الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 16 يوليو 2020

الطعن 2807 لسنة 53 ق جلسة 12 / 2 / 1985 مكتب فني 36 ق 36 ص 223


جلسة 12 من فبراير سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ فوزى احمد المملوك نائب رئيس المحكمة، وعضوية السيد المستشار/ محمد عبد الرحيم نافع، نائب رئيس المحكمة، والسادة المستشارين: حسن غلاب، ومحمد احمد حسن، والسيد عبد المجيد العشري.
-----------
(36)
الطعن رقم 2807 لسنة 53 القضائية

 (1)نقض "الصفة في الطعن".
عدم تقديم المحامي التوكيل الذي يخوله حق الطعن نيابة عن المحكوم عليه للتحقق من صفته. اثره: عدم قبول الطعن شكلا. أساس ذلك؟
(2) نقض "التقرير بالطعن وايداع الاسباب. ميعاده".
عدم تقديم الطاعن اسبابا لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلا.
 (3)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
كفاية ان تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة الى المتهم كي تقضي له بالبراءة حد ذلك؟
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز النعي على المحكمة قضاءها بالبراءة لاحتمال ترجع لديها. بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها. علة ذلك؟
 (5)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة عند قضائها بالبراءة بالرد على كل دليل من ادلة الثبوت اساس ذلك؟
(6) مصادرة. عقوبة "العقوبة التكميلية". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعارة.
المصادرة عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح ما لم ينص القانون على غير ذلك؟
تعلق المصادرة بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل. يجعلها وجوبية. يقتضيها النظام العام. باعتبارها تدبيرا وقائيا يتخذ في مواجهة الكافة. مثال.
 (7)عقوبة "العقوبة التبعية". دعارة.
إدانة "المتهم في إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون 10 لسنة 1961 يستتبع وضعه تحت مراقبة الشرطة. المادة 15 من القانون 10 لسنة 1961.
(8) عقوبة "وقف تنفيذها". وقف التنفيذ. محكمة الموضوع "سلطتها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قانون "تفسيره".
حق محكمة الموضوع في وقف تنفيذ العقوبة طبقا للمادة 55 عقوبات نطاقة؟
 (9)إثبات "اعتراف" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف في المسائل الجنائية. عنصر من عناصر الاستدلال. حق محكمة الموضوع في تقدير قيمته والأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وحق غيره من المتهمين.
الأقوال التي يدلى بها المتهم في حق غيره من المتهمين. تجعله شاهد إثبات ضدهم.
 (10)إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مجرد القول ببطلان الاعتراف لصدوره خشية رجال الشرطة. عدم كفايته. ما دام سلطانهم لم يستطل الى المتهم بالأذى.
(11) دعارة جريمة "اركانها".
جريمة تسهيل الدعارة. مناط تحققها؟
(12) دعارة. جريمة "اركانها".
عدم اشتراط القانون وقوع جريمة تسهيل البغاء بصورة معينة.

------------
1 - لما كان الاستاذ.... المحامي قرر نيابة عن الاستاذ..... بصفته وكيلا عن المحكوم عليها.... بالطعن بطريق النقض في الحكم المطعون فيه، بيد انه لم يقدم التوكيل الذى يخوله الحق في الطعن ولما كان الطعن بطريق النقض في المواد الجنائية حقا شخصيا لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد ان ينوب عنه في مباشرة هذا الحق الا بإذنه، واذ كان التوكيل الذى تقرر الطعن بمقتضاه لم يقدم للتثبت من صفة المقرر فان الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة مما يتعين معه الحكم بعدم قبول شكلا.
2 - من المقرر ان التقرير بالطعن في الحكم هو مناط اتصال المحكمة به وان تقديم الاسباب في الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله، وان التقرير بالطعن وتقديم الاسباب يكونان معا وحده اجرائية لا يقوم فيها احدهما مقام الآخر ولا يغنى عنها. لما كان ذلك، وكان الطاعن الثالث... وان قرر بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه الا أنه لم يقدم اسبابا لطعنه، فان طعنه يكون غير مقبول شكلا.
3 - من المقرر أنه يكفى في المحاكمات الجنائية ان تتشكك محكمة الموضوع في صحة اسناد التهمة الى المتهم لكى تقضى له بالبراءة، اذ مرجع الأمر في ذلك الى ما تطمئن اليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى واحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين ادلة النفي فرجحت دفاع المتهم او داخلتها الريبة في عناصر الاثبات.
4 - من المقرر أنه لا يصح النعي على المحكمة انها قضت ببراءة المتهم بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات اخرى قد تصح لدى غيرها، لأن ملاك الأمر كله يرجع الى وجدان قاضيها وما يطمئن اليه ما دام قد اقام قضاءه على أسباب تحمله.
5 - من المقرر ان محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من ادلة الثبوت ما دام انها قد رجحت دفاع المتهم او داخلتها الريبة والشك في عناصر الاثبات ولان في اغفال التحدث عنها ما يفيد ضمنا انها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه الى ادانة المطعون ضده. لما كان ذلك، فان ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل.
6 - من المقرر ان المصادرة - في حكم المادة 30 من قانون العقوبات - اجراء الغرض منه تملك الدولة اشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة - قهرا عن صاحبها وبغير مقابل - وهى عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح الا اذا نص القانون على غير ذلك - وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهى على هذا الاعتبار تدبير وقائي ولا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، ولما كانت احكام نصوص القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة لم يرد فيها نص بشأن المصادرة الوجوبية الا في المادة الثامنة والتي توجب مصادرة الامتعة والاثاث الموجود بالمحل الذى يفتح او يدار للفجور او الدعارة ومن ثم فان المحكمة اذ لم تقض بمصادرة السيارة المضبوطة مع المتهمة الثانية والتي لا تعد حيازتها جريمة في حد ذاتها - اعمالا لنص المادة 30/ 1 من قانون العقوبات لا تكون قد جانبت التطبيق القانوني الصحيح وينحسر عن حكمها ما نعته الطاعنة من دعوى التناقض والخطأ في تطبيق القانون.
7 - إن المادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 تنص على أن "يستتبع الحكم بالإدانة في احدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة وذلك دون اخلال بالأحكام الخاصة بالمتشردين".
8 - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المادة 55 من قانون العقوبات حين نصت على جواز وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية او جنحة بالغرامة او الحبس انما عنت العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي، سواء اكانت هذه العقوبة اصلية ام تبعية اما الجزاءات الاخرى التي وان كان فيها معنى العقوبة، ليست عقوبات بحته فلا يجوز الحكم بوقف التنفيذ فيها، لما كان ذلك وكان يبين من نصوص القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة لم يرد به ما يحظر على القاضي الحكم بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها على مخالفة احكامه ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه حين طبق القاعدة العامة في ايقاف التنفيذ المقرر بالمادتين 55/ 56 من قانون العقوبات لا يكون قد خالف القانون، ذلك أن الامر بإيقاف تنفيذ العقوبة هو كتقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في حدود سلطة قاضى الموضوع فمن حقه تبعا لما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها عليه وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأنا فيه بل خص به قاضى الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك فتركه لمشيئته وما يصير اليه رأيه. وبالتالي يكون ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد على غير اساس.
9 - من المقرر ان الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الاثبات وان سلطتها مطلقة في الاخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين في أي دور من ادوار التحقيق وان عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت الى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. كما ان الاقوال التي يدلى بها المتهم في حق غيره من المتهمين تجعل منه شاهد اثبات ضدهم.
10 - من المقرر ان مجرد القول بأن الاعتراف موحى به من رجال الشرطة او صدر عن خشية منهم لا يعد قرين الاكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكما ما دام سلطان رجال الشرطة لم يستطل الى المتهم بأذى ماديا كان أو معنويا.
11 - من المقرر ان جريمة تسهيل الدعارة تتوافر بقيام الجاني بفعل او افعال يهدف من ورائها الى انه ييسر لشخص بقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد او قيام الجاني بالتدابير اللازمة لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له او تقدير المساعدة المادية او المعنوية الى شخص لتمكينه من ممارسة البغاء أيا كانت طريقة او مقدار هذه المساعدة.
12 - من المقرر ان القانون لم يشترط لوقوع جريمة تسهيل البغاء ان يكون بطريقة معينة، انما جاء النص بصفة عامة، يفيد ثبوت الحكم على الاطلاق، بحيث يتناول شتى صور التسهيل.


الوقائع
أتهمت النيابة العامة المحكوم عليهم بأنهم.
المتهم الاول: 1 - بصفته مدير لمحل من محال الملاهي العمومية (ملهى الكهف السياحي) استخدم اشخاصا ممن يمارسون الفجور والدعارة بقصد تسهيل ذلك لهم واستغلالهم في ترويج. محله حال كونه ممن له سلطة اشراف على المتهمة الثانية حيث تربطها به علاقة عمل تعاقدية فعلية. 2 - سهل دعارة المتهمة الثانية وفجور المتهم الثالث على النحو المبين بالأوراق. 3 - عاون سالفي الذكر على ارتكاب الفحشاء على النحو المبين بالأوراق. 4 - استغل بغاء المتهمة الثانية على النحو المبين بالأوراق. المتهمة الثانية: اعتادت ممارسة الدعارة مع الرجال دون تمييز لقاء اجر كما تحصلت على المبلغ النقدي المضبوط معها نتيجة لاقترافها لنشاطها الإجرامي سالف البيان واستخدمت السيارة رقم 14305 ملاكي الجيزة ماركة فيات 132 في نشاطها سالف الذكر. المتهم الثالث: اعتاد ممارسة الفجور مع النساء بغير تمييز على النحو المبين بالأوراق، وطلبت عقابهم بالمواد 1/ أ، 6/ أ - ب، 8، 9، 11، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 والمادة 30/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الآداب قضت حضوريا في 17 من ابريل سنة 1983 عملا بمواد الاتهام. اولا: بحبس المتهم الاول..... خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وتغريمه ثلاثمائة جنيه ووضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات أخرى تبدأ من نهاية تنفيذ عقوبة الحبس وذلك عن كافة التهم المسندة اليه. ثانيا: بحبس كل من المتهمة الثانية.... و.... ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وتغريم كل منهما ثلاثمائة جنيه ووضع كل منهما تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاث سنوات أخرى تبدأ من نهاية تنفيذ عقوبة الحبس. ثالثا: بإغلاق ملهى الكهف بشارع الاهرام لمدة ثلاثة اشهر. رابعا: بمصادرة السيارة رقم 14305 ملاكي جيزة والمبلغ النقدي المضبوطين. فأستأنف المحكوم عليهم ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا في 5 من مايو سنة 1983 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من ادانة المتهم الاول.... عن التهمة الاولى وبراءته منها وبتعديله بالنسبة له عن باقي التهمة والاكتفاء بحبسه سنة واحده مع الشغل والنفاذ وبتغريمه ثلاثمائة جنيه وبوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة سنة واحدة اخرى تبدأ من نهاية تنفيذ عقوبة الحبس - وبالنسبة لكل من المتهمين الثانية...... و.... بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس كل منهما ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ وبتغريم كل منهما ثلاثمائة جنيه وبوضعهما تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاثة أشهر اخرى تبدأ من نهاية تنفيذ عقوبة الحبس وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة المراقبة فقط بالنسبة للمتهم الثالث وحده. وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لعقوبة غلق ملهى الكهف وبإلغائه فيما قضى به بالنسبة لعقوبة مصادرة السيارة رقم 14305 ملاكي جيزة وتأييده بالنسبة لمصادرة المبلغ النقدي المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض. كما طعن المحكوم عليه.... وطعن الاستاذ.... المحامي عن الاستاذ..... المحامي عن المحكوم عليها... وطعن المحكوم عليه... الخ.


المحكمة
من حيث ان الاستاذ..... المحامي قرر نيابة عن الاستاذ.... بصفته وكيلا عن المحكوم عليها.... بالطعن بطريق النقض في الحكم المطعون فيه، بيد انه لم يقدم التوكيل الذى يخوله الحق في الطعن ولما كان الطعن بطريق النقض في المواد الجنائية حقا شخصيا لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد ان ينوب عنه في مباشرة هذا الحق الا بإذنه، واذ كان التوكيل الذي تقرر الطعن بمقتضاه لم يقدم للتثبت من صفة المقرر فان الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة مما يتعين معه الحكم بعدم قبوله شكلا.
وحيث ان قضاء هذه المحكمة قد جرى على ان التقرير بالطعن في الحكم هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الاسباب في الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم الاسباب يكونان معا وحده اجرائية لا يقوم فيها احدهما مقام الآخر ولا يغنى عنها. لما كان ذلك، وكان الطاعن الثالث... وان قرر بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه إلا أنه لم يقدم اسبابا لطعنه، فان طعنه يكون غير مقبول شكلا.
اولا: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
من حيث ان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ قضى ببراءة المطعون ضده..... من تهمة استخدام اشخاص يمارسون الفجور والدعارة بالملهى الذى يقوم بإدارته، وبإلغاء عقوبة مصادرة السيارة المضبوطة مع المطعون ضدها....، ويوقف تنفيذ عقوبة المراقبة المقضي بها على المطعون ضده....، فقد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب كما انطوى على الخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه لم يلتفت الى ما قررته المتهمة الثانية من انه هو المدير الفعلي للملهى وانه سهل لها دعارتها مع المتهم الثالث واقتسم معها المبلغ الذى حصلت عليه من ذلك المتهم، مما يدل على ان المحكمة في قضائها بالبراءة ولم تحط بالواقعة ولم تمحص ادلتها ولم تناقش ما اورده الحكم المستأنف في هذا الشأن، وكذلك فانه رغم تسليم الحكم المطعون فيه بأن المتهمة الثانية قد استخدمت السيارة في انتقالها الى مسكن المتهم الثالث لغرض غير مشروع وهو ممارسة الدعارة الا ان الحكم قضى بإلغاء عقوبة مصادرة تلك السيارة، كما قضى بوقف تنفيذ عقوبة المراقبة على خلاف ما تقضى به المادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 والتي توجب الحكم بوضع المحكوم عليه في أي من الجرائم المنصوص عليها في ذلك القانون تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المقضي بها. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بعد ان بين واقعة الدعوى وادلتها عرض للدليل على ثبوت الاتهام قبل المتهمين الثلاثة وانتهى الى الاخذ بأسباب الحكم الابتدائي كأسباب مكملة لأسبابه وذلك فيما عدا التهمة الاولى المنسوبة للمتهم الاول والتي قضى ببراءته عنها على سنة من القول: "الا ان المحكمة في هذه الخصوصية لا تساير الحكم المستأنف فيما عول عليه من اعتبار هذا المتهم هو المدير للملهى اذ أن الاوراق تنطق بعكس ذلك - فالثابت من الكتاب المرسل لمكتب حماية الآداب بتاريخ 20/ 3/ 1983 وهو تاريخ سابق على الضبط - والمقدم صورته من ضابط الواقعة انه محرر على اوراق الملهى المطبوعة وجاء به ما يفيد الاخطار بعمل المتهمة الثانية بالملهى اعتبارا من تاريخه - هذا الكتاب مذيل بتوقيع مدير الملهى وهو.... - وهو والد المتهم وقد تأكد ذلك بما قدمه الدفاع عنه امام هذه المحكمة من مستندات تكشف أنه ليس هو المدير للملهى - ومن ثم يكون الحكم حين ادان المتهم الاول عن التهمة الاولى لم يصادف صحيح القانون جديرا بالإلغاء بالنسبة لهذه التهمة ومن ثم ببراءته منها". لما كان ذلك، وكان يكفى في المحاكمات الجنائية ان تتشكك محكمة الموضوع في صحة اسناد التهمة الى المتهم لكى تقضى له بالبراءة، اذ مرجع الامر في ذلك الى ما تطمئن اليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت واقعة الدعوى واحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين ادلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاثبات، لما كان ذلك وكان دفاع المطعون ضده قام اساسا على نفى تهمة ادارته للملهى والقائها على عاتق والده مستندا في ذلك على وجهة نظر موضوعية صرفه قوامها انه مجرد عامل لدى والده الوكيل عن صاحب الملهى استنادا الى ما قدمه من اوراق للمحكمة تدليلا على ذلك والى الكتاب الموقع عليه من والده بصفته مديرا للملهى والموجه الى مكتب حماية الآداب في تاريخ سابق على واقعة الضبط - وكان ما اثبته الحكم المطعون فيه على هذا النحو لا تنازع النيابة العامة في أن له اصل صحيح من اوراق الدعوى - وقد سلمت به بأسباب الطعن - وهو احتمال ترجع لدى محكمة الموضوع ولم تجد في ظروف الدعوى ما ينفيه، ولما كان مجرد قيام هذا الاحتمال هو مما يصح معه القضاء بالبراءة عن تقدير بأن المتهم يجب أن يستفيد من كل شك في مصلحته، وأنه لا يصح النعي على المحكمة انها قضت ببراءة المتهم بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها، لأن ملاك الأمر كله يرجع الى وجدان قاضيها وما يطمئن اليه ما دام قد اقام قضاءه على اسباب تحمله لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من ادلة الثبوت ما دام انها قد رجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة والشك في عناصر الاثبات ولان في اغفال التحدث عنها ما يفيد ضمنا انها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه الى ادانة المطعون ضده. لما كان ذلك، فان ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان المصادرة - في حكم المادة 30 من قانون العقوبات - اجراء الغرض منه تملك الدولة اشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة - قهرا عن صاحبها وبغير مقابل - وهى عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح الا اذا نص القانون على غير ذلك - وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهى على هذا الاعتبار تدبير وقائي ولا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، ولما كانت احكام نصوص القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة لم يرد فيها نص بشأن المصادرة الوجوبية الا في المادة الثامنة والتي توجب مصادرة الامتعة والاثاث الموجود بالمحل الذى يفتح او يدار للفجور او الدعارة ومن ثم فان المحكمة اذ لم تقضى بمصادرة السيارة المضبوطة مع المتهمة الثانية والتي لا تعد حيازتها جريمة في حد ذاتها - اعمالا لنص المادة 30/ 1 من قانون العقوبات لا تكون قد جانبت التطبيق القانوني الصحيح وينحسر عن حكمها ما نعته الطاعنة من دعوى التناقض والخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكانت المادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 تنص على أن "يستتبع الحكم بالإدانة في احدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة وذلك دون اخلال بالأحكام الخاصة بالمتشردين". لما كان ذلك، وكان من المقرر ان المادة 55 من قانون العقوبات حين نصت على جواز وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية او جنحة بالغرامة او الحبس انما عنت العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي، سواء اكانت هذه العقوبة اصلية ام تبعية اما الجزاءات الاخرى التي وان كان فيها معنى العقوبة، ليست عقوبات بحته فلا يجوز الحكم بوقف التنفيذ فيها، لما كان ذلك وكان يبين من نصوص القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة لم يرد به ما يحظر على القاضي الحكم بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها على مخالفة احكامه ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه حين طبق القاعدة العامة في ايقاف التنفيذ المقرر بالمادتين 55/ 56 من قانون العقوبات لا يكون قد خالف القانون، ذلك أن الامر بإيقاف تنفيذ العقوبة هو كتقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في حدود سلطة قاضى الموضوع فمن حقه تبعا لما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها عليه وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شانا فيه بل خص به قاضى الموضوع ولم يلزمه باستعمال بل رخص له في ذلك فتركه لمشيئته وما يصير اليه رايه. وبالتالي يكون ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد على غير أساس ولما كان ما تقدم فان الطعن المقدم من النيابة العامة برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.
ثانيا: عن الطعن المقدم من.........:
من حيث ان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث ان مبنى الطعن ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجرائم تسهيل ومعاونة اخرى على ارتكاب الدعارة واستغلال بغائها، قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بان عول في ادانة الطاعن على اعتراف المتهم الثالث مع ان هذا الاعتراف كان موعزا به من رجال الشرطة وجاء متناقضا مع ما سبق ان قرره في أقواله، وكان اعتمد الحكم على ما حوته الصور الفوتوغرافية المضبوطة والتي لا تفيد في توافر اركان الجرائم التي دانه بها مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث ان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين وقائع الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها واورد على ثبوتها في حقه ادلة سائغة لها اصلها الثابت في الاوراق ومن شأنها أن تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الاثبات وان سلطتها مطلقة في الاخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين في أي دور من ادوار التحقيق وأن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت الى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. كما ان الاقوال الى يدلى بها المتهم في حق غيره من المتهمين تجعل منه شاهد اثبات ضدهم. ولما كان الحكم قد اورد في مقام سرده لأدلة الثبوت ان المتهم الثالث اعترف بمحضر الضبط وبتحقيقات النيابة العامة بان المتهم الاول (الطاعن) اتفق معه على تسهيل ممارسته الدعارة مع المتهمة الثانية والتي تعمل بالملهى وكان الطاعن لا يماري في ان ما اورده الحكم في هذا الشأن له اصله الثابت في الاوراق - هذا فضلا عن انه من المقرر ان مجرد القول بان الاعتراف موحى به من رجال الشرطة او صدر عن خشية منهم لا يعد قرين الاكراه. المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكما ما دام سلطان رجال الشرطة لم يستطل الى المتهم بأذى مادي كان أو معنويا وهو ما لم يزعمه الطاعن في كافة مراحل الدعوى ومن ثم فان ما ينعاه في شأن استناد الحكم الى اعتراف المتهم الثالث في تحقيقات النيابة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر اركان الجرائم التي دان الطاعن بها في قوله: واما عن المتهم الاول فالثابت انه هو الذى سهل دعارة المتهمة الثانية راقصة الملهى الذى يعمل به كمشرف على الصالة والذى يديره والده - وهو المستجيب لفجور المتهم الثالث. والمخطط له لارتكاب رزيلته - والمساعد عليه وهو المتقاضي لأجره نظير هذا التسهيل وتلك المعاونة وتكفى الصور المضبوطة دليلا على دوره في التمهيد والتخطيط لجريمته ولا ينال من ذلك الدفاع القائل بان مجالسة هذا المتهم لباقي المتهمين من قبل المجاملة فأي مجاملة هذه وهو متردوتيل الملهى والمشرف على صالته كما يقول - تقتضى منه جلوسا مع أحد زبائن الملهى ومشاركته للهوه كما لا يقدح منه القول بأن مسئوليته هو عن المتهمة الثانية لا تمتد لما بعد خروجها من الملهى واداء فقرتها اذ أن هذا القول كان يبدو مقبولا لو لم يتأكد نقيضه من اقرار سائق السيارة الأجرة ومن اعتراف المتهم الثالث عليه بمحضري الضبط والنيابة من اقرار كذلك من المتهمة الثانية بمحضر الضبط وهى القائلة بانه سيعمل في وقت يسير على استبدالها لسيارتها الفيات بأخرى مرسيدس ومن شهادة سائق السيارة الاجرة.... ومن اقوال ضابط الواقعة بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان جريمة تسهيل الدعارة تتوافر بقيام الجاني بفعل او افعال يهدف من ورائها الى انه ييسر لشخص يقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد او قيام الجاني بالتدابير اللازمة لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له او تقديم المساعدة المادية او المعنوية الى شخص لتمكينه من ممارسة البغاء أيا كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة، وكان من المقرر أيضا أن القانون لم يشترط لوقوع جريمة تسهيل البغاء ان يكون بطريقة معينة، انما جاء النص بصفة عامة، يفيد ثبوت الحكم على الاطلاق، بحيث يتناول شتى صور التسهيل واذ كان ما تقدم وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها كل من الحكم الابتدائي والاستئنافي قد ابانت في غير لبس ان جرائم تسهيل الدعارة والمعاونة على ذلك واستغلال البغاء قد وقعت من الطاعن الاول فان ما اثبته كل من الحكمين مما استخلصه من اعتراف المتهمة الثانية في محضر ضبط الواقعة ومن اعتراف المتهم الثالث بمحضر الضبط وتحقيق النيابة ومن اقوال شاهد الاثبات وضابط الواقعة كاف في بيان واقعة الدعوى وظروفها بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، هذا فضلا عما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة اصلية على ما استبان لها من الصور الفوتوغرافية المضبوطة انما استندت المحكمة اليها كقرينة تعزز بها ادلة الثبوت التي اوردتها ومن ثم فلا جناح على الحكم ان عول على تلك القرينة تأييدا وتعزيزا للأدلة الاخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام انه لم يتخذ من الصور المذكورة دليلا اساسيا في ثبوت التهمة قبل الطاعن ومن ثم يكون ما يثيره في هذا الصدد على غير اساس. لما كان ما تقدم جميعه، فان الطعن برمته يكون في غير محله ويتعين رفضه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق