جلسة 15 من مايو سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل ومحمد إسماعيل موسى نائبي رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب.
------------------
(93)
الطعن رقم 11279 لسنة 64 القضائية
(1) محكمة النقض "حقها في الرجوع عن أحكامها".
حق محكمة النقض في الرجوع عن قضائها بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى عدم تقديم أسباب للطعن. إذ تبين بعدئذ أن أسبابه قدمت ولم تعرض عليها.
(2) قانون "تفسيره". نيابة عامة.
تضمين قانون السلطة القضائية النص على أن يكون لدى كل محكمة استئناف محام عام له تحت إشراف النائب العام جميع حقوقه واختصاصاته المنصوص عليها في القوانين. مفاده: أن له في دائرة اختصاصه المحلي كافة اختصاصات النائب العام سواء تلك التي يباشرها بحكم وظيفته أو بحكم صفته ولرؤساء نيابة الاستئناف الذين يعملون معه أن يقوموا بأعمال النيابة العامة في الاتهام والتحقيق في جميع الجرائم التي تقع في دائرة محكمة الاستئناف. أساس ذلك؟
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". اختصاص. إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ما يتطلبه القانون في إذن التفتيش؟
عدم تعيين اسم المأذون له بإجراء التفتيش. لا يعيب الإذن.
تنفيذ إذن التفتيش من أي من مأموري الضبط القضائي المختصين. غير قادح في صحته. ما دام الإذن لم يعين مأموراً بعينه.
الأصل في الإجراءات حملها على الصحة ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم تحديد اسم المأذون له بإجرائه.
(4) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. موضوعي. حد ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المواد 34، 37، 38 من القانون 182 لسنة 1960 تفرق بين إحراز المخدرات وحيازتها بقصد الاتجار وبين إحرازها وحيازتها بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي أو بدون قصد شيء من ذلك.
تحقق جريمة إحراز مخدر بقصد الاتجار بمجرد توافر هذا القصد لدى الجاني ولو لم يتخذ من الاتجار في المواد المخدرة حرفة له. أساس ذلك؟
(6) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال لخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم.
(7) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه منها.
عدم التزام المحكمة بسرد روايات كل الشهود. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه. ولا تناقض في ذلك.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها. ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
نفي التهمة والدفع بتلفيقها. دفاع موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(11) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
2 - لما كان قانون السلطة القضائية قد تضمن النص على أن يكون لدى كل محكمة استئناف محام عام له تحت إشراف النائب العام جميع حقوقه واختصاصاته المنصوص عليها في القوانين، ومقتضى ذلك أنه يملك في دائرة اختصاصه المحلي كافة اختصاصات النائب العام سواء كانت التي يباشرها بحكم وظيفته أو بحكم صفته، ويكون لرؤساء نيابة الاستئناف الذين يعملون مع المحامي العام الأول ما لهذا الأخير في أن يقوموا بأعمال النيابة العامة في الاتهام والتحقيق في جميع الجرائم التي تقع في دائرة محكمة الاستئناف، هذا الاختصاص أساسه تفويض من المحامي العام الأول أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض بحيث لا يستطاع نفيه إلا بنهي صريح.
3 - لما كان القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش وكل ما يتطلبه في هذا الصدد أن يكون الإذن واضحاً ومحدداً بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها، وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره وأن يكون مدوناً بخطه وموقعاً عليه بإمضائه، فإنه لا يعيب الإذن عدم تعيين اسم المأذون له بإجراء التفتيش، ولا يقدح في صحة التفتيش أن ينفذه أي واحد من مأموري الضبط القضائي المختصين ما دام الإذن لم يعين مأموراً بعينه. وكان الأصل في الإجراءات حملها على الصحة ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى ذلك في رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
4 - من المقرر أن تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة هو مما يستقل به قاضي الموضوع طالما أنه يعتمد على ما ينتجه، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن قصد المتهم من إحراز المخدر فإن المحكمة تقر سلطة الاتهام على ما انتهت إليه من أن الإحراز هو بقصد الاتجار ذلك أن ظروف الضبط وما أسفرت عنه التحريات وضخامة المادة المضبوطة إذ يبلغ وزنها حوالي ستمائة جرام، مع ما سجلته التحريات من أن نشاط المتهم في تجارة المخدرات فضلاً عن إقراره لمأموري الضبط القضائي بذلك، على الرغم من عدوله بعد ذلك، كل ذلك قاطع في أن الإحراز بقصد الاتجار"، وكان الحكم إذ استدل على ثبوت قصد الاتجار لدى الطاعن من تلك الظروف التي أوردها، فإن قضاءه في هذا الشأن يكون محمولاً وكافياً في استخلاص هذا القصد في حق الطاعن، بما يضحى معه منعاه في هذا الصدد غير مقبول.
5 - لما كان الحكم قد استخلص من وقائع الدعوى استخلاصاً سائغاً أن إحراز الطاعن للمواد المخدرة كان بقصد الاتجار، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه لم يثبت احتراف الطاعن لتجارة المخدرات يكون غير سديد، ذلك بأن المستفاد من الأحكام تضمنتها نصوص المواد 34، 37، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات أنها تفرق بين إحراز المخدرات وحيازتها بقصد الاتجار وبين إحرازها وحيازتها بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي أو بدون قصد شيء من ذلك، ومن ثم فإن يكفي لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون المشار إليه - التي دين الطاعن بها - مجرد توافر قصد الاتجار لدى الجاني، ولو لم يتخذ من الاتجار في هذه المواد حرفة له إذ لم يجعل القانون الاحتراف ركناً من أركان هذه الجريمة.
6 - لما كان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم في إسناد واقعة من قام بتفتيش السيارة النقل، مردوداً بأنه - بفرض وقوعه في هذا الخطأ - لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على إحراز الطاعن للمخدر، فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة لما هو مقرر من أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلص إليها.
7 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولا تؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها.
8 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
9 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أن نفي التهمة، والدفع بتلفيقها، من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة، بل يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
11 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن أشار إلى أن جيبي صديري الطاعن قد لا يتسعان لاحتواء المخدر المضبوط وأن النيابة العامة لم تجر تجربة لبيان ذلك، إلا أنه لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن ما أثاره فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها فإن ما يثيره في هذا الصدد ينحل في الواقع إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الفيوم لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 2، 7/ 1، 34/ 1 - أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. فطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وهذه المحكمة قررت عدم قبول الطعن شكلاً.
فتقدم الأستاذ/........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن بطلب للرجوع عن هذا القرار، وبعرضه على السيد المستشار رئيس الدائرة أشر سيادته بتحديد جلسة لنظر الطعن وفقاً للدور المتبع... إلخ.
المحكمة
من حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة........ بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الطاعن لم يقدم أسباباً لطعنه، غير أنه تبين بعدئذ أن أسباب هذا الطعن كانت قد قدمت إلى قلم كتاب هذه المحكمة ولم تعرض على المحكمة قبل إصدار الحكم بعدم قبول الطعن - على ما هو ثابت من مذكرة مدير إدارة النقض الجنائي المرفقة - لما كان ما تقدم، فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة........
ومن حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في الإسناد وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن أطرح الدفع ببطلان الإذن بالتفتيش لصدوره من رئيس نيابة استئناف بني سويف الذي لا يملكه قانوناً لعدم ندبه من النائب العام أو المحامي العام الأول، ولعدم تحديد اسم المأذون له بإجرائه بما لا يسوغه، وجاء الحكم قاصراً في التدليل على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن، سيما وأنه لم يثبت احترافه لتجارة المخدرات وأسند إلى النقيب....... أنه فتش السيارة النقل على خلاف الثابت بالأوراق، وأحال في بيان أقوال الشهود من الثاني حتى الأخير إلى مضمون ما حصله من أقوال الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهم. ورد على دفاع الطاعن بقصور التحقيقات لعدم إجراء النيابة العامة تجربة لمدى إمكانية اتساع جيبي صديريه على احتواء كمية المخدر المضبوطة والتي لا يمكن وهي مغلفة أن تترك آثاراً بهما ينبئ عن دسها، وعن عدم معقولية تصوير الشهود للواقعة كما اعتنقتها المحكمة بما لا يصلح رداً، ولم تجر المحكمة تلك التجربة بنفسها تحقيقاً لهذا الدفاع كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعامل الكيميائية، عرض للدفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش وأطرحه على أساس اختصاص مصدره بإصداره. لما كان ذلك، وكان
قانون السلطة القضائية قد تضمن النص على أن يكون لدى كل محكمة استئناف محام عام له تحت إشراف النائب العام جميع حقوقه واختصاصاته المنصوص عليها في القوانين، ومقتضى ذلك أنه يملك في دائرة اختصاصه المحلي كافة اختصاصات النائب العام سواء كانت التي يباشرها بحكم وظيفته أو بحكم صفته، ويكون لرؤساء نيابة الاستئناف - الذين يعملون مع المحامي العام الأول ما لهذا الأخير - في أن يقوموا بأعمال النيابة العامة في الاتهام والتحقيق في جميع الجرائم التي تقع في دائرة محكمة الاستئناف، هذا الاختصاص أساسه تفويض من المحامي العام الأول أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض بحيث لا يستطاع نفيه إلا بنهي صريح، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فلا محل لتعييبه. لما كان ذلك، وكان القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش وكل ما يتطلبه في هذا الصدد أن يكون الإذن واضحاً ومحدداً بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها، وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره وأن يكون مدوناً بخطه وموقعاً عليه بإمضائه، فإنه لا يعيب الإذن عدم تعيين اسم المأذون له بإجراء التفتيش، ولا يقدح في صحة التفتيش أن ينفذه أي واحد من مأموري الضبط القضائي المختصين. ما دام الإذن لم يعين مأموراً بعينه. وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن من أجرى التفتيش هو المقدم....... رئيس المنطقة بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالمنيا، وكان الأصل في الإجراءات حملها على الصحة ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى ذلك في رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة هو مما يستقل به قاضي الموضوع طالما أنه يعتمد على ما ينتجه. وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن قصد المتهم من إحراز المخدر فإن المحكمة تقر سلطة الاتهام على ما انتهت إليه من أن الإحراز هو بقصد الاتجار ذلك أن ظروف الضبط وما أسفرت عنه التحريات وضخامة المادة المضبوطة إذ يبلغ وزنها حوالي ستمائة جرام، مع ما سجلته التحريات من أن نشاط المتهم في تجارة المخدرات فضلاً عن إقراره لمأموري الضبط القضائي بذلك، على الرغم من عدوله بعد ذلك، كل ذلك قاطع في أن الإحراز بقصد الاتجار". وكان الحكم إذ استدل على ثبوت قصد الاتجار لدى الطاعن من تلك الظروف التي أوردها، فإن قضاءه في هذا الشأن يكون محمولاً وكافياً في استخلاص هذا القصد في حق الطاعن، بما يضحى معه منعاه في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص من وقائع الدعوى استخلاصاً سائغاً أن إحراز الطاعن للمواد المخدرة كان بقصد الاتجار، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه لم يثبت احتراف الطاعن لتجارة المخدرات يكون غير سديد، ذلك بأن المستفاد من الأحكام تضمنتها نصوص المواد 34، 37، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات أنها تفرق بين إحراز المخدرات وحيازتها بقصد الاتجار وبين إحرازها وحيازتها بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي أو بدون قصد شيء من ذلك، ومن ثم فإنه يكفي لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون المشار إليه - التي دين الطاعن بها - مجرد توافر قصد الاتجار لدى الجاني، ولو لم يتخذ من الاتجار في هذه المواد حرفة له إذ لم يجعل القانون الاحتراف ركناً من أركان هذه الجريمة. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم في إسناد واقعة من قام بتفتيش السيارة النقل، مردوداً بأنه - بفرض وقوعه في هذا الخطأ - لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على إحراز الطاعن المخدر، فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا تكون مقبولة لما هو مقرر من أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلص إليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله الحكم من أقوال الضابط له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهم بل إن البين مما أورده في أسباب طعنه نقلاً عن أقوالهم أنها تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشهود الثاني والثالث والرابع إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول إذ أن مفاد ذلك أنه التفت عما اختلفوا فيه من التفصيلات مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نفي التهمة، والدفع بتلفيقها، من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة، بل يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن أشار إلى أن جيبي صديري الطاعن قد لا يتسعان لاحتواء المخدر المضبوط وأن النيابة العامة لم تجر تجربة لبيان ذلك، إلا أنه لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن ما أثاره فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها، فإن ما يثيره في هذا الصدد ينحل في الواقع إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق