جلسة 8 من مايو سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير مصطفى وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة وإيهاب عبد المطلب.
----------------
(84)
الطعن رقم 3087 لسنة 62 القضائية
(1) سب وقذف. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القصد الجنائي في جرائم السب والقذف والإهانة. مناط تحققه؟
قيام جرائم النشر رهن بتقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر. اشتمال المقال على عبارات الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى القصد منها التشهير. للمحكمة الموازنة بين القصدين وتقدير أيهما له الغلبة في نفس الناشر.
(2) سب وقذف. حكم "بيانات التسبيب". محكمة النقض "سلطتها".
تعرف حقيقة ألفاظ السب والقذف. بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى. حد ذلك؟
تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون. تكييف قانوني. خضوعه لرقابة النقض.
(3) سب وقذف. جريمة "أركانها".
النقد المباح. ماهيته؟
وجوب العقاب على النقد إذا تجاوز إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بنية التشهير به أو الحط من كرامته.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". سب وقذف.
لمحكمة الموضوع القضاء بالبراءة ورفض الدعوى المدنية متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت. شرطه؟
اقتصار الحكم المطعون فيه على سرد ما ورد في عريضة الادعاء المدني دون إيراد ما تضمنه المقال المنشور محل الدعوى والعبارات التي اشتمل عليها وبيان ما إذا كانت تعد سباً وقذفاً في حق الطاعن أو أنها من قبيل النقد المباح. قصور.
2 - من المقرر أن المرجح في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى إلا أن حد ذلك ألا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمنح دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها إذ أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً أو عيباً أو إهانة أو غير ذلك، هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض وأنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي ينتهي إليه الحكم من مقدماته.
3 - النقد المباح هو إبداء الرأي في إجراء عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجريمة سب أو إهانة أو قذف حسب الأحوال.
4 - لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة ورفض الدعوى المدنية متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت إلا أن شرط ذلك أن يكون حكمها قد اشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة وفطنت إلى أدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي ورجحت دفاع المتهم وداخلتها الريبة والشك في صحة عناصر الاتهام وخلا حكمها من الخطأ في القانون ومن عيوب التسبيب، ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على سرد ما ورد في عريضة المدعي بالحق المدني دون أن يورد ما تضمنه المقال المنشور محل الدعوى والعبارات التي اشتمل عليها ويعدها الطاعن سباً وقذفاً حتى يتضح من ذلك وجه استخلاص الحكم من أن تلك العبارات المنشورة لا يقصد منها سب الطاعن أو القذف في حقه أو إهانته والتشهير به وأنها من قبيل النقد المباح وتمكن محكمة النقض من مراقبة سلامة ما انتهى إليه من قضاء برفض الدعوى المدنية، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعجز محكمة النقض عن الوقوف على صحة التطبيق القانوني على واقعة الدعوى مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة في خصوص الدعوى المدنية.
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية بصفته دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد المطعون ضدهما وآخرين بوصف أنه: نشرت جريدة...... على صفحتها التاسعة تحقيقات تحت عنوان فضيحة نصب أمريكية جديدة بنك أمريكي يستولى على مليون فرنك من ودائع أسرة مصرية. وطلب عقابهم بالمادتين 303، 307 من قانون العقوبات وإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنوب القاهرة قضت حضورياً للمتهم الأول وحضورياً اعتبارياً لباقي المتهمين أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بشقيها لرفعها بعد الميعاد وبقبولها. ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بشقيها لعدم وجود وكالة خاصة وبقبولها. ثالثاً: بتغريم كل من المتهمين الأول والثاني مائة جنيه وإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه تعويضاً مؤقتاً. رابعاً: براءة باقي المتهمين ورفض الدعوى المدنية قبلهم. استأنف المحكوم عليهما الأول والثاني. ومحكمة....... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من تهمتي القذف والسب قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه خلص إلى أن العبارات المنشورة في الجريدة من قبيل النقد المباح مع أنها تجاوزته إلى النقد غير المباح مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن نقل ما أورده الطاعن بصفته - المدعي بالحقوق المدنية - في صحيفة الادعاء المباشر من أن المطعون ضدهما سبا وقذفا في حقه بطريق النشر في جريدتهما....... وعرض لبعض المبادئ القانونية ثم أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهما ورفض الدعوى المدنية قبلهما تبعاً لذلك على قوله "ولما كان ما تقدم وكان ما نشرته جريدة....... في تحقيق صحفي ضد البنك المدعي بالحق المدني لم يكن سوى نقد موضوعي يهم جمهور المواطنين ولم يقصد به التشهير بالمدعي المدني والإساءة إليه بل كان مقترناً بحسن النية وآية ذلك ما سطره التحقيق الصحفي أن هناك عدة قضايا مرفوعة من المدعى عليهم من الثالث حتى الخامس ضد المدعي المدني ولا ينال من ذلك ما صدر فيها من أحكام البراءة وعدم القبول أو الرفض هذا خلاف ما جاء بالتحقيق الصحفي من أن ما نشر به يهم جمهور المواطنين نظراً لحجم الإيداعات المودعة بالبنك المدعي بالحق المدني ومن ثم فإن ذلك النقد يعد مباحاً لا جريمة فيه، ومتى كان ذلك وكانت المحكمة قد تيقنت من أن ما نشر بالجريدة الصحفية لا يعد جريمة قذف قبل المدعي المدني بل هو في حدود النقد المباح، ولما كان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر فيما قضى به من إدانة المتهمين في التهمة المسندة إليهما ومن ثم تقضي المحكمة بإلغائه والقضاء ببراءة المتهمين عملاً بالمادة 304/ أ. ج، وحيث إنه عن الدعوى المدنية التبعية ولما كانت المحكمة قد انتهت إلى براءة المتهمين مما أسند إليهما وكان الفعل الجنائي المكون للركن المادي للجريمة هو الأصل المشترك بين الدعويين وإذ انتفى هذا الفعل ومن ثم تقضي المحكمة برفض الدعوى المدنية". لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة للمجني عليه شائنة بذاتها وقد استقر القضاء على أن جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر فإذا ما اشتمل المقال على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير للمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدر أيهما كانت له الغلبة في نفس الناشر. وكان من المقرر أن المرجح في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى إلا أن حد ذلك ألا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمنح دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها إذ أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً أو عيباً أو إهانة أو غير ذلك، هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض وأنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي ينتهي إليه الحكم من مقدماته، كما أنه من المعقول أيضاًََ أن النقد المباح هو إبداء الرأي في إجراء عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجريمة سب أو إهانة أو قذف حسب الأحوال، كما أنه ولئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة ورفض الدعوى المدنية متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت إلا أن شرط ذلك أن يكون حكمها قد اشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة وفطنت إلى أدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي ورجحت دفاع المتهم وداخلتها الريبة والشك في صحة عناصر الاتهام وخلا حكمها من الخطأ في القانون ومن عيوب التسبيب. ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على سرد ما ورد في عريضة المدعي بالحق المدني دون أن يورد ما تضمنه المقال المنشور محل الدعوى والعبارات التي اشتمل عليها ويعدها الطاعن سباً وقذفاً حتى يتضح من ذلك وجه استخلاص الحكم من أن تلك العبارات المنشورة لا يقصد منها سب الطاعن أو القذف في حقه أو إهانته والتشهير به وأنها من قبيل النقد المباح وتمكن محكمة النقض من مراقبة سلامة ما انتهى إليه من قضاء برفض الدعوى المدنية، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعجز محكمة النقض عن الوقوف على صحة التطبيق القانوني على واقعة الدعوى مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة في خصوص الدعوى المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق