرى التحريات وضبط المتهمين وشهادة من قام بمطاردتهم عقب استغاثة المجني عليها وشهادة الصائغين اللذين باعتهما المجني عليها حليها الذهبية كرهاً عنها وشهادة من أبصروا المتهمين يعتدون على المجني عليها بالضرب بالطريق العام ومن التقرير الطبي الشرعي عن إصابات المجني عليها وفحص ملابسها وتقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية عن الصور التي تم التقاطها للمجني عليها والمتهم الأول حال قيامه بمواقعتها ومعاينة مكان الحادث، وهي أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت الجرائم المسندة إلى الطاعنين وفي حقهم متوافرة الأركان. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المدافع عن الطاعنين طلب بجلسة 6 من ديسمبر 1997 مناقشة المجني عليها ومحرر المحضر فتأجلت الدعوى لسماعهما وبالجلسة المحددة حضرت المجني عليها وأثبت بمحضر الجلسة قبل سؤالها بمعرفة المحكمة وقبل مناقشة الدفاع لها - اكتفاء الدفاع بتلاوة أقوال الشاهد الغائب (محرر المحضر) فأمرت المحكمة بتلاوتها وبعد سماع المجني عليها أثبت في محضر الجلسة مرة ثانية اكتفاء الدفاع بأقوال الشهود الغائبين وتم تلاوتها ثم ترافع الدفاع عن الطاعنين وناقش أدلة الدعوى وانتهى إلى طلب براءتهم ولم يطلب سؤال أحد من الشهود، فإن المحكمة لا تكون قد أخلت بحق الدفاع إذ اعتبرت بأن الدفاع قد استغنى صراحة عن سماع غير المجني عليها من الشهود. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الشهود بما لا تناقض فيه ويسوغ الاستدلال بها على ثبوت التهم التي دان الطاعنين بها، فإن النعي بخصوص ذلك، وبعدم معقولية التصوير الذي قالت به المجني عليها وكذبها وتلفيقها الاتهام وكذا المنازعة في توافر عنصر الإكراه في الخطف والمواقعة والسرقة لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة المحكمة في تقدير الدليل وهو ما لا يقبل التحدي به أمام محكمة النقض، كما لا يفلح النعي بأن غير المجني عليها لم يشهد بنفسه الجرائم، وبالتالي ما كان يصح للمحكمة أن تعول على أقوالهم في الإدانة - لأنه لا يشترط في الدليل أن يكون مباشراً في اقتراف الجريمة ودالاً بذاته على وقوعها بل يكفي الاستدلال به بالاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية على وقوع الجريمة في أي مرحلة من مراحل ارتكابها، وأن يكون التساند إليه منتجاً وكافياً مع غيره في الاطمئنان إلى وقوع الجريمة وصحة إسنادها إلى مرتكبها كالحال في الدعوى - وإذ كان للمحكمة أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها فإنه لا على الحكم المطعون فيه إن عول على تقرير الأدلة الجنائية فيما تطالعه الصور عن وقوع الجريمة بالإكراه بعد ما أدركه الحكم بنفسه متفقاً في التقرير وله أصله في الأوراق - من أن بين الصور ما يكشف اعتداء الطاعن الأول جنسياً على المجني عليها وتصويره عارياً تماماً وما تكشفه عن عدم رضاء المجني عليها وتعرية جزء من جسمها وهو ما يتفق مع ما حصله الحكم عن الواقعة ودلل عليه من أقوال الشهود عن الإكراه في الخطف والمواقعة والسرقة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
ثانياً: بالنسبة لطعن المحكوم عليه الثالث:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم هتك عرض المجني عليها بتصويرها عارية بغير رضاها أثناء مواقعة الطاعن الأول لها كرهاً عنها وسرقتها بالإكراه قد شابه البطلان والإخلال بحق الدفاع إذ جرت محاكمته أمام محكمة الجنايات في حين أن محكمة الأحداث هي المختصة دون غيرها بمحاكمته باعتباره طفلاً وإنه قد ترافع عنه والطاعنين الأول والثاني محام واحد رغم تعارض مصلحته مع مصلحتهما مما كان لازماً أن يدافع عنه محام مستقل - هذا إلى خلو الأوراق من تقرير بحث حالته وظروفه الاجتماعية قبل الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤقتة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه عملاً بنص المادة 122 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 - التي وقعت الجريمة في ظله - أنه وإن كان الأصل عملاً بالفقرة الأولى من المادة المشار إليها أن تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف كما تختص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في المواد 113 إلى 116 والمادة 119 من القانون المار ذكره، إلا أن الفقرة الثانية للمادة 122 من قانون الطفل نصت على أن يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال بنظر قضايا الجنايات التي يتهم فيها طفل جاوزت سنه خمس عشرة سنة وقت ارتكابه الجريمة متى أسهم في الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري في أنه تجاوز الخامسة عشرة سنة من عمره وقت ارتكاب الجريمة وإنه قدم للمحاكمة أمام محكمة الجنايات بتهمة السرقة بالإكراه ومعه في هذه التهمة بالغين هما (الطاعنان الأول والثاني) فإن محكمة الجنايات التي عاقبته هي المختصة في صحيح القانون بمحاكمته في هذه الدعوى ويضحى ما قرره الحكم المطعون فيه عن ذلك صحيحاً في القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد أو هيئة دفاع واحدة واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الدعوى لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين ارتكبوا معاً أفعال السرقة بالإكراه واعتبرهم فاعلين أصليين في هذه الجريمة وكان القضاء بإدانة أحدهم فيها - كما يستفاد من أسباب الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخرين وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، فإنه لا يعيب الحكم في خصوص هذه الدعوى أن يتولى الأستاذ....... محامي الطاعن الأول والثاني الدفاع عن الطاعن الثالث لأن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبد من أوجه الدفاع ما دام لم يبده فعلاً، هذا إلى ما هو ثابت من محضر جلسة المحاكمة من أن الطاعن الثالث قد مثل في مستهل المرافعة للدفاع عنه الأستاذ...... المحامي والذي اقتصر على الدفع بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى وقدم حافظة بالمستندات. ومن ثم، يضحى ما يثيره الطاعن بخصوص ذلك على غير أساس. لما كان ذلك، وكانت المادة 121 من قانون الطفل رقم 12 سنة 1996 (المقابلة للمادة 28 من قانون الأحداث رقم 31 سنة 1974 الملغى) وإن أوجبت أن يعاون محكمة الأحداث خبيران من الأخصائيين أحدهما على الأقل من النساء ويكون حضورهما إجراءات المحاكمة وجوبياً، وعلى الخبيرين أن يقدما تقريرهما للمحكمة بعد بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه وذلك قبل أن تصدر محكمة الأحداث حكمها. وأنه يتعين مراعاة ذلك أمام المحكمة الاستئنافية التي تنظر استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث، مما يقطع بدخول الخبيرين في تشكيل أي من محكمتي أول وثاني درجة، إلا أن المادة 122 من قانون الطفل لم تجعل للخبيرين هذا الدور أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا وإنما أوجبت الفقرة الأخيرة من المادة آنفة الذكر على أي من المحكمتين الأخيرتين بحث ظروف الطفل من جميع الوجوه ولها أن تستعين في ذلك بمن تراه، ولا يساغ القول في هذا الصدد أن المادة 127 من قانون الطفل وقد أوجبت على المحكمة في حالة التعرض للانحراف وفي مواد الجنايات والجنح وقبل الفصل في أمر الطفل أن تستمع إلى أقوال المراقب الاجتماعي بعد تقديمه تقريراً بحالته يوضح العوامل التي دفعت الطفل للانحراف أو التعرض له ومقترحات إصلاحه، كما يجوز للمحكمة الاستعانة في ذلك بأهل الخبرة فإنه لا يجوز أن ينصرف حكم هذا النص على كل المحاكم بما فيها محكمتي الجنايات وأمن الدولة لأن المشرع في نصوص محاكمة الحدث في المواد 121، 122، 123، 124، 126، إنما كان يخاطب محكمة الأحداث باسمها وكذلك فعل في المادتين 129، 132 مما يفيد أن نص المادة 127 موجه إلى محكمة الأحداث بحكم استصحاب المخاطب السابق على هذه المادة واللاحق عليها. ولو أراد المشرع إعمال حكم المادة 127 أمام محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا لما أعوزه النص على ذلك صراحة في الفقرة الأخيرة من المادة 122، لكنه استثنى محكمتي الجنايات وأمن الدولة العليا من دور الباحث الاجتماعي ووجوب وضعه تقريراً عن الحدث كما فعل من قبل عندما عهد بمهمة الباحث الاجتماعي للنيابة العسكرية عند محاكمة الحدث أمام المحاكم العسكرية والذي تقرر بالقانون رقم 72 سنة 1975 وعندما عهد بمهمته أيضاً للنيابة العامة عند محاكمة الحدث أمام محكمة أمن الدولة العليا والذي تقرر بالقانون رقم 97 سنة 1992. لما كان ذلك، وكان نعي الطاعن بعدم وجود تقرير مكتوب عن حالة الحدث يفيد تمسكه بما توجبه المادة 127 من قانون الطفل عن دور المراقب الاجتماعي ووجوب تقديمه تقريراً بحالة الطفل يوضح العوامل التي دفعته للانحراف أو التعرض له، وكانت هذه المادة على السياق المتقدم لا تلتزم بها - لا محكمة الجنايات ولا محكمة أمن الدولة العليا - وكان الطاعن لا يماري في أن للمحكمتين المذكورتين عملاً بنص الفقرة الأخيرة من المادة 122 أن تبحث بنفسها ظروف الطفل إذا لم تر الاستعانة بمن تراه من الخبراء، وإذ لم تر محكمة الجنايات ندب خبير، ففي ذلك ما يعني أنها وجدت من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيق ومرافعة ما يمكنها بحكم خبرتها من الإحاطة بظروف الطفل وإذ لم ينع الطاعن بأن ثمة ظروف أو اعتبارات غابت عن الأوراق ولم تحط بها محكمة الجنايات ولم يكشف عن ماهيتها للوقوف على جدواها ومدى الاعتبار بها في محاكمة الطفل، فإن نعيه لمجرد عدم وجود تقرير مستقل مكتوب من المراقب الاجتماعي يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه رغم إفصاحه عن أخذ الطاعن بالرأفة إعمالاً للمادة 17 من قانون العقوبات قد قضى بمعاقبته بالأشغال الشاقة عشر سنوات. ومن حيث إنه لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 122 من قانون الطفل تنص على أنه "ولا تخل الأحكام السابقة بسلطة المحكمة في تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات في الحدود المسموح بتطبيقها قانوناً على الجريمة التي وقعت من المتهم" والتي تمت إضافتها عند مناقشة مشروع قانون الطفل "قصد بها - على ما يبين من مضبطة مجلس الشعب - إعمالها على العقوبة المقررة للجريمة في قانون العقوبات والقوانين المكملة، لا على العقوبة المقررة للطفل في المادتين 111، 112 من القانون 12 لسنة 1996 وذلك حتى لا يكون الطفل في وضع أسوأ من البالغ، ولا وجه للقول بأن عقوبة السجن التي وردت في قانون الطفل في المادتين المشار إليهما بالنسبة للجرائم التي عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة - هي التي حلت محل العقوبة الأصلية - وعليها دون غيرها إعمال المادة 17 من قانون العقوبات لأن ذلك مردود بأن صراحة نص الفقرة الأخيرة من المادة 112 من قانون الطفل على أن استعمال المادة 17 من قانون العقوبات إنما يرد على الحدود المسموح بتطبيقها على الجريمة لا على العقوبة المقررة للطفل في القانون 12 لسنة 1996 ومع وضوح النص وصراحته لا وجه لتأويله لحمله على غير المعنى الظاهر من لفظه وعلى غير رغبة الشارع منه، ولأنه لو أراد القانون تخفيفاً فوق تخفيف العذر القانوني الوارد في قانون الطفل لما أعوزه النص على ذلك كما فعل بالنسبة للطفل الذي بلغ خمسة عشرة سنة ولم يبلغ ستة عشرة سنة إذا ما ارتكب جريمة عقوبتها السجن فلقد نصت الفقرة الثانية للمادة 111 من القانون المار ذكره على أن للقاضي بدلاً من النزول بالعقوبة إلى الحبس لمدة لا تقل عن 3 شهور - وهو نطاق إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - أجاز للقاضي أن يحكم بدلاً من الحبس بإيداع الطفل إحدى المؤسسات، ومن المعروف أن الإيداع هو تدبير أخف من عقوبة الحبس السالبة للحرية، ومما يؤكد أن استعمال المادة 17 من قانون العقوبات إنما يرد على العقوبة الواردة في قانون العقوبات أو القوانين المكملة وأن المادة 112 من قانون الطفل لم تحدد عقوبة للجريمة التي عقوبتها السجن إذا ما ارتكبها طفل زاد سنه على ست عشرة سنة ميلادية ولم يبلغ الثامنة عشر سنة وبالتالي لا يوجد ما ترد عليه المادة 17 من قانون العقوبات ولا يساغ القول بأن هذا الطفل غير معاقب على هذه الجريمة أو أنه محروم من موجبات الرأفة التي تسمح بها المادة 17 من قانون العقوبات في حين أن الطفل الأصغر منه سنة عملاً بالمادة 111 معاقب على الجريمة واستعمل المشرع بالنسبة له حدود المادة 17 وزاد على نطاقها - كما سلف ذكره - وعلى هذا النظر يتعين القول بأن المشرع عندما استبدل حداً أدنى من السجن في المادة 112 من قانون الطفل بعقوبتي الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة، واستبدل السجن بالأشغال الشاقة المؤقتة في هذه المادة ولم يقض إلا بعقوبة السجن بالنسبة للطفل في المادة 111 من القانون 12 سنة 1996 إذا ما ارتكب جرائم عقوبتها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة إنما قصد المشرع أن يحول بين الطفل وأقصى العقوبة المغلظة، لعدم ملاءمتها تاركاً ما سواها لنص العقاب الأصلي وما يرد عليه من تخفيف وفق المادة 17 من قانون العقوبات بدليل أن صدر نص المادتين 111، 112 بعدم إنزال هذه العقوبات المغلظة، ثم أعمل بعد ذلك مباشرة بالنسبة للطفل الذي بلغ سنه خمس عشرة سنة ولم يبلغ ست عشرة سنة المادة 17 من قانون العقوبات وجوبياً وزاد تخفيفاً عندما استبدل الإيداع بالحبس وبالنسبة للمادة 112 من قانون الطفل وضع العقوبة التي تحل محل أقصى العقوبة المغلظة تاركاً الأمر فيما سواها للقواعد العامة. لذلك لم ينص على عقوبة إذا ما ارتكب الطفل في المادة 112 جريمة عقوبتها السجن على السياق المتقدم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن الثالث - وهو طفل زاد سنه على ست عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة - قد قضي عليه بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عشر سنوات وهي عقوبة ممنوعة بنص المادة 112 من قانون الطفل - وإذا ما كانت الجرائم التي أثبتها الحكم في حق هذا الطفل هي السرقة بالإكراه وهتك عرض المجني عليها بتصويرها عارية بغير رضاها وأشد عقوبة لهذه الجرائم المرتبطة هي المعاقب عليها بالمادة 314 من قانون العقوبات الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة بينما في قانون الطفل هي السجن فإنه يتعين تصحيح العقوبة المقضي بها على الطاعن الثالث بجعلها السجن لمدة 3 سنوات وذلك عملاً بحق محكمة النقض المقرر في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ما دام العوار الذي شاب الحكم لم يرد على بطلانه أو على بطلان في الإجراءات أثر فيه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق