جلسة 18 من أكتوبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ يحيى إبراهيم عارف نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ إلهام نجيب نوار. سيد محمود يوسف. لطف الله ياسين جزر نواب
رئيس المحكمة وأحمد محمود كامل.
-------------
(292)
الطعن
رقم 630 لسنة 59 القضائية
(3 - 1)إيجار "إيجار
الأماكن" "عقد الإيجار" "التأجير من الباطن" "تأجير
الصيدلية".
(1) عقد
الإيجار من أعمال الإدارة. إبرامه صحيحاً. شرطة. ألا يخالف قوانين إيجار الأماكن
المتعلقة بالنظام العام.
(2)حظر تخلي المستأجر ومن
يتبعه عن الحق في الانتفاع بالمكان المؤجر بتمكين الغير منه بأي وجه من الوجوه.
مخالفة الحظر. أثره. للمؤجر طلب إخلاء المكان.
(3)لورثة الصيدلي إنابة وكيل
عنهم لإدارة الصيدلية استثناء من وجوب ملكية الصيدلية لصيدلي. م 31 ق 127 لسنة
1955 المعدل بق 44 لسنة 1982. شرطه. عدم تخليهم عن العين أو تأجيرها من الباطل
بغير موافقة المالك. مخالفة ذلك. أثره. للمؤجر طلب الإخلاء.
----------------
1 - ولئن كان عقد الإيجار من أعمال الإدارة التي يصح لمن يتولاها
أن يبرمه فإن ذلك مشروط فيما يتعلق بإيجار الأماكن ألا يكون الإيجار مخالفاً
لأحكام قوانين إيجار الأماكن التي هي من النظام العام.
2 - ولما كانت تشريعات إيجار الأماكن الخاصة بتنظيم العلاقة بين
المؤجر والمستأجر بعد أن سلبت المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر غير مفروش
بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقرره مبدأ امتداد عقد الإيجار تلقائياً أجازت
له طلب الإخلاء لأسباب حددتها من بينها تأجير المستأجر للمكان من باطنه أو تنازله
عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه - في غير الحالات المصرح بها قانوناً - مما
يضحى معه الأصل في ظل تلك القوانين الآمرة هو إنفراد المستأجر ومن يتبعه بحكم
العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير باعتبار أن هذا
التخلي بجميع صورة خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاً بحكم القانون
يجيز للمؤجر طلب إخلاء المكان.
3 - إذ كان القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 44 لسنة
1982 - بشأن مزاولة مهنة الصيدلة - قد نص في المادة 31 منه على أن "إذا توفي
صاحب الصيدلية جاز أن تدار الصيدلية لصالح الورثة لمدة لا تجاوز عشر سنوات ميلادية
وفي حالة وجود أبناء للمتوفى لم يتموا الدراسة في نهاية المدة المشار إليها في
الفقرة السابقة تمتد هذه المدة حتى يبلغ أصغر أبناء المتوفى سن السادسة والعشرين
أو حتى تخرجه من الجامعة أو أي معهد علمي من درجتها أيهما أقرب، ويعين الورثة
وكيلاً عنهم تخطر به وزارة الصحة، على أن تدار الصيدلية بمعرفة صيدلي وتغلق
الصيدلية إدارياً بعد انتهاء المدة الممنوحة للورثة ما لم يتم بيعها لصيدلي"
مما مؤداه أن المشرع أباح لورثة الصيدلي إنابة وكيل عنهم لإدارة صيدلية مورثهم تحت
إشرافهم - استثناء مما استلزمه ذات القانون من وجوب أن يكون مالك الصيدلية صيدلياً
- وذلك رعاية من المشرع لهم لضمان استمرار مورد رزقهم حتى يتدبروا أمرهم حسبما ورد
بالمذكرة الإيضاحية وتقرير لجنة الشئون الصحية والبيئة عن مشروع القانون المذكور -
دون أن يمتد ذلك إلى التخلي عن العين بأي صورة من صورة التخلي أو تأجيرها من
الباطن ذلك أن النص سالف البيان لا يخول لورثة الصيدلي حقوقاً أكثر مما كان
لمورثهم الذي لا يحق له هذا التخلي كما لم يرد بالقانون المذكور ما يبيح للورثة
التأجير من الباطن. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن
المطعون ضدهما الأولى والثاني أجرا الصيدلية مثار النزاع من الباطن للمطعون ضدهما
الثالث والرابع وكان ذلك بغير موافقة الطاعنة المؤجرة - وفي غير الحالات المنصوص
عليها في قوانين إيجار الأماكن، وكانت المادة 31 من القانون رقم 127 لسنة 1955
المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1982 وعلى ما سلف بيانه لا تجيز هذا الإيجار من
الباطن فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن هذا التأجير يجيزه القانون المذكور
يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون
ضدهم الدعوى رقم 2585 لسنة 1985 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم
بإخلاء الصيدلية - المبينة بصحيفة الدعوى والتسليم وقالت بياناً لها إنه بموجب عقد
مؤرخ 22/ 10/ 1969 استأجر منها المرحوم الصيدلي....... العين المبينة بالصحيفة
لاستعمالها صيدلية وتنازل عن حصة فيها للمطعون ضده الثاني، وبعد وفاة المستأجر
الأصلي أجرها ورثته (المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها) والمطعون ضده الثاني
من الباطن إلى المطعون ضدهما الثالث والرابع بموجب عقد مؤرخ 1/ 3/ 1985 دون
موافقتها، فأقامت الدعوى. حكمت المحكمة بالإخلاء والتسليم، استأنف المطعون ضدهما
الأولين هذا الحكم بالاستئناف رقم 769 لسنة 43 ق الإسكندرية، وبتاريخ 14/ 12/ 1988
قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في
غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه
الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول
إن الحكم انتهى إلى أن عقد إيجار الصيدلية المؤرخ 1/ 3/ 1985 الصادر من المطعون
ضدها الأولى والثاني إلى المطعون ضدهما الثالث والرابع يدخل ضمن أعمال الإدارة
الحرة للصيدلية التي تبيحها المادة 31 من القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل
بالقانون رقم 44 لسنة 1982 - في شأن مزاولة مهنة الصيدلية - في حين أن ما ورد بذلك
القانون ينحصر في مجال استمرار رخصة الصيدلية لصالح الورثة دون أن يعدل من قوانين
إيجار الأماكن التي تحظر التأجير من الباطن وتوجب الإخلاء جزاء مخالفة ذلك مما
يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد،
ذلك أنه ولئن كان عقد الإيجار من أعمال الإدارة التي يصح لمن يتولاها أن يبرمه إلا
أن ذلك مشروط فيما يتعلق بإيجار الأماكن بألا يكون الإيجار مخالفاً لأحكام قوانين
إيجار الأماكن التي هي من النظام العام. ولما كانت تشريعات إيجار الأماكن الخاصة
بتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر بعد أن سلبت المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان
المؤجر غير مفروش بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقرره مبدأ امتداد عقود
الإيجار تلقائياً أجازت له طلب الإخلاء لأسباب حددتها من بينها تأجير المستأجر
للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه في غير الحالات
المصرح بها قانوناً - مما يضحى معه الأصل في ظل تلك القوانين الآمرة هو انفراد
المستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه
عنه للغير باعتبار أن هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد
الإيجار مكملاً بحكم القانون يجير للمؤجر طلب إخلاء المكان. إذ كان القانون رقم
127 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1982. بشأن مزاولة مهنة الصيدلة قد نص
في المادة 31 منه على أن (إذا توفي صاحب الصيدلية جاز أن تدار الصيدلية لصالح
الورثة لمدة لا تجاوز عشر سنوات ميلادية. وفي حالة وجود أبناء للمتوفى لم يتموا
الدراسة في نهاية المدة المشار إليها في الفقرة السابقة تمتد هذه المدة حتى يبلغ
أصغر أبناء المتوفى سن السادسة والعشرين أو حتى تخرجه من الجامعة أو أي معهد علمي
من درجتها أيهما أقرب. ويعين الورثة وكيلاً عنهم تخطر به وزارة الصحة على أن تدار
الصيدلية بمعرفة صيدلي وتغلق إدارياً بعد انتهاء المهلة الممنوحة للورثة ما لم يتم
بيعها لصيدلي.....) مما مؤداه أن المشرع أباح لورثة الصيدلي إنابة وكيل عنهم
لإدارة صيدلية مورثهم تحت إشرافهم - استثناء مما استلزمه ذات القانون من وجوب أن
يكون مالك الصيدلية صيدلياً - وذلك رعاية من المشروع لهم لضمان استمرار مورد رزقهم
حتى يتدبروا أمرهم - حسبما ورد بالمذكرة الإيضاحية وتقرير لجنة الشئون الصحية
والبيئة عن مشروع القانون المذكور - ودون أن يمتد ذلك إلى التخلي عن العين بأي
صورة من صورة التخلي أو تأجيرها من الباطن ذلك أن النص سالف البيان لا يخول لورثة
الصيدلي حقوقاً أكثر مما كان لمورثهم الذي لا يحق له هذا التخلي كما لم يرد
بالقانون المذكور ما يبيح للورثة التأجير من الباطن. لما كان ذلك وكان الثابت من
مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدها الأولى والثاني أجراً الصيدلية مثار
النزاع من الباطن للمطعون ضدهما الثالث والرابع وكان ذلك بغير موافقة الطاعنة المؤجرة
- وفي غير الحالات المنصوص عليها في قوانين إيجار الأماكن، وكانت المادة 31 من
القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 82 وعلى ما سلف بيانه لا
تجيز هذا الإيجار من الباطن فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن هذا التأجير
يجيزه القانون المذكور يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا
السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم
يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.