جلسة 12 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/
الدكتور كمال انور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح،
عوض جادو، عبد الوهاب الخياط وصلاح عطيه.
--------------
(203)
الطعن رقم 1912 لسنة 55
القضائية
(1)محكمة
الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". اثبات
"بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ضرب أفضى إلى موت.
استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى من سائر العناصر المطروحة على بساط البحث. موضوعي.
عدم التزام المحكمة أن
تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
حق محكمة الموضوع في تجزئة
أقوال الشاهد والأخذ بما تطمئن اليه منها.
(2) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". اثبات
"بوجه عام". حكم "تسبيب غير معيب".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي.
(3) أسباب الاباحة وموانع
العقاب "الدفاع الشرعي". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب أفضى الى موت.
تقدير الوقائع التي
يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي. ما دام سائغا. الجدل الموضوعي في تقدير
الدليل غير جائز امام النقض.
استعانة الطاعن بآخر
لنصرته على المجنى عليه. ينتفى به حتما موجب الدفاع الشرعي.
-------------
1 - من حق محكمة الموضوع
ان تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة امامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور اخرى
ما دام استخلاصها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة في العقل والمنطق ولها اصلها في الاوراق
- كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الاصل بأن تورد
من اقوال الشهود الا ما تقيم قضاءها عليه اذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى ان تجزئ اقوالهم فتأخذ بما تطمئن اليه منها وتطرح ما عداه دون الزام
عليه ببيان العلة.
2 - من المقرر ان الدفع
بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء
بما تورده من ادلة الاثبات التي تطمئن اليها بما يفيد اطراحها.
3 - لما كان تقدير
الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي او انتفاؤها متعلق بموضوع
الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استنتاجها سليما يؤدى الى
ما انتهى اليه، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من ادلة منتجة في اكتمال
اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي
فان ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل الى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل
مما لا تجوز اثارته امام محكمة النقض، وفضلا عن ذلك، فانه من المقرر انه متى كان
الحكم قد اثبت استعانة الطاعن بآخرين لنصرته على المجنى عليه لمجرد حصول مشادة
كلامية بينهما - وهو ما اثبته الحكم بمدوناته وبلا منازعة من الطاعن - انتفى حتما
موجب الدفاع الشرعي الذى يفترض ردا حالا لعدوان حال دون الاساس له واعمال الخطة في
انفاذه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه ضرب.... عمدا بزجاجة على رأسه فأحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير
الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى الى موته. واحالته الى
محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. والمحكمة
المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال
الشاقة لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض..... الخ.
المحكمة
حيث ان الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة الضرب المفضي الى الموت قد شابه قصور في التسبيب
وفساد في الاستدلال واخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه اطرح دفاع الطاعن بشأن شيوع
التهمة وقيام حالة الدفاع الشرعي في حقه بما لا يسوغه وعلى خلاف الثابت بأقوال
شهود الاثبات جميعها من ان الاشخاص الذين حضروا لمكان الحادث لنصرة الطاعن كانوا
يحملون عصى وزجاجات مياه غازية فارغة وانهم اعتدوا بها على الحاضرين - ومنهم
المجنى عليه - وان اصابة الاخير - رضية جائزة الحدوث من أي من تلك الادوات التي
استعملت في الاعتداء مما يتعذر معه تحديد محدث اصابته، كما ان الشاهد.... شهد
بالتحقيقات من ان المجني عليه كان يدافع عن نفسه بقالب من الطوب، الا ان الحكم أسقط
هذه العبارات من اقوال الشهود تأييدا لما انتهى اليه من عدم صحة دفاع الطاعن
المتقدم ذكره، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي
الى الموت التي دان الطاعن بها، واورد على ثبوتها في حقه ادلة سائغة من شأنها ان
تؤدى الى ما رتبه عليها من اقوال.... و.... و.... ومما جاء بالتقرير الطبي الشرعي،
كما عرض لدفاع الطاعن بشأن شيوع التهمة وقيام حالة الدفاع الشرعي واطرحه بقوله
"وحيث انكر المتهم بالتحقيقات ما اسند اليه مقررا انه كان يقود دراجته
البخارية حيث استوقفه بعض الاشخاص واستولوا منه على مبلغ سبعمائة وخمسين جنيها
وصمم على الانكار بجلسة المحاكمة والتمس المدافع الحاضر معه البراءة تأسيسا على ان
الوقعة عبارة عن مشاجرة اشترك فيها العديد من الاشخاص ومن الجائز ان تكون اصابة
المجنى عليه من شخص آخر خلاف المتهم وان الاتهام ملفق له على اساس انه كان سبب
المشاجرة وان المتهم كان في حالة دفاع شرعي والمحكمة لا تعول على انكار المتهم ولا
على دفاع محاميه اذ ان الثابت من ادلة الثبوت آنفة البيان والتي اطمأنت اليها
المحكمة ووثقت فيها ان المتهم هو الذى ضرب المجنى عليه بزجاجة كوكا كولا على رأسه
فاحدث اصابته التي اودت بحياته. اما وجود اشخاص آخرين في المشاجرة وان المتهم اساس
المشاجرة فلا يرقى الى ما يشكك المحكمة في صحة الاتهام المنسوب للمتهم، كما ان
اوراق الدعوى قد خلت مما يفيد ان المتهم كان في حالة دفاع شرعي او ان ثمة خطر كان
يهدد المتهم دعاه الى ضرب المجني عليه للدفاع عن نفسه ذلك ان المتهم فكر في الاعتداء
على المجني عليه واحتمى برجاله الذين أرسل في استدعائهم لمناصرته. ومن ثم اضحى
دفاع المتهم غير قائم على ما يسانده.... لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع ان
تستخلص من اقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة امامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور اخرى
ما دام استخلاصها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة في العقل والمنطق ولها اصلها في الاوراق
- كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الاصل بأن تورد
من اقوال الشهود الا ما تقيم قضاءها عليه اذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى ان تجزئ اقوالهم فتأخذ بما تطمئن اليه منها وتطرح ما عداه دون الزام
عليها ببيان العلة، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم المطعون فيه من
اقوال شهود الاثبات وعن تقرير الصفة التشريحية، وكان ما اورده الحكم ودلل به على
مقارفة الطاعن لجريمة الضرب المفضي الى الموت التي دين الطاعن بها كافيا وسائغا،
فان ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من اوراق الدعوى لا
يعدو ان يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط
معتقدها ما لا يجوز اثارته امام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان
الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء
بما تورده من ادلة الاثبات التي تطمئن اليها بما يفيد اطراحها. فان ما ينعاه
الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير الوقائع التي يستنتج منها
قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل
فيه بلا معقب عليها ما دام استنتاجها سليما يؤدى الى ما انتهى اليه، ولما كان ما
ساقه الحكم المطعون فيه من ادلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما
انتهت اليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فان ما يثيره الطاعن في هذا
الشأن ينحل الى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز اثارته امام محكمة
النقض، وفضلا عن ذلك، فأنه من المقرر انه متى كان الحكم قد اثبت استعانة الطاعن
بآخرين لنصرته على المجنى عليه لمجرد حصول مشادة كلامية بينهما - وهو ما اثبته
الحكم بمدوناته وبلا منازعة من الطاعن - انتفى حتما موجب الدفاع الشرعي الذى يفترض
ردا حالا لعدوان حال دون الاساس له واعمال الخطة في انفاذه. لما كان ما تقدم، فان
الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.