الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 2 مارس 2025

الطعن 446 لسنة 25 ق جلسة 21 / 12 / 1961 مكتب فني 12 ج 3 ق 137 ص 810

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1961

برياسة السيد محمد متولي عتلم المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين على، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.

----------------

(137)
الطعن رقم 446 لسنة 25 القضائية

(أ) "ملكية". "القيود التي ترد على حق الملكية".
فرض قيود قانونية أو اتفاقية على حق الملكية لا يؤثر على بقاء هذا الحق وقيامه. مثال.
(ب) حكم "عيوب التدليل". "قصور". ما يعد كذلك.
إقامة الحكم قضاءه على أمور افترضها دون أن يقيم الدليل عليها أو يبين المصدر الذي استقاها منه. قصور. مثال.
(ج) عقد "التكييف القانوني للتعاقد".
العبرة في التكييف بحقيقة التعاقد وفقاً للقانون، لا بما يصفه به الخصوم.

-----------------
1 - تقييد وزارة التموين للشركة الطاعنة - التي تعاقدت معها على أن تستورد لحسابها قمحاً لتنتج منه دقيقاً من النوع الفاخر كي تبيعه الطاعنة بالأسعار المحددة - في التصرف في القمح والدقيق طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 سنة 1954 والقرار 359 سنة 1947 لا ينفي ملكية الشركة الطاعنة للقمح لأن فرض قيود قانونية أو اتفاقية على حق الملكية لا يؤثر على بقاء هذا الحق وقيامه.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على التزام الشركة الطاعنة بشراء الزوائد (الردة) وتقاضيها أجراً محدداً عن طحن القمح وعلى نيابتها عن الحكومة في توزيع الدقيق وتحصيل ثمنه وكانت هذه الأمور قد افترضها الحكم افتراضاً دون أن يقيم الدليل عليها أو يبين المصدر الذي استقاها منه رغم إنكار الطاعنة لها أمام محكمة الاستئناف فإنه يكون مشوباً بالقصور.
3 - العبرة في التكييف القانوني بحقيقة التعاقد طبقاً لا بما يصفه به الخصوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون عليها أقامت الدعوى 2003 سنة 1951 كلي إسكندرية ضد الطاعنة قائلة إنها في سبيل مكافحة الغلاء وتوفير الخبز لكافة طبقات الشعب تقوم باستيراد القمح وتبيعه للمطاحن لتنتج دقيقاً يباع بالأسعار التي تحددها وهي أسعار تقل عن أسعار التكلفة وأنها رأت أن تنتج نوعاً صافياً من الدقيق فاتفقت مع الشركة الطاعنة على أن تبيعها قمحاً مما تستورده لحسابها لتنتج منه دقيقاً من النوع الفاخر نمرة 1 بنسبة 70% و80% و82% لكي تبيعه الطاعنة بالأسعار التي تحدد لذلك وعند بدء التنفيذ في 15/ 10/ 1954 حددت نسب استخراج هذا النوع من الدقيق ب 70% فاخر نمرة 1 و10% دقيق نمرة 2 والباقي زوائد كما حدد سعر الأقة من كل نوع واتفق على أن تشتري الطاعنة الزوائد بالأسعار الرسمية ثم عدلت نسب الاستخراج في 17/ 5/ 1947 وكانت الوزارة المطعون عليها قد أصدرت القرار 431 سنة 46 بإلزام أصحاب المطاحن بإمساك سجلات لإثبات كميات الحبوب التي تسلم إليهم والدقيق الناتج منها وقد تبين من مراجعة سجلات الطاعنة أنها أنتجت دقيقاً من النوع الفاخر بنسب أكبر من النسب المقررة وبهذا حصلت الطاعنة على ربح غير مشروع وأثرت بغير سبب بما يعادل مبلغ 54687 جنيهاً و498 مليماً في المدة من 31/ 10/ 1945 إلى 10/ 4/ 1948 وطلبت المطعون عليها الحكم لها بهذا المبلغ. وفي 25 فبراير سنة 1953 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى استناداً إلى ملكية الطاعنة للقمح لأن العلاقة التي تربطها بالمطعون عليها تقوم على البيع استأنفت المطعون عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف 111 سنة 9 ق طالبة إلغاءه والحكم بها بطلباتها وأسست الاستئناف على خطأ محكمة أول درجة في تكييف العلاقة بين الطرفين وأن التكييف الصحيح يقوم على عقد الاستصناع وأنه لو جاز مسايرة محكمة أول درجة فيما ذهبت إليه فإن الطاعنة انحرفت عن إرادة المتعاقدين عند تنفيذ العقد بالنسبة لنسب استخراج الدقيق وكانت صفة جوهرية عند التعاقد - وبتاريخ 12 يونيه سنة 1955 حكمت المحكمة الاستئنافية بالإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها مبلغ 54687 جنيهاً و488 مليماً والفوائد بواقع 4% سنوياً من المطالبة الرسمية حتى السداد ومصروفات الدرجتين ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 22 أغسطس سنة 1955 وطلبت للأسباب الوارد به نقض الحكم المطعون فيه وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 2 مارس سنة 1960 وبها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة عرض الطعن على هذه الدائرة بجلسة 7 ديسمبر سنة 1961 وبها صممت النيابة على رأيها سالف الذكر.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في القانون وشابه قصور في التسبيب فيما أقام عليه قضاءه من اعتبار العلاقة بين الطرفين قائمة على عقد استصناع لا على عقد بيع ذلك - أولاً - أن الحكم خالف أحكام المواد 802 و804 و823 من القانون المدني والمواد 1 و4 و6 و7 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 فيما قرره من أن تقييد التصرف في القمح والدقيق بأن يكون بموجب أذونات أو بطاقات من وزارة التموين يتنافى مع ملكية الطاعنة للقمح في حين أن هذه القيود ليس من شأنها أن تنفي هذه الملكية - ثانياً - أنه استند في نفي ملكية الطاعنة للدقيق وبالتالي في اعتبار أن العلاقة تقوم على عقد الاستصناع لا على عقد البيع - إلى ما قرره من أن الشركة الطاعنة قد فرض عليها شراء الزوائد المتخلفة من القمح بالأسعار الرسمية وأنها تتقاضى أجراً محدداً عن عملية طحن القمح وإلى أنه كان متفقاً عند تسليم القمح لها أنه ستنوب عن الحكومة في توزيع الدقيق الذي تنتجه على المخابز وفي تحصيل ثمنه... وقد افترض الحكم هذه الأمور افتراضاً دون أن يقيم الدليل عليها أو يبين المصدر الذي استقاها منه وذلك على الرغم من إنكار الطاعنة لها ومنازعتها فيه - كما أخطأ الحكم في استناده إلى ما ورد بمحضر اجتماع أصحاب المطاحن بالإسكندرية في 7/ 12/ 1954 من أنهم قد وصفوا أنفسهم - في علاقتهم بوزارة التموين - بأنهم صناع دقيق مع أن الطاعنة لا تحاج به لعدم صدوره ممن يمثلها فضلاً عن كونه لا يؤثر على صحة التكييف القانوني للعلاقة.
وحيث إن هذا النعي صحيح في جميع وجوهه ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن العقد الذي يحكم العلاقة بين الطرفين عقد استصناع تأسيساً على قوله "وحيث إنه فيما يختص بحقيقة وصف العقد من الوجهة المدنية فإن المستأنف عليه يقول إنه عندما استلم القمح قام بدفع ثمنه وبذلك تمت عملية بيع وشراء وأصبح مالكاً لهذا القمح والدقيق الناتج منه وليس للحكومة الحق في مطالبته بشيء وقد سايرته في ذلك المحكمة الابتدائية غير أن هذا الوصف - وقد توافرت معه أركان عقد البيع كما يقول المستأنف عليه - وكان يجب أن يؤدي إلى التمليك بكافة وجوهه ولكن الحاصل أن حريته في التصرف كانت مقيدة بقيود لا تتفق إطلاقاً وحقوق المالك فمن ذلك أنه محظور عليه أن يبيع أو يسلم على أي وجه كان أية كمية من هذا القمح طبقاً لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون 95 لسنة 1954 ولو أنه كان معتبراً مالكاً للقمح لما فرض عليه هذا الحظر بل إنه لو كان مالكاً للدقيق الناتج لما فرض عليه حظر مماثل بمقتضى المادة الحادية عشرة من القرار رقم 359 لسنة 1947 ولو كان مالكاً لهذا الدقيق لما فرض عليه أن يشتري الزوائد (الردة) بالأسعار الرسمية إذ أن المالك لا يشتري شيئاً مملوكاً له. يضاف إلى ذلك أنه لو كانت العلاقة بين الطرفين لا تعدو أن تكون علاقة بائع بمشترٍ فإنه لم يكن ثمة بموجب لتحديد أجرة طحن روعي فيها أن تكون شاملة لمهايا العمال وتكاليف وأرباح المطحن واعتبرت من حق المستأنف عليه - والواقع أن هذه الظروف تتعارض مع النتائج التي يؤدي إليها عقد البيع ولكنها تتطابق مع مقتضيات عقد الاستصناع خاصة أن العملية إذا ما نفذت طبقاً للشروط التي تعاملت الوزارة على أساسها مع المطاحن فإنها لا تعود في النهابة على صاحب المطحن بأكثر من أجرة الطحن المحددة له وبما أن التسليم على أساس هذا التعامل لا ينقل الملكية فإن الحكومة تظل هي المالكة للقمح المسلم لصاحب المطحن وبالتالي للدقيق الناتج منه. ولعل ما ورد في محضر اجتماع اتحاد أصحاب المطاحن بالإسكندرية المحرر في 7/ 12/ 1954 الذين وصفوا أنفسهم بصدد علاقتهم بوزارة التموين بأنهم صناع دقيق فيه أبلغ الدليل على أن الشركة المستأنف عليها ووزارة التموين عندما اتفقا على تسليم القمح لطحنه واستخراج الدقيق الفاخر كانت نيتهما منصرفة إلى إبرام عقد استصناع وليس شيئاً آخر. وحيث إنه لا يؤثر على صحة هذا النظر أن تتقاضى الحكومة من صاحب المطحن عند التسليم مبلغاً معيناً عن كل أردب لأنه يجب أن يلاحظ أنه كان من المتفق عليه عند التسليم أن صاحب المطحن سينوب عن الحكومة في توزيع الدقيق الذي يصنعه على المخابز بموجب أذونات صرف تصدر منها كما ينوب عنها أيضاً في تحصيل ثمن هذا الدقيق على اعتبار أنه دائن بأجرة الطحن فالمبلغ الذي تقبضه الحكومة عند التسليم ليس ثمناً بالمعنى المفهوم بل هو في الحقيقة مقابل ما خول لصاحب المطحن تحصيله من المخابز نيابة عنها مع إضافة أجرة الطحن المستحقة له والتي يحصلها من أصحاب المخابز زيادة عما دفعته الحكومة" وهذا الذي قرره الحكم ينطوي على مخافة للقانون وقصور في التسبيب ذلك أن تقييد حق الطاعنة في التصرف في القمح والدقيق طبقاً لأحكام المرسوم 95 لسنة 1945 والقرار 359 لسنة 1947 لا ينفي ملكيتها للقمح لأن فرض قيود قانونية أو اتفاقية على حق الملكية لا يؤثر على بقاء هذا الحق وقيامه - كما أن ما أورده الحكم عن شراء الطاعنة للزوائد وتقاضيها أجراً محدداً عن طحن القمح ونيابتها عن الحكومة في توزيع الدقيق وتحصيل ثمنه... كل هذه أمور افترضها الحكم افتراضاً دون أن يقيم الدليل عليها أو يبين المصدر الذي استقاها منه رغم إنكار الطاعنة لها أمام محكمة الاستئناف على ما يبين من الصورة الرسمية للمذكرة المقدمة من الطاعنة إلى تلك المحكمة بجلسة 7/ 2/ 1955. أما استدلال الحكم على صحة نظره بما ورد في محضر اجتماع اتحاد أصحاب المطاحن بالإسكندرية الذي وصفوا فيه أنفسهم بأنهم صناع دقيق فإنه استدلال لا يؤدي إلى ما رتبه عليه الحكم ذلك أن المطعون عليها لم تقدم ما يدل على صدور هذا القول ممن يمثل الطاعنة حتى تحاج به فضلاً عن أنه بفرض صدور هذا القول ممن يمثلها فإنه لا يؤثر على صحة التكييف القانوني للعلاقة بين الطرفين إذ العبرة بحقيقة التعاقد طبقاً للقانون لا بما يصفه به الخصوم.
لما كان ذلك فإنه يتعين نقض الحكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق