الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 14 يوليو 2013

الطعن 51792 لسنة 72 ق جلسة 14/ 12/ 2003 مكتب فني 54 ق 170 ص 1221

جلسة 14 من ديسمبر سنة 2003
برئاسة السيد المستشار/ أحمد على عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أحمد عبد الباري سليمان ، هاني خليل ، السعيد برغوت نواب رئيس المحكمة وأحمد الخولي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(170)
الطعن 51792 لسنة 72 ق
(1) تفتيش " إذن التفتيش " إصداره " . تسجيل المحادثات .
انقضاء الأجل المحدد للتفتيش أو تسجيل المحادثات التليفونية لا يترتب عليه بطلان. لا يصلح تنفيذ مقتضاه إلى أن يجدد مفعوله. الإحالة عليه بصدد تجديد مفعوله جائز ومنتجه لأثرها . حد ذلك ؟
مثال .
(2) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفاع الموضوعي . لا يستلزم رداً . كفاية الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" . " سلطتها في تقدير الدليل " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . شرط ذلك ؟
للمحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه . حد ذلك ؟
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
التأخير في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوال الشاهد . حد ذلك ؟
تناقض الشاهد أو تضاربه فى أقواله . لايعيب الحكم . مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
 (5) عقوبة " الإعفاء منها " . نقض " أسباب الطعن . مالا يقبل منها ". موانع العقاب" الإعفاء من العقوبة ".
محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب إلا إذا دفع بذلك أمامها . إثارة ذلك لأول مره أمام محكمة النقض . غير جائز.
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير الدليل . موضوعي
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) دفوع " الدفع ببطلان التسجيل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم جواز إثارة الدفع ببطلان التسجيلات استناداً إلى أنها تنصب على الحياة الخاصة أمام محكمة النقض لأول مرة . علة ذلك ؟
الطعن بالنقض ليس امتداداً للخصومة . بل خصومة خاصة قاصرة على القضاء في صحة الأحكام من حيث أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون .
(8) نقض " الصفة في الطعن " . عقوبة "الإعفاء منها " .
لا صفة للطاعن في الطعن على إعفاء آخر من العقاب . الطعن فى هذه الحالة . مقصور على النيابة العامة .
(9) نقض " المصلحة فى الطعن " . رشوة . تزوير " أوراق رسمية " . قصد جنائى . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
إدانة الطاعن بجرائم طلب وأخذ وعرض رشوة والتزوير في محرر رسمي وعقابه بالتهمة الأولى طبقاً للمادة 32 عقوبات. لا محل للنعي على الحكم المطعون فيه عدم رده على دفاعه القائم على انتفاء القصد الجنائي لجريمة التزوير .
(10) حكم " بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلا خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها . لا قصور .
(11) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
قول متهم على آخر . شهادة . للمحكمة أن تعول عليها . ولو عدل عنها . دون بيان العلة .
(12) رشوة . جريمة " أركانها ". موظفون عموميون .
لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف وحده المختص بجميع العمل المتصل بالرشوة . كفاية أن يكون له علاقة به أو نصيب من الاختصاص .
مثال .
(13) محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " .نقض "اسباب الطعن .ما لا يقبل منها " .
تقدير الدليل . موضوعي . لمحكمة الموضوع الاطمئنان إلى الأدلة بالنسبة إلى متهم وعدم الاطمئنان إليها بالنسبة لمتهم آخر .
لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام محكمة النقض.
(14) إثبات " اعتراف " . بطلان .
عدم بيان وجه البطلان الذي لحق بالاعتراف والدليل على ذلك فى عبارة مرسلة . أثره ؟
(15) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل " .
العبرة في المحاكمات الجنائية . باقتناع القاضى .
الأدلة في المواد الجنائية . متساندة يكمل بعضها البعض ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة .
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها .
(16) عقوبة " تطبيقها " . خطأ . محكمة النقض " سلطتها " . رشوة . حكم " تصحيحه ".
خطأ الحكم بالنزول عن الحد الأدنى لجريمة الرشوة ودون أن تطعن النيابة العامة على الحكم .لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن انقضاء الأجل المحدد للتفتيش أو تسجيل المحادثات التليفونية فى الأمر الصادر به لا يترتب عليه بطلانه وإنما لا يصح تنفيذ مقتضاه بعد ذلك إلى أن يجدد مفعوله وينبني على ذلك أن الإحالة عليه بصدد تجديد مفعوله منتجة لأثرها ، ما دامت منصبة على ما لم يؤثر فيه انقضاء الأجل المذكور وإصدار النيابة أذناً بالتفتيش حدد لتنفيذه أجلاً معيناً لم ينفذ فيه وبعد انقضائه صدر إذن آخر بامتداد الإذن المذكور مدة أخرى فالتفتيش والتسجيلات الحاصلة فى هذه المدة الجديدة يكون صحيحاً ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن النيابة العامة أصدرت الإذن بتسجيل الأحاديث واللقاءات التي يكون الطاعن طرفاً فيها بتاريخ .... الساعة .... ، وبتاريخ ... الساعة ..... صباحاً قامت النيابة العامة بمد الإذن لمدة ثلاثين يوماً أخرى تبدأ من ساعة وتاريخ هذا الإذن بناء على ما أثبته ضابط الواقعة بمحضره من أن التحريات دلت على أن الطاعن طلب رشوة من .... و... بشأن الفيلا رقم ..... ، ثم بناء على محضر تحريات أخر أثبت به محرره أن تحرياته أثبتت صحة ما أبلغ به كل من ..... من عرض الطاعن رشوة على الأول وطلبه رشوة من الثاني قامت النيابة العامة بتاريخ ..... الساعة .... بإصدار الإذن بتسجيل الأحاديث واللقاءات التي يكون طرفها الطاعن والمبلغين خلال نطاق الإذن المؤرخ ..... ، ثم قامت النيابة العامة بتاريخ ... الساعة ..... بمد الإذن المؤرخ .... لمدة ثلاثين يوماً أخرى تبدأ من ساعة وتاريخ إصدار الإذن ثم تم الضبط بتاريخ ... ، ومن ثم فإن قيام النيابة العامة بمد مفعول الإذن لأكثر من مرة استناداً إلى ما تقدم يكون صحيحاً لا خطأ فيه ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول .
2- لما كانت المحكمة قد استخلصت من الأدلة السائغة التي أوردتها أن المبلغ الذى طلبه وأخذه الطاعن من المتهم الرابع كان على سبيل الرشوة للإخلال بواجبات وظيفته ولم يكن مقابل الرسومات المعمارية التي قام بها ، فإن الحكم لم يكن بحاجة إلى أن يرد استقلالاً على هذا الدفاع لأنه لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بمتابعة المتهم في مناحيها المختلفة طالما أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم .
3- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ولها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق .
4- لما كان وزن أقوال الشاهد وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وكان التأخير في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوال الشاهد ما دامت قد اطمأنت إليها كما أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله  بفرض حصوله  لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه . لما كان ذلك، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال كل من ..... عضو هيئة الرقابة الإدارية و... مهندس التنظيم بحي ..... واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في أدلة الثبوت التي عولت عليها محكمة الموضوع وهو ما لا تسوغ إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان البين من مطالعة دفاع الطاعن بجلسة المحاكمة أنه لم يتمسك بإعفائه من العقاب عملاً بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب فى حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه فى الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه .
6- لما كان تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه ، فلا معقب عليها فى ذلك ، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجرائم المسندة إليه ، فإن ما يثيره الطاعن بصدد الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية الخاصة به يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر دفاعه القائم على بطلان التسجيلات السلكية واللاسلكية عامة لكونها استراقاً للسمع وتنصتاً على الحياة الخاصة للمواطنين ، فإنه لا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما هو مقرر أن الطعن بالنقض لا يعتبر امتداداً للخصومة بل هو خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء فى صحة الأحكام من قبيل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع ولا تنظر محكمة النقض القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع .
8- لما كان لا صفة للطاعن في النعي على قضاء الحكم بالنسبة للمتهم .... المقضي بإعفائه من العقاب إذ أن الحق في الطعن على هذا القضاء مقصور على النيابة العامة وحدها ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول .
9- لما كان الحكم المطعون فيه وقد دان الطاعن بجرائم طلب وأخذ وعرض رشوة والتزوير في محرر رسمي وأوقع عليه العقوبة المقررة للجناية الأولى التي ارتكبها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ، فإنه لا يجدى الطاعن منعاه فى صدد جريمة التزوير ومن عدم رد الحكم على دفاعه القائم على انتفاء القصد الجنائي لديه بالنسبة لهذه الجريمة أو عدم إطلاع المحكمة على المحرر المزور وعدم إطلاع الدفاع عليه مما يعد لغواً لا قيمة له .
10- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بل يكفى أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة  وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن بها وأورد مؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في إدانة الطاعن بما تنحسر عنه قالة القصور في التسبيب ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك لا يكون له محل .
11- من المقرر أن قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة ما دامت قد اطمأنت إليها وارتاحت لها ، وأن تعتمد على أقوال المتهم ولو عدل عنها  متى رأت أنها صحيحة وصادقة بغير أن تلتزم ببيان علة ما ارتأته ، إذ مرجع الأمر اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه ، ومن ثم فإن نعى الطاعن على الحكم استناده إلى اعتراف المتهم الأول عليه لا يكون مقبولاً .
12- لما كان القانون لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف وحده المختص بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من أقوال الموظفة .... مدير إدارة تصاريح المباني بشركة ... أن الطاعن موظف بإدارة تصاريح المباني بالشركة وأنه المختص بتسليم الرسومات الخاصة بالعقارات الموجودة ملفاتها بالشركة وتصويرها وإن تلك الملفات وما بها من مستندات ورسومات توجد بين يديه ، وكان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن أنه أخذ الرشوة في مقابل إخفائه الرسومات الهندسية من الملف الخاص بالعقار رقم ... الموجودة بالشركة المذكورة بين يديه ، فإنه يكون قد أثبت ما يتوافر به الاختصاص الذى يسمح للطاعن بتنفيذ الغرض من الرشوة ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد .
13- من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم هو من شئون محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم أخر ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى اعتراف المتهم الأول وتحريات الرقابة الإدارية وأخذت بهما بالنسبة للطاعن دون المتهم ..... الذي قضت ببراءته ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ الدليل فتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن فى صدد اعتراف المتهم الأول وتحريات الرقابة الإدارية وأخذ الحكم بهما فى حقه دون المتهم الآخر الذى قضى ببراءته لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في تجزئة ووزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض .
14- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن كل ما قاله الدفاع عنه  بشأن اعتراف المتهم الأول عليه  هو بطلان اعتراف المتهم على المتهم الثاني  دون أن يبين وجه البطلان الذى لحق اعتراف المتهم الأول ولم يسق دليلاً على بطلانه ، فإنه لا يمكن القول بأن هذه العبارة المرسلة التي ساقها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى ماهية البطلان الذى لحق الاعتراف المنسوب للمتهم الأول ، وكل ما يمكن أن تنصرف إليه ، هو التشكيك في الدليل المستمد من هذا الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه ، وكان الحكم قد أورد مؤدى اعتراف المتهم الأول الذى عول عليه في إدانة الطاعن  ضمن ما عول عليه  واطمأن لسلامته ، ومن ثم فإنه لم يكن بالحكم حاجة إلى إطراحه هذا الدفع الذى سيق مجهلاً .
15- لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
16- لما كان الحكم قد أخطأ فيما قضى به من تغريم الطاعن خمسمائة جنيه إذ أن الحد الأدنى لجريمة الرشوة المؤثمة بالمادتين 103 ، 104 من قانون العقوبات  والتي تحكم الواقعة التي دين بها الطاعن  هي ألفا جنيه ، إلا أنه لما كانت النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم بطريق النقض بل طعن فيه الطاعن وحده ، فإن هذه المحكمة  محكمة النقض  لا تستطيع إصلاح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين  وآخرين  بوصف أنهم أولاً : المتهم الأول - الطاعن الأول - (1) بصفته موظفاً عمومياً مهندس تنظيم بحي ...  طلب لنفسه عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من ..... مبلغ ... على سبيل الرشوة مقابل تحريره محضراً بإثبات هدم أجزاء العقار المملوك له بمعرفة ملاكه السابقين على خلاف الحقيقة وإنهائه إجراءات ترخيص هدم ذلك العقار . (2) بصفته سالفة البيان طلب لنفسه وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفة زعم اختصاصه بها بأن طلب وأخذ من المتهمين  الآخرين  مبلغ .... على سبيل الرشوة مقابل إصدار ترخيص بتعلية العقار المملوك لأحدهم . (3) وهو من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو محضر المخالفة رقم ... حي .... وكان ذلك بإثباته بيانات مزورة مع علمه بذلك  بأن أثبت في ذلك المحرر على خلاف الحقيقة أن مرتكبي المخالفة هم ملاك العقار السابقين بدلاً من الحاليين .
ثانياً : المتهم الثاني  الطاعن الثاني - : (1) بصفته موظفاً عاماً  موظف بقسم الرخص بشركة .... " إحدى وحدات قطاع الأعمال العام " اختلس الرسومات الهندسية الخاصة بالعقار المبين بالأوراق والمملوكة لجهة عمله والموجود في حيازته بسبب وظيفته . (2) بصفته سالفة البيان قبل عطية لقاء إخلاله بواجبات وظيفته بقصد المكافأة وبغير اتفاق سابق بأن قبل من المتهم الأول  الطاعن الأول  مبلغ مائة وخمسين جنيهاً مكافأة على ما وقع منه من اختلاسه الرسومات الهندسية موضوع التهمة السابقة وإخفائها . ثالثاً : المتهم الأول أيضاً  الطاعن الأول - : - اشترك بطريقي التحريض والاتفاق مع المتهم الثاني  الطاعن الثاني  في ارتكاب جريمة الاختلاس موضوع التهمة الأولى من البند ثانياً بأن حرضه واتفق معه على اختلاس الرسومات الهندسية للعقار سالف البيان والمملوكة لجهة عمله والموجودة فى حيازته بسبب وظيفته ، فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق . خامساً : المتهمون الأول  الطاعن الأول  والمتهمين الآخرين: - عرضوا الرشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرضوا على .... مهندس التنظيم بحي ....  مبلغ ... على سبيل الرشوة قدموا منه مبلغ سبعمائة جنيه لقاء تغاضيه عن إثبات المخالفات الإنشائية بالعقار المملوك  للمتهم الآخر  توطئة لإنهاء إجراءات الترخيص بتعلية ذلك العقار ولكن الموظف لم يقبل الرشوة منهم .
وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ....عملاً بالمواد 103 ، 103 مكرر ، 104 ، 105 ، 107 مكرر 1/1 ، 109 مكرر /1 ، 110 ، 211 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 ، 32 من ذات القانون . أولاً : بمعاقبة المتهم الأول  الطاعن الأول  بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ألفي جنيه وبراءته من تهمة الاشتراك في الاختلاس . ثانياً : بمعاقبة المتهم الثاني  الطاعن الثاني  بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه وببراءته من تهمة الاختلاس وبمصادرة المبلغ المضبوط .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... .الخ
كما طعن الأستاذ/ .... المحامي عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض في .... الخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً : عن الطعن المقدم من الطاعن .... : -
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجرائم طلب وأخذ رشوة وعرضها على موظف عمومي والتزوير في محرر رسمي قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه سوغ إجراءات التفتيش والتسجيل رغم دفعه ببطلان امتداد الإذن الأول الصادر بهما من النيابة العامة لتمديده بعد انقضاء وفوات الميعاد المحدد له مستنداً في حساب مدة الإذن بالساعات رغم صدوره بالأيام ، وقام دفاعه على أن المبلغ الذي تقاضاه من المتهم الرابع  ... كان مقابل الرسومات المعمارية التي قام بها باعتباره مرخصاً له من جهة عمله بالعمل الحر في غير أوقات العمل الرسمية وقدم تدليلاً على ذلك القرار الصادر من جهة عمله الذى يفيد ذلك بيد أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع بالإيراد أو الرد ، واعتنق تصوير المهندس ..... بالنسبة لواقعة عرض الطاعن مبلغ الرشوة عليه لتغاضيه عن المخالفات الإنشائية بالعقار المملوك ..... على الرغم من عدم معقوليته لتضاربه فى أقواله وتأخره فى الإبلاغ مدة ثلاثة أشهر من تاريخ حصوله على مبلغ الرشوة مما يدل على أنه هو الذى طلب الرشوة من الطاعن ، ودانه رغم اعترافه بعرضه مبلغ الرشوة على المهندس ... مما كان يتعين إزاء اعترافه إعفاؤه من العقاب عملاً بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات ، وعول في قضائه بإدانته على ما أسفرت عنه التسجيلات رغم إمكانية تعرضها للعبث والتحريف من قبل عضو الرقابة الإدارية المأذون له بالتفتيش لبقائها فى حوزته مدة تجاوزت الشهرين ، ويتمسك الدفاع ببطلان التسجيلات السلكية واللاسلكية عامة لكونها استراقاً للسمع وتنصتاً على الحياة الخاصة للمواطنين وعدواناً على حقوق الإنسان ، ورغم إفصاح الحكم فى مدوناته رفضه دفاع المحكوم عليه الرابع  ....  في جريمة تقديم الرشوة لموظف عمومي إلا أنه قضى ببراءته وبإعفائه من العقاب عملاً بالمادة 107 مكرراً سالفة الإشارة إليها ، وأغفل دفاعه القائم على انتفاء القصد الجنائي في حقه بالنسبة لجريمة التزوير رغم تقديمه مستندات تفيد عدم علمه بواقعة بيع العقار الكائن .... ، وأخيراً فقد أغفلت المحكمة الاطلاع على محضر المخالفة رقم ... حي ... موضوع جريمة التزوير التي دانه بها ولم يطلع الدفاع عليه ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن انقضاء الأجل المحدد للتفتيش أو تسجيل المحادثات التليفونية في الأمر الصادر به لا يترتب عليه بطلانه وإنما لا يصح تنفيذ مقتضاه بعد ذلك إلى أن يجدد مفعوله وينبني على ذلك أن الإحالة عليه بصدد تجديد مفعوله منتجة لأثرها ، ما دامت منصبة على ما لم يؤثر فيه انقضاء الأجل المذكور وإصدار النيابة إذناً بالتفتيش حدد لتنفيذه أجلاً معيناً لم ينفذ فيه وبعد انقضائه صدر إذن آخر بامتداد الإذن المذكور مدة أخرى فالتفتيش والتسجيلات الحاصلة في هذه المدة الجديدة يكون صحيحاً ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن النيابة العامة أصدرت الإذن بتسجيل الأحاديث واللقاءات التي يكون الطاعن طرفاً فيها بتاريخ ..... الساعة ... ، وبتاريخ ... الساعة ... قامت النيابة العامة بمد الإذن لمدة ثلاثين يوماً أخرى تبدأ من ساعة وتاريخ هذا الإذن بناء على ما أثبته ضابط الواقعة بمحضره من أن التحريات دلت على أن الطاعن طلب رشوة من .... بشأن الفيلا رقم .... ، ثم بناء على محضر تحريات أخر أثبت به محرره أن تحرياته أثبتت صحة ما أبلغ به كل من .... من عرض الطاعن رشوة على الأول وطلبه رشوة من الثاني قامت النيابة العامة بتاريخ .... الساعة ... بإصدار الإذن بتسجيل الأحاديث واللقاءات التي يكون طرفها الطاعن والمبلغين خلال نطاق الإذن المؤرخ ... ، ثم قامت النيابة العامة بتاريخ ..... الساعة .... بمد الإذن المؤرخ ... لمدة ثلاثين يوماً أخرى تبدأ من ساعة وتاريخ إصدار الإذن ثم تم الضبط بتاريخ .... ، ومن ثم فإن قيام النيابة العامة بمد مفعول الإذن لأكثر من مرة استناداً إلى ما تقدم يكون صحيحاً لا خطأ فيه ، ويكون منعى الطاعن فى هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد استخلصت من الأدلة السائغة التي أوردتها أن المبلغ الذى طلبه وأخذه الطاعن من المتهم الرابع كان على سبيل الرشوة للإخلال بواجبات وظيفته ولم يكن مقابل الرسومات المعمارية التي قام بها ، فإن الحكم لم يكن بحاجة إلى أن يرد استقلالاً على هذا الدفاع لأنه لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بمتابعة المتهم في مناحيها المختلفة طالما أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ولها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان وزن أقوال الشاهد وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وكان التأخير في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوال الشاهد ما دامت قد اطمأنت إليها كما أن تناقض الشاهد أو تضاربه فى أقواله  بفرض حصوله  لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال كل من ... عضو هيئة الرقابة الإدارية و... مهندس التنظيم بحي ..... واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في أدلة الثبوت التي عولت عليها محكمة الموضوع وهو ما لا تسوغ إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة دفاع الطاعن بجلسة المحاكمة أنه لم يتمسك بإعفائه من العقاب عملاً بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه فى الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه . لما كان ذلك ، وكان تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه ، فلا معقب عليها فى ذلك ، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجرائم المسندة إليه ، فإن ما يثيره الطاعن بصدد الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية الخاصة به يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر دفاعه القائم على بطلان التسجيلات السلكية واللاسلكية عامة لكونها استراقاً للسمع وتنصتاً على الحياة الخاصة للمواطنين ، فإنه لا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما هو مقرر أن الطعن بالنقض لا يعتبر امتداداً للخصومة بل هو خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبيل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع ولا تنظر محكمة النقض القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكان لا صفة للطاعن في النعي على قضاء الحكم بالنسبة للمتهم ..... المقضي بإعفائه من العقاب إذ أن الحق في الطعن على هذا القضاء مقصور على النيابة العامة وحدها ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وقد دان الطاعن بجرائم طلب وأخذ وعرض رشوة والتزوير في محرر رسمي وأوقع عليه العقوبة المقررة للجناية الأولى التي ارتكبها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ، فإنه لا يجدى الطاعن منعاه في صدد جريمة التزوير ومن عدم رد الحكم على دفاعه القائم على انتفاء القصد الجنائي لديه بالنسبة لهذه الجريمة أو عدم اطلاع المحكمة على المحرر المزور وعدم اطلاع الدفاع عليه مما يعد لغواً لا قيمة له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ثانياً : عن الطعن المقدم من الطاعن الثانى ..... : -
حيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة أخذ رشوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والتناقض ، ذلك بأن لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها والأدلة التي تساند إليها في قضائه بالإدانة ، وعول في قضائه بالإدانة على اعتراف الطاعن الأول عليه رغم أنه لا يصلح كدليل للإدانة لعدوله عنه أكثر من مرة سواء بتحقيقات النيابة أو بجلسات المحاكمة ، ودانه على الرغم من أن الشاهدة ... أكدت عدم انفراده بالعمل المنوط به وأن هناك أشخاص أخرين يشاركونه نفس العمل ، وعلى الرغم من اطراح الحكم اعتراف الطاعن الأول وتحريات الرقابة الإدارية بالنسبة للمتهم ... الذى قضى ببراءته إلا أنه أخذ بتلك الاعترافات والتحريات فى إدانته ، وأغفل دفاعه القائم على بطلان اعتراف الطاعن الأول عليه ولم يعرض له بالإيراد أو الرد ، وأخيراً فقد دانه رغم خلو المحادثات الهاتفية مما يفيد أخذه ثمة مبالغ على سبيل الرشوة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنه من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بل يكفى أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة  وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن بها وأورد مؤدى أدلة الثبوت التي عول عليها في إدانة الطاعن بما تنحسر عنه قالة القصور في التسبيب ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة ما دامت قد اطمأنت إليها وارتاحت لها ، وأن تعتمد على أقوال المتهم ولو عدل عنها  متى رأت أنها صحيحة وصادقة بغير أن تلتزم ببيان علة ما ارتأته ، إذ مرجع الأمر اطمئنانها إلى ما تأخذ به دون ما تعرض عنه ، ومن ثم فإن نعى الطاعن على الحكم استناده إلى اعتراف المتهم الأول عليه لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف وحده المختص بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من أقوال الموظفة .... مدير إدارة تصاريح المباني بشركة .... أن الطاعن موظف بإدارة تصاريح المباني بالشركة وأنه المختص بتسليم الرسومات الخاصة بالعقارات الموجودة ملفاتها بالشركة وتصويرها وأن تلك الملفات وما بها من مستندات ورسومات توجد بين يديه ، وكان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن أنه أخذ الرشوة فى مقابل اخفائه الرسومات الهندسية من الملف الخاص بالعقار رقم ... الموجودة بالشركة المذكورة بين يديه ، فإنه يكون قد أثبت ما يتوافر به الاختصاص الذى يسمح للطاعن بتنفيذ الغرض من الرشوة ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم هو من شئون محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم أخر ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى اعتراف المتهم الأول وتحريات الرقابة الإدارية وأخذت بهما بالنسبة للطاعن دون المتهم ..... الذى قضت ببراءته ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ الدليل فتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في صدد اعتراف المتهم الأول وتحريات الرقابة الإدارية وأخذ الحكم بهما فى حقه دون المتهم الآخر الذى قضى ببراءته لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في تجزئة ووزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن كل ما قاله الدفاع عنه  بشأن اعتراف المتهم الأول عليه  هو بطلان اعتراف المتهم على المتهم الثاني  دون أن يبين وجه البطلان الذى لحق اعتراف المتهم الأول ولم يسق دليلاً على بطلانه ، فإنه لا يمكن القول بأن هذه العبارة المرسلة التي ساقها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى ماهية البطلان الذي لحق الاعتراف المنسوب للمتهم الأول ، وكل ما يمكن أن تنصرف إليه ، هو التشكيك في الدليل المستمد من هذا الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه ، وكان الحكم قد أورد مؤدى اعتراف المتهم الأول الذى عول عليه في إدانة الطاعن  ضمن ما عول عليه  واطمأن لسلامته ، ومن ثم فإنه لم يكن بالحكم حاجة إلى إطراحه هذا الدفع الذي سيق مجهلاً . لما كان ذلك ، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، ولما كان الحكم  على ما هو ثابت بمدوناته  لم يعول في إثبات التهمة قبل الطاعن على ما ورد بالتسجيلات فحسب ، وإنما استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها في مجموعها ، وكان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أدلة الدعوى والأخذ بما ترتاح إليه منها ولا يقبل مجادلتها في تقديرها أو مصادرتها في عقيدتها لكونه من الأمور الموضوعية التي تستقل بها بغير معقب فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . وجدير بالإشارة أنه وإن كان الحكم قد أخطأ فيما قضى به من تغريم الطاعن خمسمائة جنيه إذ أن الحد الأدنى لجريمة الرشوة المؤثمة بالمادتين 103 ، 104 من قانون العقوبات  والتي تحكم الواقعة التي دين بها الطاعن  هي ألفا جنيه ، إلا أنه لما كانت النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم بطريق النقض بل طعن فيه الطاعن وحده ، فإن هذه المحكمة  محكمة النقض  لا تستطيع إصلاح هذا الخطأ الذى وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق